مشهد من فيلم _المنحرفون_ لجون هستون (موقع الفيلم) ثقافة و فنون “المنحرفون” الفيلم الذي أودى بنجومه إلى نهايات بائسة by admin 22 مايو، 2025 written by admin 22 مايو، 2025 11 كتبه آرثر ميلر كأنه قصيدة حب لزوجته مارلين مونرو فانفصل عنها ومات بطلاه كلارك غايبل ومونتغمري كليفت اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب كان يفترض من الناحية المبدئية أن يكون فيلم “المنحرفون” (1961)، الذي من الواضح أن الكاتب المسرحي الأميركي الكبير آرثر ميلر كتبه كرمى لعيني زوجته في ذلك الحين، النجمة الفاتنة مارلين مونرو، عملاً يتوخى نوعاً من مصالحة إنسانية وربما فنية أيضاً، من ناحية بين ميلر ومونرو وقد بات زواجهما على وشك الانهيار، ومن الناحية الثانية بين ميلر نفسه وفن السينما الذي كان قد راح يبدو أكثر وأكثر عصياً عليه على عكس فن المسرح الذي كان واحداً من كبار سادته في الحياة الإبداعية الأميركية. ولكن أقل ما يمكننا قوله اليوم عن هذا الفيلم الذي تجاوزت سنه الـ60 سنة، إنه لم يحقق أياً من المصالحتين اللتين لا شك كانتا في بال الكاتب الكبير وهو يكتبه في تجربة سينمائية، أولى وأخيرة له. تماماً كما كان في باله أن النص سيتحول إلى فيلم أسطوري، وخصوصاً أنه كان قد تم التوافق على أن يخرجه جون هستون، وليس فحسب، بوصفه واحداً من كبار هوليوود، بل أكثر من ذلك بوصفه واحداً من كبار سينمائيي العالم المحبذين لاقتباس الأفلام من الروايات الأدبية الكبرى. وحسبنا اليوم أن نتذكر أن هستون حقق وسوف يحقق بعد ذلك أفلاماً مقتبسة عن هرمان ملفيل وجيمس جويس ومالكولم لاوري ورايموند تشاندلر، بين آخرين كي نفهم الحماسة التي كانت تعتمل في ذهن ميللر وهو يكتب. غير أن ذلك لم يكن كل شيء. إذ لا بد لنا هنا من أن نذكر أن ثلاثة من كبار ومشاهير النجوم الهوليووديين كانوا بدورهم في ذهن ميلر وهو يكتب عند نهاية نصه تلك العبارة الخالدة “النهاية”، زوجته مارلين مونرو بالطبع، ولكن أيضاً إلى جانبها، كلارك غايبل ومونتغمري كليفت. غير أن ما لم يكن في ذهن صاحب “موت بائع متجول” و”كلهم أبنائي” كان أن “النهاية” لن تكون فقط نهاية النص ولا نهاية الفيلم، بل على الأرجح أيضاً نهاية فعلية، لأولئك النجوم الثلاثة أنفسهم والتي حلت عن حق وحقيق تباعاً بعد الانتهاء من إنجاز الفيلم، وفي الحياة الحقيقية نفسها لا في الفيلم… فنحن نعرف أن الثلاثة ماتوا، انتحاراً بالنسبة إلى مونرو قبل أن تكمل فيلماً تالياً لها من إخراج جورج كيوكر هذه المرة، ومرضاً بالنسبة إلى غايبل وكليفت، خلال فترة متقاربة ومن هنا بدلاً من أن يحمل “المنحرفون” نقمة أصابت فن السينما. بالتالي، بدلاً من أن يتذكر الناس أنهم هنا أمام فيلم يمكن اعتباره تحفة فنية، تذكروه ولا يزالون يتذكرنه بكونه فيلم لعنة حلت بعالم النجوم محولة إياهم إلى بشر فانين جاعلة آرثر ميلر يلعن الساعة التي قرر فيها أن يكتب ذلك النص. آرثر ميلر سلسلة من المصالحات الفاشلة مع زوجته مارلين مونرو (غيتي) بين الموت والحياة والحقيقة أن فيلم “المنحرفون” وإن كان قد أراد لنفسه أن يكون، بحسب مؤلفه ومخرجه، فيلماً عن “النجاة من عواصف الحياة” و”جحيم العلاقات بين البشر”، وتحديداً من خلال كونه تأملاً في الحياة ومآزقها، انتهى به الأمر لأن يكون فيلماً عن الموت، وليس فقط الموت الذي كان مصير أبطاله في الحياة الحقيقية، بل الموت المخيم على أحداث الفيلم نفسه، لا سيما من خلال المصير الذي يؤول إليه في نهاية الأمر ذلك الحصان الوحشي الذي إذ كان في أول الأمر يعد رمزاً لقوة تلك الأمة الجديدة، أميركا، التي احتاجته واحتاجت قوته وصلابته لكي تنبني، وها هو الفيلم يدفعه في لحظة تأمل فلسفي لكي يصبح بعدما انتهت الحاجة إليه طعاماً معلباً للكلاب. وهو ما يرصده ويتأمله خلال الدقائق الأخيرة من الفيلم شخصياته المركزية الثلاث، كما عبر عنها آرثر ميلر، روزلين، غاي وبيرس وقد خيبهم المجتمع الذي يحيط بهم. والحقيقة أن في وسعنا أن نقول إنه كان من شأن هذا الفيلم، ومن هذه الناحية في الأقل، أن يعد واحداً من الأفلام الفلسفية التي تملك هوليوود سرها رغم جماهيرية مواضيع أفلامها وتهافت منطلقاتها الجدية… كما تعرف كيف تسلم مفاتيح أبوابه لمبدعين من طينة جون هستون نفسه هو الذي سينصرف من فوره بعد “المنحرفون” لتحقيق واحد من أفضل الأفلام عن… التحليل النفسي وعن حياة فرويد تحديداً… حتى ذلك الحين في الأقل، ونتحدث هنا طبعاً عن فيلمه الكبير “فرويد الشغف السري”، ومن بطولة مونتغمري كليفت الذي سيكون هذا الفيلم الأخير واحداً من آخر أفلامه، كان من شأن “المنحرفون” أن يكون ذلك كله لولا أن حكاية الفيلم الحقيقية لم تكن في نهاية الأمر على الشاشة، بل خارجها… فماذا عن “حكاية الفيلم” نفسها؟ بوستر فيلم “المنحرفون” (موقع الفيلم) تجوال أميركي يدور ما يحكيه لنا الفيلم، كما كتبه ميلر، في منطقة رينو، بولاية نيفادا الأميركية حيث تطالعنا، روزلين تابير التي، بعد طلاقها من روجها رايموند، تلتقي إيزابيل، صاحبة نزل محلي تقيم فيه، فتعرفها هذه على راعي البقر المكتهل غايلورد “غاي” لانغلاند وصديقه غويدو، وهو سائق شاحنة وطيار حرب سابق. تزور المجموعة منزل غويدو غير المكتمل في الصحراء، الذي كان مخصصاً في الأصل لزوجته الراحلة. وإذ يتم نوع من التقارب بين روزلين وغاي، تنتقل هي إلى المنزل غير المكتمل، حيث تنشأ علاقة حب موقتة بينهما. غير أن التوترات بين الاثنين تتفاقم عندما يقترح غاي قتل الأرانب التي تدمر حديقتهم، وهو ما تعارضه روزلين. لاحقاً، يقترح غويدو اصطياد خيول برية لبيعها. ويحضرون معاً عرض روديو محلي لتجنيد رجل ثالث يشاركهم صيدهم، ويقابلون بيرس هاولاند، وهو فارس روديو يعاني ضائقة مالية. وهنا حيث يعرض غاي تغطية رسوم دخول بيرس الروديو، مقابل المساعدة في جمع الحيوانات، تشعر روزلين بالانزعاج من معاملة الحيوانات في العرض وإصابات بيرس، مما يعمق صراعها العاطفي. ولاحقاً بينما تستعد المجموعة لصيد خيول الموستانغ، تزداد خيبة أمل روزلين، خصوصاً بعدما علمت أن الخيول ستباع بعد ذبحها، كطعام للكلاب. فتتوسل لإطلاق سراحها، مما