الثلاثاء, أبريل 15, 2025
الثلاثاء, أبريل 15, 2025
Home » الوجه الخفي للعبودية في المثلث الذهبي بجنوب شرق آسيا

الوجه الخفي للعبودية في المثلث الذهبي بجنوب شرق آسيا

by admin

 

مافيا آسيوية تستهدف ضحاياها من مواطني بلدان الاتحاد السوفياتي السابق لمهاراتهم اللغوية على الإنترنت

اندبندنت عربية / سعيد طانيوس كاتب لبناني

كل عام يسافر آلاف الروس والكازاخستانيين والأوكرانيين إلى الخارج بحثاً عن وظائف ذات رواتب عالية، ولكنهم بدلاً من ذلك يجدون أنفسهم أسرى لعصابات إجرامية في المثلث الذهبي السيئ السمعة، وهناك اتخذت العبودية الحديثة شكلاً جديداً، فأصبحت مصدراً للجرائم الإلكترونية على نطاق دولي، إذ لا يحرم الضحايا من حريتهم فحسب، بل يصبحون هم أيضاً مجرمين.

في كل ربيع يحتفل العالم أجمع باليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا العبودية وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، الذي حُدد كتذكير بنهاية السياسة اللاإنسانية المتمثلة في الاستفادة من ملايين الوفيات البشرية، لكن كثراً لا يدركون أن العبودية لم تصبح بعد مصطلحاً عتيقاً في معاجم اللغة، بل إنها تزدهر بالشكل نفسه تقريباً الذي كانت عليه قبل قرن ونصف القرن من الزمان.

حجم المشكلة

بحسب أحدث أبحاث الأمم المتحدة احتلت تجارة البشر مكانة متقدمة بين جميع أنواع الأنشطة الإجرامية المنظمة، متجاوزة حتى مجالات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالأسلحة، علاوة على ذلك خلال الأعوام الأربعة الماضية ارتفع عدد ضحايا العبودية الحديثة بشكل حاد 43 في المئة، علاوة على ذلك، بيع ما يقارب نصف الضحايا لأغراض العمل القسري.

ويرجع بعض الباحثين الديناميكيات السلبية إلى قدرة الجماعات الإجرامية على استخدام التقنيات الجديدة للعثور على العمالة واستخدامها، إذ بدأ الناس بالبحث عن عمل بشكل جماعي عبر الإنترنت.

مؤشر العبودية العالمي يؤكد وجود 12 عبداً لكل 1000 شخص في ميانمار وحدها (رويترز)

 

وأصبح من السهل على العصابات الإجرامية تجنيد الأشخاص من خلال مواقع العمل، وإضافة إلى ذلك تغيرت أنظمة الكسب أيضاً، وبفضل تطور قطاع الخدمات عبر الإنترنت، بدأت المجموعات في كسب المال بشكل رئيس من عمليات الاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال بالعملات المشفرة وصناعة الويب، واستثمار العائدات في إنتاج المخدرات وشراء وبيع الأسلحة.

مركز العبيد الجديد

جاءت إلينا آليات العبودية الجديدة من آسيا، أو بالأحرى مما يسمى “المثلث الذهبي” – وهي منطقة في جنوب شرقي آسيا تقع عند تقاطع حدود ميانمار ولاوس وتايلاند، منذ منتصف القرن الـ20 كانت الجماعات الإجرامية المسلحة نشطة في المنطقة.

يقول مؤشر العبودية العالمي – وهو مؤشر يقيس عدد الأشخاص الذين يعيشون في العبودية الحديثة في 167 دولة حول العالم – إن هناك نحو 12 عبداً لكل 1000 شخص في ميانمار وحدها، وتصف منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) المنطقة بأنها مركز للاحتيال عبر الإنترنت ومصدر كل الاتجاهات الحالية في سوق الرقيق.

وعلى رغم استخدام التكنولوجيا الحديثة لتجنيد الناس واستغلالهم، فلا يختلف هيكل تجارة الرقيق في القرن الـ21 عن هيكل تجارة الرقيق عبر الأطلسي في القرون الغابرة. وتظهر دراسة للأمم المتحدة أن المتاجرين بالبشر، كما كانت الحال قبل قرنين من الزمان يستخدمون نظاماً ثلاثياً للاستغلال، التجنيد (ولكن بدلاً من الخرز والمرايا، فإنهم يعدون بأجور عالية)، والنقل مع مصادرة الوثائق، والاستغلال من دون الحصول على أجر فعلي مقابل العمل.

على مر الأعوام لم تتغير سوى أساليب استغلال الناس وأساليب استعبادهم، وتؤكد المحامية ومنسقة حركة البديل، أرينا فيروشينا، أن “المشكلة نفسها لا تزال للأسف على حالها”.

و”البديل” حركة تطوعية تنقذ الناس من العبودية منذ عام 2011، وتعاملت المنظمة بالفعل مع أربع حالات لروس انتهى بهم المطاف في “المثلث الذهبي” وذلك على سبيل المثال وليس الحصر.

