الثلاثاء, يونيو 3, 2025
الثلاثاء, يونيو 3, 2025
Home » الملك تشارلز يحول دون استيلاء واشنطن على كندا

الملك تشارلز يحول دون استيلاء واشنطن على كندا

by admin

 

وسط كلام دونالد ترمب المستمر عن الولاية الـ51 شكلت زيارة الملك الناجحة إلى أوتاوا تذكيراً للعالم بأنه ملك كندا ولا يمكن لأي ضجيج إعلامي يثيره رئيس الولايات المتحدة أن يمحو تلك الحقيقة الملكية من الوجود

اندبندنت عربية / تيسا دانلوب @Tessadunlop

قطع تشارلز مسافات شاسعة لزيارة أوتاوا وافتتاح الدورة الـ45 للبرلمان الكندي، حيث ألقى خطاباً، من فوق عرشه، أمام مجلس شيوخ مكتظ بالحضور. والواقع أن وقته ومجهوده لم يذهبا سدى، إذ إن الملك الجديد، ببدلته الرسمية البسيطة، وخطابه الذي وجهه باللغتين الإنكليزية والفرنسية، تحدث بكلمات واضحة، ولم يتردد أو يتلعثم، في بلد يحظى فيه الملك ببعض الحرية في صياغة الخطاب.

وكان كلامه صائباً عندما ذكر مستمعيه بأن النظام الملكي “يجسد الاستقرار والاستمرارية من الماضي إلى الحاضر، وهو يرمز اليوم كما ينبغي، وبفخر، للدولة الكندية بكل غناها وحيويتها”.

والحال أن جولات التعارف المكثفة، والكلمة المطولة بلغتين، والرحلة عبر المحيط الأطلسي، لم تكن سهلة أبداً على الملك تشارلز، البالغ من العمر 76 سنة، الذي يواصل علاجه من مرض السرطان بعد مرور 14 شهراً، ليكون خير تذكير بأن وقت تشارلز ثمين. وبالتالي، فإن تخصيصه لمدة 24 ساعة من هذا الوقت لكندا يحمل معاني قوية، إذ “تسرب” الكيان الكندي أكثر بعد إلى “شرايين دمه”.

وبحسب رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، فإن هذا الحدث كان “شرفاً تاريخياً” يوازي “ثقل الحقبة التي نعيشها”، أي بكلمات أبسط، “إنها زيارة تشدد على سيادة بلادنا”.

وكما هو حال ملكه، وجد الزعيم المحب للثقافة الأنغلوفونية كلمات تليق بالمناسبة، حيث اعتبر وصول تشارلز إلى أوتاوا انتصاراً آخر لهذا المحافظ السابق لبنك إنجلترا الذي أصبح رئيساً للوزراء.

أما في بريطانيا، فاستغل دونالد ترمب ثقله الاستعراضي الذي نال بفضله دعوة رسمية ثانية لزيارة البلاد، إنما كضيف هذه المرة. وبالتالي، فإن استعراض الحب بين الإنكليز والكنديين هذا الأسبوع فيه تذكير بأن تشارلز هو ملك كندا. ومن ثم، فإن أية ضجة إعلامية، مهما علت، لن تتمكن من محو هذه الحقيقة الملكية عن الوجود. وحتى فترة قريبة من الآن، شعر عدد كبير من الكنديين بالفتور واللامبالاة حيال عاهلهم خلف البحار، لكن الأمور لم تعد كذلك.

فالحال أن خطاب ترمب المتعثر ساعد في ترسيخ رئاسة كارني الليبرالية لمجلس الوزراء، وأسهم في تعزيز ثقة ملك كندا، تشارلز، بنفسه. ونجح الاثنان، خلف نطاق الحدود الشمالية للولايات المتحدة، في توحيد جهودهما بسلاسة، واستثمرا تفوقهما هذا لخدمة مصالحهما بأسلوب كندي فريد، وسط زخات من شراب القيقب، واستعراض في زي الخيالة الملكية الأحمر، والبهجة الهادئة، وتذكير بعلاقة خاصة فعلاً بين الطرفين.

وصحيح أن تشارلز عاهل جديد نسبياً، لكن أسرة وندسور الحاكمة لديها تاريخ طويل من منح الأولوية لكندا، وهو تحديداً ما ذكر به الملك خلال زيارته. وفي هذا الإطار، تكرر اقتباس خطاب والدته من عام 1947 أمام برلمان البلاد، كما هي الحالة مع خطابها العائد لعام 1977.

في المقابل، نالت الزيارة الأولى للملكة الراحلة إلى البلاد برفقة زوجها فيليب، عندما كانا دوقة ودوق إدنبرا، عام 1951، اهتماماً أقل. وكانت هذه المرة الأولى التي سافرت فيها الملكة المستقبلية – بالنيابة عن والدها المريض، جورج السادس – على متن طائرة (حين كان لا يزال يعتبر نشاطاً شديد الخطورة). ومع ذلك، كان الأمر يستحق العناء للفوز بقلوب الكنديين وعقولهم.

ومنذ وقت ليس بالطويل، وتحديداً في عام 2023، أعطت الأميرة آن مقابلة نادرة، قبل تتويج شقيقها، عبر أثير محطة البث الكندية الرسمية “سي بي سي” CBC. وطرح عليها سؤال عن مدى واقعية النظام الملكي في مواجهة الاعتراض المتزايد عليه. ولم تخف الأميرة ازدراءها الواضح من هذا الطرح، مشيرة إلى أن مثل هذا النقاش ليس من النوع الذي تخوض فيه عادة، قبل أن تؤكد على أن “الملكية توفر للنظام الدستوري قدراً من الاستقرار طويل الأمد يصعب تحقيقه بأية طريقة أخرى”.

