الجمعة, يناير 10, 2025
الجمعة, يناير 10, 2025
Home » المهاجر العائد في رواية أحمد علي الزين يروي قصص الغربة

المهاجر العائد في رواية أحمد علي الزين يروي قصص الغربة

by admin

أحداث “أحفاد نوح” تدورعلى متن السفينة وبين مدن الإغتراب اللبناني

اندبندنت عربية \ أنطوان أبو زيد 

في الرواية الثامنة له، والصادرة حديثاً (2021) عن دار نوفل، بعنوان “أحفاد نوح” يواصل الروائي والإعلامي اللبناني أحمد علي الزين تجربته الروائية، وصوغ حساسيته الدالة على عالمه، وموضوعاته الأثيرة، وشخوصه، ورحلاتهم في ديار الله الواسعة.

يستهل الكاتب روايته بمقدمة موجزة (ص:7-8)، بعنوان “الكتابة قارب نجاة” يعرض فيها لماحاً حكاية الرواية التي ينوي سرد تفاصيلها على القراء، فيما يأتي، ومفادها أن امرأة شابة تدعى “درة” قصدت السفر، “مطلع عشرينيات القرن الماضي” ناجية بنفسها وبجنينها، وباحثة عن حبيبها الغائب، على متن السفينة جنوى، حيث تلد ابنها، وسط الإعصار والنو. ويحدث أن ينتشر وباء قاتل على متن تلك السفينة، فيهلك من يهلك، وتتابع مسارها إلى جزر الكاريبي، وتحط رحالها في كوبا. وهناك تستقر المرأة، ومعها وليدها “شمس” الذي يتدرج في موهبة الرسم إلى أن يصير رساماً مشهوراً، فيعاود ترحاله، على غرار أمه، إلى موطنه الأول، ويستعيد حكاية النجاة الأولى بكل تفاصيلها المتاحة.

رواية الهجرة اللبنانية (دار نوفل)

في الجزء الأول، بعنوان “الجرح السري”، يرسم الروائي للقراء إطار الحكاية العام المكاني والزماني؛ فيتضح أن الشخصية الرئيسة هي المرأة الشابة “درة” التي يتولى ابنها “شمس” رواية حكاية مغامراتها التي تبدأ زمن العشرينيات من القرن الماضي، وفي مدينة بيروت، وتحديداً من أحد أحيائها الملاصقة للبحر، عنيت به “الجميزة”. ويفهم من سياق الوصف أن هذه الفتاة الشابة كانت سليلة عائلات روسية، استقدمت إلى لبنان لتعليم أبناء الطائفة الأرثوذكسية، في جبل لبنان، وأن عائلة “درة” كانت تقيم في قرية “مشتى الجوز”، وأن أفرادها كانوا يعلمون في المدارس الموسكوبية، أي تلك التي أنشأها الأرثوذكس وغلب عليها الطابع الروسي، في مقابل طغيان الطابع الأميركي البروتستانتي على الكلية الإنجيلية السورية في بيروت (الجامعة الأميركية اليوم).

المدن لا تفنى

بيد أن هذا الجزء، بخلاف ما يتوقع القارئ -وهذا ما بات تكتيكاً روائياً باعثاً على الفضول- يبسط الكاتب فيه حال مدينة بيروت، اليوم؛ إذ يعاود رسم صورتها بعيني الراوي “شمس” وقد بات عجوزاً، فاقداً إحدى يديه جراء أحد الانفجارات قرب كلية الفنون، حيث كان يتابع دروساً في الفنون، وناجياً من الموت مثل من بقي من أهلها حياً، ومتكئاً على عصاه. فبانت له المدينة مستلبة في روحها وأصالتها، وقد صار أبناؤها وبناتها يتكلمون خليطاً من لغات ثلاث، في مقابل أجيال عانت التهجير والخطف والقهر، نظير سيلفيا أم عامر، ونظير العراقيين المهجرين من مدينة الموصل، إثر دخول داعش إليها. يقول لهما الراوي “المدن لا تفنى، إنما تحرق وتنهب وتسبى وتتحول إلى ركام” (ص:43) ويسود أجواءها الحزن، حسب أبناء المدن هؤلاء أنهم “أحفاد نوح” والناجون من الكوارث والحروب الأهلية وجرائم القتل، والثأر أنَّى كان. و”شمس” هذا إن هو إلا فرد منهم. ولا يزال حتى يباشر جولة بانورامية لبعض تلك الجرائم، مثل تهجير عائلة سيلفيا أم عامر، واختطاف وحيدها من قبل مخابرات القوى التي كانت مسيطرة على المدينة، حتى قبيل مغادرتها البلاد، بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.

