بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن: دونالد ترامب التافه المخيف by admin 12 يوليو، 2024 written by admin 12 يوليو، 2024 116 لقد أنهت 7 أكتوبر التردد الأميركي في الاستمرار بدور محوري في الشرق الأوسط، فقد انخرطت في أعمق مستويات هذه العلاقة حتى وهي تتطلّع إلى الأمام نحو شرق آسيا والصين. من الصعب تصور أن شخصية كدونالد ترامب قادر على الخروج من دائرة رد الفعل مهما كانت مواقفه قوية. النهار – جهاد الزين صعب أن يخلو كتاب حديث صادر عن كاتب أميركي أو غربي محترم، (وأشدد على كلمة محترم)، صعب أن يخلو من ملاحظة بل بديهية أن دونالد ترامب كشخص وكرئيس هو علامة من علامات انحطاط الولايات المتحدة الأميركية كدولة هي الأعظم في العالم وكأمبراطورية صناعية وثقافية وسياسية وعسكرية تدير العالم. حتى حين كان ترامب يمتطي حصان الدفاع عن الحضارة الغربية لم تكن النخبة الثقافية الأميركية لتأخذه على محمل الاحترام الكافي! ومع أن معظم الكتاب الأميركيين والغربيين المهمين يختلفون في تحديد معنى الانحطاط فإنهم ، أعني نخبة الصف الأول فيهم الذين تشكّل كتاباتهم مراجع دائمة في العالم، أو “بست سِلِر” لدى المثقفين في العالم، ينظرون نظرة احتقار وحذر إلى شخصية دونالد ترامب وتعبيراته و لا أخلاقياته الشائعة. ذهب روس دوثات المعلق المحافظ النزعة في “النيويورك تايمز” في كتابه الجديد “المجتمع المنحط” والذي تُرجم في الطبعة الفرنسية المترجمة تحت عنوان: “مرحباً بالانحطاط” إلى استخدام توصيف المؤرخ جاك بارزان للغرب على أنه “حضارة سفاح” أو حضارة لقيطة. لدي هنا ثلاثة مستويات من مناقشة الحالة الأميركية. الأول يتعلق بمبالغة توصيف الحضارة الغربية على أنها لقيطة. إذ كيف يعقل أن توصف أعظم حضارة في التاريخ والوحيدة التي أعادت تشكيل الكرة الأرضية برمتها (وربما الفضاء) واستوعبت الحضارات التي سبقتها وحوّلتها بمعنى ما من المعاني إلى مادة “أرشيفية” في التاريخ البشري، وهي مستمرة في تفوقها …. كيف يعقل أن توصف بأنها حضارة لقيطة؟! الثاني يتعلق بالنبوءات المزدهرة حول نهاية الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية كما في كتاب الباحث الأنتروبولوجي إيمانويل تود “هزيمة الغرب”والآن كتاب روس دوثات، وكلاهما كتابان رائعان صادران في النصف الأول من هذا العام 2024 وأنصح بقراءتهما. ولكنْ رغم إعجابي الشديد بطريقة ومادة تحليل كتاب تود ثم ما يبدو من نمط كتابة كتاب دوثات، فلديّ شكوكٌ عميقة على الخلاصات المتشائمة التي يصلان إليها. ولاسيما أنني عبرت عن هذه الشكوك بل الاعتراضات الاستنتاجية في مراجعتي لكتاب إيمانويل تود. وستكون لي عودة إليهما كنموذجين لموقفين نقديين “يساري” ويميني. مع العلم أن كتاب دوثات يميل إلى تصوير الوضع الحالي للحضارة الغربية على أنه انحطاط تكراري أو تفوق تكراري متوقف عن الإبداع التجديدي؟ لكنه يحذر من الأوليغارشية الليبرالية التي وصل إليها أيضاً إيمانويل تودد بمادة تحليلية مغايرة. المستوى الثالث يتعلق بالنقاش القديم الجديد حول دونالد ترامب. فهذا الشخص لم تجعل منه رئاسته الأولى شخصا مقبولا لدى النخبة الأميركية رغم سيطرته على الحزب الجمهوري ونزوع أقطابه إلى الخضوع للموجة الشعبوية التي يمثلها. وقد وصفه روس دوثات بأنه وصولي وثني وغير مسيحي. على هذا المستوى الثالث، أي الحالة الترامبية، لا بد من بعض الملاحظات في السياق الذي يشغل العالم: لا شك أن دونالد ترامب سيكون