وكان كلامها هذا صائباً لدرجة حثت تشارلز على تكرار بعض منه خلال زيارته الأخيرة، في بلد لديه جذور ملكية راسخة، وحافظ عليها بفضل هويته الفريدة التي صمدت في وجه التدخلات الأميركية العدوانية.

تشارلز يحيي الجماهير خلال زيارة إلى منتزة “لانسداون بار” في أوتاوا، كندا (أ ب)

 

ويجدر التذكير بأن ترمب لا يمثل أبداً حالة استثنائية، إذ أعربت الولايات المتحدة، من حين لآخر، عن رغبتها في الاستحواذ على أراض شمال حدودها. لكن في فترة 1775-1776، لم تكن مسألة استحداث ولاية 51، بقدر ما كانت مسألة إنشاء المستعمرة الـ14، بعد أن وضع توماس جيفرسون تصوراً لأميركا مستقلة، تبسط رحالها على “كامل القارة الشمالية، إن لم نقل الجنوبية أيضاً”. وأرسل هذا الأخير الجيش القاري للاستيلاء على مونتريال وكيبيك، غير أن الكنديين كانت لهم رؤية مختلفة، فاختاروا الوقوف إلى جانب البريطانيين لصد القوة الأميركية.

وفي نهاية حرب الاستقلال الأميركية، تمثل أحد أهم أهداف الولايات المتحدة بحث بريطانيا على التنازل عن كندا، وهو طموح تخلت عنه واشنطن في النهاية، خدمة للاستقلال والسلام. واليوم، وبالنظر إلى العداء الجديد بين الرئيس الأميركي وصديقه السابق فلاديمير بوتين (حيث قام ترمب بوصف الرئيس الروسي بأنه “مجنون” على منصة “تروث سوشال”، مشيراً إلى أن سلوك بوتين قد يؤدي إلى “سقوط روسيا”)، من الحكمة أن يعيد الرئيس الأميركي النظر في مقاربته حيال جيرانه الأقرب والأكثر وفاء.

والولايات المتحدة بحاجة إلى الأمن والتعاون في الداخل، كي تتمكن من حفظ مكانتها كقوة عظمى هي الأهم في العالم. لذا، دعكم من الحديث عن احتمال انضمام كندا كولاية أميركية 51: فترمب أمامه مهمة شاقة لكسب ود جيرانه الأقربين أولاً. وإذا بدا مارك كارني، بصفته حزمة متكاملة من الحنكة والنعومة، خياراً يصعب تقبله، فربما ينجح ملك بريطانيا الحكيم – والأكبر سناً – في إعادة الرئيس الأميركي “الطفل الراشد” لطاولة الحوار.

وكما الحال مع سائر الطغاة المتملقين الطامحين للبروز، فإن ترمب غير قادر على مقاومة بعض من سحر الملوك التقليدي القديم، علماً بأن السلطة الوحيدة التي يمكن أن ينحني أمامها الرئيس عبر الزمن هي سلطة الملك. فعلى رغم أن الملك تشارلز أصغر سناً من ترمب، إلا أنه أكثر هشاشة، ويمثل شيئاً أقدم بكثير: تاريخاً مشتركاً، ورابطة متينة صمدت أمام تقلبات العلاقات الثلاثية بين كندا وأميركا وبريطانيا. هذه لحظة تشارلز، ولحظة كندا أيضاً، لكن ربما يكون الرابح الأكبر فيها هو مؤسسة الملكية نفسها.

في الآونة الأخيرة، وجد النظام الملكي نفسه محاصراً بقوى التقدم والتنوع، لا سيما في كندا، حيث سمعت بوضوح تهجمات الأمير هاري [على الأسرة المالكة] (والحال أن هذا الأمير الضال نظم ألعاب “إنفيكتوس” مرتين في البلاد، ووجد لنفسه مرتعاً آمناً في فانكوفر عام 2020، بينما صنعت زوجته اسمها من خلال تصوير مسلسل “سوتس” Suits في تورونتو). وبالتالي، كان التاج بأمس الحاجة إلى هذا الدعم المعنوي.

وعندما نظم كارني زيارة تشارلز التاريخية إلى كندا، حرص على عدم الاكتفاء بترسيخ سيادة بلاده، إذ شدد أيضاً على “حيوية نظامنا الملكي الدستوري”. وهنا، يجدر التذكير بأن أفضل العلاقات هي تلك التي تقوم على المنفعة المتبادلة. وبالتالي، لا عجب في أن يكون تشارلز بذل جهداً لعبور الأطلسي.

بعد أقل من ثلاثة أعوام على رحيل ملكتنا العظيمة إليزابيت – وبصورة رئيسة بفضل الرئيس الأميركي الـ47 – أصبح النظام الملكي الدستوري أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومن ثم، ستتنفس الأميرة آن الصعداء لأن أحداً لن يعاود طرح أي سؤال عليها عن الموضوع عما قريب.

صدر لـ تيسا دانلوب كتاب جديد بعنوان “لئلا ننسى: الحرب والسلام في 100 نصب بريطاني”.

© The Independent

المزيد عن: الملك تشارلزملك بريطانياكندادونالد ترمبمارك كارنيالملكية البريطانيةالعرش البريطاني

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili