بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن : “المجتمع المضاد” للدولة: لبننة المفهوم by admin 27 يوليو، 2023 written by admin 27 يوليو، 2023 210 هل يمكننا مع الكثير من السوداوية التي تمليها التجربة التاريخية أن نلبنن المصطلح (المجتمع المضاد) فنتحدّث عن أسباب تحول المجتمع اللبناني إلى “مجتمعات مضادة” في علاقة كل منها بالدولة، وبالتالي علاقة كل منها ك”مجتمع مضاد” بِ “المجتمع المضاد” الآخر؟ النهار – جهاد الزين وصَفَ كاتب فرنسي في صحيفة “الفيغارو” خلال الأحداث الأخيرة التي اندلعت في العديد من الضواحي والمدن الفرنسية، وصَفَ وجودَ المسلمين في فرنسا بأنه “مجتمع مضاد”. الكلمة حمّالة أوجه. وقد تكون ذات معنى أقرب إلى العنصرية. على الأقل أقرب إلى السلبية كما قد تكون تعبيرا عن اصطدام دائم مع الدولة وقد تكون أعمق عموديا من حيث أنها تعبير عن انقسام حاد ثقافي وقِيَمي غير قابل للتصالح. ومع أن الوجود المسلم في فرنسا (أو أوروبا الغربية) لا يجوز اختصاره بأقلية شبابية أو اجتماعية بين المسلمين، وفي غالب الحالات أقلية صغيرة جدا غير متكيفة مع قيم الدولة والمجتمع ظهرت بحدة خلال موجة صعود الإسلام الأصولي، فإن الغالبية المسلمة متكيِّفة عملياً إلى حد الاندماج الكامل رغم احتفاظها بخصوصيتها الدينية. البحث طويل جدا في تحدياته على العلمانية الفرنسية، بل العلمانية الأوروبية، لسنا بصدد ذلك ، ولكني هنا أسأل في مجال التأمل الذي يتعلق بنا في المنطقة ولبنان؟ هل يمكننا مع الكثير من السوداوية التي تمليها التجربة التاريخية أن نلبنن المصطلح (المجتمع المضاد) فنتحدّث عن أسباب تحول المجتمع اللبناني إلى “مجتمعات مضادة” في علاقة كل منها بالدولة، وبالتالي علاقة كل منها ك”مجتمع مضاد” بِ “المجتمع المضاد” الآخر؟ هنا الاستخدام مفاهيمي أو مفهومي، فإذا كان يمكن اعتبار مسار ضعف الدولة اللبنانية هو المسار التاريخي لانفكاك متواصل وعميق لمكوِّنات المجتمع اللبناني عن الدولة، فإن هذا الضعف المتزايد قد دخل الآن مرحلة اللاعودة في ظل غياب قوة داخلية لبنانية نخبوية أو شعبية قادرة على إعادة الانطلاق في عملية إعادة بناء الدولة المنهارة، حتى ليبدو شعار “إعادة بناء الدولة” شعارا سخيفا وبلا طائل قياسا بفقدان القوى المسيطرة الحالية في لبنان أي أهلية أو حتى مشروع جدي في هذا الاتجاه الدولتي. الدولة اللبنانية الطائفية في أسوأ مراحلها طائفيةً حاليا وهي تبدو في ظل متغيرات المجتمعات المشرقية في بلاد الشام عدا الأردن، وكأنها دخلت في حقبة “انطحان” (من طحن) تحت تأثير المثلث الإسرائيلي التركي الإيراني ومحاولة كل من أطرافه مواجهة الصراع الدولي في المنطقة باللعب بالمجتمعات التي تتوسّط هذا المثلث. مرة أخرى يشعر المراقب المعني بأهمية التماسك المصري كمجتمع وكدولة في ظل قيادة الجيش المصري المستمرة منذ عام 1952. فمصر رغم مشاكلها الاقتصادية قدّمت في السنوات العشر ونيِّف المنصرمة نموذجا للتماسك بين المجتمع والدولة أين منه انهيارات دول بلاد الشام التي راح المثلث الإسرائيلي التركي الإيراني يلعب ويتلاعب بها ولا يزال. كذلك آن الأوان لتسجيل الظاهرة الإيجابية المتمثلة بتماسك المجتمع الأردني حول دولته رغم كل المشاكل بل العواصف المحيطة به. ستكون لنا عودة إلى هذا المثلث المعقّد العلاقات الصراعية والتفاهمية والتقاطعية بين أطرافه، ولكنه بصورة أو بأخرى لعبَ على تعزيز معطى “المجتمع المضاد” داخل كل دولة من دول خط العراق – سوريا – لبنان وأقام نوعا من نظام إقليمي قائم على عدم الاستقرار المنظّم ولكنه نظام يحفظ لكل من أطراف المثلّث قواعد اشتباك وحرية حركة تخدم الجانب الجيوسياسي الذي يعنيه. ربما يكون انهيار الدول فرصة “ممتعة” ولا تعوّض للمؤرخين وعلماء الاجتماع وليس فقط للجواسيس، ولكنها نكبة هائلة لرجال الدولة، لاسيما إذا كنا نعيش في زمن تخلف القوى السياسية المعاصرة لهذا الانهيار كما يحدث في لبنان. من البصرة إلى عكار تُتاح لعلماء الاجتماع إعادة درس تفكك بل تذرّر بيئات كانت سابقا تحت أحكام سلطات قوية وراكمت قوانين وعلاقات وتفاعلات دولتية منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى. إنه زمن “المجتمع المضاد” ضد نفسه وضد المجتمعات الأخرى في المشرق العربي. ولبنان في المقدمة. لقد انطلقنا من لبننة للمفهوم ولربما نجد أنفسنا على الأرجح أمام “مَشْرَقة” له رغم اختلاف الوتائر. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تعديل وزاري جديد في أوتاوا: استبعاد 7 وزراء وخلط معظم الحقائب next post هناء عبد الخالق تكتب عن : باسكيا.. طفل في مشاغباته ورسام حتى النخاع You may also like علي شرف الدين يكتب عن: ماذا يحمي لبنان... 29 نوفمبر، 2024 داريوش معمار يكتب عن: “آلية الزناد” سلاح الغرب... 29 نوفمبر، 2024 شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024