بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن: اللا عودة الصينية من “مستنقعات” الشرق الأوسط: السباحة الاقتصادية بين الأضداد by admin 26 سبتمبر، 2023 written by admin 26 سبتمبر، 2023 76 تتواصل السياسة الصينية في توسيع وتحسين العلاقات مع الأضداد في الشرق الأوسط. وهي لا تواجه حتى اليوم مشاكل صعبة في هذا السير بين قوى بعضها معاد لبعضها الآخر. النهار – جهاد الزين لا نعرف بعد النتائج العملية لاتفاق الشراكة الاستراتيجية بين الصين وسوريا. لكن أهم ما في دلالته أنه لا عودة إلى الوراء في القرار الصيني التمركز في الشرق الأوسط ووسط أعقد مشاكله، فالاتفاقية نفسها: الشراكة الاستراتيجية وقعتها بكين مع السلطة الوطنية الفلسطينية خلال زيارة الرئيس محمود عباس الأخيرة لها، وها هي تقيم الشراكة نفسها مع سوريا خلال الزيارة الحالية للرئيس السوري بشار الأسد. وحسب وثيقة هامة صادرة عن وزارة الخارجية الصينية في إطار منتدى التعاون الصيني العربي في كانون الأول 2022 أقامت الصين علاقات شراكة استراتيجية مع 12 دولة عربية على صعيد ثنائي “بما فيها علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والدول الأربع، أي الجزائر (عام 2014) ومصر (عام 2014) والسعودية (عام 2016) والإمارات (عام 2018)، وعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول الثماني، أي قطر (عام 2014) والعراق (عام 2015) والأردن (عام 2015) والسودان (عام 2015) والمغرب (عام 2016) وجيبوتي (عام 2017) وعمان (عام 2018) والكويت (عام 2018).” تحت عنوان “المسألة السورية” تعرّف الوثيقة الأزمة السورية بالشكل التالي: “أتت الأزمة السورية التي استمرت لأكثر من 10 سنوات بمعاناة شديدة على الشعب السوري، وشكلت صدمة خطيرة على أمن المنطقة واستقرارها، فإن خروج سورية من الأزمة واستعادة استقرارها لأمر يتفق مع المصالح العامة والبعيدة المدى لدول المنطقة والمجتمع الدولي. ظلت الصين تلعب دورا إيجابيا وبناء لإيجاد حل ملائم للمسألة السورية. عينت الحكومة الصينية مبعوثها الخاص للمسألة السورية عام 2016، الذي عمل على الاتصال مع الأطراف المعنية بالمسألة السورية وبذل جهودا حميدة كبيرة لدفع مفاوضات السلام، مما أسهم بالحكمة والحلول الصينية في حل المسألة السورية. تولي الصين اهتماما بالغا للمسألة الإنسانية في سورية، وقدمت دفعات عديدة من المساعدات الإنسانية للشعب السوري بمن فيه اللاجئون السوريون خارج البلاد. ستواصل الصين جهودها الدؤوبة لإيجاد حل شامل للمسألة السورية، وتستمر في تقديم المساعدة للشعب السوري بقدر إمكانها.” وتتابع الوثيقة الصادرة عن وزار الخارجية الصينية منذ أقل من عام: “ساهم التعاون في بناء “الحزام والطريق” في تطوير العلاقات الصينية العربية على نحو شامل، حيث قام الجانبان بربط بناء “الحزام والطريق” بالظروف الواقعية للمنطقة، وربط العمل الجماعي بالتعاون الثنائي، وربط تدعيم التنمية بالحفاظ على السلام، لتحقيق تكامل المزايا والكسب المشترك، مما خلق مشهدا مزدهرا وحيويا في كل الأماكن التي تطبق مبادرة “الحزام والطريق” فيها. قد وقعت الصين وثائق التعاون بشأن التشارك في بناء “الحزام والطريق” مع 20 دولة عربية وجامعة الدول العربية. وينفذ الجانبان الصيني والعربي أكثر من 200 مشروع تعاون ضخم في مختلف المجالات مثل الطاقة والبنية التحتية، وتعود نتائج التعاون بالنفع على شعوب الجانبين البالغ عددهم ما يقارب ملياري نسمة.” وتضيف: “ارتفع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري إلى مستوى جديد. تتمسك الصين والدول العربية بالمنفعة المتبادلة والكسب المشترك في التعاون بينها، وتعمل على تعزيز تسهيل التجارة والاستثمار، الأمر الذي ساهم في زيادة حجم الاستثمار المتبادل والتعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين بأضعاف. في عام 2021، بلغت أرصدة الاستثمار المباشر المتبادل بين الجانبين الصيني والعربي 27 مليار دولار أمريكي، بزيادة 2.6 ضعف عما كانت عليه قبل 10 سنوات؛ وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 330.