ثقافة و فنونعربي المغربي أبو يوسف طه في عزلته: كتابتي تشبهني by admin 8 سبتمبر، 2020 written by admin 8 سبتمبر، 2020 47 توقف عن الكتابة 10 أعوام ثم عاد إليها برواية “عش الطائر المتوحد” اندبندنت عربية / عبد الرحيم الخصار يوجد صنف من الكتاب يؤثر أن يبقى قليل الظهور، في ما يشبه العزلة، أو الزهد في الأضواء، وإن لم تعد هناك أضواء في الحياة الثقافية الراهنة في العالم العربي. إنها غالباً ما تسلط على نوع آخر من الناس ليسوا بالضرورة كتاباً ومفكرين. الروائي والقاص المغربي أبو يوسف طه (مواليد عام 1946 – مراكش) ينتمي إلى هذا الصنف. إنه كاتب “وامض” تلمحه من حين لآخر في زاوية بعيدة عن الضجيج الثقافي، يظهر لبرهة، ثم يختفي. حتى تدويناته على وسائل التواصل الاجتماعي تجدها خاطفة، كما لو أن الرجل يريد أن يقول كلمته سريعاً، ويعود إلى خلوته، حتى لا يشغل الناس به، ولا يشغل نفسه بالناس. وقبل أن تدخل البلاد مرحلة “الحجر الصحي” كان أبو يوسف طه منذ سنوات عديدة في حالة من “الحجر الثقافي”. في هذا الحوار يشرح أبو يوسف طه، أحد رواد الأدب الحديث في المغرب، لـ”اندبندنت عربية” أسباب توقفه عن الكتابة، ثم عودته إليها، مبرراً خيار العزلة، ومُبدياً رأيه في الحياة الثقافية المغربية الراهنة. الرواية المغربية (دار النشر) سألته: قبل أربع سنوات أعلنت عن توقفك النهائي عن الكتابة، وتوقفت بالفعل فترة ثم عدت برواية “عش الطائر المتوحد” (المركز الثقافي العربي)، ما الذي جعلك تعلن عن التوقف؟ وما الذي جعلك تعود؟ فقال: “لم تكن الكتابة، كما لمعظم كتّاب جيلي، غواية أو استجابة لدواعٍ نفسية، بل اقتداء بكتاب ملتزمين، فهي في إدراكنا رسالية، قرينة برؤية حياتية مؤمنة بتجاوز عوائق الواقع وقساوته وإحباطاته، متجاوبة مع ما يروج في الحقل السياسي وما يسترفده من الحقل الثقافي. ولا يخفى وقتئذ أن السرديات المستأثرة بالاهتمام والأكثر تأثيراً، كانت ذات طبيعة راديكالية، وكانت الفجوة منعدمة في بلدنا بين الثقافي والسياسي. فالتصادي الوجداني والفكري مع تموجات الواقع في مواقفي، وفي محتوى ما أكتبه. وأنا بالغ الحرص على ألا أخطئ التقدير، كنت أتوقف استجابة لهذا الداعي من جهة، وتبرماً مما يصيب الجسم الثقافي والسياسي من مرائية وتزلف وانتهازية وسوء التقدير المتبادل، وأكاد أقر بأن “عش الطائر المتوحد” الثمرة الناضجة لمحمولات هذا المنحى”. مقاولة ثقافية قبل هذا الإعلان كان أبو يوسف طه منقطعاً عن الكتابة نحو عشر سنوات، فهل كان يرى أن الحياة العامة في المغرب، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لا تشجع على الكتابة، أم أن الانقطاع يعود إلى أسباب ذاتية؟ يجيب: “أما أن المغرب لا يشجع على الكتابة فالواقع يؤكد ذلك، ويوجد مدسوسون في مختلف المجالات ذات الصلة بالعمل الثقافي يستهويهم التحبيط، ودس البعوضة في الأذن. وهؤلاء فقراء الإدراك، كما أن البنيات الثقافية بمختلف تشعباتها لم ترق من حيث التحفيز وخلق أقنية التداول محلياً وعربياً إلى مقاولة صناعية (الصناعة الثقافية) ذات الإنتاج والمردودية العالية. الكتاب عندنا لا يمكنهم الاستغناء بالكتابة عن مورد عيش خارجها، لأنهم سيضطرون للتسول أو احتراف أي شيء. فالثقافة مُزدراة، وخاصة في العقود الأخيرة. ويجب أن نضع في البال التحولات الطارئة على الأوضاع الاعتبارية اجتماعياً. فالوجاهة متنقلة كما لو كان ذلك بفعل فاعل. وهنا نرى تقهقر وضع الكاتب والمثقف لحساب فئات أخرى. لقد تم التهميش والاقتناص والترويض. إن انقطاعي كان وعياً بذلك، وإحساساً بالخذلان، واكتشافاً لأغوار الناس، وتلمساً لما أجراه السياق العام من تبدل مضمون معجم القيم النبيلة إلى النقيض”. قلت له: تبدو منعزلاً عن الأوساط الثقافية، ميالاً إلى ما يشبه العزلة، فما السبب في ذلك؟ فرد قائلاً: “يجب إبلاغك صديقي أنني اشتغلت أستاذاً ثم مراقباً تربوياً، فرئيس مصلحة تربوية، ومكلفاً التخطيط. وهذه المواقع أتاحت لي الاشتغال والتواصل في الإطار اليومي، وفي إطار ندوات ولقاءات، وأيام دراسية وغيرها. وهذا عمل خصب ومتنوع في بُعده الأقصى، وحالة كهذه تخفض في النفس الميل إلى التسكع خلف المنصات الثقافية، في وقت ضمرت فيه محتويات الأشياء، وفسدت الحوافز والمطامح. كما أن معرفة دقائق الأمور في المجالين الثقافي والسياسي تملي وضع مسافة ببناء مرقبة عزلة”. عن اعتماده في كتاباته على لغة الإيماء والإشارة والتكثيف، بدل الإسهاب السردي والاستعراضات اللغوية، وهل يمكن أن نقول إن قصة أبو يوسف طه تشبه كاتبها؟ قال: “مجاراة لما قررت فإن كتابتي شبيهة بي، فأنا ميال للصمت، ويصدق ذلك على ما يَسِم نصوصي من التصرف في اللغة باتزان، وعدم الجنوح للتبذير. إن التعامل مع اللغة والأفكار كتقطير العطر. فكم نستخرج من العطر من حمولة شاحنة من الزهور؟ إن الوصول إلى اللب في التعبير ليس أمراً سهلاً. إنه عسير، ويتطلب جهداً في إطراح الزوائد. وأسألك كشاعر ألا يستهويك التعبير عن إحساس أو فكرة بكلمات قليلة؟ إن الأمر أشبه بكتابة على رأس دبوس، أليس الأمر جيداً؟”. المزيد عن: رواية مغربية/الكتابة/العزلة/الحجر الصحي/الواقعية/سوشيال ميديا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post غضب خليجي رسمي على تصريحات فصائل فلسطينية next post أفلام إباحية بحاسوب بن لادن.. فرضيتان تفسران “الكشف الغريب” You may also like بعد 25 عاما من “أسنان بيضاء”… زادي سميث... 14 مارس، 2025 روائية استرالية تحاكم فيرجينيا وولف في لعبة تخييلية 14 مارس، 2025 توماس مان يتلمس صعود الفاشية بين زعيم مخادع... 14 مارس، 2025 الرسامة رباب نمر رحلت في غيوم الأبيض والأسود 14 مارس، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: ثلاث قطع نحتية من... 12 مارس، 2025 الجزار فقأ عين كبير مستشاريه حاييم اليهودي خوفا... 12 مارس، 2025 مخرج “ميلانكوليا” الدنماركي “انتحر” سياسيا وعاش إبداعيا 12 مارس، 2025 الإنجليزي ستيفنسون في “أدغال فرنسا”: مغامرات العمر 12 مارس، 2025 كوميديا رمضان… ضحك طازج وآخر منتهي الصلاحية 12 مارس، 2025 أركون و«الحفر الأركيولوجي» في الأعماق 11 مارس، 2025 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.