أكثر دعما لإسرائيل إذا فاز بالانتخابات. ورغم متغيرات 7 أكتوبر فليس من السهل أن نتوقع كيفية تعبيره عن هذا الدعم. كثيرون في العالم العربي يفضلون وصول ترامب للرئاسة لأنه يُخيف إيران وقد يجعلها تلجأ مرغمةً إلى سياسة معتدلة بعدما ألهبت المنطقة من العراق إلى لبنان إلى اليمن، ناهيك عن دورها في غزة. وهذا يجعلنا نتساءل هل سماح النظام الإيراني بوصول “الإصلاحي” مسعود بزشكيان لرئاسة الجمهورية هو حركة استباقية من المرشد خامنئي لتهيئة الجو قبل وصول ترامب للرئاسة؟ والسؤال الأخير هل بات الشرق الأوسط المنفجر يحتاج إلى رئيس أميركي تافه؟ لقد أنهت 7 أكتوبر التردد الأميركي في الاستمرار بدور محوري في الشرق الأوسط، فقد انخرطت في أعمق مستويات هذه العلاقة حتى وهي تتطلّع إلى الأمام نحو شرق آسيا والصين. من الصعب تصور أن شخصية كدونالد ترامب قادر على الخروج من دائرة رد الفعل مهما كانت مواقفه قوية. ربما الفارق النوعي الذي يستطيع أن يفعله هو العلاقة مع روسيا من حيث تهيئة مسار إنهاء الحرب في أوكرانيا بفتح الحوار مع الرئيس بوتين من جهة، وبالضغط على حلفاء واشنطن الأوروبيين لزيادة إنفاقهم على الحلف الأطلسي. حَكَم في البيت الأبيض رجال كبار في الرؤية والموقف من إيزنهاور إلى نيكسون إلى جيمي كارتر إلى باراك أوباما، تخللهم رئيس محدود الذكاء هو جورج بوش الإبن. لكن هذا المحدود قاد تغييرا تاريخيا عبر حرب العراق الثانية كانت تقف وراءه مجموعة “المحافظين الجدد”. فماذا سيفعل هذا التافه المسمى دونالد ترامب أو ماذا يستطيع أن يفعل في ولايته الثانية إذا حصلت؟ هل سيقوّي التطرف الإسرائيلي ومعه كالعادة كل أنواع التطرف المقابل في المنطقة؟ أم ستنقلنا التفاهة إلى شرق أوسط أكثر ذكاءً من الحالي يستطيع فيه الراغبون بالعيش الكريم والسلمي في هذه المنطقة، وفي مقدمهم الشعب الفلسطيني، أن يعبِّروا عن تطلعات أجيالهم الجديدة بما يليق بالقرن الحادي والعشرين؟ هل تصنع التفاهة التاريخ؟ لم أرغب أن تكون هذه المقالة مراجعة سريعة لكتابين مهمّيْن صادرين هذا العام، حتى لا تصبح متسرعة، ولذلك كما قلت ستكون ويجب أن تكون لي عودة إليهما، ولكن الحالة التي تثيرها ظاهرة دونالد ترامب جديرة بدورها بإثارة الأسئلة الأكثر جوهرية حول الولايات المتحدة الأميركية والغرب، وهذا ما يحصل في العالم. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post د. قصيّ الحسين يقرأ ” المرأة التي أعرف ” للشاعر د. اسماعيل الأمين الصادر عن دار “زمكان” في بيروت : الشاعر الرزين next post صحيفة: حماس أبلغت الوسطاء باستعدادها للتنازل عن السلطة You may also like بيل ترو تكتب عن: تفاصيل أسبوع استثنائي في... 26 ديسمبر، 2024 ندى أندراوس تكتب عن: هوكشتاين وإنجاز الرئاسة بعد... 25 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يكتب عن: العودة إلى دمشق.. المدينة... 25 ديسمبر، 2024 بناء سوريا ما بعد الأسد: كيفية التأكد من... 25 ديسمبر، 2024 طارق الشامي يكتب عن: هل تضبط واشنطن إيقاع... 24 ديسمبر، 2024 سام هيلير يكتب عن: كيف يمكن الحفاظ على... 24 ديسمبر، 2024 مايكل ماكفول يكتب عن: كيف يمكن لترمب إنهاء... 24 ديسمبر، 2024 حسام عيتاني يكتب عن: جنبلاط في دمشق.. فتح... 23 ديسمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: جنبلاط والشرع وجروح الأسدين 23 ديسمبر، 2024 مايكل شيريدان يكتب عن: الجاسوس الصيني الذي حاول... 22 ديسمبر، 2024