من يصبح ضحية؟

تؤكد أرينا فيروشينا أن مواطني روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة وقعوا بشكل متزايد في عبودية العمل في هذه المنطقة خلال العامين الماضيين. وتشير تقارير معهد الأمن القومي أيضاً إلى أن الأهداف الرئيسة للمافيا الآسيوية أصبحوا من مواطني روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة، أي بلدان الاتحاد السوفياتي السابق، والسبب هو المهارات اللغوية لسكان الفضاء ما بعد السوفياتي، وعلى وجه الخصوص معرفة اللغتين الإنجليزية والصينية.

وبحسب وزارة الخارجية الكازاخستانية، فإنه خلال الفترة ما بين عامي 2022 و2024 وجد نحو 200 كازاخستاني أنفسهم في عبودية العمل في أراضي “المثلث الذهبي”. ومن بين هؤلاء أطلق سراح 28 شخصاً بمساعدة السفارة، وعاد نحو 60 شخصاً إلى ديارهم من تلقاء أنفسهم، من دون طلب المساعدة، ويعتقد أن 100 شخص آخرين ما زالوا في الأسر.

يُجرّم القانون أشكال الاستغلال الجديدة على مستوى الاتحاد الأوروبي (أ ف ب)

 

ولسوء الحظ لا توجد إحصاءات مماثلة للروس الذين يعيشون في المثلث الذهبي، ويرجع الناشطون ذلك إلى الصعوبات في التعرف إلى حالات عبودية العمل، إذ نادراً ما يطلب الناس المساعدة بسبب الخجل أمام أقاربهم وعواقب العنف الجسدي، وأرسل المحررون طلباً إلى السفارة الروسية لدى ميانمار لكنهم لم يتلقوا رداً حتى الآن.

يشار هنا إلى أن الفئات الضعيفة من السكان (الأطفال والنساء والفقراء) ليسوا وحدهم المعرضين للخطر الآن، ونتيجة للجولة الجديدة من العولمة بدأ ممثلو الطبقة المتوسطة الذين تراوح أعمارهم ما بين 25 و35 سنة يقعون أيضاً في فخ عبودية العمل، كما تشير الأمم المتحدة إلى أنه عام 2022 كان 77 في المئة من ضحايا عبودية العمل من الرجال و23 في المئة من النساء.

كيفية تجنيد الضحايا

غالباً ما ترتبط المنظمات الإجرامية العاملة في المنطقة بجماعات الجريمة الصينية والتايلاندية، ويستخدمون شركات واجهة مسجلة في تايلاند لتجنيد مواطني بلدان رابطة الدول المستقلة عبر شبكات التواصل الاجتماعي والوسطاء، عادة ما يتضمن ذلك العمل كمبرمج أو نموذج أو ممثل، يجري نشر الوظائف الشاغرة الوهمية حتى على صفحات ومواقع الإعلانات الفيدرالية الكبيرة مثل “جوبز” و”أفيتا” و”هنايد هانتر”، ولكن غالباً ما يُعثر عليها في قنوات “تيليغرام” المخصصة للبحث عن الوظائف.

ويقدم “أصحاب العمل” راتباً يراوح ما بين ألفين و3 آلاف دولار، وكلف الانتقال والتأشيرة، ويصل مقدم الطلب إلى تايلاند، حيث يقابله “ممثلو” الشركة ويعرضون عليه رؤية المكتب على الفور، وعلى طول الطريق تُغير السيارة مرات عدة تحت ذرائع مختلفة حتى لا يلاحظ الضحية كيف يعبر حدود الدولة، ونتيجة لذلك ينقل الشخص إلى منطقة مخفية في الغابة، وعلى محيطها توجد أبراج مع حراس مسلحين.

ماذا يجبر الضحايا على فعله؟

عندما يتعلق الأمر بأنواع العمل القسري التي تفرض على ضحايا صناعة الاتجار بالبشر، فإن الاستغلال الجنسي أصبح في المرتبة الثانية بعد الاحتيال عبر الإنترنت. يضطر المبرمجون إلى إنشاء مواقع التصيد الاحتيالي، وبمساعدة تقنية التزييف العميق أصبحوا مجبرين على جذب المستثمرين إلى شركات العملات المشفرة وتكنولوجيا المعلومات المزيفة. على سبيل المثال تجبر النساء على العمل كعارضات أزياء أمام كاميرا الويب، فيما تُغسل الأموال الناتجة من عمليات الاحتيال غير القانونية من خلال العملات المشفرة.

إنهم يرحبون بالفتيات بين موظفيهم لأن مظهرهم مهم بالنسبة إليهم في عملهم، وتحديداً ما يرتبط بمدى أناقتهن، ولطف تعاملهن مع عملائهن وكم عدد الأشخاص الذين تمكنوا من إقناعهن بالانضمام إلى صفوف المستثمرين الغامضين هذه، كما أوضحت أرينا فيروشينا.

صعوبة الهرب من العبودية بشكل مستقل لم تعد شيئاً من الماضي (رويترز)

 

منذ عام ونصف العام حصلت سونيا (اسم مستعار) البالغة من العمر 21 سنة على هذه “الوظيفة”، إذ عرض عليها 5 آلاف دولار شهرياً للعمل كمديرة خدمة العملاء، وكانت الشركة مستعدة لدفع كلف النقل ليس فحسب، بل أيضاً الإقامة والوجبات، نقلت الفتاة مباشرة من المطار في تايلاند إلى ولاية وا غير المعترف بها في ميانمار، ووُضعت في منطقة مغلقة تشبه قرية صغيرة، وكان هناك ثكنات “للموظفين” ومتجر ملابس وصالون تجميل وكانت زيارتهم إلزامية، حيث استُخدمت صورة سونيا لجذب المستثمرين.

