ثقافة و فنونعربي الممثلة المغربية راوية جذبت جمهور رمضان باقترابها منه by admin 22 أبريل، 2023 written by admin 22 أبريل، 2023 27 لا تعترف بمفهوم الدور الصغير والتمثيل حالة تطهر من كل المشاكل اندبندنت عربية \ عبد الرحيم الخصار غالباً ما ينهال النقد الإجتماعي على الأعمال الدرامية المقترحة خلال شهر رمضان. فقد اعتاد التلفزيون المغربي، إسوة بالتلفزيونات العربية، على تقديم عدد من المواد الفنية التي تركز في الغالب على الجانب الكوميدي، بغية إضحاك الجمهور، أو العودة إلى التراث الإسلامي والعربي تناغماً مع البعد الروحي لشهر رمضان. وقد تقترح أعمالاً خفيفة ذات طابع اجتماعي. ويبدو بالتالي كما لو أن ثمة اتفاقاً ضمنياً في العالم العربي على أن يكون الهدف من البرامج الفنية الرمضانية، هو الترفيه والترويح عن الصائم، كما لو أن هذا الأخير يحمل أثقالاً طوال النهار، ويسعى في الليل إلى التخفف منها. أصبحت منصات التواصل اليوم بوابة كبرى للنقد الإجتماعي والسياسي، وفضاء لنقد المنتوج الثقافي والفني من أغانٍ وأفلام ومسلسلات وبرامج. وإن كان هذا النقد لا يخضع لقواعد ومنهجيات محددة، ولا يستند في الغالب إلى مرجعيات معرفية، غير أنه هو حاضر ولا يمكن تجاوزه، ولا يمكن أيضا إنكار التأثير الذي يمارسه. وفي كل رمضان تتوجه الحسابات والصفحات على مواقع التواصل بالنقد الجماعي للأعمال الفنية المبرمجة خلال هذا الشهر، نقداً يكاد يشبه المحاكمة الإجتماعية لمسلسلات أوبرامج رمضان. ولا تفلت من هذه المحاكمة إلا أعمال وأسماء قليلة جداً. إذ من النادر أن يُجمع هذا الجمهور الهائل على فنان أو عمل درامي بدا له مقنعاً ومتميزاً. وتنتمي الفنانة المغربية راوية (مواليد أزمور سنة 1951 ) إلى هذه الندرة. فقد استطاعت أن تحظى بإعجاب قاعدة عريضة من جمهور الدراما الرمضانية، وتجذب انتباه الصحافة الوطنية المكتوبة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، في ما يشبه الإجماع على فرادة أدائها وتفوقها في التشخيص الدرامي. الممثلة خلال تكريمها (صفحة فيسبوك) والواقع أن راوية تملك مؤهلات فارقة في التشخيص، وقدرة على التعبير بالنظرة والقسمات والحركات، فضلاً عن طريقتها الخاصة في أداء الحوارات. فوجه راوية وصوتها فريدان جداً، يوحيان بالعمق والخبرة والذكاء والمعرفة الهائلة بالحياة. 30 فيلماً شاركت راوية في أكثر من 30 فيلماً، وفي العديد من الأعمال التلفزيونية. لكن من يتابع إنجاز هذه الممثلة يحس كما لو أنها لم تنل على مدار سنوات عملها الطويلة ما تستحق من تقدير وتكريم. لذلك فتحنا في “اندبندنت عربية” نوافذ ومعابر باتجاه الحدائق السرية لهذه الفنانة، لنعرف كيف تفكر وكيف تستطيع الإندماج في أدوارها على النحو الذي أثر كثيراً في المتلقي المغربي، وكي ندنو أكثر من حياتها العائلية، ونعرف إن كانت الأوضاع الاجتماعية الخاصة تقف عائقاً في طريق الفنان. عدنا مع راوية إلى بداياتها، وسألناها عن سبب القطيعة مع أبي الفنون بعد النجاح الذي حققته منذ أول صعود على خشبة المسرح، فكان جوابها جامعاً بين ما هو فني وما هو إجتماعي. تقول عن ذلك: “أنا لم أنقطع عن المسرح، بل المسرح هو الذي انقطع عنّي. فقد عملتُ مع فرقة “المعمورة” وفرقة “القناع الصغير”. ثم بدا لي أنه من الصعب أن أعيل عائلتي من الفن، خصوصاً في مرحلة السبعينيات. فاتجهت إلى الوظيفة، وبدأت أصرف من راتبي على المسرح. المشاعر التي تستبد بي إزاء المسرح، وأولها الحنين، هي مشاعر لا يدركها ويفهمها سوى من صعد إلى الخشبة”. الممثلة التي تعبر عن هموم الناس (صفحة فيسبوك) يوحي جواب راوية بأن المسرح، وإن غادرتْ صالاته، ظل حاضراً في مختلف