الشاعر العراقي بلند الحيدري (اتحاد الكتاب العراقيين) ثقافة و فنون بلند الحيدري اختار زاويته الوجودية متخليا عن البطولة by admin 2 أغسطس، 2023 written by admin 2 أغسطس، 2023 40 الشاعر العراقي السباق في ثورة القصيدة التفعيلية ضاع صوته في جلبة التيارات السياسية اندبندنت عربية \ علي محمود خضير لا تكاد تنطبق مقولة “الموهبة وحدها لا تكفي” على شاعر بمثل انطباقها على بلند الحيدري. الشاعر الذي قدم للشعر العربي تجربة جوهرية في ظرف مصيري، لكنه لم يحظ، في المقابل، ما يوازي تلك الإضافة وذلك الإخلاص. وإذا عرفنا أن ديوان الحيدري الأول “التفعيلي”، “خفقة الطين”، قد صدر منتصف عام 1946 قبل “عاشقة الليل” لنازك الملائكة 1947 و”أزهار ذابلة” لبدر شاكر السياب 1947، فلنا أن نسأل عن سر “إقصائه” عن مسرح الريادة ومجدها على مدى 75 عاماً. ولعل تمعننا بجدية في سيرة الرجل وشهادات معاصريه يكشف لنا بعضاً من الحقيقة المفقودة. فالرجل على رغم مبدئيته وشجاعة مواقفه (حد التهور)، لم يكن رجل حلبات منافسة ولا مريد معارك أدبية. كان مخلصاً للشعر وقضية الإنسان المدحور، ولم يكن ذلك وحده كافياً لتصدر الريادة. لنتأمل معاً، وبدقة، هذه الشهادة للناقد نذير العظمة: “بلند الحيدري زميلٌ من مرحلة الرواد، وقد كان من المؤسسين للحداثة الشعرية، لا سيما في أواخر الأربعينيات ومطالع الخمسينيات. في قصائد “أغاني المدينة الميتة”، يعتمد على التركيز لغةً وتعبيراً وصورة، ولكن الصدور عن التجربة الذاتية وحدها على ما يبدو لا يكفي في المرحلة الحديثة، ولا بد من كسر إطار الذات والخروج إلى التجربة الحضارية الشاملة، وأعتقد أن ما أنتجه في لندن خطوة في هذا الاتجاه”. بلند الحيدري وأدونيس ونزار قباني وسعاد الصباح ويوسف الخال في لندن الثمانينيات (دار الصباح) يكشف لنا هذه التشخيص سياقاً واضحاً من الفهم ساد غالب مراحل الشعر العربي ما بعد الأربعينيات وحتى اليوم ربما. فهمٌ يريد للشاعر أن يكون صاحب تجربة شاملة، قضايا كبرى ومسؤولية أممية، ضد ومع، حرب ومواجهة وآمال عريضة، وبلند كان شاعراً يتكئ على “تجربته الذاتية”، على ذات مرهفة، بالغة الحساسية، ترقب مصير الإنسان بعينين دامعتين وتعرف أن ادعاء البطولة الزائفة وإصدار التعاليم المتعالية ضحك مر على “جثث حبلى بالعفن” بتعبير بلند. الشاعر الفرد والذات وعلى ضوء هذا التفريق يمكننا فهم تصدر شعراء “الشمول العربي” منصات الشهرة والمجد، ويمكننا الفهم بالدرجة ذاتها غياب شعراء التجربة المعتمدة وفي مقدمهم بلند الحيدري، فهؤلاء كانوا شعراء أفراداً لا جماهير عريضة، شعراء على المعرفة الذاتية الخاصة، نشيد داخلي، لا خطابات خارجية وشعارات شعرية. شعراء أفراد إزاء شعراء الحشود. يقول بلند تعليقاً على ديوانه الأول: “لم يكن في الديوان شيءٌ غريبٌ عما كان مألوفاً في الشعر في غير بلد من البلدان العربية”. في الوقت الذي بدا فيه الديوان انعطافاً جاداً في مشهد الشعر العراقي الذي كان يسيطر عليه وقتها الرصافي والزهاوي والجواهري، حتى أن مارون عبود قال فيه: “أشهد أن ديوان “خفقة الطين” أحفل ما رأيت من دواوين الشباب بالشعر. ولعله الشاعر الذي تحلم به بغداد”. ولو قارنا تصريح بلند في المعركة “المقالية” بين السياب