بأقلامهمعربي جهاد الزين يكتب من بيروت عن : الشرق الأقصى “يأتي” إلى الشرق الأوسط by admin 17 مارس، 2023 written by admin 17 مارس، 2023 121 ما هو الثابت والمتحول في “تركيب” القوى التابعة لإيران باعتبارها عموما قوى “جديدة” في المنطقة؟ كذلك ما هو بالمقابل الثابت والمتحول في تركيب القوى التابعة للسعودية في المنطقة رغم الفوارق الأساسية بين التكوين السياسي الغالب على القوى التابعة للسعودية، والتكوين العسكري الغالب على القوى التابعة لإيران في المنطقة؟ النهار اللبنانية – جهاد الزين يتحدّث الكاتب الصيني وانغ إيوي في كتابه عن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية والمترجَم على يد مترجمين صينيين عن اللغة الصينية مباشرة إلى العربية ونشرته “مؤسسة الفكر العربي” ( السعودية التأسيس والتمويل) تحت عنوان ” الحزام والطريق: مسؤوليات عالمية تضطلع بها الصين بعد نهضتها”… يتحدث وانغ إيوي عن “أقلمة العولمة” ويعرّفها كالتالي من وجهة النظر الصينية: ” لا تسعى مبادرة “الحزام والطريق”إلى تصدير المؤسسات الصينية، بل إلى دمجها مع المؤسسات المحلية، أو ربطها بمشروعات التنمية المحلية، فيجب عليها أن تضع سياسة خاصة بدولة معينة وأن تبني موانئ معينة مع دول متعددة، وتعالج مسائل متعلقة بتمييزها وتنسيقها بطريقة جدلية، وتقوم بالتعاون في البناء والصيانة، وتبني الثقة المتبادلة في الأمن”. (وهذا يذكِّر بكلام الرئيس الصيني خلال مراسم تجديد رئاسته قبل بضعة أيام حين قال ” لاتنمية من دون أمن”).أما كلام وانغ إيوي الذي اقتطفناه من الكتاب فهو كلام اقتصادي وُضِع في أوائل أو منتصف العقد السابق وأُنجِز العديد من مشروعاته أي أن جزءا من البنى التحتية ل “الحزام والطريق” أُنجز في آسيا وإفريقيا وأوروبا كما بشّرت المبادرة الصينية ليظهر الآن الانتقال من الاقتصاد إلى الجيو – ديبلوماسية مع رعاية الصين للتوافق السعودي الإيراني أو لبدايات هذا التوافق. تستهوي الثقافة السياسية الصينية كما يظهر في الكتاب فكرة كسر قواعد الجيوبوليتيك التي تأسر العديد من دول العالم تاريخيا. ويعطي الكتاب أمثلة متعددة كأوزبكستان المغلقة عن البحر وبولندا وصربيا وحتى الهند وباكستان التي تُعتبَر الصين منافسة الأولى وصديقة الثانية. ويقول في فصل “تجاوز الجيوسياسيات لتحقيق الترابط والتواصل”(ص153) التالي: ” اعتُبرت منطقة البلقان التي تقع فيها صربيا بمنزلة برميل بارود في القارة الأوروبية، وكانت بولندا مفكّكة ثلاث مرات في تاريخها، وظلت أوزبكستان إحدى الدول غير الساحلية في العالم… فلماذا أصبح لهذه الدول التي كانت ضحايا الجيوسياسيات التقليدية أهمية قصوى بالنسبة إلى الصين اليوم؟ ويتابع: “…صربيا التي كانت لقيطة لم تتنافس فيها الدول الكبيرة ولكنها صارت الآن همزة وصل في الخطوط السريعة بين الصين وأوروبا…” (أستوقفني تعبير دولة لقيطة. هل لبنان دولة لقيطة الآن؟) لعل في الثقافة السياسية الصينية الباحثة عن مكان ريادي للصين في عالم اليوم رغبة عميقة في تجاوز “الجيوسياسيات التقليدية” التي جعلت الصين نفسها هامشية ومتخلفة طويلا قبل أن تبدأ نهضتها الجديدة؟ سنرى في نموذج الوساطة الصينية بين السعودية وإيران كيف سيتعامل الصينيون مع هذه الحالة الجيوسياسية الساخنة التي تتراكم فيها طبقات لا فقط من الجغرافيا السياسية على ضفتي خليج متنازَع عليه بل أيضا من الأيديولوجيا و الدين والاقتصاد؟ يخلص وانغ إيوي إلى الملاحظة التالية: “إن الكلمات المفتاحية لمبادرة “الحزام والطريق” ليست طريق الحرير، بل القرن الحادي والعشرون والمسألة ليست إحياءً لطريق الحرير القديم بطريقة مبسّطة، بل إنها إحياء لروح طريق الحرير … لتحقيق تحوّل الحضارة الصينية ..” الذي سيخلق “العصر الأورو آسيوي” الجديد من “الجيل الثاني”. علينا ربما أن نتعوّد على نمط مختلف من الثقافة السياسية قد لا يستطيع منافسة الثقافة الغربية التي أسّست الشرق الأوسط الحديث، ولكنه سينم عن أسلوب آخر من الوساطة أو التدخل مختلف عن الأسلوب الأميركي. لم يذهب المفاوضون السعوديون والإيرانيون إلى الشرق الأقصى سوى في الشكل، لكنهم في الواقع “أحضروا” الشرق الأقصى إلى الشرق الأوسط. لقد صحّ رأي المعلّق الأميركي الذي كتب قبل فترة أن الخليج صار أقرب في الجغرافيا إلى الصين واليابان بعد ثورة الاتصالات العالمية مما هو إلى العراق ومصر وأوروبا. إنها رحلة شي إن بينغ المعاكسة لرحلة ماركو بولو! اتجهت الولايات المتحدة الأميركية منذ عهد الرئيس باراك أوباما وتحديدا منذ عام 2012 أو أرادت الاتجاه شرقا في السياسة المعروفة باسم “Pivot to East Asia” وإذا بالشرق الأقصى كله يحضر إلى الشرق الأوسط في الوساطة الصينية المباشرة والفعالة والاستعراضية للاتفاق السعودي الإيراني. في “المغامرة الاستراتيجية” التي يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فتحت المملكة الطريق أمام الصين للحضور السياسي في الشرق الأوسط في خطوة هي الأولى من نوعها في التاريخ الديبلوماسي الحديث للصين والشرق الأوسط معا. ويمكن اعتبارها أول انتقال صيني من مستوى التجارة والاقتصاد مع المنطقة إلى مستوى اللعب الجيواستراتيجي. الصين شريك تجاري كبير مع كل من المملكة وإيران لاسيما في شراء النفط، ولكنها الآن تنتقل لتصبح شريكا سياسيا للمملكة العربية السعودية بعدما حققت نوعا من الحلف مع إيران (وروسيا)لاسيما بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. لا شك أن هناك ما هو غير معلن في هذا التفاهم السعودي الإيراني. وبما أنه من المبكر الدخول في تقييم نتائجه في ما يتخطّى عودة العلاقات الطبيعية بين الرياض وطهران، فإني سأحاول وضع أسئلة أساسية حول التفاهم علها تساهم في فهمه: 1- يُجمِع المراقبون في العالم العربي، ولو بشيء من الإحساس الغريزي، كما المعلقون الإسرائيليون والأميركيون، أن تفاهما ضخماً كهذا لايمكن أن لا يكون تفاهما على الوضع في اليمن، خصوصا في البداية لتكريس إنهاء الحرب والأخذ بالمصالح الأمنية للسعودية فيها. السؤال هل نحن إذن على أبواب “طائف” يمني؟ 2- إذا كانت إيران قد قبضت من الأميركيين ثمن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، في تكريس حكومة موالية لها كليا في بغداد، فأين هو الثمن الذي ستقبضه إيران مقابل الأثمان التي ستدفعها إيران للسعودية في هذا التفاهم. 3- ما هو انعكاس التفاهم على القوى التابعة لإيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن، في ما يتخطّى مجرد وقف الحملات التحريضية ضد المملكة؟ 4 – ما هو الثابت والمتحول في “تركيب” القوى التابعة لإيران باعتبارها عموما قوى “جديدة” في المنطقة؟ كذلك ما هو بالمقابل الثابت والمتحول في تركيب القوى التابعة للسعودية في المنطقة رغم الفوارق الأساسية بين التكوين السياسي الغالب على القوى التابعة للسعودية، والتكوين العسكري الغالب على القوى التابعة لإيران في المنطقة؟ 5- كيف سيسرّع التفاهم الروح الإيجابية في بعض علاقات المنطقة مثل تسريع عودة التفاوض السوري التركي برعاية روسية؟ يجب أن لا ننسى رغم أهمية هذا التفاهم السعودي الإيراني أن هناك أثمانًا استراتيجية ستدّخرها إيران لمفاوضاتها مع الولايات المتحدة على الأهمية القصوى لمواقع ومصالح المملكة العربية السعودية كقوة كبيرة في المنطقة؟ ورغم أن التفاهم الأخير لاسيما من حيث الدور الصيني فيه، هو جزء من المواجهة الإيرانية الصينية مع واشنطن؟ وها هي المملكة العربية السعودية تتيح للصين فرصة لعب دور غير مسبوق. لذلك لا بد أن يكون الثمن كبيرا وكبيرا جدا. تتغيّر المنطقة بشكل ومضمون مختلفَيْن. قبل أشهر سمحت إيران للبنان أن يعقد اتفاقا مع إسرائيل صنّفَتْه الأمم المتحدة رسميا أنه معاهدة دولية، وها هي عقود نزاع سياسي وديني وعسكري بين دولتَين رئيسيّتيْن في المنطقة هما إيران والسعودية تتفقان على إعطاء فرصة لتطبيع العلاقات بينهما. ماذا بعد لكي تعود هذه المنطقة صالحة للسكن؟ jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الرئيس الإسرائيلي يحذر من حرب أهلية بسبب أزمة النظام القضائي next post نحو نصف مليار دولار من بريتيش كولومبيا للنقل العام في فانكوفر You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024