بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن: تأملات ثقافية تحت الدمار الشامل by admin 12 نوفمبر، 2024 written by admin 12 نوفمبر، 2024 46 أي تحرير ثقافي سياسي في لبنان يحمل وجهين :وجه الابتعاد ووجه التقارب. ابتعاد عن سيرورة ثقافية للنكبة وتقارب مع الهوية الأخرى داخل الانقسام العام في المجتمع والدولة. النهار – جهاد الزين الفوارق عديدة بين أنماط ثقافة الموت التي كانت “الحركة الوطنية اللبنانية” تمجّدها أبان الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1976)، الحركة التي كان يديرها الحزب الشيوعي اللبناني إعلاميا وثقافيا وياسر عرفات سياسيا و عسكريا، وبين ثقافة الموت التي يمجّدها النظام الديني الإيراني و “حزب الله”. كان (الراحل) حسن العبدالله شاعر قصيدة “أجمل الأمهات” القصيدة الأشهر في تمجيد ثقافة الموت عند اليساريين، وهو شخص ظريف وموهوب ومن أعمق وأظرف من كَتَب شعر الأطفال الذي يجعله نوعا من جاك بريفير “النكتة” الشِعرية العربية، يتجوّل بقصيدته احتفالياً، بين “الرفاق” وأصدقائهم، فيما كانت جدران بيروت والمناطق “الغربية” تعج بصور قتلى الحرب عن عمد أو بالصدفة. عندما قُتل أحد زعران الحرب في “الحركة الوطنية” خلال أوائل الثمانينات وقامت جماعته بتعليق صوره على جدران قرية كان الخمينيّون في بداية انتشارهم المسلّح فيها. تقول الطرفة التي راجت طويلا يومها، أن أحد الخمينيين اعترض على تعليق تلك الصورة وقال للذي كان يلصقها: فلان الميّت ليس من هنا (أي من القرية الساحلية على أحد شواطئ لبنان) و لا يحق لك تعليقها، فأجابه الذي كان يقوم باللصق وهو ينظر ويشير إلى صورة ملصقة للإمام الخميني: وهل هذا الأخ من هنا!!؟. تهتز مع “الدولة الفاشلة” الهويات الوطنية نفسها. فحتى لو كانت هذه الهويات تأسست مع تأسيس الدول الجديدة قبل مائة عام فإن قوةً قِيَمية للهوية الجديدة تقدمت على المعنى التحديثي الذي حمله معه الاستعمار الغربي المؤسِّس،وهذه الهوية تقع في أساس الدعوات الاستقلالية عن الدولة المستعمِرة. كان للتفوق القِيَمي هذا التأثير العملي الأكبر في حصول العراق وسوريا ولبنان على أشكال متفاوتة من الاستقلال السياسي عن بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية. كانت عقود من التحولات والممارسة بعد الاستقلال السياسي في الدول التي أصبحت فاشلة، كلبنان وسوريا والعراق حصراً، كافية لتجعل الخلل القِيمي بين الهوية الوطنية والمعنى التحديثي للاستعمار الغربي ينتقل ليصبح لصالح الغرب لا الهوية الوطنية. في لبنان لسان الحال الجدي للمزاج “الثقافي” السائد هو تمني العودة إلى الإدارة الفرنسية وظهر ذلك جليا لدى فئات واسعة من المسيحيين والمسلمين اللبنانيين بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب. في سوريا كان المزاج العميق لمعارضة المثقفين للنظام الحاكم هو أيضا تسليم سوريا لإدارة غربية أميركية فرنسية. في العراق أصبحت مرجعية الزمن البريطاني مرجعية فاعلة في المتخيََّل الثقافي للجزء الأكبر من النخب العراقية. ولم تُدرس حتى الآن بشكل كافٍ العلاقة التي نشأت بين بعض السوريين المعارضين وإسرائيل خلال سنوات الحرب السورية كذلك بقيت في الخفاء العلاقة بين إسرائيل وبعض التنظيمات ذات اليافطة الإسلامية الأصولية والتي انكشفت في مرحلة ما من الحرب بعد نقل عدد من المصابين في هذه التنظيمات إلى المستشفيات الإسرائيلية. الدولة الفاشلة تُكفِّر بالهوية الوطنية بالمعنى الذي سادت فيه أولوية هذه الهوية لحوالي القرن من تجارب الدول في الشرق الأوسط. كما تنبغي الإشارة إلى أن العداء لإسرائيل كان دائما جزءا من الخطاب الوطني في الثقافة العربية المعاصرة. في لبنان، ونحن نعيش اليوم لحظة ذروة مأساوية وحميمية من نتائج دولة فاشلة، السؤال هو هل تحررنا الحرب الدائرة من أثقال هوية وطنية جرى استهلاكها على مدى جيلين في الخيار العسكري الفلسطيني في السبعينات من القرن المنصرم وفي الخيار العسكري الإيراني الأصولي في العشريتين الأولى والثانية من هذا القرن؟ أي تحرير ثقافي سياسي في لبنان يحمل وجهين :وجه الابتعاد ووجه التقارب. ابتعاد عن سيرورة ثقافية للنكبة وتقارب مع الهوية الأخرى داخل الانقسام العام في المجتمع والدولة. نتائج هذه النكبة ستمتد لسنوات بطيئة على صعيد العلاقات الطوائفية والإعمار وموقع لبنان الإقليمي والدولي. ولكن كما كل نكبة ستُنشئ وقائع سياسية وثقافية، وستنهي خرافات مع الأمل أن تكون الخرافات الجديدة الآتية أقل قسوة وأكثر حداثةً. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post نبيل فهمي يكتب عن: وماذا بعد؟ next post سعاة البريد قد يبدأون إضراباً يوم الجمعة You may also like كريس ستيفنسن يكتب عن: وقف النار في لبنان... 2 ديسمبر، 2024 عبدالوهاب بدرخان يكتب عن: نحو تقاسم سوريا… من... 2 ديسمبر، 2024 مارك ألموند يكتب عن: نتنياهو يجمد جبهة لبنان... 2 ديسمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: سوريا… أخطار الساحة وضرورة... 2 ديسمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: دمشق..الحساب والعقاب 2 ديسمبر، 2024 وليد الحسيني يكتب عن: “أوباما” الشيعي..و”ترامب” السني 2 ديسمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: إذن أو استئذان والمهم... 2 ديسمبر، 2024 حازم صاغية يكتب … عن الانتصار والهزيمة والخوف... 2 ديسمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن : اكتساح حلب... 2 ديسمبر، 2024 الميليشيات العراقية تكشف عن حاملة طائرات “سرايا أولياء... 30 نوفمبر، 2024