في الجزء الثاني من الرواية، وهو بعنوان “الرحيل إلى الجزر النائية”، يستعيد الراوي، أي شمس نفسه، سيرة أمه “درة”، منذ تكونه جنيناً في أحشائها، بفعل علاقة غرام خاطفة، في قرية مشتى الجوز، ونزولها إلى مدينة بيروت، في العشرينيات الأولى من القرن الماضي (1926) بعيد إعلان دولة لبنان الكبير، واشتغالها نادلة في أحد المطاعم بحي الجميزة، الملاصق لمرفأ بيروت، حيث التقت بأحد البحارة يدعى جومار، وكان الأخير رباناً لسفينة جنوى. ولكن قبل انصرافه إلى سرد تفاصيل رحلتها البحرية، يعمد الراوي أو الكاتب -أو كلاهما- إلى تبيان نقاط الشبه بين جدة “درة” إيلينا الروسية، وكيف أن الأخيرة وقعت في حب رجل من قرية مشتى الجوز، كان يلقب “بنسر صنين”، وكان مقاتلاً عنيداً مناهضاً للأتراك وظلم الإقطاع، إذ كان يقتنص المال من الأغنياء ويوزعه على الفقراء، على غرار روبن هود.

على متن السفينة

إذاً، تتحين درة الفرصة للصعود على متن السفينة “جنوى”، بل تنجح في التسلل إليها من دون علم ربانها الذي أحبها. وتتوالى الأيام والليالي، على متن السفينة، وتصادق درة امرأة اسمها ونسة بصحبة ابن لها. ولما كانت تخشى الملاحقة والإيقاع بها، وهي حامل حملاً ظاهراً، تزيَّت بزي راهبة لدى وصول السفينة إلى مارسيليا.

الروائي اللبناني أحمد علي الزين (دار نوفل)

وفي الجزء الثالث، والأخير، يقص علينا الراوي -وهو وليد درة- الأهوال التي كابدها ركاب السفينة جنوى، ولا سيما الوباء الذي فتك بركاب السفينة، فهلك منهم من هلك، حتى ونسة هذه، صديقة درة، بعد أن كانت لها خير معين في توليدها، وسط العواصف والأنواء. وفي آخر المطاف، تبلغ السفينة جزيرة كوبا، وتمضي درة بوحيدها إلى مدينة هافانا، حيث يتعلم “شمس” ويكون زميله بالدراسة من سوف يصير زعيماً للبلاد، أعني فيديل كاسترو. ولكن العائلة الصغيرة، بحسب الراوي، لا تلبث أن تعاود الفرار من وجه العنف الذي يتوسله كاسترو للوصول إلى السلطة. وإذ تعود هذه العائلة إلى بيروت، تلاحقها سهام الفجيعة حيثما حلت، فتصاب “درة” برصاصة طائشة “أطلقها أحد في البعيد لا لغرض قتل أمي، بل كان يلعب مع آلة الموت، أو كان يطلق رصاصه ابتهاجاً بحادثة ولادة أو موت”. (ص:213).

رواية “أحفاد نوح”، وهي التاسعة في عداد الروايات التي صدرت للروائي أحمد علي الزين (بعد: الطيون، وخربة النواح، ومعبر الندم، وحافة النسيان، وصحبة الطير، وبريد الغروب، والعرافة، وغيرها)، تحمل العديد من السمات الجديدة، تضاف إلى القديمة في رواياته السابقة، أوردها على توالي أهميتها وبروزها.

ومن تلك السمات الواقعية النسبية التي تبدت في تعيينه الإطار الزماني لحكاية الرواية أو حبكتها الرئيسة، والمحددة بما بين عامي (1926-2020)، وبما لا يمنع الروائي من العودة إلى أواسط القرن التاسع عشر متتبعاً جذور عائلة شخصية الرواية الرئيسة “درة”، من أصول روسية، استوطنت جبل لبنان لتعليم أجيال الأرثوذكس فيه، من خلال المدارس الموسكوبية. ولكن هذا التعيين لم يكن ليحجب الغموض المقصود، ربما، فيما خص التفاصيل، والأثاث، والأدوات الدالة على العصر، سوى أسماء أنواع من المشروبات لدى المعلم وديع، كانت النادلة “درة” تسعى إلى التعرف إليها، لتحسن سكبها في أكواب زبائن المحل. كذلك، يمكن لحظ هذا التظليل في ما خص الأماكن، ودلالتها المصاقبة على مرجعها المادي، في مدينة بيروت وغيرها. حسب الكاتب أنه يورد ما يوفي به شرط الصدقية، لا الواقعية.

ومن السمات الآنفة أيضاً توشيح أساليب السرد لديه بما يرد تلميحاً في الكتابات السردية المعاصرة، عنيت به التعليق. ولكن الكاتب، إذ يعي مقدار ما يحدثه التعليق من إعاقة لجريان القص، يعمد إلى بث أفكاره، بل وقفاته التأملية السريعة، في النجاة والناجين، وقاعدة الفجيعة التي تلاحق بني البشر وسكان المدن بالأخص، وكوزموبوليتية بيروت وتعدد منابت الوافدين إليها، وفي وباء العصبية والتخلف والعنف الثوري الأهوج الناجم بدوره عن نزعة إلى السلطة والاستبداد لا مسوغ إنسانياً لهما. وهذه كلها لا تعرف زمناً، وتخلف شعوباً من المنفيين والمهاجرين والمهجرين، أنَّى كان وحيثما حل “شمس”، الراوي وأمه. حسب هؤلاء جميعاً أنهم “أحفاد نوح” الذين، وإن ضمتهم سفينة يوماً، “من كل حي من كل ذي جسد اثنين من كل” (سفر التكوين 9/9 ت)، فإنهم كناية عن شعوب الأرض، وكل المتضايقين منهم، والمستضعفين، وضحايا الأنظمة، والقهر الجماعي، وكل أنانية فردية وجماعية.

أما الحب، في ما تتبعت الرواية وأحداثها ودلالاتها، فإن هو إلا الفلك، أو السفينة المخلصة من الموت في كل مظاهره.

المزيد عن: روائي لبناني\رواية\الهجرة\السفينة\الإغتراب\بيروت\الوطن\السرد

 

 

You may also like

12 comments

national junior honor society essay 12 نوفمبر، 2021 - 2:24 م

You’re a really helpful website; could not make it without
ya! http://multiessay.com

Reply
national junior honor society essay 12 نوفمبر، 2021 - 2:24 م

You’re a really helpful website; could not make it without ya! http://multiessay.com

Reply
free sex games no download 18 نوفمبر، 2021 - 3:01 م

Wow because this is great work! Congrats and keep it up. https://sexygamess.com/

Reply
free sex online games 18 نوفمبر، 2021 - 7:13 م

I enjoy looking through your web site. Thank you so much! https://winsexgames.com/

Reply
keto diet and honey 19 نوفمبر، 2021 - 10:29 ص

Excellent Site, Preserve the excellent job. Regards! https://ketogendiets.com/

Reply
sex lolicon games 19 نوفمبر، 2021 - 4:38 م

You have the most effective sites. https://sex4games.com/

Reply
maltitol keto 20 نوفمبر، 2021 - 12:27 ص

Wow, lovely site. Thnx … https://ketogenicdiets.net/

Reply
cauliflower mashed potatoes keto 20 نوفمبر، 2021 - 9:56 م

Hey there, tidy website you’ve gotten in here. https://ketogenicdietinfo.com/

Reply
gay dating guam 13 يناير، 2022 - 2:37 ص

gay arab dating service free gay dating east tennessee free gay dating websites gay dating guam

Reply
gay dating web sites 13 يناير، 2022 - 8:13 م

translate ” gay dating long term relationship oriented guys into spanishgay dating web sitesgay free dating 4 older uk which gay dating app has most members lakeland fl gay dating simulator tumblr

Reply
best slots near me 22 يناير، 2022 - 4:54 ص

doubledown casino slots common expansion slots casino slots free best slots near me

Reply
federal marshal badge 14 أغسطس، 2024 - 11:11 م

This is one of the best explanations I’ve come across. Thanks!

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00