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة 1.5 ضعف عما كان عليه قبل 10 سنوات. في الأرباع الثلاثة الأولى لعام 2022، وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 319 مليار و295 مليون دولار أمريكي، بزيادة 35.28% عما كان عليه في نفس الفترة للعام الماضي، ويقارب الحجم الإجمالي في عام 2021” كيف تعرّف الوثيقة العالم العربي؟: “تقع الدول العربية في منطقة التلاقي بين قارتي آسيا وإفريقيا، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 13.26 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها الإجمالي حوالي 415 مليون نسمة. تتمتع الدول العربية بعدد كبير من السكان وثقافة عريقة وتاريخ ممتد وطاقة وموارد وافرة وإمكانيات هائلة للتنمية، ولها تأثير مهم في الشؤون الإقليمية والدولية”. بهذا التعريف المختصر يمكن فهم الأولوية التي باتت توليها الصين لعلاقاتها العربية خصوصا حين تتكلم بلغة الاقتصاد في ما تسمّيه الوثائق الصينية “العصر الجديد”. لا يمكن فصل تطور العلاقات الصينية الإيرانية عن المشهد الصيني المتصاعد في الشرق الأوسط. وفي مقال سابق ذكرتُ أن الجمهورية الإيرانية الدينية رغم مشاكلها الداخلية الضخمة، تعيش بعض أفضل لحظاتها الجيوبوليتيكيّة من حيث احتضان الصين وروسيا لإيران وتعزيز العلاقات معها، الاقتصادية مع الصين والعسكرية مع روسيا.لذلك من ناحية العلاقات الدولية لا يمكن اعتبار النظام الإيراني مأزوما قياسا بالسابق، فهو سلّم مقدرات اقتصاده للصين في اتفاقية استراتيجية جعلت باحثا أميركيًا في مجلة”فورين أفيرز” يشبّه ذلك باستلام الدول الكبرى في القرن التاسع عشر لمقدرات اقتصاد الأمبراطورية العثمانية. وكتبتُ أنني لستُ متأكدا من مدى صحة هذه المقارنة لكنها مدعاة للتفكير. كذلك ازدادت العلاقات الروسية الإيرانية العسكرية وثوقاً بعد الحرب في أوكرانيا والأجواء الدولية التي نتجت عنها. على صعيد آخر تتواصل السياسة الصينية في توسيع وتحسين العلاقات مع الأضداد في الشرق الأوسط. وهي لا تواجه حتى اليوم مشاكل صعبة في هذا السير بين قوى بعضها معاد لبعضها الآخر. ففي تقرير – دراسة لمركز أبحاث Rand Corporation الأميركي عام 2019 يحدّد الفوائد المشتركة لكل من الصين وإسرائيل في علاقاتهما المشتركة كالتالي: * حصول الصين على تكنولوجيا متقدمة من إسرائيل واستخدام موقع إسرائيل لتعزيز تواصل تجارتها العالمية. * الصين تريد استدامة علاقتها بإسرائيل فيما هي، أي الصين، تواصل الاستفادة من العلاقات الطيبة التي تجمعها ببلدان العالمين العربي والمسلم وخصوصا إيران. * إسرائيل تريد توسيع روابطها الديبلوماسية والاقتصادية مع الاقتصادات الكبرى الأسرع نموا في العالم وتنويع صادراتها ومصادر استثماراتها.. الخلاصة هذه لدراسة Rand ظهرت قبل حوالي ثلاث سنوات من الخط السريع الذي قررت قمة العشرين بقيادة الولايات المتحدة مؤخرا في الهند ربطه بين الهند مرورا بالشرق الأوسط وانتهاءً بميناء حيفا الإسرائيلي. وهو الذي يُعتبر منافسا لخط “الحزام والطريق” الصيني. وبهذا المعنى جعلت إسرائيل من نفسها نقطة تقاطع في التنافس الاقتصادي الأميركي – الصيني و الصيني – الهندي. إذن تدخل الصين هذا الشرق الأوسط المعقد وكأنها غير راغبة بالعودة منه. واتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع سوريا خطوة مهمة في هذا الاتجاه ولو كانت بحد ذاتها تتويجا لمسار طويل من العلاقات الجيدة الصينية السورية كانت أهم علاماتها وقوف الصين (وروسيا) إلى جانب سوريا في مجلس الأمن في السنوات المنصرمة. لغة الصين اقتصادية وتفوقها اقتصادي أكثر منه جيوبوليتيكي حتى الآن. سنرى إذن في السنوات اللاحقة كيف سيتفاعل الاقتصادي والجيوبوليتيكي؟ في شرق أوسط لا يزال حيوياً لصراع المصالح الاقتصادية الكبرى في “العصر الجديد”. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “سالومي” أسطورة للتحليق فوق التاريخ وخارجه next post وليد الحسيني يكتب عن: خلاف السخافات..نازح أم لاجئ؟ You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024