بأقلامهمعربي جهاد الزين من باريس : إنجاز فرقة “مياس”… انتصار ثقافي عربي وارتقاء حضاري لنمط “العيش” اللبناني by admin 18 سبتمبر، 2022 written by admin 18 سبتمبر، 2022 113 كأنما “مياس” تخترق حصارا خانقاً جيليّاً، هو حصار أضاف إلى خسائر الجيل اللبناني الحالي خسائر فادحة لأجيال متتابعة منذ نصف قرن. النهار اللبنانية \ باريس – جهاد الزين مع أني لا أميل إلى الكلام التمجيدي عن لبنان، الكلام الذي أعتبره فارغا في بلد منهار ودون إنجازات في الشأن العام، أعتقد أن الإنجاز العالمي الذي حقّقته فرقة مياس هو بحق انتصار للنمط اللبناني في العيش والتفاعل الاجتماعي وارتقاء في قدرة المجتمع اللبناني على التحديث من مدخله الفني. باختصار إنه انتصار ثقافي لبناني وعربي في مجال هو الرقص أنبل تعبير جسدي عن التواصل والتحرر. فرقة مياس لم تخبّئ الرسالة ولا الهوية. في العروض الثلاثة، رغم اختلافها، كانت الرسالة المتصاعدة هي أداء الجسد النسوي الشرقي الساعي للتحرر من القيود. أما الهوية فهي في الإصرار على ” الزي الشرقي” كأن الصبايا الراقصات يخرجن من حي في القاهرة أو مراكش أو أو …. ويعطين بقوة الجسد الذي كانت المؤثرات الصوتية خادمةً له، هن سيداته، إبداعاً وحضورا. الصبايا و بأجسادهن يبعثن رسالة ثقافية من الدرجة الأولى، فحين يتماهى الرقي مع التراث تكون الهوية جزءا أصيلاً من التجسّد. أعجبتني في عروض نديم شرفان تلك المحافظة العميقة التي تتجلّى في عمل هو بالنتيجة عمل تحرري. حين تكون في فرنسا، في دولة من الدول التي تفكّر كل لحظة في المستقبل، حتى وهي تبدو متضايقة فعليا من ثمن الحرب في أوكرانيا عليها وعلى الاتحاد الأوروبي، وحتى تبدأ بنوع من التقنين الكهربائي الخفيف مثل إطفاء المؤسسات الحكومية ليلا أو الدعوة لوقف المسابح العامة التي تستخدم الغاز أو بدء تعرفة الكهرباء الجديدة ( مترافقةً، على الطريقة الفرنسية، مع منح شيكات للعائلات ذات المدخول الأدنى) حين تكون في فرنسا وتقرأ وتشاهدعلى وسائل التواصل الاجتماعي وترى أصداء النجاح العالمي للون لبناني فني، تصيبك حسرتان: الأولى ككل اللبنانيين وهم يرون انهيار بلدهم بلا قعر فيما تستمر طبقة سياسية مذهلة المافياوية والوقاحة تحتفظ بكل عناصر ديمومتها السياسية فوق القضاء والانتخابات وبخطاب بل خطابات نظام طائفي مفلس وقوي معاً. الحسرة الثانية تبدأ من وجع في المعدة إلى اكتئاب في المقارنة. كأنما “مياس” تخترق حصارا خانقاً جيليّاً، هو حصار أضاف إلى خسائر الجيل اللبناني الحالي خسائر فادحة لأجيال متتابعة منذ نصف قرن. أما والكثير من اللبنانيين والعرب يتمنون أن يفتح هذا الإنجاز العالمي أبواب أكبر مسارح العالم مثل مسرح برودواي في نيويورك وأوبرا باريس (غارنييه) وأوبرا سيدني والمسرح الملكي اللندني وغيرها، أمام إبداعات جديدة ومدعومة لهذه الفرقة، فليس الجحيم اللبناني الذي يحرق أجسادنا وعقولنا سوى تلك اللعنة الملحمية التي كُتب علينا نحن بؤساء الوطن الصغير أن نجدّد تحملَّها. وتأتينا “مياس” كبارقة ثقة من تلك البارقات التي يتركها الاستيقاظ من حلم جميل ومريح. لكنها أكثر من حلم، ففيها من الوقائع أكثر من الرمز حتى يمكن اعتبار الانتصار رصيداً يُضاف ولو بصورة غير مباشرة إلى متانة جزء مهم من النظام التعليمي اللبناني الذي “أرسلت” ثقافتُه المنفتحة صبايا “مياس” إلى معاهد للرقص كما ترسل مئات الصبايا الأخريات في معظم أنحاء لبنان ومدنه، كما ولّدتْ مصممَ رقصات الفرقة الموهوب والمهموم بمسائل جوهرها ثقافي. وقّعتْ “مياس” وَشْمَها على الجزء الذي لا يزال متيناً وواعدا من حاضر ومستقبل لبنان، وحفرت مساحة ما من الثقافة العربية بين “حقائق العصر”. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “انهضي يا قدس”.. مهرجان لاستنهاض الهمم الثقافية رغم التضييق next post قصص مجهولة عن جواسيس هواة حاولوا تمدين النازيين You may also like ريفا غوجون تكتب عن: رهانات فعلية في سباق... 12 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: مسألة «الصراع» و«القضيّة» اليوم! 12 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: نهاية الحروب اللبنانية... 11 يناير، 2025 رضوان السيد يكتب عن: سوريا بعد الأسد واستقبال... 10 يناير، 2025 ابراهيم شمس الدين يكتب عن: هوية الشيعة الحقيقية... 10 يناير، 2025 منير الربيع يكتب عن: “الوصاية” الدولية-العربية تفرض عون... 10 يناير، 2025 لماذا يسخر ترمب من كندا بفكرة دمجها كولاية... 9 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل مسلحو سوريا... 9 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: لا يطمئن السوريّين إلّا…... 9 يناير، 2025 ديفيد شينكر يكتب عن: لبنان يسير نحو السيادة... 9 يناير، 2025