الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » جاك سترو يكتب عن: العداء بين إسرائيل وإيران: جسر لبقاء قادة البلدين في السلطة

جاك سترو يكتب عن: العداء بين إسرائيل وإيران: جسر لبقاء قادة البلدين في السلطة

by admin

 

كان جاك سترو أول وزير خارجية أجنبي يزور إيران بعد ثورة 1979 وهو معتاد على التفاوض مع قادة البلاد- وحتى من داخل مرحاض القطار، في إحدى المرات. وهو يشرح تالياً لماذا يمد كل من نتنياهو وخامنئي طوق نجاة للآخر بغية البقاء في سدة الحكم

اندبندنت عربية / جاك سترو وزير خارجية بريطانيا الأسبق

سؤال معرفي: اعتبرت الحرب الإيرانية – العراقية التي دارت بين 1980 و1988 من أكثر الحروب دموية منذ الحرب العالمية الثانية. وكانت غالب القوى العظمى تساند بصورة قوية الطرف المعتدي، وهو العراق، على أمل إخماد الثورة الإيرانية التي اندلعت في عام 1979. فأي دولة غربية كانت الجهة الموثوقة الوحيدة التي واظبت على إمداد إيران بالسلاح؟

الجواب هو: إسرائيل. لم تكن إيران لتقدر على مواصلة القتال طوال ثمانية أعوام لولا المساعدة الإسرائيلية. حتى إن الطرفين نسقا مواجهات عسكرية كبرى أيضاً.

في أبريل (نيسان) 1981، دمر سلاح الجو الإيراني أكثر من 40 طائرة حربية عراقية في قاعدة H3 الجوية غرب العراق، باستخدام الصور الجوية التي زودته بها إسرائيل. وبعد ثلاثة أشهر، جاء دور إيران لتزويد إسرائيل “بالصور الجوية”، فاستعملتها الأخيرة ونجحت في تدمير مفاعل السلاح النووي الرئيس الذي يمتلكه صدام في أوزيراك [أو تموز 1].

ورأى كبار المحللين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (في وثائق رفعت عنها السرية الآن) أن صدام كان ليمتلك “على الأرجح” سلاحاً نووياً يمكنه استخدامه بحلول 1984-1985 لولا تدمير أوزيراك.

في ذلك الوقت، تولى مناحيم بيغن رئاسة الوزراء في إسرائيل، وكان رجلاً شديد القسوة. وكذلك كان الخميني، زعيم الثورة الإسلامية. واختار الجانبان أن يتعاونا (ولو في السر) بسبب مصلحتهما المشتركة بكسر شوكة صدام حسين. لم يكن أي من البلدين يكن مودة للآخر – ولم يكن هذا ما يسعيان إليه بطبيعة الحال – لكنهما تمكنا من الانسجام مع بعضهما بعضاً.

في الواقع، لم تبدأ العلاقات بينهما بالتدهور سوى في بداية تسعينيات القرن الماضي. حدثت عندها مجموعة من العوامل. ومنها الفتوى الشنيعة التي أصدرها الخميني بإهدار دم سلمان رشدي في عام 1989، والأهم من ذلك، صراع النفوذ الذي عم الشرق الأوسط في ظل الفراغ الناتج من انهيار الاتحاد السوفياتي وهزيمة العراق في حرب الخليج الأولى في 1991.

وعلى رغم وجود انشقاق كبير في المجتمع الإيراني الآن، بين الأقلية الصغيرة من المؤيدين الفعليين للجمهورية الإسلامية، وباقي المجتمع، هناك عامل واحد يتخطى هذه الانقسامات. هذا عامل هو حس الكبرياء القوي بإيران كأمة تعتز بعراقة حضارتها، وشعور الحقد الذي يضاهيه قوة بسبب عدم إعطاء إيران المكانة التي تستحقها كقوة إقليمية كبرى.

قوات عراقية في عام 1980 على متن دبابات سوفياتية الصنع تحاول عبور نهر كارون في إيران (أ ف ب/غيتي)

 

صحيح أن الخميني، وخلفه خامنئي، ألقيا خطابات كثيرة مناهضة لإسرائيل في ثمانينيات القرن الماضي، لكنها لا تعدو كونها شكلية. والسبب الذي غير موقف إيران كان استبعادها من مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط الذي عقد في عام 1991، ومهد الطريق بصورة غير مباشرة أمام إبرام اتفاقات أوسلو.

