صورة نادرة لنساء في النيجر يطالبن بانسحاب الإستعمار الفرنسي (موقع الكولونيالية الفرنسية) Uncategorized النوبلي لوكليزيو يروي الاستعمار الفرنسي للنيجر by admin 25 سبتمبر، 2023 written by admin 25 سبتمبر، 2023 47 رحلة “أونيتشا” الى أفريقيا وأحوال الاستغلال والعبودية والعنصرية كما مارسها البيض اندبندنت عربية \ سلمان زين الدين لطالما شكّلت القارة الأفريقية بما تمتلكه من موارد طبيعية، فوق الأرض وتحتها، محطّ أطماع الغرب الاستعماري، فجرّد عليها الحملات، وأُخضع سكّانها، واستباح خيراتها، وأمعن في نهب مواردها، في وضح النهار. ناهيك بما تثيره تلك القارة العذراء من فضول الباحثين والدارسين للخوض في موروثها الثقافي الأسطوري العريق. من هذه الباب، أدخل في رواية “أونيتشا” للروائي النوبلي، جان ماري لوكليزيو، الصادرة حديثًا في سلسلة “إبداعات عالمية” (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت). ذلك أن الرواية تطرح أسئلة الاستعمار والعبودية والعنصرية والثقافة وغيرها، في تلك المنطقة من العالم، خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وهي أسئلة قديمة، في الأصل، لكنها لا تزال مطروحة، حتى في هذه اللحظة التاريخية الحرجة، ولعل الصراع الأخير المندلع بين فرنسا والنيجر التي تجري فيها أحداث الرواية، هو خير دليل على ذلك. إصدارات وجوائز قبل الدخول في الرواية، لا بدّ من الإشارة إلى أن لوكليزيو ولد في نيس الفرنسية عام 1948 لأبٍ بريطاني وأمٍّ فرنسية، وانتقل في السادسة من العمر برفقة والدته إلى نيجيريا للالتحاق بوالده الذي كان يعمل طبيباً استعمارياًّ في الجيش البريطاني. وقد أصدر أولى رواياته في العام 1963 لتكرّ بعدها سبحة الإصدارات في حقول الرواية والقصة والترجمة والنقد وغيرها من الحقول المعرفية، وحصل على العديد من الجوائز، بدءاً من جائزة رنودو عن روايته الأولى “الاستجواب” في العام 1963، مروراً بجائزة غونكور عن روايته “الصحراء” في العام 1980، وصولاً إلى حصوله على جائزة نوبل للآداب في العام 2008. ومن الجدير ذكره أن لوكليزيو يُولي اهتماماً خاصاًّ في أدبه للمهمّشين والضحايا، حول العالم، ويكون للهنود الحمر واللاجئين الفلسطينيين والمكسيكيين من أدبه نصيب. الرواية الفرنسية بالترجمة العربية (المجلس الكويتي) “أونيتشا” في العنوان هي مدينة صغيرة في النيجر تجري فيها الأحداث. وهي في المتن “الاسم الساحر، الاسم الجذاب كالمغناطيس، لا يمكن للمرء مقاومته”، والاسم “الأكثر جمالاً وغموضاً، مثل الغابة والتواءات النهر”، وهي “مدينة صغيرة هادئة ولطيفة”، وهي “هذا العالم المجهول، حيث لا شيء يشبه ما عاشته البطلة من قبل، ولا الأشياء ولا الناس، ولا الروائح، ولا حتى لون السماء وطعم الماء”. هكذا، نجد أنفسنا أمام فضاء روائي مختلف يكتنفه الهدوء والغموض والجاذبية والسحر، ويشكّل حاضنة مناسبة للأحداث التي تجري فيه. أوروبيون وأفارقة إلى هذه المدينة النيجيرية التي يقيم فيها جيوفروي ألين، الزوج البريطاني العامل في شركة تجارية والمهووس بأفريقيا وأساطيرها، تشد الرحال الزوجة ماريا لويزا الفرنسية المعروفة بماوو، وابنها فانتان البالغ من العمر ست سنوات، عشية الأحد 14 مارس/ آذار 1948، على متن السفينة سورابايا، ويبلغان وجهتهما الثلاثاء 13 أبريل/ نيسان 1948. وبذلك، تتمثل المغامرة الأولى في الرواية في رحلة بحرية مثيرة لمدة شهر، يقوم بها الأم والابن، من مدينة بوردو في فرنسا إلى مدينة أونيتشا في نيجيريا، بهدف الالتحاق بالأب وجمع شمل الأسرة. وفي هذه المغامرة البحرية، يرصد الراوي وقائع الرحلة بعيون الأم والابن، ونخلص من الوقائع المرصودة إلى وجود منظورين اثنين للعلاقة بين الشمال والجنوب؛ الأول استعماري، يجسّده قبطان السفينة ومساعدوه والضباط البريطانيون على متنها، ويختلط فيه التفاوت الطبقي والعنصرية والاستعلاء الاستعماري، ويتمظهر في احتلال البيض الأوروبيين مقصورات السفينة وإقامة الاحتفالات في الصالة الخاصة، من جهة، وفي وضع السود الأفارقة في مستودع الشحن، وقيامهم بتنظيف السفينة من الصدأ تحت أشعة الشمس مقابل نقلهم من ميناء إلى آخر، من جهة ثانية. والمنظور الثاني إنساني يعبّر عنه بخجل الأم ماوو وابنها فانتان، من خلال رفض التمييز، الطبقي والعنصري، والتعاطف مع العمال الأفارقة، على طريقة أضعف الإيمان. وهكذا، يتعارض المنظوران في ما بينهما، غير أن التعارض يبقى في حدوده الدنيا لعدم التكافؤ بينهما، وهو ما يتّخذ لاحقاً شكل الصراع، الخفي والمعلن، بين المنظورين، ويتمخّض عن انتصار أحدهما على الآخر. ترجمة سابقة للرواية (الهيئة السورية) المغامرة الثانية تبدأ بعد الوصول إلى أونيتشا واجتماع شمل الأسرة، وتتبلور في صراع المنظورين الغربيين للعلاقة، الإنساني والاستعماري، في ما بينهما، من جهة، وصراع الأخير مع المنظور الإفريقي، من جهة ثانية. ويترتّب على كل من المستويين نتائج معيّنة؛ فعلى المستوى الأوّل، تمثّل الأسرة المجتمعة الشمل، المنظور الغربي الإنساني للعلاقة، ويتمظهر في ثلاثة مسارات روائية، (الأب والأم والابن) تتجادل في ما بينها، تتفق وتختلف، وتؤول إلى مصائر مختلفة. الأب جيوفروي ألين الذي سبق أسرته إلى المدينة بسنوات للعمل في شركة تجارية، تتمظهر إنسانية منظوره في الهوس بعلم المصريات، واحترام الثقافة النيجيرية، والبحث في تاريخ مملكة ميروي في القرن الرابع الميلادي. لذلك يقتفي حركة تلك المملكة في التاريخ والجغرافيا، في الكتب والطبيعة، وفي أحلامه الليلية. ولعله بذلك كان يبحث عن فردوس مفقود يعوّض به عن قسوة الواقع، حتى إذا ما بلغ بحيرة الحياة إيت برينيان، في رحلة نهرية، وأصيب بحمّى الملاريا السوداء، بالتزامن مع فصله من العمل، يضطر للعودة إلى الجنوب الفرنسي طلباً للعلاج، وهناك يقضي نحبه من دون أن يتمّ مشروعه البحثي. الروائي الفرنسي النوبلي لوكليزيو (صفحة الكاتب- فيسبوك) الأم ماريا لويزا المعروفة بماوو تعيش في البداية اصطدام توقعاتها بالواقع الجديد، فما حلمت به على متن السفينة من ركوب خيل وصرخات حيوانات برية وغابات وعجائب وغرائب لم يتحقق في عالم الواقع، لكن احتكاكها بعامة الناس يعزز منظورها الإنساني الذي يتمظهر في رفضها الظلم، ودفاعها عن الأسرى، وتعاطفها مع العامة، واختلاطها بالفقراء، وتصدّيها لبعض رموز الإدارة الاستعمارية، ومناهضتها الاستعمار، الأمر الذي تدفع ثمنه فصلاً لزوجها من العمل. وهي حين تغادر أونيتشا، تقوم بذلك بفعل الضرورة لا الاختيار. عسكر الإستعمار الفرنسي للنيجر (موقع الكولونيالية الفرنسية) أمّا الابن فانتان فيعيش مغامرته الخاصة في أونيتشا، ويشعر بقسط وافر من السعادة، ويشكّل تعرّفه إلى الصبي بوني، بداية سلسلة من المغامرات الجميلة، يتناغم فيها مع الطبيعة، يسير حافي القدمين، يتلصص على المستحمّات في النهر، يفيء إلى عائلة صديقه فتعتبره الجدّة أحد أفرادها، يتعرّف إلى معتقدات الصديق الأسطورية في تأليه بعض الطيور والنمل، يتعلّم منه أهمية التوازن البيئي، يقوم معه برحلات نهرية، ويشعر بالانتماء إلى المكان. وعندما غادر مع أسرته، تلازمه المرحلة الأفريقية خمسة عشر عاماً، على الأقل، فيشعر بالذنب لعدم عودته إلى أونيتشا والمساهمة في خرق الحصار الاستعماري عليها، ويكتب لأخته مريمة رسائل كثيرة يعبّر فيها عمّا تمثّل تلك المدينة له. تقول الرواية إن المنظور الإنساني يتخطّى الفوارق الجغرافية والقومية والعرقية، ويعزّز الشعور بالأخوة الإنسانية بمعزل عن هذه الفوارق. من جهة ثانية، يتمثّل المنظور الاستعماري للعلاقة بين الشمال والجنوب في المقيم رالي والضابط جيرالد سمبسون والإداري سابين روديس. ويتمظهر في استغلال الموارد الطبيعية، تقييد المساجين بسلاسل حديد، تكليفهم بأعمال شاقة، إطلاق النار عليهم خلال انتفاضتهم، فصل الموظف جيوفروي من عمله لهوسه بالمصريات ولمناهضة زوجته الاستعمار. وهذه الوقائع هي غيض من فيض تلك المترتبة على الحرب العالمية الثانية في نيجيريا، وحرب بيافرا، في ستينيات القرن الماضي، التي خلّفت مليوني ضحية، حسب بعض المصادر. وإزاء الخلل الكبير في التوازن بين المنظورين الغربيين، الإنساني والعسكري، كان لا بد من انتصار الثاني على الأول، مع ما ترتّب على ذلك من نتائج وخيمة لا تزال الشعوب الأفريقية تحصدها حتى اليوم. المستوى الثاني من الصراع يقوم بين المنظورين الاستعماري والأفريقي، وإذا كنا قد أشرنا إلى تمظهرات الأول أعلاه، فإن المنظور الثاني يتمثّل في شخوص مثل الصبي بوني، الخادم أوكاوو، الزوجة أويا، والمساجين المستعبدين. ويتمظهر في قتل المساجين، استغلال الخدم، استعباد الناس، وغيرها، مما يجعل الجنوب في هذه العلاقة في موقع الضحية، القتيلة، المستعبَدة، والمستغلّة، وهو ما تثبته الوقائع الروائية. ولعل الرواية تقول باستحالة بناء علاقة سويّة بين الشمال والجنوب من المنظور الاستعماري، ولا بد من المنظور الإنساني لبناء مثل هذه العلاقة. لا يقتصر التعدّد في “أونيتشا” على المنظور الروائي، بل يتعدّاه إلى النوع الأدبي، فتتناغم في النص الرواية المعيشة والسيرة الذاتية والأسطورة التاريخية، ويتحرّك الكاتب بين هذه الأنواع بوتيرة مدروسة، تؤمّن التنوّع النصّي، من جهة، وتراعي مقتضيات الفن الروائي، من جهة ثانية. وبذلك، يكون ثمة تناسب بين الحكاية والخطاب في “أونيتشا”، وتلاؤم بين النص والمرجع. المزيد عن: روايةروائي فرنسيالنيجرالعنصريةأفريقياالإستعمارالعبوديةالبعد الإنساني 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ليو فيريه يكرس نفسه شاعراً ويصدر مجموعة تضم 400 قصيدة next post ناسا تتأهب لإحضار “عينة تاريخية” من كويكب إلى الأرض You may also like «نيويورك تايمز»: ماسك وسفير إيران لدى الأمم المتحدة... 15 نوفمبر، 2024 نتنياهو ينسف الاتفاق المرتقب لوقف حرب لبنان 2 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: صناعة أسطورة جاكسون بولوك... 29 أكتوبر، 2024 العمليات الخارجية الإيرانية في أوروبا: العلاقة الإجرامية 23 أكتوبر، 2024 الذكاء الاصطناعي يذكر بما أحدثته الثورة الصناعية قبل... 21 أكتوبر، 2024 تقرير اندبندنت عربية / ميدان لبنان مشتعل وتل... 13 أكتوبر، 2024 عام من القتال غيّر خطاب “حماس” وتفكيرها السياسي 7 أكتوبر، 2024 ماذا تعني الكتابة في زمن الاضطراب الذاتي؟ 7 أكتوبر، 2024 هكذا خططت شبكة مقرها إيران لضرب هدف يهودي... 6 أكتوبر، 2024 فيلم “المادة”… الرعب الذي لم يحتمله الجمهور 4 أكتوبر، 2024