يسبب خلافاً مع غاي وغويدو. وهكذا عندما يحرر بيرس فحلاً، يطارده غاي لكنه يطلق سراحه في النهاية، مؤكداً حاجته للاستقلال. وهنا تتصالح روزلين وغاي وينطلقان معاً في ليل نيفادا، غير متأكدين لكنهما متحدان. ومن الواضح هنا أننا لسنا أمام حكاية حقيقية يمكنها أن تنتج فيلماً، بل أمام نص، قد يكون سينمائياً، لكنه في حقيقة أمره نوع من “رسالة حب” شاء الكاتب الكبير ميلر أن “يهديها” لزوجته في لعبة تبجيل على الشاشة تذكرنا بأفلام كثيرة تصنع لغايات مشابهة. غير أن مما أسفر عنه “المنحرفون” إنما كان أن الفيلم نفسه، والسيناريو الذي كتبه ميلر شخصياً له، وسعا الهوة بين مارلين وبينه، وربما سيسهمان لاحقاً في انفصالهما النهائي، حتى وإن كانت التعليقات النقدية قد ركزت على أدائها في الفيلم، بوصف هذا الأخير قد نقلها من عالم “نجومي خاوي” إلى عالم تمثيل حقيقي، كواحدة من أنجب خريجي استوديو الممثل، علماً أن لي سترسبورغ سيد هذه المؤسسة وزوجته قد رافقا الفيلم وأداء مارلين فيه وشجعاها طوال فترة تصويره. بعد “الموقعة” والحال أن ميلر نفسه، لا سيما لاحقاً، في كتاب مذكراته “منحنيات الزمن”، الذي أصدره قبل أعوام قليلة من رحيله، قد تناول تلك النقطة لا سيما من خلال وصفه للحظة فاجأ فيها مارلين وهي تخضع لحقنات مهدئ مخدر على يد طبيبها، لمداواتها من يأس فظيع ألم بها وكان قد جعلها تصر على أن يطلقها ميلر لـ”كوني لا أستحقه” ولـ”كونه عقلاً خالصاً، وأنا كنت أعتقد أن ثمة قلباً حنوناً في خلفية ذلك العقل”. والجدير ذكره هنا هو أن ميلر وفي الكتاب نفسه يكرس فقرات للحديث عن كلارك غايبل، الذي كان أسرع النجوم الثلاثة في الرحيل، والذي التقاه الكاتب قبل دقائق من توجه النجم مع صديق له إلى رحلة الصيد التي فاقمت من إرهاق كان قد استبد به وعجل من موته، بعد أقل من 40 يوماً من انتهاء التصوير، إذ أصيب بجلطة قلبية بكرت في وضع نهاية لحياته. المزيد عن: آرثر ميلرمارلين مونروالمخرج جون هستونهوليوودكلارك غايبلمونتغمري كليفت 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post محمد السيد إسماعيل… ثقل إبداعي خفيف الوقع next post كيف يستفيد الروائيون العرب من الواقعية السحرية؟ You may also like “عميل سري” و”صراط”… سينما “كان” المشعة بقلق الوجود 22 مايو، 2025 كيف يستفيد الروائيون العرب من الواقعية السحرية؟ 22 مايو، 2025 محمد السيد إسماعيل… ثقل إبداعي خفيف الوقع 22 مايو، 2025 الكاتبة الهندية بانو مشتاق تفوز بجائزة البوكر الأدبية... 21 مايو، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: أفاعي ساروق الحديد 21 مايو، 2025 “سعفة كان” الفخرية تفاجئ دينزل واشنطن: أنا متأثر 21 مايو، 2025 فلسفة “الترانسإنسانية” تعمل على تحسين البشرية عبر العلم... 21 مايو، 2025 فولتير يخلد الصراع بين “هنري” الطيب و”هنري” الشرير... 21 مايو، 2025 هور الحويزة… نبض الأرض “المحمية” يهدد إرث العراقيين 19 مايو، 2025 حضارة الفاو… مجد مدفون ونهاية غامضة حيرت المؤرخين 19 مايو، 2025