السبت, أبريل 12, 2025
السبت, أبريل 12, 2025
Home » ثورة وشيكة في توقعات الطقس بفضل الذكاء الاصطناعي

ثورة وشيكة في توقعات الطقس بفضل الذكاء الاصطناعي

by admin

 

طريقة جديدة تستخدم تقنية مشابهة لـ”تشات جي بي تي” قد تغير مقاربتنا للأحوال الجوية إلى الأبد

اندبندنت عربية / أنتوني كاثبرتسون صحافي @ADCuthbertson

في الثانية والنصف بعد منتصف الليل، استيقظ مايكل فيش على صوت تحطم شجرة في الحديقة الخلفية لمنزله. حدث ذلك في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 1987، وبعد 13 ساعة من تقديم فيش، وهو معلق على أحوال الطقس، نشرة اشتُهرت لاحقاً بأنها الأشد إثارة للخزي في المملكة المتحدة.

وفي سياق تلك النشرة التي بُثت قبل موعد العشاء، أفاد فيتش بأن “ثمة امرأة اتصلت بـ’هيئة الإذاعة البريطانية‘ وأفادت بأنها سمعت شيئاً ما عن إعصار مقبل على البلاد. حسناً، إذا كنتِ تشاهدينا، فلا تقلقي، ليس من إعصار مقبل علينا”.

ولم تقتصر الرياح العاتية التي أعقبت الإعصار على اقتلاع شجرة فيش فحسب، بل اقتلعت أيضاً 15 مليون شجرة أخرى في جنوب إنجلترا، ودمرت ممتلكات بمليارات الجنيهات، وأودت بحياة 18 شخصاً. في اليوم التالي، صدرت صحيفة “ديلي ميل” بالعنوان التالي على صفحتها الرئيسة “لماذا لم نُحذَر؟”

وشكلت تلك السابقة تحذيراً ليس فقط حول مدى صعوبة التنبؤ بأحوال الطقس، بل أن الخطأ فيه قد يكون مميتاً. وفي السنوات التي تلت تلك الواقعة، أُدخِلَت تحسينات كثيرة على التوقعات المتعلقة بالأحوال الجوية. ويتجسد أبرزها بالكمية الضخمة من قوة الحوسبة التي باتت توضع بتصرف صنع نماذج المحاكاة الافتراضية للطقس. وفي المقابل، بقيت النماذج التي تستند إليها تلك التوقعات على حالها.

وحاضراً، باتت تلك النماذج موشكة على تبدل أساسي وضخم. وقد تحققت مجموعة من الاختراقات العلمية التي مهدت لصنع نوعية جديدة من النماذج الافتراضية عن الطقس، تستطيع تقديم توقعات بدقة غير مسبوقة، وباستخدام جزء يسير من قوة الحوسبة المستخدمة في ذلك المضمار؛ وبسرعة زمنية قياسية.

ولقد استُهِل ذلك التغيير عام 2020، حينما أرست ورقة بحث علمية، الخطوط العريضة لمنهج مختلف جذرياً عن الطريقة المعروفة بإسم “التوقع العددي للطقس” numerical weather prediction ، واختصاراً “أن دبليو بي” NWP، التي يستعملها اختصاصيو أحوال الطقس منذ عقود في تحضير توقعاتهم. ووفق تلك الطريقة، تؤخذ بيانات من محطات الرصد الجوي والأقمار الاصطناعية، ثم تُستعمل معادلات رياضية معقدة تتضمن أشياء مثل ديناميكيات السوائل والاضطراب في حركة الرياح. وبعدها، يُصار إلى صنع نماذج محاكاة افتراضية عن أنماط الطقس واحتمالات تطورها وتغيرها مع مرور الوقت.

ويشوب التعقيد والبطء تلك الطريقة التي تسعى إلى تقليد فيزياء الأحوال الجوية بالآليات التي تحدث فيها فعلياً، وتتطلب أيضاً كميات ضخمة من قوة الحوسبة للتنبؤ بالطقس، فضلاً عن الخبراء لفك تشفير البيانات- ومع ذلك يمكن أن يتبين أنها خاطئة. (أحد رواد “أن دبليو بي”، إدوارد نورتون لورنز كان أيضاً من مؤسسي نظرية الفوضى. ويشتهر بالجملة التي عبر فيها عن مقاربته الحاذقة والحتمية حيال الطقس، “إن رفة جناح فراشة في البرازيل قد تُحدِث أحد الأعاصير في تكساس”).