تشمل مسؤوليات المرأة الروسية الرد على المكالمات الواردة والمراسلة مع الأجانب، إضافة إلى ذلك تستخدم صورتها عند التسجيل في مواقع المواعدة لجذب الضحايا إلى المخططات الاحتيالية، وبحسب الفتاة فإن الشهر الأول من عملها لدى النقابة الصينية مر بهدوء، باستثناء إشراف القائمين على العمل، الذين كانوا يراقبون حتى ذهابها إلى الحمام، كان الخروج مسموحاً به مرة واحدة فقط في الشهر، ولم تكن هناك أيام إجازة، وبمرور الوقت بدأت المضايقات من قبل أحد “الرؤساء” ثم قررت سونيا الهرب، بعدما ظلت في العبودية مدة أربعة أشهر.

لماذا يستمر الناس في العمل؟

لكن ليس كل قصص ضحايا العمل القسري في المثلث الذهبي “غير مؤذية”، فبحسب متطوعين وممثلين عن وزارة الخارجية الروسية طورت الشركات الإجرامية نظاماً للإكراه، في الواقع يُدفع أجر الشهر الأول من العمل، ولكن ليس بالكامل، وبعد ذلك يمنح الشخص مبلغاً أدنى لشراء المواد الغذائية الأساسية، وإذا كانت فتاة فعليها أيضاً زيارة صالون التجميل، الذي يملكه دائماً “صاحب العمل” الفاقد ضميره وأي حس إنساني.

يؤوى الناس في ثكنات في ظروف غير صحية حيث لا يوجد ماء ولا إنترنت حر ولا هواتف دولية، وبمجرد أن يتحدث الضحية عن ترك عمله والعودة إلى منزله تبدأ عمليات الضرب والتهديد بإعادة بيعه إلى مجموعة أخرى، وبما أن تجارة الرقيق غالباً ما تكون مقترنة بتجارة المخدرات يُحقن العمال بالمخدرات، يحدث هذا غالباً للفتيات اللاتي يجبرن على العمل كعارضات كاميرا ويب أو يجبرن على ممارسة الدعارة.

وفي غالب الحالات إذا رفضت الضحية العمل، يطلب منها دفع فدية – من المفترض أن تغطي كلف الصيانة والسفر والتأشيرة – ومتوسط مبلغ الفدية هو ما بين 7 و10 آلاف دولار، وإذا لم يتمكن الشخص من الدفع يستمر ضربه أو بيعه لمجموعة أخرى.

يختلف نطاق هذا العنف من مكان لآخر، كما نفهم من روايات الناس، في إحدى القصص علقت فتاة على شجرة أثناء محاولتها الهرب، وفي قصة أخرى قيل لنا إن فتاة لم تعد قادرة على العمل بسبب المخدرات فقد أصيبت بانهيارات عصبية، وقال منسق حركة البديل “حبسوها في الأقبية وحرموها من الطعام وبالطبع المخدرات، ليتمكنوا بطريقة من إعادتها إلى العمل بعد تنشيطها”.

الهرب من العبودية!

كما تظهر الممارسة لا يملك المتطوعون ولا السلطات الرسمية القدرة على المجيء ببساطة واستعادة وتخليص الضحايا من “المثلث الذهبي”، أولاً، تدور صراعات مسلحة باستمرار في المنطقة، ثم ثانياً، الفساد منتشر على نطاق واسع بين قوات الأمن في ميانمار ولاوس وتايلاند.

بمجرد أن تبدأ وكالات إنفاذ القانون في التخطيط لعمليات التفتيش أو المداهمات على الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات الإجرامية، يُحذر المتاجرون فيسارعون إلى تغيير مواقعهم أو نقل “مقارهم” موقتاً والتظاهر ببراءة الأعمال القذرة التي يمارسونها.

لكن وفي الوقت نفسه فإن عملية “التحرك” في حد ذاتها تشكل فرصة جيدة للهرب، فبسبب الارتباك تخفف مراقبة السجناء تلقائياً وعفوياً، وإضافة إلى ذلك فإن الطريق يمنحك فرصة أفضل للوصول إلى المدينة حتى إن بعض الضحايا تمكنوا من رشوة الحراس بمبلغ صغير لنقلهم إلى أقرب بلدة أو مركز سكني أو مستوطنة.

وهذا ما حدث للمرأة الروسية سونيا، التي كانت تعمل في مجال العمل القسري مدة أربعة أشهر عندما علمت الشركة بمداهمة وشيكة من قبل قوات الأمن الصينية وبدأت في إبعاد العمال من المنطقة، وأُودعت الفتاة في فندق مملوك للتنظيم، وتمكنت بالإغراء من إقناع أحد حراس الأمن بأخذها إلى المدينة، حيث ألقت الشرطة المحلية القبض عليهما، وبعد أربعة أيام أطلق سراح المرأة الروسية وعلمت أن “صاحب عملها” تركها حرفياً لمصيرها من دون مال، وطلب منها الخروج بمفردها، وفي المدينة وجدت سونيا فتاة تتحدث الإنجليزية ساعدتها في الاتصال بأمها، التي اتصلت بدورها بمنظمة “ألترناتيف” والسفارة.

هناك طريقتان للهرب من عبودية العمل، إما أن يأتي قريب لأخذ شخص ما من مكان احتجازه قسراً مقابل فدية تصغر أو تكبر حسب الدور الذي يؤديه الشخص المراد تحريره، أو أن يكون الشخص قد هرب بالفعل من تلقاء نفسه، فتساعده على الوصول إلى أبعد نقطة عن مكان احتجازه، أي إلى وطنه الأصلي، لكن هذه الطرق لا تجدي نفعاً في منطقة “المثلث الذهبي”، فغالباً ما يكون من المستحيل انتشال شخص من هناك، لذلك علينا ابتكار أساليب متنوعة لنقله إلى الأراضي الحرة لإحدى الولايات الثلاث، أي إلى خارج نطاق سيطرة الجماعات الإجرامية، ثم مساعدته على العودة إلى وطنه، كما توضح أرينا فيروشينا.

الطريق الطويل إلى المنزل

إن صعوبة الهرب من العبودية بشكل مستقل لم تعد شيئاً من الماضي، ومن ناحية أخرى تتاح لكثير من الضحايا فرصة التواصل مع العالم الخارجي. عام 2023 تمكن مواطن كازاخستاني من الاتصال بالقنصلية التايلاندية والإبلاغ عن احتجازه وأربعة مواطنين آخرين في أعمال السخرة في ميانمار، وطلبت الشركة 13 ألف دولار مقابل كل أسير، ولم يتمكن الضحايا من دفع هذه المبالغ، فقرروا الفرار بدعم من القنصل.

وتمكن الرجال من الوصول إلى نهر ميكونغ، وهو نهر يتدفق على طول الحدود بين ميانمار وتايلاند، حيث ألقت قوات الأمن القبض عليهم في موقع عملهم، بينما تمكن أربعة منهم من الوصول إلى الضفة الأخرى، واعتقل الخامس وأُعيد إلى الشركة، وألقت الشرطة التايلاندية القبض على الكازاخستانيين الناجين بتهمة انتهاك قوانين الهجرة، ويعد هذا الجزء من القصة أحد الأسباب الرئيسة لعدم تمكن الناس من الهرب من العبودية.

وفي هذه الحال وبفضل العمل السريع للقنصليات الروسية أو الكازاخستانية أو غيرها، إذ تدفع هذه القنصليات الغرامات عن الضحايا أو تعفيهم منها، ثم تتولى عملية ترحيلهم إلى وطنهم في غضون أسبوع، لكن في كثير من الأحيان يجبر أولئك الذين يهربون من العبودية على البقاء في السجن أشهراً عدة أخرى.

يواجه بعض الضحايا أزمة في إثبات ظروف استعبادهم للشرطة التايلاندية  (رويترز)

 

وتؤكد فيروشينا أن “الناس هناك يخشون طلب المساعدة من وكالات إنفاذ القانون لأنهم يعرفون أنه إذا لم يتمكنوا من إثبات أنهم تعرضوا للإغراء هناك وأنهم تعرضوا لمعاملة سيئة هناك، فإنهم قد يعتبرون أنفسهم مجرمين في هذه البلدان”.

وبحسب قولها، بعد إنقاذهم يواجه جميع الضحايا تقريباً رحلة طويلة عبر سجون الترحيل مع استجوابات لا تنتهي، وأرغمت سونيا المذكورة في القصة أعلاه على التجوال في سجون ميانمار وتايلاند مدة شهرين، قبل أن تتمكن منظمة “ألترناتيف” والسفارة الروسية من تأمين إطلاق سراحها.

حتى لو كان عمل القنصليات راسخاً، لا يستطيع الشخص أن يعتمد على الحماية الكاملة لسببين، فالحقيقة هي أن المحاكمة تُجرى في البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة، ولا يلعب بلد الضحية أي دور في هذه العملية، أما السبب الثاني فهو عدم تمكن الناس من الهرب من الأسر وهو العنف النفسي والجسدي. ويرافق العمال في جميع أنحاء الموقع حراس مسلحون، ويُحبس كثير منهم في غرف ذات نوافذ مسدودة أشهراً عدة، ويؤدي إدمان المخدرات، الذي يحدث نتيجة إغراءات “صاحب العمل” بتجريب الكيف والسلطنة، دوراً أيضاً.

ويظل المثلث الذهبي رمزاً للعبودية الحديثة، ويقول الناشطون إن تغيير هذا الوضع يتطلب ممارسة ضغوط دولية على سلطات ميانمار وتايلاند، وإجراء إصلاحات قانونية في بلدان رابطة الدول المستقلة لحماية الضحايا، وتوفير معلومات أكثر نشاطاً للسكان حول أخطار العمل في الخارج، ومن دون هذه الخطوات ستبقى المنطقة بمثابة ثقب أسود تختفي فيه آلاف الأرواح من دون أن تترك أثراً.

إغراءات التجنيد العسكري والجنسية!

يسافر العمال المهاجرون من آسيا الوسطى إلى روسيا لكسب المال لإطعام أسرهم، وكسب المال لمنازلهم، والعودة إلى وطنهم. في روسيا يتولون في كثير من الأحيان أعمالاً صعبة وذات أجر غير كبير ولا يوجد متقدمون لها بين السكان المحليين.

