بأقلامهمعربي جهاد الزين يكتب من بيروت عن : “الرخاء مقابل الجهاد”؟ by admin 2 مارس، 2023 written by admin 2 مارس، 2023 12 مع نوع هجوم المستوطنين اليهود على قرية الحوارة يوم الأحد المنصرم تكون “الحرب الأهلية” قد بدأت في إسرائيل. ليس بين اليهود أنفسهم بل بين العرب واليهود. النهار اللبنانية \ – جهاد الزين كان المؤرخ الأميركي دانيال بايبيس مؤخراً في زيارة لإسرائيل قال عنها في مقابلة مع “الجيروزاليم بوست” (7- 1-2023) أنها بهدف وضع كتاب جديد عن الصراع الفلسطينيي الإسرائيلي والتقى خلالها شخصيات سياسية إسرائيلية حتى أعلى هرم السلطة والكنيست. آراء دانيال بايبس التي أظهرها في المقابلة تكشف كم لا زالت الهوة عميقة بين النخب الفلسطينية وبعض النخب المؤيدة لإسرائيل، فبايبس يعتبر أنه ما لم يقتنع الفلسطينيون بهزيمتهم تاريخياً لا يمكن إنهاء الصراع، وفي رأيه أن هذا الاقتناع بل التسليم الفلسطيني بالهزيمة لم يحصل بعد، ولذلك هو يدعو إسرائيل إلى اعتماد سياسة تحطيم لعدم القبول الفلسطيني بالهزيمة. وبايبس ينتقد بعض السياسيين الإسرائيليين (أفيغدور ليبرمان) الذين يراهنون على أن سياسة تأمين الازدهار الاقتصادي للفلسطينيين يجعلهم يقبلون السلام مع إسرائيل من حيث أنها تلغي راديكاليتهم على قاعدة “إحلال الازدهار مكان الجهاد “replace jihad with prosperity”. بل يذهب حتى إلى انتقاد خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التي عرضت تخصيص 50 بليون دولار لتأمين الرخاء وتحويل غزة إلى “سنغافورة الشرق الأوسط”. كل هذه الخطط لن تجدي بنظره ما لم تحل الهزيمة الكاملة بالفلسطينيين بما يجعلهم يتخلّون عن استهداف إسرائيل وعندها يمكن لهم الخروج من حالة الفقر المدقع الذي يعيشونه حسب قول بايبس. (وفي هذا السياق من الانتقادات ينتقد بايبس “الكرَم” الذي قابلت به إسرائيلُ لبنانَ في اتفاق ترسيم الحدود البحرية معه). لكن أهم ما تكشفه مقابلة بايبس المثيرة في تطرفها وحقدها على الفلسطينيين هو عمق الصراع وهوّتُه السحيقة لكي يمكن لآراء كهذه أن تبقى قائمة وفاعلة. ولذلك دائما نُفاجَأ بمدى راديكالية الصراع على الجهتين لاسيما على الجهة الإسرائيلية التي دخلت منذ فترة طويلة في تكريس نظام التمييز العنصري المتعدد المستويات السياسية والأمنية والقانونية ضد الفلسطينيين. و مع نوع هجوم المستوطنين اليهود على قرية الحوارة يوم الأحد المنصرم تكون “الحرب الأهلية” قد بدأت في إسرائيل. ليس بين اليهود أنفسهم بل بين العرب واليهود. لكن قبل أن يعلن البعض في لبنان والعالم العربي فرحهم لهذا “التطور” ينبغي التشديد أن مفهوم الحرب الأهلية قد يكون خطوة تراجع للقضية الوطنية الفلسطينية وليست خطوة تراجع لإسرائيل! فالحرب “الأهلية” تعني انتقال هذه القضية من قضية احتلال واستيطان إلى قضية صراع “أهلي”، لأنها لا تحصل بشكل عفوي بل بتخطيط دقيق من قوى اليمين العنصري الإسرائيلي على ضوء توظيف جديد للمعطيات الديموغرافية في الضفة الغربية بما فيها القدس. ما يجري في الضفة والقدس المحتلّيْن هو مزيج من وقائع، ومعانٍ قابلة أن تصبح وقائع : 1- ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل بدأ من الناحية العملية. هذا رأي يتشارك فيه الكثيرون من السياسيين الإسرائيليين في المعارضة ضد حكومة اليمين المتطرِّف الحالية. 2- لا شك أن الاعتراض الدولي على ضم الضفة الغربية – من خلال رفض الاستيطان – هو اعتراض كبير وفي مقدّمِهِ موقف إدارة الرئيس جو بايدن الجاد في التأكيد على ضرورة الإبقاء على “حل الدولتين”، لكن الرهان على هذا الاعتراض وحده ليس كافيا قياسا بمدى قوة إسرائيل الغربية وبالتاريخ الطويل للاستيطان المتصاعد في الضفة الغربية رغم التاريخ الطويل المقابل من الاعتراض عليه. 3- كل المراهنين على السلام الفلسطيني الإسرائيلي وكل الراغبين به لديهم مشكلة عميقة وصلبة إسمها ازدياد اتجاه المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين، وفي الانتخابات الأخيرة صار اتجاها أكثريا نحو اليمين المتطرف. المجتمع الدولي لا يستطيع كسر الإرادة السياسية للمجتمع الإسرائيلي بسبب موقع إسرائيل الاستراتيجي في الغرب. وهذا التحول نحو اليمين الأكثر يمينية يحصل بينما تخترق الدولة الإسرائيلية كل العزلة الدولية السابقة ويتوسّع حضورها ونفوذها إلى شبكة واسعة من العلاقات على مستوى العالم ككل. 4- بقدر ما تزداد العقلانية على الصعيد العربي الرسمي يزداد التطرف على الجهة الإسرائيلية. العقلانية العربية والمسؤولية الناضجة عن تعزيز السلام اللتان تبديهما أطراف عربية (اتفاقات أبراهام واتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان) “تحاصران” إسرائيل سياسيا وديبلوماسياً، لكن سنرى إلى أي حد في المستقبل، وعلى المدى المتوسط والأطول، ستنجح هذه العقلانية العربية في دفع إسرائيل نحو حل عادل للصراع يقبله الشعب الفلسطيني؟ وهو أفق يبدو ملبّداً بالكثير من الغيوم حاليا. 5- كيف يجري التفاعل بين عاملَيْ التقدم التكنولوجي و العنصرية في تكوين المجتمع الإسرائيلي؟ السؤال الذي لا يجب أن يغيب عن أي تحليل لإسرائيل هو هذا السؤال مع أن هذا المجتمع يحمل، خصوصا عبر المستوطنين، عنصرا متوحِّشاً يتعايش مع العناصر الأخرى وقد يفجِّرها ربما (أو يعطِّلها) بما فيها التكوينات الليبرالية والثقافية الديموقراطية؟ العلاقة بين العنف والفقر كما في الحالة الفلسطينية أمر ثابت في العلوم الاجتماعية المعاصرة، كذلك بالتوازي العلاقة بين الشعور بالتعرض للاضطهاد وبين العنف ثابت أيضا، هذه مسائل وأسئلةً كلاسيكية، لكن من أين لا تزال تأتي هذه الوحشية التي تحملها فئات ميسورة كالمستوطنين بعضها جاء من بروكلين مباشرة في نيويورك إلى فلسطين؟ هل هي الأيديولوجيا أم الشحن الديني العنصري؟ في فيلم “الجنة الآن” للمخرج الفلسطيني هاني أبو سعد حين يتساءل أحد الشابين اللذَيْن جرى اختيارهما لتنفيذ عملية انتحارية ضد الجيش الإسرائيلي أمام صديقه وشريكه الآخر عن مدى ضرورة العنف يجيبه “لأنهم أقوى منا وليس لدينا خيار”؟؟! 6- كيف سيتصرّف عرب 48، أو الأقلية العربية داخل إسرائيل، في اللحظة المتفجِّرة الحالية في الضفة الغربية والقدس والتي تتطوّر بعد الهجوم الاستيطاني على قرية الحوارة، وهو الهجوم الذي تصفه الصحافة الإسرائيلية ب “الهياج”؟ jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post Storm closures and cancellations: Thursday Mar. 2, 2023 next post التدخل الأجنبي في الانتخابات: المعارضة تطالب بتحقيق عام مستقل You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024