قبل ذلك، وعلى رغم خطابهم العدواني، أوضح الإيرانيون بصورة ضمنية استعدادهم للقبول بما يقرره الفلسطينيون لأنفسهم. لكنهم غيروا موقفهم بعد استبعادهم عن العملية. ووجهوا اتهاماً أحمق لياسر عرفات بأنه “ارتكب خيانة في حق الشعب الفلسطيني” وتحالفوا بعدها مع “حماس” والتنظيمات الأخرى الرافضة للاتفاق.

كان ذلك بمثابة هدية من السماء تهبط على إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت. فقد اتخذ الرجل رهاناً سياسياً ضخماً في موافقته على إبرام اتفاق سلام مع عرفات. وعلى رغم تفويضه للإقدام على هذه الخطوة، واجه الاتفاق معارضة شرسة داخل إسرائيل.

لكن رابين استغل معارضة الإيرانيين القوية لوجود إسرائيل نفسه لكي يقلب موقفه تماماً ويقدم الإيرانيين على أنهم الخطر الاستراتيجي الحقيقي الذي يواجه إسرائيل، ثم وظف الهجمات الإيرانية على عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية لإبراز الاعتدال النسبي الذي يتمتع به الأخير.

“التغيير الإسرائيلي (تجاه إيران) جاء قوياً بقدر ما كان غير متوقع” بحسب المتخصص في الشأن الإيراني تريتا بارسي. لكنه نجح. ومنذ ذلك الحين، يتغذى كل من اليمين الإسرائيلي ومن يرددون خطابه في الولايات المتحدة من جهة، والمتشددون في إيران من جهة ثانية، على الآخر، في استماتة متزايدة للتمسك بالسلطة.

يمد كل من نتنياهو وخامنئي طوق نجاة للآخر كي يبقى في سدة الحكم.

وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي ينتظر دوره للكلام في الأمم المتحدة في عام 2005 (غيتي)

 

حول الهجوم الإيراني بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل الأسبوع الماضي أنظار المجتمع الدولي التي كانت مسلطة بصورة متواصلة على المعاناة والتدمير غير المبرر في غزة، ليصب على إسرائيل باعتبارها الضحية.

وفي إيران، يستخدم النظام هذا الهجوم لتأجيج المشاعر الوطنية. في الظروف العادية، الرئيس الإيراني السابق والمعتدل حسن روحاني كان ليجد صعوبة في الحصول على أي تغطية إعلامية في وسائل الإعلام الإيرانية. لكن الوضع اختلف هذا الأسبوع. فقد أخرج لكي يدلي ببيان قاس ضد “الصهاينة”، محذراً من مغبة العقاب لو “واصل (الإسرائيليون) اعتداءهم” (أتابع الإعلام الإيراني من كثب).

واللافت جداً في هذا الأمر هو أن روحاني كان من بذل أكبر الجهود بين السياسيين الإيرانيين لمحاولة تحسين وضع إيران دولياً من خلال التفاوض على الصفقة النووية في عام 2015.

بدأت هذه المفاوضات، مع نظرائي الفرنسيين والألمان، في عام 2003- مع روحاني الذي كان يشغل عندها منصب رئيس مجلس الأمن القومي. واجه الرجل صعوبات ضمن فريقه أكثر مما واجهه معنا. بعد جولة من المفاوضات المكثفة في إحدى العواصم الأوروبية، اتفقنا على بيان، كلمة بكلمة. وفي قطار العودة إلى الديار، اتصل بي مكتبي لإعلامي بأن وزير الخارجية الإيراني (وصديقي) كمال خرازي يحتاج إلى التحدث معي بصورة عاجلة.

وفي سبيل تفادي أن يسمعني كل من في عربة القطار، دخلت المرحاض. أراد كمال أن يعيد فتح جزء من النص الذي اتفقنا عليه قبل ساعات.

وقال “هل ترى الفقرة 15 البند باء؟”. أجبته “أخشى بأنني لا أراها يا كمال. فأنا داخل مرحاض القطار. وليست تلك الأوراق بحوزتي. وهل لديك أي فكرة يا صديقي كم يصعب التفاوض مع حكومة إيران؟”.

فأجابني خرازي بسرعة البرق “يا جاك، هل لديك أي فكرة كم يصعب التفاوض مع حكومة إيران؟”.

كانت تلك الصعوبات الداخلية شديدة عندما كان روحاني وسلفه المعتدل محمد خاتمي في الحكم. حصل الرجلان على تفويض كبير في انتخابات عادلة، لكنهما خضعا لسيطرة “الدولة العميقة” غير المنتخبة، ومركزها المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي. لكن حتى اليوم، وفيما كل فروع الحكومة مخصصة للمتشددين من خلال إبعاد المرشحين “غير المناسبين” (ومن بينهم روحاني)، ومع القمع المستمر، لا يزال النظام يعاني انقساماً شديداً في الداخل.

الرئيس الإيراني محمد خاتمي يلتقي مع سترو في طهران عام 2001 (أ ف ب/غيتي)

 

ويعود ذلك إلى ثلاثة أسباب إجمالاً. أولاً، يعرف النظام في قرارة نفسه أنه خسر بصورة شاملة ودائمة، حتى القبول الممتعض من الغالبية الساحقة من الشعب- ما يقارب 80 في المئة على الأرجح. وخسر هذا القبول بعد القمع الوحشي والمبالغ به للاحتجاجات الواسعة التي عمت البلاد بين عامي 2022 و2023 بعد مقتل مهسا أميني باسم القانون، على أثر اعتقالها لعدم ارتداء الحجاب كما يجب.

أما الاقتصاد، فيعاني مشكلات مستمرة. والتضخم مستشر- بمعدل 25 في المئة سنوياً، والعملة منهارة، والبطالة مرتفعة ولا سيما في صفوف الشباب المتعلم. وهناك أيضاً المنافسة على خلافة خامنئي- الذي أتم عامه الـ85 الجمعة ولم يتعاف يوماً تماماً من محاولة اغتيال تعرض لها سابقاً، وهو يمسك بالسلطة منذ عام 1989.

صحيح أن نتنياهو ماهر من الناحية التكتيكية لكنه كارثي من الناحية الاستراتيجية. كان الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 كفيل بتأجيل أي طموحات نووية كانت لدى إيران طوال عقود كما ضمن أدق تفتيش دولي ممكن لمنشآتها النووية.

لكن نتنياهو شعر بالحنق الشديد منه ونقل هذا السخط إلى ترمب، ثم دمر ترمب الاتفاق في عام 2018، وكانت النتائج متوقعة تماماً.

بعد تحررهم من القيود، سرع الإيرانيون إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب (يو 235)، إلى 60 في المئة، وانطلاقاً من هذه النسبة، يمكنهم بسهولة أن يصلوا إلى تخصيب إضافي عند 90 في المئة، وهو المستوى المطلوب لصناعة الأسلحة.

هل يقدمون على هذه الخطوة؟ من الصعب معرفة ذلك، لكن إن بالغ نتنياهو برد فعله على الهجوم الإيراني، فقد يصبح الفوز حليف تلك الجهات داخل إيران التي كثيراً ما أرادت أن يصبح البلد قوة نووية. وعندها قد يصبح العالم فعلاً مكاناً خطراً للغاية، فيما تمتلك كل من إسرائيل وباكستان والهند وإيران ترسانة نووية، وفي ظل تهديدات بوتين باستخدام الأسلحة النووية “التكتيكية” في أوكرانيا، قد تتبع السعودية وتركيا هذا المثال أيضاً.

آه كم نحتاج إلى حكمة مناحيم بيغن وروح الله الخميني.

شغل جاك سترو منصب وزير خارجية بريطانيا بين عامين 2001 و2006. وهو مؤلف كتاب ‘المهمة الإنجليزية: فهم إيران’ وهو الرئيس الحالي لغرفة التجارة البريطانية – الإيرانية

© The Independent

المزيد عن: إيران الهجوم الإسرائيليإسرائيلالصواريخ الإيرانيةمحمد خاتميكمال خرازيالحرب الإيرانية – العراقيةحرب الخليج الأولىالثورة الإيرانيةالعلاقات الإسرائيلية الإيرانيةالاتفاق النووي الإيراني

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00