بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت : عن خطأ ترويج “أفيون”ضَعْف إسرائيل by admin 29 أغسطس، 2023 written by admin 29 أغسطس، 2023 94 الاتفاق الذي مكّن لبنان من بدء السعي لاستثمار ثروته الغازية البحرية هو الاتفاق السياسي بين إسرائيل وإيران برعاية أميركية الذي أنتج الاتفاق الدولي على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. النهار – جهاد الزين واحدة من أكثر المقولات الشائعة في أوساط معينة في لبنان، هي مقولة ضعف إسرائيل أو تحول إسرائيل إلى دولة ضعيفة. ويذهب مروجو هذه الفكرة إلى ما هو أخطر، وهو اعتبار الجيش الإسرائيلي جيشا يفقد قوته السابقة. هذه المقولة خطرة لأنها يمكن أن تصبح تضليلية للذات قبل الآخر ولأنها تنبني على حسابات للقوة والضعف وهمية أكثر منها واقعية. أشعر عندما أسمع أو أقرأ هذا النوع من الآراء أن نكبةً كبرى يمكن أن تأتي من جراء صدمة اكتشاف النقيض في لحظة ما، فالاقتصاد الإسرائيلي هو من أكثر الاقتصادات توسعا في العالم في رأي صندوق النقد الدولي، وقطاع التكنولوجيا العالية يضم آلاف الموظفين ( هم أنفسهم الأكثر اعتراضا على محاولة حكومة بنيامين نتنياهو الحد من صلاحيات المحكمة العليا بما صار يمثل قضية الدفاع عن الديموقراطية) ويملك هذا القطاع قدرة تصديرية كبيرة كما من الطبيعي أن روابط قوية تربطه بالصناعة العسكرية الإسرائيلية. وهو حاليا يسمح بتشغيل 14 بالمائة من مواطني إسرائيل العاملين مختصين وغير مختصين.كذلك قوة الجامعات الإسرائيلية ومكانتها العالمية يجب أن تدفعانا إلى الحذر من أن تصبح هذه الجامعات مقصدا للمزيد من الطلاب العرب في الداخل والخارج. كون إسرائيل مجتمعا (في أغلبيته) معاديا للشعب الفلسطيني ويفرض عليه عبر الحكومات المتعاقبة نظاما مُحْكَما من التمييز العنصري هو مشكلتنا الوحيدة الجوهرية مع إسرائيل، والعداوة هذا هو مصدرها وليس أي اعتبار آخر، ولكن ذلك لا يمنع من أن نتبنى ثقافة تقييم دقيق لقدراتها بدل ترويج أوهام عن ضعفها أو ضعف جيشها، غالبا ما أصبحت عبئا علينا وأدخلتنا في انتكاسات وهزائم شكلت سلسلة من الاهتزازات العميقة في الوعي العربي المعاصر. عندما نسمع جنرالا إسرائيليا كبيرا ينتقد نظام “الأبارتايد” الذي “أقامه الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية منذ عام 1967” يجب أن نعتبر ذلك علامة مقلقة على طاقة البنية السياسية الإسرائيلية على استيعاب هذا القدْر من النقد، علامة قوة تدفعنا للتفكير الحثيث بكيف نطوّر وسائل المواجهة الثقافية والإعلامية والسياسية والاقتصادية ولا نحصر فقط تفكيرنا بالخطط الوكْرية العسكرية. وسأقف هنا عند نقطة محددة تعنينا في لبنان: لقد جرى تاريخيا خلق عقدة ذنب عميقة في الثقافة السياسية اللبنانية هي عقدة الذنب الناتجة عن الموقع العسكري لبلدنا ودولتنا تجاه القوة الإسرائيلية. فيما لم تُعطَ الطاقة اللبنانية الهائلة للمجتمع والدياسبورا اللبنانيّين قيمتها الفعالة والفعلية في خدمة القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية والثقافية والسياسية والإعلامية. لقد جُرّ لبنان دائما إلى مواقع يتعرّض فيها للابتزاز لتغطية طموحات إقليمية تستضعفه باسم تعييره (من عيار)بضعفه. في الحقيقة لا زال لبنان في موقع الضعف العسكري الذي يجعل أجواءه ومياهَه (أين تذهب مياه الوزاني ؟)وقضمَ بعض أرضه مؤقتا أو دائما، معادلة مستمرة لصالح إسرائيل بعد التحرير الكبير عام 2000، هذا التحرير – الانسحاب الذي لا شك أنه حصل نتيجة تضافر المقاومة العسكرية التي ساهمت فيها الغيريللا الحزب اللهية ودعم القيادة السورية والتي جاءت من تراكم طويل لقوى متنوعة قومية ويسارية وإسلامية والضغط السياسي لقوة لبنان في القرار 425. والقرار 425 لا يأخذ حقه في كونه نموذجاً لقوة لبنان السياسية وليس لضعفه. الاتفاق الذي مكّن لبنان من بدء السعي لاستثمار ثروته الغازية البحرية هو الاتفاق السياسي بين إسرائيل وإيران برعاية أميركية الذي أنتج الاتفاق الدولي على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وهو الاتفاق الذي يحظى بتأييد جماهيري لبناني واسع كسبيل محتمل لإنتاج ثروة ما مالية بعدما استنفدت المنظومة الحاكمة بجميع أطرافها ليس فقط المال العام بل أيضاً الثروة الضخمة للمودعين في المصارف الخاصة والتي تعتبر إحدى أكبر المسروقات في التاريخ الشرق أوسطي وربما العالمي. بالعودة إلى أفيون “ضعف” إسرائيل، فإن العنصر المؤذي فيه أنه فضلا عن منافاته للواقع، فهو يخلق نوعا من الإطمئنان النخبوي والشعبي الخادع كما هو أفيون خطر على ضرورة تسلّح اللبنانيين بالمزيد من معرفة بل دراسة الكيان الإسرائيلي منعا لصدمة في لبنان شبيهة بصدمة العام 1967 في العالم العربي. أحد عناصر قوة الفلسطينيين داخل إسرائيل رغم تزايد اضطهادهم أنهم باتوا أكثر معرفة بنقاط ضعف حقيقية وليس وهمية في مواجهتهم لنظام التمييز العنصري الإسرائيلي. لكن هذا شيىء وتوهّم إسرائيل دولة ضعيفة شيىء آخر مختلف تماماً وترويج هذا الوهم هو أفيون يمكن أن يكون قاتلاً.. فحذار هذا المخدِّر. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الهوية الجندرية في مدارس أونتاريو: حق أولياء الأمور في المعرفة أولاً next post الياس خوري يكتب عن: طلال سلمان: من يرثي من؟ You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024