وصلاح عبد الصبور حول الأسبقية في ريادة الشعر، أو بتصريحات نازك الملائكة الحادة ودفاعها عن “ريادتها”، لفهمنا بعض أسباب تواري نجم الحيدري بعيداً عن الصدارة. وهو، في الوقت ذاته، لم يكن شاعر سلطة يوماً ولا نجماً حزبياً، ولم يتخذ لشعره رافعة غير شعرية، بل العكس كان شاعراً وطنياً ملتزماً، وموقفه من الأنظمة الديكتاتورية في العراق كلفه الغربة المبكرة والتشرد والتعتيم الإعلامي الشامل. أضف إلى ذلك كله المد القومي “المتعصب” الذي ساد في خمسينيات القرن العشرين وستينياته وضاعف على شاعر كوردي عزلته واغترابه حتى داخل وطنه: “كنت أحس بالغربة داخل وطني أكثر مما أحسستها خارجه”. الأعمال الشعرية الكاملة (دار الصباح) يلتفت سعدي يوسف الى سؤال غياب بلند عن واجهة الريادة فيقول: “السياسة رافعة معينة للنص الشعري، وبلند لم يكن بعيداً عن أجوائها…غير أن الرافعة السياسية جاءت إلى بلند متأخرة (في الستينيات) بينما نرى نازك الملائكة محسوبة منذ الخمسينيات على التيار القومي، والسياب والبياتي في ما بعد محسوبون على التيار الشيوعي. كان بلند الحيدري في زاويته الوجودية الجمالية، آن كان الشارع والشعر يضجان بالتظاهرة”. النشأة والتمرد المبكر ولد الحيدري عام 1926 في عائلة برجوازية. الأب ضابط في الجيش والأم بنت شيخ الإسلام في إسطنبول إبراهيم الحيدري. بعد وفاة والدته المبكرة بعمر 45 عاماً انتقل للعيش في كنف جدته لأبيه. كان المحيط الجديد صارماً، غير منسجم مع روح الشاعر الحرة والمتطلعة، وسط ظرف اجتماعي ملتهب جراء تداعيات الحرب العالمية. حاول الانتحار، وترك الدراسة قبل الثالث المتوسط، ثم هرب من البيت لينام على أرصفة بغداد وتحت جسورها في عمر السادسة عشر. حين رحل والده في عمر 45 سنة أيضاً لم يسمح للأبن بحضور الجنازة والتشييع. صعد بلند من موقفه إزاء العائلة حين اشتغل “عرضحالجي” أمام وزارة العدلية (العدل) في الوقت الذي كان خاله داوود الحيدري وزيراً للعدل. بدا ذلك الفتى العنيد مصراً على تحدي المجتمع والحياة، فثقف نفسه بنفسه، كان ينام في المكتبات العامة بالاتفاق مع حراسها، أحب الشعر العربي من الترجمات أولاً، وسرعان ما تعلم العربية متعمقاً بعلومها. قرأ الفلسفة وعلم النفس والنقد لكن صداقته العميقة لجواد سليم وشاكر حسن وإسماعيل الشيخلي منحته معرفة فريدة بالفن التشكيلي ونقده انعكس لاحقاً على تجربته الشعرية. جماعة الوقت الضائع شاعر الذات والإنسانية (اتحاد الكتاب العراقيين) بمعية مجموعة من المثقفين الشبان أسس بلند جماعة “الوقت الضائع” عام 1946 وحظيت وقتها باهتمام باحثين وأدباء، فقد جاءت تعبيراً عن التغيرات العاصفة في الواقع الاجتماعي والسياسي العراقي ما بعد الحرب العالمية الثانية، نتج منه صراع مرير بين الشعب العراقي و”الطبقة الحاكمة التي حاولت الحفاظ على الواقع” بتعبير عبد الوهاب البياتي. ضمت الجماعة أسماء صارت رموزاً بعد ذلك في الفن والشعر والقصة والنقد. الرغبة في التغيير والخروج على الأعراف “المخملية” المحافظة والثورة على السائد مفاهيم ظلت تتكرر على ألسنة أعضائها المؤسسين وهم جواد ونزار سليم وبلند الحيدري وأكرم الوتري وحسين هداوي وعدنان رؤوف وحسين مردان وساطع عبد الرزاق وآخرين. وعلى رغم عدم وضوح منهجية للجماعة فقد أصدروا مجلتهم “الوقت الضائع” وأسسوا داراً صدر عنها ديوان بلند الأول. وكان لهم مقهاهم الخاص، مقهى “الواق واق” قرب ساحة عنتر. عكست حوارات الجماعة في المقاهي البغدادية حالة الحيرة التي اكتنفت أولاء الشباب وهم يتلمسون أدوارهم في الفنون الإبداعية شتى، وبينت مساعي التجديد ورفض القيم القديمة في التعاطي مع الفن والكتابة، معلية من شرطها اللازم للأداء الإبداعي: الحرية. كانوا بلا استناد واضح لحزب سياسي. وقد كلفهم ذلك ملاحقة السلطة فأغلق مقهاهم وتعرضوا إلى المضايقات. عكست أجواء الجماعة المناخ الخاص الذي نما فيه فكر بلند الحيدري في الانتماء الحر للإنسان وقضايا مجتمعه، فكان على الدوام شاعراً ملتزماً، متطلعاً، يستند الى رؤيته الداخلية وإن بدا معتنقاً لبعض الأيدولوجيات في مراحل حياته غير أنه ظل مخلصاً لفهمه الخاص داخلها. الخصوصية الشعرية ديوان له (دار العودة) تقول الشاعرة والناقدة الكويتية تهاني فجر إن بلند الحيدري “من الرواد القلائل الذين أبحروا نحو مرفأ حداثي مغاير، منذ ديوانه الأول، ثم بدايته الحقيقية في ديوانه الثاني (أغاني المدينة الميتة 1951) الذي شكل انعطافة مهمة في تاريخه الشعري، وفتح آفاقاً جديدة للقصيدة العربية الحديثة”. وتضيف صاحبة كتاب “بلند الحيدري… الريادة المفقودة” أن البناء الشعري عند الحيدري “عفوي يتجنب الخطابة والمباشرة، وقد يبدو للوهلة الأولى أن صوته يتخذ إطاره ضمن مناخ غنائي؛ ويأتي ذلك من خلال أسلوبه في طرح القصيدة عبر شكلية تتميز بقصر النفَس والوقوف بها في ثلاث محطات، وهي أن يكون لها أول ووسط وآخر، يحدد عبرها نمو القصيدة العضوي”. وعن خصوصية الصمت في تجربة بلند ترى فجر أن الصمت الذي يتركه الحيدري في نصوصه “يقول أكثر من الكلام؛ حيث وظفه كوسيلة رفض لكل القيود، السياسية والدينية والاجتماعية؛ ولم يكن صمته إذعاناً لسلطة أو استسلاماً لخوفٍ بعينه، بل برهن دائماً أن صمته أداة تعبير ضد أي قمع فكري وسلطوي، علاوةً على محاربته للصمت السلبي الذي يُصادر حرية الفرد، متخذاً بعداً رمزياً له دلالات ذات مغزى تحريضي تبرز في العديد من القصائد على طول تجربته الشعرية”. وتضيف: “احتفى الشاعر عبر مسيرته بقصيدة اللوحة والألوان لارتباطه بالفن التشكيلي منذ ثقافته الأولى، ساعدته في ذلك صداقة الأخوين سليم، إضافة إلى تذوقه الفن التشكيلي وقراءاته المتعددة لتجارب الفنانين التشكيليين العالميين. وكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك كله على نصه، إضافة إلى ولعه بالتصوير الفوتوغرافي؛ فجاء تأثير اللقطة واضحاً على صوره الشعرية المثقلة بالمنفى، والزمن، وغربة المكان، والروح التي شكلت مع الموت رموزاً ظلت دلالاتها تتصاعد في قصائده”. معمار القصيدة في “أغاني المدينة الميتة”1951 بدت خلاصة تأثير الحرب العالمية. نزوع الى التوفيق بين المعاصرة والتراث، مع طغيان للفكر الوجودي على النصوص التي سعت لإدانة المجتمع عبر مسحة فلسفية آتية من كامو وسارتر. أفاد بلند من ثقافته الواسعة في الفكر والفن التشكيلي على الخصوص داخل اشتغاله الشعري، في ديوانه الثالث “أغاني الحارس المتعب” استفادة بينة من الرسم والتصوير الفوتوغرافي. فالقصيدة هنا صورة، مع استعمال