بأقلامهمعربي جهاد الزين: في قلب الانهزام الحضاري by admin 28 سبتمبر، 2021 written by admin 28 سبتمبر، 2021 22 لا بد أن يُجدِّد التحولُ الأفغاني وما يتصل به، ومن ضمنه بالتأكيد الوضع الباكستاني، النقاشَ حول ما هي القضية المركزية في العالم المسلم النهار اللبنانية – جهاد الزين توحي بعض تصريحات قادة “طالبان” أنه يمكن أن ينفتح أو ينكشف في المستقبل القريب صراع بين تيارين داخل هذه الحركة: تيار أيديولوجي متشدد يريد الاستمرار بتطبيق صارم لمفهوم الحركة للشريعة الإسلامية، وهو من أكثر المفاهيم المعاصرة تخلفاً وظلامية قياسا بمفاهيم ليبرالية وحداثية للإسلام، وبين تيار يريد التركيز على بناء وضع أفغاني يسمح بعلاقات نفعية مع دول المحيط والعالم ولربما سمعنا قريبا من يسمّي هذا التيار : أفغانستان أولاً. على أي حال ومهما كانت السيناريوهات فلن تكون أفغانستان الآتية سوى بلد آخر من البلدان المأزومة في المنطقة كالعراق وباكستان ولبنان وإيران وسوريا ولربما أفغانستان أكثر من غيرها ستكون لاهثةً وراء دفع رواتب موظفيها الحكوميين في آخر الشهر! ذات يوم من تسعينات القرن المنصرم بلغ احتياط المصرف المركزي الباكستاني من العملات الأجنبية 17 مليون دولار! ليس في الرقم خطأ مطبعي : 17 مليونا وليس مليارا وصرّح به وزير الاقتصاد في حكومة بنازير بوتو الثانية في معرض وصفه لحجم العجز الذي يواجهه اقتصاد بلده والذي ورثته تلك الحكومة. اليوم طبعا اختلف الأمر واحتياط العملات الأجنبية بعد حوالي ثلاثة عقود عاد بالمليارات (24 مليار دولار بأرقام البنك الدولي عام 2016) وإن كان اقتصاد باكستان شهد نموا ملحوظا في العقدين المنصرمَين واكَبه نوعٌ من الاستقرار السياسي ودعمته الاستثمارات الصينية لكنه يبقى اقتصادا مأزوما قياسا بحجم التحديات الهائلة الناتجة عن تجاوز عدد سكان باكستان عتبة المئتي مليون نسمة، ولا يُقارَن الاقتصاد الباكستاني بالاقتصاد الهندي الصاعد وقطاعاته التكنولوجية المتقدمة رغم حجم سكان الهند الذي تجاوز المليار ومئتين وخمسين مليون نسمة، بينهم 750 مليون نسمة يمثلون ما باتت عليه الطبقة الوسطى الهندية من حيث المداخيل وبالتالي القوة الشرائية. لا بد أن يُجدِّد التحولُ الأفغاني وما يتصل به، ومن ضمنه بالتأكيد الوضع الباكستاني، النقاشَ حول ما هي القضية المركزية في العالم المسلم ولربما ساهم ذلك في ضخ عناصر جديدة بناءة وإيجابية من حيث تبيان أهمية التراجع الأيديولوجي للأفكار الأصولية لصالح تقدم الهم التنموي والتحديثي. وإذا ظهر أن بنيةً سلطويةً كبنية “طالبان” ستخضع لضغط هذا الجدل من خلال الصراع السياسي الداخلي أو المستوى الديبلوماسي فلا شك أن كل الشرق الأوسط المسلم سيتأثر بصورة أو بأخرى. صحيح أن عصر النهضة العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى أواخر النصف الأول من القرن العشرين قد انبنى على فكرة مركزية هي وعي الانهزام الحضاري الذي طالبت نخبُ المنطقة آنذاك بمواجهته، لكن هذا المناخ توقّف تدريجيا وانتقل إلى مناخ آخر من الأولويات مع صدمة تأسيس إسرائيل. وحتى اللحظة لا يزال من غير الممكن تصور استقرارالمنطقة من دون وضع حد للظلم الفاحش الذي تعرّض له ولا يزال الشعب الفلسطيني في الداخل بعدما كرست إسرائيل نظام التمييز العنصري. من كابول إلى بيروت مرورا بعواصم أخرى ما لم تتجرّأ النخب المحلية على استعادة رسم خارطة النقاش على أساس ثنائية الانهزام الحضاري مقابل التقدم الحضاري وما يعنيه ذلك من تحريض لشعوب المنطقة على تجاوز واقعها المزري، مع استثناءات محدودة، من الصعب أن يستقيم النقاش العربي والمسلم في وجهة بناءة. ينشر بعض الناشطين على الفايسبوك بين الحين والآخر صورا لطلاب وطالبات جامعيين من خمسينات وستينات القرن الماضي في جامعات كابول وبغداد ودمشق. تعكس هذه الصور المأخوذة في مناسبات عادية أو في حفلات تخرّج كيف كانت بيئات المدن العربية وجامعاتها بيئاتٍ ليبراليةً حقيقيّةً يمثّل التعليم فيها القيمة العليا في المجتمع. صورٌ أين منها مشهد المرأة الخائفة والهاربة من القمع الأصولي في كابول اليوم وقد شهدنا منها في حكم “طالبان” الأول ما تقشعر له الأبدان والعقول من التخلف والظلامية.( الصورتان المرفقتان من خمسينات القرن المنصرم، الأولى لصف البيولوجيا في جامعة كابول والثانية لتلميذات مع معلمتهن خلال أحد الأنشطة في إحدى مدارس كابول). أي نقاش سياسي في أفغانستان أو غيرها لا يبدأ من هنا هو نقاشُ المزيدِ من إضاعة الوقت الذي هو دائما وقت حضاري فكيف في القرن الحادي والعشرين. j.elzein@hotmail.com Twitter: @ j_elzein 1 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حسن عبد الموجود يسرد قصص الصراع مع الحيوان في الريف next post الصين تقول إنها أفرجت عن كوفريغ وسبافور لأسباب صحية لم تفصح عنها You may also like ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 1 comment Lamborghini V12 engine 28 يوليو، 2024 - 6:15 م I appreciate the practical advice you’ve given here. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.