السبت, أبريل 19, 2025
السبت, أبريل 19, 2025
Home » باريس والجزائر على صفيح دبلوماسي ساخن

باريس والجزائر على صفيح دبلوماسي ساخن

by admin

 

طرد متبادل ووزير الخارجية الفرنسي: الحوار هو المخرج

اندبندنت عربية / أمل قارة صحفية تونسية

تشهد العلاقات الجزائرية – الفرنسية موجة جديدة من التوتر بعدما طلبت الجزائر من 12 موظفاً في السفارة الفرنسية مغادرة أراضيها في غضون 48 ساعة، في خطوة اعتبرت رداً على توقيف ثلاثة جزائريين في فرنسا بينهم موظف قنصلي، بينما لم تتأخر باريس في الرد فأعلنت طرد 12 ديبلوماسياً جزائرياً واستدعت سفيرها لدى الجزائر للتشاور.

من جانبها أوضحت وزارة الخارجية الجزائرية أن قرار طرد الديبلوماسي الفرنسي جاء كرد فعل على عملية توقيف وصفت بالمهينة وقعت في الثامن من أبريل (نيسان) الجاري في الشارع العام، ونفذتها جهات تابعة لوزارة الداخلية الفرنسية واستهدفت موظفاً قنصلياً جزائرياً معتمداً في باريس. وشددت الجزائر في بيانها على أن أي تصرف يمس سيادتها من قبل وزير الداخلية الفرنسي سيقابل برد صارم.

شدد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو على ضرورة العودة لحوار صريح وواضح مع السلطات الجزائرية (أ ب)​​​​​​​

 

وجاء التصعيد في وقت حساس، إذ كانت العلاقات بين البلدين قد شهدت بعض الانفراجات خلال الآونة الأخيرة بعد سلسلة من المحادثات واللقاءات الديبلوماسية التي كان يعتقد أنها تفتح الباب أمام تحسين العلاقات الثنائية، إلا أن هذه التطورات تضع العلاقات بين الجزائر وباريس مجدداً على صفيح ديبلوماسي ساخن يهدد بعودة التوترات بصورة أوسع.

وعلى رغم تبادل الطرد فقد أكدت السلطات الفرنسية أن الحوار يبقى السبيل الوحيد لحل الأزمة الراهنة، مشددة على أن التوترات الحالية، مهما كانت خطورتها، يجب ألا تعوق التعاون المستمر بين البلدين.

“الإليزيه” يدعو إلى استئناف الحوار على رغم التوتر مع الجزائر

وعلى رغم التوترات الأخيرة شدد قصر “الإليزيه” في بيان على أن “مصلحة فرنسا والجزائر” تقضي “باستئناف الحوار”، داعياً السلطات الجزائرية إلى “التحلي بالمسؤولية”، مضيفاً أن “مصلحة البلدين تكمن في استئناف الحوار البنّاء”، ومشيراً إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون “يدعو السلطات الجزائرية إلى التحلي بالمسؤولية في إطار الحوار الجاد الذي بدأ في الـ 31 من مارس (آذار) الماضي مع الرئيس الجزائري”.

وأوضح البيان الصحافي الصادر عن “الإليزيه” أن “السلطات الجزائرية تتحمل مسؤولية التدهور الملحوظ في العلاقات الثنائية بين البلدين”، وأكدت الرئاسة الفرنسية أن باريس ستستمر في الدفاع عن مصالحها في هذا السياق المعقد، وتطالب الجزائر بالوفاء الكامل بالتزاماتها وبخاصة في مجالات الأمن الوطني والتعاون في قضايا الهجرة.

وبخصوص قرار الجزائر طرد 12 موظفاً فرنسياً، وصف “الإليزيه” هذه الخطوة بأنها تجاهل للقواعد الأساس للإجراءات القضائية، معتبراً إياها غير مبررة وغير مفهومة.

من جانبه شدد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في تصريح لإذاعة “فرانس إنتر” على ضرورة العودة لحوار صريح وواضح مع السلطات الجزائرية، مؤكداً أن الحوار هو السبيل الوحيد لتسوية التوتر بشكل مستدام، وأشار إلى أن الجزائر ملزمة بالوفاء بالتزاماتها تجاه فرنسا على رغم الخلافات القائمة.، وفي ختام تصريحاته قال الوزير الفرنسي إن بلاده “ستضطر في النهاية إلى استئناف الحوار مع الجزائر، وذلك لمصلحة الشعب الفرنسي”.

ناشدت ابنتا الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الرئيس الفرنسي التدخل لإطلاق والدهما “في أقرب وقت ممكن” (أ ب)​​​​​​​

 

التوترات الديبلوماسية: تحليل رد الفعل الفرنسي على طرد ممثليها

وأشار المحلل السياسي في الشأن الفرنسي نبيل شوفان إلى أن طلب الجزائر طرد 12 ديبلوماسياً فرنسياً يعد خطوة تصعيدية جديدة في العلاقات المتوترة بين البلدين، معتبراً القرار “غير متناسب”، وفقاً لما نقلته “فرانس إنفو” عن مصادر في “الإليزيه”، والتي رأت أن هذا القرار يتعارض مع الالتزامات التي تعهد بها الرئيس عبدالمجيد تبون خلال مكالمته مع إيمانويل ماكرون.

وأكد شوفان أن الخطوة الفرنسية تأتي في إطار إجراءات مشابهة تحدث عنها وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الذي وصف الوضع بـ “المؤسف”، وأضاف “لن يمرّ من دون عواقب”.

وأشار بارو إلى أن فرنسا سترد “بأقصى قدر من الحزم” إذا اختارت الجزائر التصعيد، مؤكداً أن باريس “لن يكون أمامها خيار آخر سوى اتخاذ إجراءات مماثلة”، وبحسب شوفان فإن “هذا يعني أن فرنسا قد تتخذ خطوات ديبلوماسية مماثلة لكن من دون تصعيد”.

باريس في حيرة بعد طرد ديبلوماسييها

وأوضح الباحث في الشأن الفرنسي أن باريس لا تعتبر أنها من بدأ التصعيد، إذ عُدت خطوة الجزائر في باريس رداً ديبلوماسياً على إجراء قانوني، وفي هذا الصدد شدد وزير الخارجية الفرنسي على أن القضاء الفرنسي مستقل والعملية القانونية كانت جارية منذ أشهر ولا علاقة لها بالحوار الديبلوماسي الذي استأنفه الوزير بارو خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر.

وأشار شوفان إلى ما نقلته صحيفة “لو فيغارو” عن مصادر من قصر “الإليزيه”، إذ اُعتبر قرار الجزائر طرد 12 موظفاً من القنصلية الفرنسية إجراء مبالغاً فيه، وأضاف أن حال الحيرة تسود أروقة أعلى هرم السلطة الفرنسية، بخاصة وأن رد الفعل الجزائري جاء على خلفية قرار قضائي لا علاقة للسلطة السياسية به.

ويبقى التساؤل مطروحاً في ما إذا كان الكشف عن قضية المعارض الجزائري أمير ديزاد في أوج مسار المصالحة بين باريس والجزائر محض صدفة، ورأى شوفان أنه ليس كذلك بالنسبة إلى الجزائر التي تعتبر أن القضية تحمل بصمة وزير الداخلية برونو ريتايو، وتتهمه بجعل الملفات المتعلقة بالجزائر ورقة سياسية في إطار سعيه إلى زعامة “حزب الجمهوريين” تمهيداً للترشح لرئاسيات عام 2027.

وأشار شوفان أيضاً إلى ما قاله وزير الديبلوماسية الفرنسي من أن “برونو ريتايو لا علاقة له بهذه القضية القانونية”، ولربما لمح الوزير الفرنسي إلى أن ازدحام الحوادث المتزامنة التي تؤثر في الحوار والعلاقات الديبلوماسية بين البلدين، بدءاً من حادثة طعن نفذها مهاجم في مدينة مولوز، إذ كانت السلطات الفرنسية قد تقدمت بـ 10 طلبات للحصول على تصاريح قنصلية لطرده، أو منع زوجة السفير الجزائري في مالي من دخول فرنسا في مطار “رواسي” تنفيذاً لأمر وزير الداخلية، إذ أصبح “أمر مهمة” مطلوباً من الجزائريين الذين يقدمون جواز سفر ديبلوماسياً في مراكز الحدود الفرنسية، أو القائمة التي تضم نحو 60 مواطناً جزائرياً تقول وزارة الداخلية إنه من المحتمل أن يتسببوا في “اضطرابات النظام العام”، ورفضت الجزائر هذه القائمة.

ولفت شوفان إلى أن وزير الخارجية الفرنسي قال إن “باريس تريد العودة للعلاقات الطبيعية وإنهاء التوترات لأنها لا تصب في مصلحة فرنسا ولا الشعب الفرنسي، ولكن من الواضح أن الأمر متروك للجزائر اليوم لاتخاذ ترتيباتها الخاصة”، متحدثاً عن قرار يهدد الحوار الذي أطلق أخيراً بين البلدين.

ورأى أنه لا يوجد اعتقاد أن الخطوات أو التدابير التي قد تتخذها فرنسا ستكون انتقامية أو متسرعة أو عنيفة بل ستكون متدرجة، وتابع أيضاً “أنه على رغم ملاحظة ‘صحيفة لو موند’ التي اعتبرت أن العلاقات الفرنسية – الجزائرية باتت تعيش انفراجات عابرة وتوترات دائمة خلال الفترة الأخيرة، إضافة الى تعليق ‘صحيفة لو فيغارو’ بالقول إنه كان من الصعب تصور أن آخر مكالمة هاتفية بين الرئيسين تبون وماكرون ستضع حداً للأزمة الديبلوماسية، فهناك إشارات ربما إلى صعوبة الموقف الناتج من مشكلات معقدة ومتعددة الطبقات وتاريخية تتعلق بالذاكرة، وسياسية كاعتراف باريس بمغربية الصحراء، وقانونية تتعلق بملاحقة مؤثرين أو حماية مؤثرين آخرين على الأراضي الفرنسية، وأيضاً مشكلات أمنية تخص ترحيل مهاجرين غير قانونيين تقول باريس إنهم يشكلون خطراً على أمنها أو يقومون بأعمال عنف على أراضيها، أو قضايا تعتبرها فرنسا ثقافية والجزائر سيادية مثل قضية احتجاز الكاتب بوعلام صنصال، ونقاشات تغيير الموقف التعليمي من اللغة الفرنسية في الجزائر، وغيرها من نقاشات حول إغلاق مدارس فرنسية”.

وتبعاً لما سبق ولكل التعقيدات التي تزامنت بين البلدين، أفاد شوفان بأن من المعروف عن العلاقات الفرنسية – الجزائرية أن “هناك ما يوصف بالصعوبة لكنهما متأقلمان معها وينجحان دوماً في تجاوزها نظراً إلى المصالح الجيو-ستراتيجية الضرورية بين البلدين، وهذا ما يتوقع حصوله مهما بلغت التوترات ومهما ازداد تعقيدها وتداخلها، شرط ألا تصبح فريسة لقوى متعارضة في البلدين من دون وجود إطار متين للتحكم بها”.