للألوان كرمزٍ تعبيري. كانت القصائد في الديوان تعبيراً عن أسى ذاتٍ يؤلمها مصير الإنسانية في غير مكان من العالم. ترتبط مضامينه مع تطلعات الناس حوله. إنه يصور واقعهم المؤلم وصراعهم من دون نسيان تطلعه الشخصي لهم بتحقيق الآمال المنشودة. ديوان آخر (طباعة خاصة) يؤمن بلند بالقصيدة- الرسالة فهو يتوجه بكل قصيدة إلى قارئ بعينه، وقد يوجهها الى زمان ومكان محددين، كما في ديوانه “إلى بيروت مع تحياتي” الذي خص فيه لبنان وقضايا شعبه وقتها، وهو بذلك يُعارض خطاً حداثياً نادى –وقتها- بتخليص الشعر من القضايا الآنية وتوجيهه نحو المطلق زماناً ومكاناً. ونجد أمثلة للقصائد/ الرسائل تلك في قصيدته التي خاطب فيها المتنبي، وقصيدة “أقراص النوم” التي وجهها إلى المثقف المعاصر، ناقداً ومشخصاً مأساته ومشكلاته. كان بلند على قدر كبير من الفهم لقصيدته، وذا مقدرة في الدفاع عنها. هذه المعرفة بقصيدته دفعته دائماً لتجديدها، مستعيناً بثقافة واسعة وباصرة لونية فريدة. كان على اطلاع مباشر بمستجدات الكتابة الغربية وطروحات الفنانين الأوروبيين في الرسم. هكذا تعاون مع جواد سليم في “رباعيات بغداد”، وكتب قصيدة “النهر الأسود” التي استوحاها من عمل لخالد الرحال. غير أن تأثره الأهم ظهر في استعارة تجارب الفن التشكيلي الأوروبي في اختزال الخطوط وإعطاء أكبر قيمة تعبيرية بأقل خطوط ممكنة، فكتب ما اسماه “القصيدة البرقية”، وهي “القصيدة التي تحمل بأقل كلمات ممكنة أكبر قدر ممكن من المعنى”. فيما استعمل القيم اللونية للانطباعيين بصفة معنوية داخل النص الشعري، لتتجلى محاولاته في الإفادة من الفن التشكيلي بقصيدة “حوار في الأبعاد الثلاثة” التي حاول فيها إبراز القيمة المنظورية للقصيدة (البعد الثالث) مستفيداً من فن التصوير. يلعب تقطيع الأشطر الشعرية في قصائد بلند دوراً حاسماً في تكريس خصوصية الإيقاع لديه، فقد حاول الخروج على مألوفية إيقاع الشعر العربي بإدخال قوافٍ متداخلة تأخذ بعضها بعضاً من آن لآخر كما في قصيدة “عقم”: “نفس الطريق/ نفس البيوت يشدها جهد عميق نفس السكوت/ كنا نقول:/ غداً يموت وتستفيق/ من كل دار/ أصوات أطفال صغار/ يتدحرجون مع النهار على الطريق…”. وله محاولات في بتر الإيقاع والسكوت عليه صمتاً، معتمداً على القارئ الفطن في إتمام التفعيلة كما في قصيدة “شيخوخة” التي أشار بلند لاستخدامه فيها مبدأ “الفراغ المملوء” لهنري مور: “شتوية أخرى/ وهذا أنا…/ هنا بجنب المدفأهْ/ أحلم أن تحلم بي … امرأهْ”. يختصر بلند، الشعر، في جملة قصيرة دالة “القصيدة هي الصنعة وإخفاء الصنعة في آن”. الصراحة المكلفة خرج بلند إلى لبنان مطلع السبعينيات. عمل مصححاً في جريدة، ثم مدرساً للعربية، ثم مدير مدرسة. احتضنه الأدباء اللبنانيون وساعدوه في إيجاد شقة وأثاث وعمل. عمل في تحرير مجلة “العلوم” و”الكفاح” و”بيروت المساء”. ثم مديراً في “الدار العصرية”. وحين اشتدت الحرب الأهلية هناك هاجر الى تركيا، فاليونان، فسوريا، ثم عاد فترة قصيرة إلى لبنان، لكن القصف اليومي في بيروت جعل الحياة مستحيلة فقرر العودة إلى بغداد 1977. لم يستطع بلند أن يتأقلم مع الوضع العراقي الذي كان يستعد لانقلاب البعث على الشيوعيين وانهيار الجبهة الوطنية وعودة