وأخيراً، وبتأثير من إحساسهم بالضيق من الطريقة السائدة في احتساب توقعات الطقس، عمد فريق بحاثة في “جامعة واشنطن” إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في استنباط مقاربة تعطي توقعات الطقس بصورة شبه فورية. ووجدوا أن نماذج الذكاء الاصطناعي الإحصائية المُدرَبة على عقود من التنبؤات الجوية- على غرار تدريب “تشات جي بي تي” على كميات هائلة من البيانات النصية- استطاعت التنبؤ بتطورات الطقس في الوقت الفعلي.

مايكل فيش وهو يقدم توقعات الطقس قبل ساعات من العاصفة الكبرى التي ضربت البلاد عام 1987 وأحدثت حالة من الفوضى (لقطة ثابتة من بي بي سي)

 

وبحسب جوناثان وين الذي قاد ذلك الفريق من البحاثة، “بشكل أساسي، إن تعليم الآلات الذكية يعمل على إنتاج نمط رائع من رصد أنماط الطقس. إذ ترصد الآلات النمط المعياري، ثم تلاحظ سيرورة تطوره، قبل أن تعطي إجابة عما يتوجب فعله، وذلك بالاستناد إلى أمثلة جرى تجميعها على مدار الأربعين عاماً الماضية”.

لم يكن نموذج الذكاء الاصطناعي الذي صممه وين عام 2020 بمستوى دقة النماذج التقليدية المتطورة المستخدمة في توقع الطقس، لكنه وعلى نحوٍ مميز، استخدم قوة حوسبة تقل بسبعة آلاف مرة عن تلك النماذج، في تركيب توقعاته عن الأحوال الجوية. وشكل نموذج العام 2020 الأساس للنماذج الأكثر تطوراً في الذكاء الاصطناعي التي استمر وين بتطويرها في شركة مايكروسوفت، إضافة إلى تلك التي صنعتها شركات عملاقة في التكنولوجيا على غرار برنامح “ديب مايند” من شركة “غوغل”.

ومع حلول عام 2023، أخذت تلك النماذج الذكية تثبت أنها أكثر تطوراً من الطرق التقليدية المستعملة لتوقع أحوال الطقس في الأمدية القصيرة. وفي ذاك العام أيضاً، استطاع نظام “غراف كاست” GraphCast الذي يعمل ضمن نموذج الذكاء الاصطناعي “ديب مايند”، إنتاج توقعات للطقس تمتد على عشرة أيام، خلال دقيقة واحدة وباستعمال آلة مفردة؛ فيما تطلب الأمر نفسه استخدام حاسوب خارق يعمل على مدار ساعات طويلة، باستخدام الطرق التقليدية. وقد أظهرت ورقة علمية نشرتها مجلة “ساينس” أن “غراف كاست” توفق على أفضل أنظمة “التوقع العددي للطقس” بمقدار تسعين في المئة.

وكذلك أدت القفزات النوعية الأخيرة في الذكاء الاصطناعي، إلى حدوث طفرات في تطور توقعات الأحوال الجوية. وفي مارس (آذار) 2025، قدم بحاثة من جامعة كامبردج نموذجاً ذكياً جديداً حمل اسم “آردفارك” Aardvark، يستطيع أن يتفوق على برنامج “نظام توقع أحوال الطقس العالمي” الذي تستخدمه “الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي” US National Oceanic and Atmospheric Administration، باستخدام عُشرْ ما يقدم لذلك البرنامج من البيانات.

وبالتالي، فقد وصفه متخصصون بالأحوال الجوية بأنه “ثورة في توقع الطقس”. وسيتيح لكل من يستعمله صنع تقارير شخصية عن الأحوال الجوية باستعمال الهاتف الخليوي.

وبحسب د. سكوت هوسكينغ، مدير قسم “العلوم والابتكار في البيئة والاستدامة” في “معهد آلن تورينغ” بلندن، فإن “الاختراق الذي حققه آردفارك لا يتعلق بالسرعة فحسب، بل بإتاحة الوصول. من خلال نقل التنبؤ بالطقس من الحواسيب العملاقة إلى الحواسيب المكتبية، يمكننا جعل عملية التنبؤات الجوية ديمقراطية أكثر وإتاحة هذه التقنيات القوية للدول النامية والمناطق التي تفتقر إلى البيانات”.

كلف الكمبيوتر الخارق الخاص بمكتب الأرصاد الجوية والذي أعلن عنه خلال عام 2020 1.2 مليار جنيه استرليني (مايكروسوفت)

 

وتشمل التطبيقات المحتملة تحسين إنتاج مزارع الرياح البحرية وتوفير توقعات دقيقة لهطول الأمطار للمزارعين في المناطق المتضررة من الجفاف.

وربما تمثل الأمر الأكثر أهمية في أن هذه المقاربة الجديدة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي أخذت تثبت أنه لا يوجد ما يضارعها في توقع التقلبات الفوضى في أحوال الطقس. ومنذ عام 2023، استطاع برنامج “غراف كاست” في نموذج “ديب مايند” رسم مسار الإعصار “لي” قبل تسعة أيام من وصوله، على رغم أنه لم يُدَرب على بيانات تتعلق بحوادث الطقس المتطرفة. وفي المقابل، استغرقت الوسائل التقليدية في توقع الطقس ثلاثة أيام إضافية لتقصي ذلك المسار.

وكذلك تثبت نماذج الذكاء الاصطناعي عن الطقس جدواها في توقع اندلاع نيران الغابات. وقد كشف “المركز الأوروبي لتوقعات الطقس على المدى المتوسط” European Centre for Medium-Range Weather Forecasts، اختصاراً “إي سي أم دبليو أف” ECMWF، خلال الأسبوع الماضي، عن خوارزميات تحلل أنماط تلك النيران، والمصادر المحتملة لإمداداتها، والنشاطات البشرية الرامية إلى توقع المناطق التي قد تشهد اندلاعها فيها. وأثبت اختبار لتلك الخوارزميات استخدمت فيه بيانات عن حرائق يناير (كانون الثاني) في جنوب كاليفورنيا، أنها تتفوق على الطرق المستخدمة حاضراً في التعرف إلى إمكانية إندلاع تلك الحرائق.

وفي المقابل، ثمة عوائق ما زالت تحول دون تبني هذه التكنولوجيا. ففي الأسبوع الماضي، أوضح بحاثة في الولايات المتحدة أن الذكاء الاصطناعي يعجز أحياناً عن التمييز بين المطر والثلج عند استخدام بيانات الطقس السطحية فقط.

ووفق الاختصاصي في علوم الطقس بـ”جامعة يوتاه” الأميركية، ويي تزانغ، الذي أسهم بالبحث المذكور “تستمر معاناة نماذج الذكاء الاصطناعي حينما يتعلق الأمر بطقس حرارته تتراوح بين صفر وأربع درجات مئوية، لأن المطر والثلج يتشاركان البيانات نفسها بصورة تقريبية، في ما يتعلق بتلك الدرجات من الحرارة. نحتاج إلى بيانات ومؤشرات فيزيائية تحتوي على تنوع أكبر، بغية تحسين التوقعات”.

ولربما تعلق الأمر أيضاً بتباطؤ في هجر الوسائل التقليدية. ومثلاً، لقد أنفق “مكتب الأحوال الجوية” Met Office في المملكة المتحدة 1.2 مليار جنيه استرليني (1.44 مليار دولار) على حاسوب خارق يمثل أعلى المستويات التكنولوجية، في فبراير (شباط) 2020، أي قبل ستة أشهر من تحقيق الذكاء الاصطناعي للاختراق العلمي الأول الكبير في مجال توقعات الطقس. ويعني ذلك أن المقاربة الجديدة سوف تتكامل مع الأنظمة الموجودة بالفعل، إلى أن تصبح الأخيرة متقادمة بالكامل.

خريطة تظهر المسارات المحتملة للإعصار “لي” في 11 سبتمبر 2023 (المركز الوطني للأعاصير)

 

وقد بدأت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة والمركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى بالفعل في دمج نماذج الذكاء الاصطناعي في مجموعات التنبؤ الحالية لديهما، وحتى مكتب الأرصاد الجوية بدأ تعاوناً مع معهد آلان تورينغ وقام بتعيين مسؤول رئيس للذكاء الاصطناعي لفهم كيفية استخدام هذه التكنولوجيا لتحسين التنبؤ بالطقس بشكل أفضل- وتجنب تكرار توقعات فيش المشؤومة قبل العاصفة الكبرى عام 1987.

وأثناء الإعلان عن نموذج جديد لتعلم آلات طُور بالشراكة مع “معهد آلن تورينغ”، أشارت المسؤولة الجديدة عن الذكاء الاصطناعي في “مكتب الأحوال الجوية”، كريستين دايل، أن تلك التكنولوجيا ستثبت محوريتها في التعامل مع حوادث الطقس المتزايدة التطرف المتأتية التي يتسبب بها تغير المناخ.

وبحسب دايل، “ثمة تحديات بيئية كبرى تواجهنا. وقد تزايد وعينا بشكل مطرِد عن مدى انكشافنا وهشاشتنا حيال التطرفات في الأحوال الجوية. ونقف في خضم ثورة الذكاء الاصطناعي، ولقد جاءت في الوقت المناسب”.

© The Independent

المزيد عن: الذكاء الاصطناعيتوقعات المناخالتنبؤ بالطقسالأحوال الجوية

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili