الثلاثاء, ديسمبر 3, 2024
الثلاثاء, ديسمبر 3, 2024
Home » جهاد الزين يكتب من بيروت عن: تأملات ثقافية تحت الدمار الشامل

جهاد الزين يكتب من بيروت عن: تأملات ثقافية تحت الدمار الشامل

by admin

 

أي تحرير ثقافي سياسي في لبنان يحمل وجهين :وجه الابتعاد ووجه التقارب. ابتعاد عن سيرورة ثقافية للنكبة وتقارب مع الهوية الأخرى داخل الانقسام العام في المجتمع والدولة.

النهار – جهاد الزين

الفوارق عديدة بين أنماط ثقافة الموت التي كانت “الحركة الوطنية اللبنانية” تمجّدها أبان الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1976)، الحركة التي كان يديرها الحزب الشيوعي اللبناني إعلاميا وثقافيا وياسر عرفات سياسيا و عسكريا، وبين ثقافة الموت التي يمجّدها النظام الديني الإيراني و “حزب الله”. كان (الراحل) حسن العبدالله شاعر قصيدة “أجمل الأمهات” القصيدة الأشهر في تمجيد ثقافة الموت عند اليساريين، وهو شخص ظريف وموهوب ومن أعمق وأظرف من كَتَب شعر الأطفال الذي يجعله نوعا من جاك بريفير “النكتة” الشِعرية العربية، يتجوّل بقصيدته احتفالياً، بين “الرفاق” وأصدقائهم، فيما كانت جدران بيروت والمناطق “الغربية” تعج بصور قتلى الحرب عن عمد أو بالصدفة.

عندما قُتل أحد زعران الحرب في “الحركة الوطنية” خلال أوائل الثمانينات وقامت جماعته بتعليق صوره على جدران قرية كان الخمينيّون في بداية انتشارهم المسلّح فيها. تقول الطرفة التي راجت طويلا يومها، أن أحد الخمينيين اعترض على تعليق تلك الصورة وقال للذي كان يلصقها: فلان الميّت ليس من هنا (أي من القرية الساحلية على أحد شواطئ لبنان) و لا يحق لك تعليقها، فأجابه الذي كان يقوم باللصق وهو ينظر ويشير إلى صورة ملصقة للإمام الخميني: وهل هذا الأخ من هنا!!؟.

تهتز مع “الدولة الفاشلة” الهويات الوطنية نفسها. فحتى لو كانت هذه الهويات تأسست مع تأسيس الدول الجديدة قبل مائة عام فإن قوةً قِيَمية للهوية الجديدة تقدمت على المعنى التحديثي الذي حمله معه الاستعمار الغربي المؤسِّس،وهذه الهوية تقع في أساس الدعوات الاستقلالية عن الدولة المستعمِرة. كان للتفوق القِيَمي هذا التأثير العملي الأكبر في حصول العراق وسوريا ولبنان على أشكال متفاوتة من الاستقلال السياسي عن بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية. كانت عقود من التحولات والممارسة بعد الاستقلال السياسي في الدول التي أصبحت فاشلة، كلبنان وسوريا والعراق حصراً، كافية لتجعل الخلل القِيمي بين الهوية الوطنية والمعنى التحديثي للاستعمار الغربي ينتقل ليصبح لصالح الغرب لا الهوية الوطنية.

في لبنان لسان الحال الجدي للمزاج “الثقافي” السائد هو تمني العودة إلى الإدارة الفرنسية وظهر ذلك جليا لدى فئات واسعة من المسيحيين والمسلمين اللبنانيين بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب.

في سوريا كان المزاج العميق لمعارضة المثقفين للنظام الحاكم هو أيضا تسليم سوريا لإدارة غربية أميركية فرنسية.

في العراق أصبحت مرجعية الزمن البريطاني مرجعية فاعلة في المتخيََّل الثقافي للجزء الأكبر من النخب العراقية. ولم تُدرس حتى الآن بشكل كافٍ العلاقة التي نشأت بين بعض السوريين المعارضين وإسرائيل خلال سنوات الحرب السورية كذلك بقيت في الخفاء العلاقة بين إسرائيل وبعض التنظيمات ذات اليافطة الإسلامية الأصولية والتي انكشفت في مرحلة ما من الحرب بعد نقل عدد من المصابين في هذه التنظيمات إلى المستشفيات الإسرائيلية.

الدولة الفاشلة تُكفِّر بالهوية الوطنية بالمعنى الذي سادت فيه أولوية هذه الهوية لحوالي القرن من تجارب الدول في الشرق الأوسط. كما تنبغي الإشارة إلى أن العداء لإسرائيل كان دائما جزءا من الخطاب الوطني في الثقافة العربية المعاصرة.

في لبنان، ونحن نعيش اليوم لحظة ذروة مأساوية وحميمية من نتائج دولة فاشلة، السؤال هو هل تحررنا الحرب الدائرة من أثقال هوية وطنية جرى استهلاكها على مدى جيلين في الخيار العسكري الفلسطيني في السبعينات من القرن المنصرم وفي الخيار العسكري الإيراني الأصولي في العشريتين الأولى والثانية من هذا القرن؟

أي تحرير ثقافي سياسي في لبنان يحمل وجهين :وجه الابتعاد ووجه التقارب. ابتعاد عن سيرورة ثقافية للنكبة وتقارب مع الهوية الأخرى داخل الانقسام العام في المجتمع والدولة.

نتائج هذه النكبة ستمتد لسنوات بطيئة على صعيد العلاقات الطوائفية والإعمار وموقع لبنان الإقليمي والدولي. ولكن كما كل نكبة ستُنشئ وقائع سياسية وثقافية، وستنهي خرافات مع الأمل أن تكون الخرافات الجديدة الآتية أقل قسوة وأكثر حداثةً.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00