الاعتقالات، لذا غادر هذه المرة إلى لندن في غربة جديدة لم تنته إلا بوفاته. صراحة بلند في مراحل حياته كلها لم تكن بلا ثمن. فالرجل، سياسياً، وصل بسبب تهمة الماركسية، إلى حكم الإعدام بحسب زوجته دلال المفتي، مما جعله يغادر بلاده مبكراً. والرجل، بسبب من صراحته، واجه العديد من المشكلات، بعضها يرتبط بمواقفه من وجهات النظر الجديدة في الكتابة كنقده شعراء الجيل السبعيني حين وصفهم بالوقوع “على ظاهر التجربة الأوروبية التي تريد تحطيم كل علاقة بالواقع نتيجة اليأس ما بعد الحرب”، واصفاً شعرهم بأنه “آنوي لا ارتباط له بالمعنى”، وأن قصيدة الشباب -وقتها- “نفخ على زجاج بارد يُضيع الأشكال والحقائق”. وأن القصيدة لم تأت بجديد سوى غرابة الصور الشعرية: “الشعراء الشباب مرهفون في اقتناص الصور السوريالية، ولكن ما نتيجة هذه الصور؟”. كان بلند جاداً في موقفه من الشعر، وفي ما اعتنقه من مذهب في الكتابة، لم يراع صداقة، ولم يجامل على حساب مبدأ. لنتذكر موقفه من “الأدونيسية” التي انتقد قطيعتها مع التراث، على رغم عمق صداقته مع أدونيس. ولنتذكر إعلانه اعتزال الشعر حين رآه “يضيق عنده على التجربة” وهو إعلان مرده نفسي يتعلق بصدق سريرة الشاعر وتصالحه مع ذات موكولة بأسى الإنسان الذي رآه بلند يتحطم على صخرة النكسات المتتالية. هل يقول ذلك التصريح شاعر أمةٍ مجيدة وسط مناخ ملتهب بالشعارات؟ بالتأكيد لا. لكن شاعراً مثل بلند يقولها انتصاراً للحقيقة الشعرية بوصفها تجربة فردية محضة. كان يمكن لبلند تبني قضية الكورد، مثلاً، والصعود على أكتافها إلى مجد الجوائز وسماء الشهرة لكنه ظل وفياً لإحساسه الخاص، لا لما ينبغي فعله في “إدارة” الموهبة الشعرية. إنه شاعر نداءات داخلية تصوغها الذكرى والتجربة والاعتمال الفردي، وقد استجاب قلبه ذات يوم لواحدة من تلك النداءات فقضى عام 1996 بعمر السبعين إثر تداعيات جراحة في القلب: “مبحرٌ إلى آخر نقطة ضوء في عينيه/ يمد يديه/ يقول: انتظري/ يا نجمة فجري… ها أنذا آت/من آخر ما تملك مرآتي من ذكرى”. المزيد عن: شاعر عراقيقصيدة التفعيلةثورة الشعرالحداثةنازك الملائكةبدر شاكر السيابعبد الوهاب البياتيبغداد 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ساديو ماني يكمل القوة الهجومية الضاربة للنصر السعودي next post وفد “إيكواس” في النيجر: التدخل العسكري هو الخيار الأخير You may also like مهى سلطان تكتب عن: جدلية العلاقة بين ابن... 27 ديسمبر، 2024 جون هستون أغوى هوليوود “الشعبية” بتحف الأدب النخبوي 27 ديسمبر، 2024 10 أفلام عربية وعالمية تصدّرت المشهد السينمائي في... 27 ديسمبر، 2024 فريد الأطرش في خمسين رحيله… أربع ملاحظات لإنصاف... 27 ديسمبر، 2024 مطربون ومطربات غنوا “الأسدين” والرافضون حاربهم النظام 27 ديسمبر، 2024 “عيب”.. زوجة راغب علامة تعلق على “هجوم أنصار... 26 ديسمبر، 2024 رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري… الراسخ في... 26 ديسمبر، 2024 محمد حجيري يكتب عن: جنبلاط أهدى الشرع “تاريخ... 26 ديسمبر، 2024 دراما من فوكنر تحولت بقلم كامو إلى مسرحية... 26 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يتابع الكتابة عن العودة إلى دمشق:... 26 ديسمبر، 2024