بعد أن بدأت روسيا حربها ضد أوكرانيا وجد المهاجرون العمال من آسيا الوسطى أنفسهم مطلوبين في الحرب، إذ يُرسلون لإعادة بناء المدن المدمرة وحفر الخنادق أو للقتال كسجناء مجندين بالفعل، وفي غالب الأحيان يُجندون من قبل شركة الخدمات العسكرية الخاصة “فاغنر” من السجون الروسية، وفي أوكرانيا يموت كثير منهم، ويقضي أقاربهم أشهراً في محاولة إعادة الجثث إلى وطنهم في الأقل.

يقول الباحث في مركز كارنيغي برلين للدراسات الروسية والأوراسية تيمور عمروف، إنه “مع بداية الحرب لم تشهد روسيا أي تغيير هيكلي، وهي تحاول استخدام كل الأدوات التي كانت بين يديها ولكن لغرض مختلف”.

أشخاص يمرون أمام لافتة لمكتب يعلن عن الخدمة العسكرية الروسية (رويترز)

 

عام 2022 زار بوتين جميع دول المنطقة، التي أصبحت مصادر مهمة للواردات الموازية، ففي الأقل هناك عشرات الشركات في كازاخستان وأوزبكستان تعرضت لعقوبات أميركية بسبب توريدها إلكترونيات لشركة روسية مرتبطة بصناعة الدفاع.

إذا نظرنا إلى تطور روسيا الحديثة على مدى الـ30 عاماً الماضية، ونظرنا إلى جميع المنشآت الكبرى التي ظهرت فيها، بما في ذلك المشاريع الضخمة لأولمبياد سوتشي، فسنرى أن المهاجرين من دول آسيا الوسطى قدموا مساهمة كبيرة فيها، والآن بينما لدى روسيا أولويات أخرى، لأن تدمير المدن الأوكرانية أثناء الاستيلاء عليها، يلزمها إعادة بناء المنشآت التي دمرتها في الأراضي التي ضمتها، وهي لهذا الغرض تستخدم الموارد نفسها التي استخدمتها قبل الحرب، كما يؤكد عمروف.

في هذا الوضع تستفيد موسكو من نصيبها، فالفائض السكاني في آسيا الوسطى يتناسب تماماً مع نقص موارد العمالة في روسيا، وهؤلاء هم تحديداً الأشخاص المستعدون للقيام بالعمل نفسه مقابل أجر أقل بكثير مما لا يستطيع المجتمع الروسي القيام به، كما يقول تيمور عمروف المحلل في مركز كارنيغي.

وفي روسيا يعمل المهاجرون من قيرغيزستان في غالب الأحيان في قطاعي البناء والتجارة، لكن بعد بدء الحرب أصبحت المعارك بمثابة “عمل” يستنزف موارد العمالة.

خلال سبتمبر (أيلول) 2022، أي قبل يوم من إعلان التعبئة “الجزئية” في روسيا، اعتمد مجلس النواب في موسكو (الدوما) تعديلات على قانون الجنسية في القراءة الثالثة، إذ يحتاج مواطنو البلدان الأخرى إلى الخدمة بموجب عقد في جيش البلاد مدة عام واحد فقط، حتى يتمكنوا من الحصول على الجنسية الروسية (في السابق كان هذا الإجراء يتطلب ثلاثة أعوام أو أكثر).

إضافة إلى ذلك يُوظف مواطنو آسيا الوسطى الذين قدموا إلى روسيا لكسب المال، على سبيل المثال يعملون في حفر الخنادق بمنطقة بيلغورود أو الأراضي الأوكرانية الخاضعة للسيطرة الروسية.

في عام 2022 بدأت “الشحنات تحت الرقم 200” أي شحنات القتلى في الوصول إلى بيشكيك وأوش، وهم أفراد عسكريون محترفون وقعوا عقوداً مع وزارة الدفاع الروسية ومرتزقة من شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة.

الحرب

على مدى أعوام عدة من العمل كمحام في موسكو، عمل المواطن القرغيزي ميرلان أكيلبيكوف (اسم مستعار) على أنواع مختلفة من القضايا، وهنا بدأ بشرح كيفية إكمال التسجيل الإلزامي للمهاجرين بشكل صحيح، وبعد ذلك بدأ في تولي القضايا الإدارية إذ “يُحتجزون بشكل غير قانوني، ولا يُوفر مترجم لهم”.

يسرد ميرلان انتهاكات حقوق موكليه، وبعد ذلك بدأ المحامي، بالتعاون مع المحامين، بالمشاركة في القضايا الجنائية “لا أستطيع أن أقول إننا شاركنا في أي نوع من حماية حقوق الإنسان، بل لقد ساعدنا مواطنينا فقط”، كما يقول.

وتواصل المحامي مع موكليه حتى بعد صدور الحكم، عندما كان المهاجرون يقضون عقوبتهم في المستعمرات الجزائية، ومنهم علم ميرلان في صيف عام 2022 أن شركة “فاغنر” العسكرية الروسية الخاصة كانت تجند السجناء.

العبودية!

العبودية كمشكلة اجتماعية ليست شيئاً من الماضي البعيد، بل إنها اتخذت أشكالاً جديدة ولا تزال منتشرة على نطاق واسع في العالم الحديث، بما في ذلك في روسيا. ويحظر القانون، بخاصة الدستور، العمل القسري، لكن المراقبين يقولون إن بيع البشر للعبودية هو أحد المصادر الرئيسة للدخل بالنسبة إلى العالم الإجرامي.

في جميع مناطق روسيا تقريباً هناك اتجار بالبشر وأشكال مختلفة من الاستغلال، اعتماداً على تفاصيل المنطقة، وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون هؤلاء مهاجرين أو مواطنين روساً، أكثر أشكال الاستغلال شيوعاً في روسيا هي الاستغلال الجنسي واستغلال العمال والتسول، وهي الأشكال الثلاثة الرئيسة.

وبناءً على ذلك، فإن الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم ووسائل معيشتهم يأتون من المناطق والأرياف البعيدة إلى موسكو ويعتقدون أن البقاء على قيد الحياة هنا سيكون أسهل بالنسبة إليهم، عندما يأتون إلى العاصمة، ليس لديهم أي فكرة على الإطلاق عن كيفية بناء علاقات العمل في المدن الكبرى، ويبدأون ببساطة في البحث عن عمل، ويفشلون في العثور على عمل في اليوم الأول، ونحن نفهم أن هؤلاء أشخاص من المحافظات، لذا فإنهم لا يستطيعون استئجار فندق، خلال هذا الوقت يعيشون في محطات القطار، مدة يوم أو يومين، ثم بعد قليل يأتي إليهم مفوضون من المجرمين ويعرضون عليهم “هل ترغب بالعمل؟ لنعمل في ضواحي موسكو؟ هيا، كل شيء على ما يرام، وجدنا لك وظيفة، هيا نشرب ونحتفل.”

في جميع مناطق روسيا تقريباً هناك اتجار بالبشر وأشكال مختلفة من الاستغلال (رويترز)

 

صحيح أن الأشخاص الذين يقعون في العبودية هم في المقام الأول، إذا جاز التعبير، فئات مهمشة من السكان، ولكن ليس بالضرورة دائماً فهذه الطبقة من الناس في الفئة الضعيفة ضخمة، إذا بدأنا من رقم 20 مليون شخص تحت خط الفقر، فإن هؤلاء هم العاطلون عن العمل والأمهات العازبات وكبار السن الوحيدون والمعاقون من جميع الأعمار والجنسين، والأطفال في المدارس الداخلية ودور الأيتام وخريجو دور الأيتام.

جميع هؤلاء معرضون للخطر وللاستغلال بأبشع وجوهه، وهناك رقم تقديري من منظمة العمل الدولية لمنطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى يتحدث عن 3.9 شخص يعملون قسراً لكل 1000 شخص.

وإذا انتقلنا إلى مثل هذه الإحصاءات الرسمية للمنظمات الدولية، فإن ما بين 64 و70 في المئة، بالمعنى الدقيق للكلمة، مهاجرون عمال أو علاقات عمل، و20 في المئة منهم متورطون في الدعارة، وهذه هي الفئات الرئيسة تقريباً فالمهاجرون يأتون إلى المدن الكبرى ولا يعرفون كيف تُبرم العقود.

الأمر يعتمد على عدد كبير جداً من العوامل، وليس فقط على مستوى المعرفة التي يتمتع بها الشخص، ويتصرف المجرمون باحترافية شديدة ويستخدمون عدداً كبيراً جداً من الأساليب والتأثيرات الخاصة على الشخص حتى يتوقف عن محاولة تحرير نفسه، وكلما طال بقاء الإنسان في هذه الحال أصبح من الصعب عليه تحرير نفسه، فالأساليب الرئيسة للاحتفاظ هي عبودية الديون.

وعادة ما يكون هناك نوع من الديون في البداية، وتُهيكل بطريقة تجعل من المستحيل سدادها، فهي تتزايد باستمرار، في البداية هذا دين للنقل ولتجهيز بعض المستندات ثم يضاف إليها دين السكن.

ساعدناك في الأوراق الرسمية واشترينا لك تذكرة سفر، هذا ما يردده الجميع تقريباً ثم يواصلون “ستعيدين هذا المال وستكونين حرة”، لكن أسوأ ما في الأمر أن تلك الكلمات يصدقها كثير من الضحايا، حتى عندما يكون مبلغ الدين غير واقعي تماماً – أحياناً ما بين 40 و50 ألف دولار، ويعتقد الناس أن هذا هو دينهم الحقيقي، فيخططون لتسديده والرحيل لكن في المستقبل، يزداد هذا الدين باستمرار.

يضاف إلى ذلك مبلغ السكن والطعام وبعض المساعدات الطبية التي تقدم لهم أحياناً، أو لا تسير الأمور على هذا النحو، وإذا لم تقدم لهم المساعدة الطبية، وكانوا، على سبيل المثال، غير قادرين على العمل، فسيسجل ذلك أيضاً على شكل غرامات أو مخالفات وما إلى ذلك، ودائماً ما يكون الدين مهيكلاً بطريقة تجعل سداده مستحيلاً.