أعمالها. فالأداء السينمائي لدى هذه الفنانة المغربية، مفعم بروح المسرح. يبدو ذلك واضحاً من حركاتها أمام الكاميرا، إذ تبدو كل حركة كما لو أنها أداء مسرحي يتعالى بالضرورة عن كل افتعال. عن انتقال راوية من أبي الفنون إلى الفن السابع تقول: “مغادرتي للمسرح باتجاه السينما كانت سنة 1996، حين كانت تشتغل معي في الإدارة العمومية سيدة زوجها مخرج سينمائي يتعامل في الغالب مع الأجانب، هو محمد العبازي. كان يعدّ فيلمه الطويل الثاني “كنوز الأطلس” فاقترح علي أن أشارك في هذا العمل. وبالفعل وقفت أمام الكاميرا، لكني كنت متخوفة. ذلك أن المسرح فن استرسالي لا يخضع الأداء فيه لأي انقطاع، بالمقابل كنت أفكر مثلاً في البكاء المتقطع إذا ما عرض عليّ مشهد من هذا النوع. لكني لم أجد أية صعوبة، بل وجدت بالمقابل دموعاً غزيرة تطاوعني كلما احتجتها”. التمثيل حالة صوفية سألناها عن تجربتها في الأعمال التلفزيونية. فأخبرتنا أنها كانت تلبّي نداءات المخرجين الذين يثقون في أدائها، وتركز بالأساس على المخرجة زكية الطاهري التي أسندت لها دور البطولة في “رضاة الوالدة/ رضا الأمّ” الذي حقق نجاحاً كبيراً داخل المغرب، وأكّدت ذلك نسب المشاهدة، حتى تلك المتعلقة بالحلقات المعادة، فضلاً عن الحفاوة الإعلامية بهذا العمل. وحدثتنا راوية أن هذا العمل الدرامي صالح الجمهور المغاربة مع قناته الوطنية الأولى. نوّعت الممثلة المغربية في أدوارها، ولم تقع في النمطية. فقد قدّمت دوراً كوميدياً في مسلسل “هي” على قنوات mbc حظي بإعجاب المتابعين. فهذا التوفيق بين الأدوار الكوميدية والتراجيدية لا يتاح إلا لنخبة من الممثلين القادرين على الإنسلاخ من الشخصية النمطية والإندماج في أشكال أدائية مختلفة، بل متناقضة أحياناً. يرى محبو هذه الفنانة أنها ممثلة كبيرة بأدوار صغيرة. سألناها عن هذا الانطباع الناجم في الغالب عن إحساس جماعي بالتعاطف ورغبة في إنصاف سيدة تحمل مواصفات الممثلة العالمية. فكان ردها قادماً من الضفة المقابلة، أي أنها رفضت بالمطلق هذا التصنيف. تقول في هذا الصدد: “ليس هناك دور صغير، بل هناك ممثل صغير. فهناك، عبر تاريخ الفن السابع، ممثلون أكفاء ومقتدرون تنحصر مشاركاتهم في ظهور خفيف. ويمكن أن يخطفوا النجومية من نظرة في مشهد سينمائي، من دون الحاجة إلى كلمات. أنا لا أعترف بمفهوم الدور الصغير. إذا كان دور ما صغيراً في رأي الآخرين، فإنه سيصير بالنسبة إليّ دوراً كبيراً”. حاولنا أن نعرف إن كان المخرجون لم يستثمروا المؤهلات الفنية لراوية، ولم يوكلوا إليها أدواراً تتجلى فيها الطاقة الإبداعية على نحو أكثر تأثيراً. لكنها حاولت تفادي هذا الموضوع. تقول عن ذلك: “لا أستطيع أن أرغم مخرجاً على أن يكلفني بأداء أدوار البطولة. أنا أتعامل مع كل دور أسند إليّ بجدية كبيرة. إنني أعيش حياتي، وأعيش أيضا حيوات أخرى تسعفني على الإنعتاق والخروج من ذاتيتي. الفن بالنسبة إليّ استشفاء من أشياء كثيرة، استشفاء حتى من نفسي وعقلي وروحي”. تملك راوية قدرة مذهلة على التعبير، سألناها عن مرجعية هذه الفرادة في الأداء. وأردنا أن نعرف إن كانت تقف خلف هذا الأداء التعبيري فلسفة معينة أو سند فكري وثقافي أو تقاطع مع مرجعيات سينمائية عالمية، فكان جوابها: “لا أنظر إلى الأمر من زاوية المؤهلات والمهارات والقدرات. إنها ببساطة حركاتي وسكناتي وانفعالاتي العادية. أنا لا أحب أن أبحث، معرفياً، في الشخصية، أو أشاهد أعمالا سينمائية مرجعية في سياق الدور المسند إليّ. إنني أقرأ السيناريو مرة واحدة وأشرع في التمثيل. إذا قرأت السيناريو مرة ثانية قد أرتبك”. تضيف راوية واصفة تلك اللحظة التي تنسلخ فيها من شخصيتها الواقعية إلى شخصيات أخرى من ورق: “المساحة الزمنية بين بداية مشهد ما ونهايته هي بالنسبة إليّ مرحلة انقطاع. نعم إنه انقطاع عن كل شيء واندماج كلي في الدور. لنقل إنها حالة من الانخطاف والجذب كما لدى المتصوفة. في مثل هذه الحالة قد ينسى الممثل أمراضه وآلامه وكل مشاغله حين يشرع في التمثيل، وبإمكان تلك الآلام والعوارض الصحية أن تعود بعد سماع إشارة التوقف عن التمثيل”. الفن والأثقال الاجتماعية من المعروف عن راوية أنها دائمة الانشغال بالبيت، وقليلة الظهور في الأماكن العامة. ويعود هذا الأمر إلى وضعية خاصة لدى هذه الفنانة المغربية التي آثرت أن تضع العائلة في سلم أولوياتها، إذ تعيش معها في البيت منذ سنوات والدتها العاجزة عن الحركة، وتعيش معها أيضاً أختها التي تسبب لها ورم في الرأس في العجز الحركي. سألناها إن كان هذا الوضع الإجتماعي يشكل عائقاً في طريقها كممثلة، وبالتالي يؤخر مسارها الفني، فتحدثت إلينا من داخل تجربتها: “تعرف أن لدي أختاً مصابة في الشلل تعيش معي في البيت، ووالدتي أيضاً عاجزة عن الحركة. مهمتي بالأساس هي أن أشتغل وأحصل على المال، لأنني المعيل الوحيد لهما. ما يخفف عني في الحقيقة هو أن ابنتي أختي المريضة تعيشان معي، وبالتالي فهما تساعدانني في أشغال البيت. بالرغم من هذا الوضع الحياة تستمر، وإذا جلستُ مكتوفة اليدين بجانب أمي وأختي فلن أجد ما أطعمهما وأعالجهما به. لذلك كنتُ حريصة منذ بداياتي على توفير دخل من عمل بعيد عن الفن، تحسباً لمثل هذه الوضعية، ذلك أني أومن بأن الإمكانات المادية تؤثر سلباً على الوضع المعنوي والنفسي”. أردنا أن نعود مع راوية إلى الدراما، وإلى النجاح الذي حققته هذا الموسم في ظهورها سواء في مسلسل “كاينة ظروف” أو في سلسلة “كنيناتي”، ورغبنا في أن نعرف كيف تلقت هذا التفاعل الإيجابي من الجمهور المغربي. فثمة إشادات كثيرة سواء على مواقع التواصل أو في الصحافة الوطنية، أو عبر تصريحات النقاد والمعنيين بالدراما في المغرب. تقول راوية عن هذا التفاعل الذي أثر فيها بشكل كبير: “لقد أبهرني تفاعل الجمهور، خصوصاً مع شخصية فوزية في مسلسل “كاينة ظروف”. الأمر ذاته ينطبق على دوري في مسلسل “كنيناتي”. لم أكن أتوقع هذا الصدى الهائل، لأنني في الحقيقة لم أبذل جهداً كبيراً في الأداء، لم أتعب ولم أسهر من أجل هذين الدورين، لقد كانا اشتغالاً عادياً بالنسبة إليّ. أحيّي بشرى ملاك التي تطرقت بعمق وبوضوح عن موضوع مسلسل “كاينة ظروف”، والمخرج إدريس الروخ الذي أدار هذا العمل باقتدار كبير، وخالد النقري الذي خلق جواً عائلياً بين التقنيين والممثلين في البلاتو”. تقول في ختام الحوار: “أنا أفكر في الجمهور، ولا أفكر في الجوائز والتكريمات. لديّ عشق خاص للتمثيل، إنني أشفي غليلاً ما وأنا أمثّل، إنني أيضاً أستمتع. دعني أقول لك إنني مبتهجة لأن الجمهور تفاعل بهذا النحو الجميل مع عمل مغربي، هذا يؤثر عليّ في العمق، إنني أحب المغرب وأنتصر له بطريقتي ولا يمكنني العيش خارجه”. المزيد عن: ممثلة مغربية\الدراما الرمضاني\ةالسينم\االمسرح\\الاداء\البعد الإنساني\المسلسات 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل الشاعرية الغنائية؟ next post البنتاغون آخر من يعلم بأسرار “الوثائق المسربة” You may also like استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 تحديات المخرج فرنسوا تروفو بعد 40 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 21 قصيدة تعمد نيرودا نسيانها فشغلت الناس بعد... 28 نوفمبر، 2024 الرواية التاريخية النسوية كما تمثلت لدى ثلاث كاتبات... 28 نوفمبر، 2024 بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024