أما في فرنسا فهناك من يقول إن الرئيسين ماكرون وتبون أعلنا انتهاء الأزمة ودعيا وزيري خارجيتهما إلى استئناف الحوار حول كل المواضيع، وبالتالي، بحسب المحلل السياسي شوفان، “فلا بد للديبلوماسية في كلا البلدين من أن تتحلى بالمسؤولية للعمل على ديبلوماسية مؤسساتية تحاول الحفاظ على قنوات الحوار مهما بلغ التصعيد، وأن تشكل لجان مشتركة من البلدين لحلحلة هذه الملفات وإنهائها”، لكن شوفان رأى أيضاً أن “كل ذلك يحتاج إلى مشاريع سياسية أكبر تستطيع جمع البلدين وتجعل كلاً منهما يتفهم مشكلات الآخر ويساعد في حلها، وهذا يقود إلى ضرورة العودة لمسار مصالحة الذاكرة والتاريخ، ولكن أيضاً الاستعداد بصورة أفضل للمستقبل وليس فقط محاولة تجاوز المشكلات التي تظهر اليوم، وهذا يحتاج إلى لجان تعمل على التقريب بين البلدين ومواثيق عدم اعتداء سياسي أو إعلامي للحيلولة دون تعزيز الصورة السلبية وعدم الثقة”.

جان نويل بارو: بوعلام صنصال ينبغي ألا يكون ضحية للأزمة الديبلوماسية

وفي ظل تصاعد الأزمة الديبلوماسية بين فرنسا والجزائر، ناشدت ابنتا الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، المحكوم عليه بالسجن خمسة أعوام في الجزائر، الرئيس الفرنسي التدخل لإطلاق والدهما “في أقرب وقت ممكن”، وفي مقالة نشرت أخيراً في موقع “صحيفة لو فيغارو”، عبرت نوال وصبيحة صنصال عن خيبة أملهما بعد “خمسة أشهر من الأمل والانتظار”، معتبرتين رسالتهما إلى ماكرون “آخر دفقة أمل”.

من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي لقناة “تي أف 1” “لقد استمعت إلى نداء ابنتيه”، مشدداً على أن بوعلام صنصال الذي حكم عليه بالسجن ابتدائياً في الجزائر “لا ينبغي أن يتحمل وطأة المشكلات الديبلوماسية بين البلدين”، مضيفاً “وأنا أجرؤ على الاعتقاد، بالنظر إلى حاله الصحية ووضعه، أن السلطات الجزائرية قد تقوم ببادرة إنسانية في هذا السياق”.

وكان صنصال قد أوقف في الجزائر بعد تصريحات أدلى بها لصحيفة فرنسية مقربة من “اليمين المتطرف” قال فيها إن جزءاً من أراضي المملكة المغربية  جرى اقتطاعه خلال فترة الاستعمار الفرنسي وضمه إلى الجزائر، وبناء على هذه التصريحات أصدرت محكمة “الدار البيضاء” للجنح في الجزائر حكماً بالسجن خمسة أعوام مع النفاذ بحق صنصال.

إعادة بناء الجسور أم القطيعة؟

وتشهد العلاقات الفرنسية – الجزائرية مرحلة مفصلية، إذ يطرح كثير من المحللين سؤالاً حول ما إذا كان البلدان سيتجهان نحو إعادة بناء الجسور بينهما أم أنهما سيواصلان السير في طريق القطيعة؟ وعلى رغم التصعيد الديبلوماسي الأخير تظل فرنسا متمسكة بموقفها القائل إن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، وفي هذا السياق يرى بعض الخبراء أن الخلافات الحالية قد تكون بداية مرحلة جديدة، سواء في شكل تقارب ديبلوماسي أو تصعيد إضافي قد يؤدي إلى قطيعة أكبر.

وفي وقت تواصل الجزائر تأكيد سيادتها من خلال اتخاذ خطوات حازمة، رأى أستاذ التاريخ في جامعة “السوربون” بباريس بيير فيرميرين أن “الأزمة الحالية تعكس انقسامات داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية، إذ يوجد جنرالات وعقداء يفضلون التصعيد بدلاً من المصالحة، وهذا الصراع الداخلي قد يكون له تأثير مباشر في كيفية تعامل الجزائر مع فرنسا مستقبلاً”.

المزيد عن: العلاقات الجزائرية – الفرنسيةإيمانويل ماكرونعبد المجيد تبونالكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصالجان نويل بارو وزارة الخارجية الجزائرية

 

 

 

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili