بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن نظرية دانيال بايبس: هل اتخذت إسرائيل قرار الحرب الدائمة (لِسَنوات)؟ by admin 16 أغسطس، 2024 written by admin 16 أغسطس، 2024 98 من الناحية المشهدية إنه لأمر رائع، رغم كل التضحيات الهائلة التي يبذلها الشعب الفلسطيني، أن يكون العالم (بمعظمه طبعا) أصبح مقتنعا بالحاجة العميقة لتوازنه الأخلاقي والسياسي إلى قيام دولة فلسطينية وأن يكون اليمين العنصري الإسرائيلي وحده في مواجهة هذا “المعظم”. النهار اللبنانية / جهاد الزين قبل حوالي العامين نشرت صحيفة “الجيروزاليم بوست” الإسرائيلية مقابلة أجرتها مع المؤرخ الأميركي الشديد التأييد لإسرائيل دانيال بايبس. كان بايبس كما كشفت الصحيفة موجودا في إسرائيل في زيارة وصفتها بأنها للقاء وجوه من النخبة السياسية الإسرائيلية على رأسهم بنيامين نتنياهو. كانت لائحة المقابلات تضم مجموعة من قادة سياسيين وقادة رأي أغلبهم من أوساط اليمين الإسرائيلي. كان هدف بايبس كما قال لمراسل الصحيفة هو وضع كتاب عن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي كشف الكاتب نظريته قبل الانتهاء من كتابته، النظرية التي جاء لإقناع قادة إسرائيل بتبنيها كما صرح يومها. هذه النظرية تقول أن سبب تعثر إسرائيل في الصراع والأثمان الكبيرة التي تدفعها هو لجوؤها للتسوية بين الحين والآخر وخصوصا اتفاق أوسلو، فهو يعتبر أن نزعة إسرائيل التصالحية (!) ونزعة الفلسطينيين “الرفضية” لا تطيل الصراع فحسب بل أيضاً تضاعف الأثمان التي تدفعها إسرائيل في هذا الصراع. المهم هنا في موقف هذا الأستاذ الجامعي الشهير في الولايات المتحدة بدعمه لإسرائيل، أنه يدعو قادة إسرائيل إلى إلحاق هزيمة كاملة بالفلسطينيين وتولي إسرائيل لحكم الفلسطينيين مباشرةً قبل أي حديث عن حل سياسي.. في حزيران الماضي صدر كتاب بايبس تحت عنوان: “انتصار إسرائيل- كيف يربح الصهاينة القبول والفلسطينيون ينالون تحريرهم”! لم أقرأ الكتاب بعد ولكني قرأت عنه. كما كنتُ كتبت في “النهار” عن مقابلة بابيس في صحيفة ج.ب. في حينه (قبل عامين). السؤال الذي تثيره نظرية بايبس حول الدعوة للهزيمة الكاملة للفلسطينيين، أن يكون سلوك القيادة الإسرائيلة عمليا هو الحرب الطويلة لسنوات في غزة انطلاقا من النظرية “البايبسية”؟ لا يحتاج اليمين العنصري الإسرائيلي بمن يقنعه بالحرب الدائمة مع الفلسطينيين، فهذا مشروعه في الأساس لاقتلاع السكان الأصليين من كل فلسطين. لكن الوقوف عند هذا النوع من النظريات ومنها الآن نظرية بايبس قد تكون دخلت في مرحلة عملية أو عادت لتصبح على بساط الطرح الاستراتيجي لدى الدولة الإسرائيلية. فهل نحن أمام وهْم حرب عابرة لن تقف, أما إسرائيل فأمام حرب هي في بدايتها كأننا في العام 1948. على أي حال بدت حرب 7 أكتوبر وكأنها أعادتنا إلى بدايات النزاع العسكري لكنها خلقت في الواقع “معسكرَيْن” منقسمَيْن بحدة واتساع لا سابق لهما: الأول هو العالم برمته الداعي إلى قيام الدولة الفلسطينية كحل لاستعادة توازن أخلاقي وسياسي مفقود، والثاني هو إسرائيل وحدها أي دولة إسرائيل ومعظم المجتمع الإسرائيلي الرافض لقيام الدولة الفلسطينية. إسرائيل تواجه العالم حتى اليوم في موضوع الدولة الفلسطينية وهذا يخلق وضعا جديدا من حيث أن على العالم وفي المقدمة الغرب أن يعمل على تطويع إسرائيل لا بل المجتمع الإسرائيلي. هل اتخذت المؤسسة الإسرائيلية في ظل قيادة اليمين قرار الحرب الدائمة مع الفلسطينيين والفرصة “البايبسية” لها (على سبيل نسبة الفكرة) هي 7 أكتوبر كحرب شنّها الفلسطينيون شكلاً وليس هي؟ وبهذا المعنى تُحوِّل هزيمة 7 أكتوبر إلى فرصة لإسرائيل. وما قد يعزز هذا المنحى أن الحل “الوسط” بين عدم قدرة العالم بما فيه الولايات المتحدة الأميركية على تطويع إسرائيل وبين الرضوخ لمطلب قيام الدولة الفلسطينية هو الحرب المستمرة لسنوات آتية. لكن إذا كان عنوان المرحلة المقبلة هو الصراع بين حل الدولتين وتطويع إسرائيل للقبول به وبين الحرب الدائمة أيا تكن الجبهة العسكرية (غزة، الضفة، لبنان) فإن الحرب نفسها هي أداة إسرائيل لمقاومة التطويع السياسي. لكن هل تستطيع إيران حتى لو كانت مستفيدة من التوتير الدائم الحالي في المنطقة الذي ستعنيه الحرب الدائمة، أن تتحمّل إلى ما لا نهاية فشل شعار الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة الذي تخوض الحرب مع إسرائيل في ظله؟ وهو فشل قد يعني في أية لحظة نشوب حرب شاملة على مستوى المنطقة؟ لنتصور أن تكون كل المخططات الإسرائيلية حاليا تُبنى على أساس الحرب الدائمة؟ ماذا سيكون وضع المنطقة ولبنان في مقدمة المعنيين بوضع مفروض كهذا؟ ثم أن فكرة الحرب الدائمة قد تعني بأكثر من مستوى الحربَ في الضفة الغربية التي تُخاض أصلا كل يوم بوتيرة منخفضة الوقع حتى الآن ولكن أيضا باهظة الثمن على الفلسطينيين؟ هل ستشمل استراتيجية اليمين الإسرائيلي استخدام هدنة أو هِدَنِ وقف النار كجزء من الحرب الدائمة؟ والمهم أن نعرف أن حقبة بل حقبات ما بعد 1948 بكاملها إلى اتفاق أوسلو هي حقبة هدر الكثير من الوقت والأهداف عبر التسويات في نظر اليمين العنصري الإسرائيلي الحاكم وكيف يتخلخل اقتناع العالم بضرورة الدولة الفلسطينية بغير الحرب الدائمة ولو غير المعلنة؟ بل كيف تُنسف إمكانيةُ الدولة الفلسطينية،أرضا وسكانا ومشروعا سياسيا، بغير الحرب الدائمة كما قد يخطط اليمين الإسرائيلي؟ من الناحية المشهدية إنه لأمر رائع، رغم كل التضحيات الهائلة التي يبذلها الشعب الفلسطيني، أن يكون العالم (بمعظمه طبعا) أصبح مقتنعا بالحاجة العميقة لتوازنه الأخلاقي والسياسي إلى قيام دولة فلسطينية وأن يكون اليمين العنصري الإسرائيلي وحده في مواجهة هذا “المعظم”. لكن كما أن كلمة “معظم” تحتاج إلى وضعها بين هلالين فإن كلمة “وحده” المتعلقة باليمين العنصري الإسرائيلي تحتاج أيضا إلى وضعها بين هذين الهلالين، لأن هذا اليمين العدواني الذي ضرب اتفاق أوسلو يختبئ بل يحتمي بقوة دولة إسرائيل لا العسكرية فحسب بل الديبلوماسية ونفوذها على مختلف المستويات.. العالمية أيضا. ولعلنا نشهد في هذا الجيل ذروة من ذرى انفصال القوة الأخلاقية لفكرة سياسية كبرى (الدولة الفلسطينية) عن النفوذ العسكري بل حتى عن التأثير السياسي أيضا إذا نجح اليمين الإسرائيلي في الاستمرار بإجهاض هذا الحق الكبير المشروع للشعب الفلسطيني. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تكتيكات حماس تحت قيادة السنوار: تفاوض دون تنازل وضغط نحو خطة تنفيذية next post بالخرائط: تتبع مسار الحرب بين روسيا وأوكرانيا You may also like حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024 نادية شادلو تكتب عن: كيف يمكن لأميركا استعادة... 14 نوفمبر، 2024 جهاد الزين يكتب من بيروت عن: تأملات ثقافية... 12 نوفمبر، 2024 نبيل فهمي يكتب عن: وماذا بعد؟ 12 نوفمبر، 2024 ماري ديجيفسكي تكتب عن: لماذا تفادى الناخبون الأميركيون... 12 نوفمبر، 2024 كيف سيتأثر الشرق الأوسط بعودة ترمب؟ 12 نوفمبر، 2024 حشود الميليشيات تهاجم قناة “إم بي سي” السعودية... 8 نوفمبر، 2024 الميليشيات العراقية تحاول التعتيم على دورها في الهجمات... 8 نوفمبر، 2024