والأمر الثاني الأكثر فاعلية، الذي يجعل الناس لا يغادرون، هو التهديدات، علاوة على ذلك فإن التهديدات لا تستهدف الشخص نفسه، بل تستهدف أحباءه وأقاربه، لأن المجرمين في غالب الأحيان يعرفون مكان عائلة الضحية، وإذا كان لدى الضحية أي أقارب مقربين أو آباء مسنين أو أطفال، فهذا فعال جداً، ولن يقوم الإنسان بأي محاولة لتحرير نفسه.

من هم تجار الرقيق؟

هناك كثير من الخيارات لهذا النوع من الأعمال، فقد تكون شبكة حقيقية، أو رجل أعمال فردياً، أي إن الأمر يعتمد أيضاً على منطقة العمل، وعلى أي حال هؤلاء هم أصحاب عمل عديمو الضمير يجنون أرباحاً إجرامية من استغلال عمل الآخرين.

تستورد المافيا النيجيرية في روسيا فتيات أفريقيات إلى موسكو للعمل كعاهرات، إذ إن روسيا تتمتع بوضع فريد من نوعه مقارنة بجميع البلدان الأوروبية الأخرى، كما تُجلب الفتيات إلى روسيا لممارسة الدعارة أو إخراجهن إلى بلدان أوروبية للغرض نفسه.

عادة ما تكون علاقات تجار البشر جيدة ووثيقة مع وكالات إنفاذ القانون، ومع خدمة الهجرة ومع الإدارات الإقليمية والمحلية، وهذا يسمح لهم بممارسة نشاطاتهم الإجرامية تحت كنف رجال إنفاذ القانون.

وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عام 2024 كشفت وزارة الداخلية الروسية عن نحو 200 حالة من حالات الاتجار بالبشر، وبعد ذلك كانت هناك حالات حين بيع شخص مقابل أعضائه ثم باعت الأم طفلها. هذه حالات فظيعة لكن في بلدان رابطة الدول المستقلة يتقدم نحو 15 ألف شخص بطلبات عن فقدان أقاربهم، هؤلاء العمال المهاجرين، الذين يقولون إنهم يتعرضون، إذا جاز التعبير، للاضطهاد بشكل غير قانوني لكن من دون جريمة حقيقية، ولا أي مشتكٍ.

وهناك قصة أخرى لامرأة دينت ببيع ابنتها للعبودية الجنسية، وتعود أحداثها إلى أغسطس (آب) 2018، وحكم على المرأة بالسجن لمدة ثلاثة أعوام ونصف العام في مستعمرة جزائية ذات نظام عام، بالطبع هذا عقاب لا يتناسب مع فظاعة هذه الجرائم.

تمثال للتحرر من العبودية قبل عقود (أ ف ب)

 

بحسب معهد الأبحاث التابع لأكاديمية النيابة العامة الروسية، هناك أكثر من 43 ألف حالة متعلقة بالاتجار بالبشر، لكن جميع هذه الحالات متناثرة عبر مواد مختلفة من القانون الجنائي.

عندما يُبلغ عن مثل هذا الرقم للإدارة، فلن يكون هناك دافع لتحريك هذه المشكلة إلى الأمام والتعامل معها بطريقة أو بأخرى، ويجب أن تستند الإحصاءات إلى بعض الحقائق، وهذا يعني أنه يجب أن تكون هناك مراقبة وطنية للوضع، ولا بد من وجود كثير من عناصر البنية التحتية لمكافحة الاتجار بالبشر، التي أُنشئت في الغالبية العظمى من البلدان.

والعبيد الجنسيون ليسوا على استعداد للحديث عن ذلك علانية لأسباب عدة، أولها أنهم لا يثقون بضباط إنفاذ لأنهم بدورهم لا يستطيعون ضمان وتأمين سلامتهم في جميع مراحل التحقيق في الجريمة، فقلما تُدرج الضحية في برنامج حماية الشهود، الذي من الناحية المثالية يجب استخدامه عند التحقيق في مثل هذه الجرائم، لأن المجرمين عادة ما يكونون شبكات كبيرة ومجموعات منظمة، وحتى لو اعتُقل بعض الأشخاص فإن بعضهم يظلون أحراراً ويشكلون خطراً على كل من تعاون مع التحقيق.

وثانياً، بالطبع لا يتلقى الضحايا دعم المجتمع، فالمجتمع يلقي باللوم بقوة على الضحايا في ما حدث، قائلاً إنهم هم أنفسهم المسؤولون، وإنهم وافقوا على عرض مشكوك فيه، وذهبوا إلى حياة جيدة وجميلة، من أجل المال السهل. وهذا سبب آخر، هذا هو السبب الثاني، السبب الرئيس، لماذا الناس لا يميلون إلى الحديث لأنهم مضطرون بطريقة أو بأخرى إلى التعايش مع هذا الأمر؟

العبودية الجنسية

الاستغلال الجنسي هو أحد أكثر أشكال الربح، فهو يدر أكثر من 60 في المئة من أرباح المجرمين بشكل عام من جميع أشكال الاتجار بالبشر. والفتيات يعدن مراراً وتكراراً إلى العبودية الجنسية، فهناك حالات هربت فيها الفتيات من تلقاء أنفسهن، ثم عدن إلى المنزل، بعدها عدن واختبأن وحاولن عدم التدخل أو غيرن أرقام هواتفهن، لقد عثر عليهن المجرمون وأعادوهن وأجبروهن على ممارسة الدعارة، وأحياناً هذا هو السبب الذي يجعل الفتيات غير قادرات على المغادرة لأنه ليس لديهن مكان للعودة إليه، وأنهن يعلمن أنهن سيعُدن.

بشكل عام فإن معظم الفتيات اللاتي يمارسن البغاء كن ضحايا للعنف الجنسي في وقت مبكر، وفي كثير من الأحيان يكون هذا سفاح القربى من بعض الأقارب المقربين جداً كالآباء أو الأعمام أو الأجداد وربما بعض “أصدقاء العائلة”.

هؤلاء الفتيات أكثر عرضة للخطر، وهؤلاء الفتيات يرين الأمور أسوأ فلا يستطعن التمييز بين حالة العنف وحالة اللاعنف، لأن الأمر أصبح بالنسبة إليهن بالفعل حقيقة اعتيادية، ويملك المجرمون طرقاً عديدة للتأثير في هؤلاء الفتيات.

هناك طريقة فعالة للغاية عندما يدخل المجرمون أنفسهم في علاقات حب مع هؤلاء الفتيات ويخلقون لهن نموذجاً جيداً ورومانسياً، وتبدأ الفتيات بالثقة بهم، وبعد مرور بعض الوقت يبدأون ببيعهن، وفي كثير من الأحيان يكون هذا مصحوباً بحقيقة أنهم يبدأون في تقديم المخدرات لهن، ومن ثم فإن إدمان المخدرات يجعل من الأسهل إبقاءهن في حال من الاستغلال الجنسي، لذا تُصطحب في غالب الأحيان الفتيات الروسيات كعبيدات جنس ثم يُصدروهن إلى أوروبا وتركيا والصين وأميركا، إضافة إلى كثير من الاتجاهات.

قبرص الشمالية إحدى المحطات لنقل الفتيات إليها بغرض تجارة الجنس (رويترز)

 

قبرص الشمالية ليست قبرص التي يذهب إليها الناس لقضاء العطلات، فهذه دولة غير معترف بها، لذا ليس لديها أي سفارات أو قنصليات هناك أيضاً، وهي جزيرة من الصعب جداً المغادرة من هناك. وفي كثير من الأحيان تُستخدم مخططات مختلفة لا يمكن مناقشتها من أجل نقل هؤلاء الفتيات ببساطة إلى الجزء التركي، وهن مواطنات من أوكرانيا وبيلاروس وروسيا، لكي يأتين إلى القنصلية ويتسلمن الوثائق ويعُدن.

فتاة من نيجيريا جُلبت أيضاً كخياطة، وكانت بالفعل مريضة بالأيدز في ذلك الوقت فأحضروها وأجبروها على ممارسة الدعارة. وفي بعض الأحيان كان زبائنها يجبرونها على ممارسة الدعارة من دون استخدام الواقي الذكري على رغم من مقاومتها ورفضها الأمر، وماذا ستفعل الفتاة؟ وهكذا غادر 400 شخص من دون أن يعلموا أنهم أصبحوا حاملين الفيروس.

العبودية والاتجار بالبشر كانت وما زالت كارثة لأن جميع مؤسسات الدولة والمجتمع والأخلاق العامة تتحلل، بالمعنى الدقيق للكلمة، فمن خلال هذه التجارة تظهر كميات هائلة من المال، وهذه المشكلة لا تقتصر على روسيا فحسب، بل إنها ذات صلة بجميع بلدان العالم على الإطلاق، حتى البلدان الأكثر انغلاقاً مثل تركمانستان وكوريا الشمالية.

والحلول تبدأ بقانون خاص يضمن حماية الضحايا ويقضي على إفلات المجرمين من العقاب، وإيجاد عدد كاف من الملاجئ المتخصصة.

في الواقع كُتب مشروع القانون في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 وأنجز قدر هائل من العمل وأُجريت دراسة فيدرالية وكانت هناك مجموعة مشتركة بين الإدارات، بدا كل شيء يتجه من ناحية المبدأ نحو إقرار القانون وهو ليس سيئاً ولا يزال موجوداً.

بعد ذلك كان هناك قانون نموذجي لرابطة الدول المستقلة وقانونان نموذجيان حول “مكافحة الاتجار بالبشر” و”ضمانات حماية ضحايا الاتجار بالبشر”، وفي الأعوام القليلة الماضية عقدت الجمعية البرلمانية المشتركة لرابطة الدول المستقلة على مستوى الدولة وشارك فيها متخصصون روس، لكن روسيا هي الدولة الوحيدة من بين 47 دولة في مجلس أوروبا التي لم توقع على اتفاق مجلس أوروبا في شأن العمل ضد الاتجار بالبشر.

ببساطة الإرادة السياسية ضرورية، لكن بهذه الطريقة بالتحديد ستنجح روسيا عاجلاً أم آجلاً، في التخفيف من مشكلة الاتجار بالبشر والعبودية الجديدة، عندما يعرف كل مواطن في روسيا أن هناك مثل هذه المشكلة ويجب التقليل من حجمها ومحاولة القضاء عليها.

المزيد عن: روسياأوكرانياتركياكازاخستانميانمارتايلاندالعبوديةالاتجار بالبشرالجنسالدعارة

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili