السبت, نوفمبر 23, 2024
السبت, نوفمبر 23, 2024
Home » المرأة والرجل ضفتا نهرٍ واحدٍ هو الإنسانيَّةُ

المرأة والرجل ضفتا نهرٍ واحدٍ هو الإنسانيَّةُ

by admin

عبدالرحمن بسيسو

للمرأة رؤية للعالم، ونظرة ثاقبة للحياة، ولخبرتها الحياتية أن تمدّها بطرائق ناجعة في تدبّر شؤون الأسرة والمجتمع، وبأساليب مبتكرة، جديدة وخلّاقة، في التوجيه والقيادة.

تتأسّس الدّعوة إلى مشاركة المرأة في الحياة العامة، وفي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وغيرها من مجالات الأنشطة الإنسانية وحقولها، على حقيقة جوهرية مؤدّاها أنّ هويّة المرأة، بوصفها ذاتا إنسانية ذاهبة دوماً، وكما الرّجل تماماً، نحو كمالٍ محتملٍ، إنما تقع على الضّفة الأخرى لنهر واحد هو نهر الإنسانيةُ الذي تقع علي ضفته المقابلة هويّة الرّجل الإنسان.

ولهذه الحقيقة الجوهرية، التي تنهض على أساس فلسفيّ مؤدّاه أنّ الإنسانَ إمكانيةٌ مفتوحةٌ على التحقق الوجوي وتطلّع لاهب إلى كمالٍ إنساني محتمل، إنما تؤسّس، بدورها، سلسلة مترابطة من الحقائق والفروض المؤصّلة التي تؤكّد أنّ للمرأة حقوقاً إنسانية لا تقلّ عن حقوق الرّجل ولا تزيد عليها، وأنّ هذه الحقوق حقوق مترابطة، يعزّز بعضها بعضاً، وهي متأصّلة في المرأة كذات إنسانية ذاهبة، كما الرجل، إلى كمال ممكن، أو هي طبيعة ثابتة في طبيعتها كإنسان يتطلع، ويسعى، إلى إدراك ذاته.

وفي ضوء هذه الحقيقة، لا يكون لسلب هذه الحقوق، أو انتقاصها، أو انتهاكها من قبل الآخرين، أن يبطلها أو يلغيها؛ ذلك لأنها حقوق مرتبطة بواجبات ومسؤوليات لم تكفّ المرأة، بطبيعتها وبما يستجيب لسعيها الوجودي ودورها الاجتماعي أيضاً، عن أداء ما أتيح لها أن تؤديه منها، مثلما لم تكفّ عن تحمّل مسؤوليات هذا المتاح وأعبائه، وذلك من دون أن تتخلّى عن السّعي، أملا أو نضالا، للحصول على حقوقها كاملة، والشروع في ممارستها في ارتباط وثيق مع ما يترتّب على ذلك من إنهاض وعي متنامٍ، ومن واجبات ومسؤوليات.

هذا هو، في واقع الأمر، المسوّغ الرئيس، شديد الإحكام، للمطالبة بحقوق المرأة والدّعوة إلى مشاركتها في صنع الحياة الاجتماعية بأسرها وفي اتخاذ القرار في كلّ شأن يخصّ حياتها ومستقبلها، فللنساء ما للرجال من حقوق، وعليهنّ ما عليهم من واجبات ومسؤوليات.

اللوحة لأحمد داري

وليس للأقوال المتكاثرة حول الحاجة الماسّة إلى مشاركة المرأة، على قدم المساواة مع الرجل وبفاعلية أعلى من قِبَلِهما معا، في مواجهة الأيديولوجيات الظلامية العنفية التدميرية المهلكة، وفي النّضال الإنساني المرّ والنبيل، والهادف إلى الحيلولة دون تمدّد أذرع أخطبوط العتمة والتّخلّف والعنف على مزيد من بقاع الأرض العربية، وذلك كمدخل ضروري لاستئصال هذه الأذرع والقضاء، نهائيا، على هذا الأخطبوط المريع، إلا أن تكون مؤسّسة، بدورها، على هذا المسوّغ الرّئيس، وإلا أن تسهم، مع فتح الباب واسعا لتحيقق هذا الهدف النبيل، في فتح إمكانية انخراط الإنسان العربي الواعي، امرأة ورجلا، في حراك مجتمعي وثقافي وحضاريّ عريض يتوخّى إنهاض نهضة عربية عميقة وشاملة.

وبهذا المعنى، لا يستقيم كلام على إمكانية حدوث نهضة عربية، أجزئية كانت هذه النّهضة أم شاملة، إن لم تكن الجهود إليها مسبوقة، ومتواكبة باستمرار، مع جهود جذرية عميقة ودؤوبة، للإعلاء من شأن المرأة بوصفها إنسانا جوهريا كما الرّجل تماما، ولإقامة سياسات التنمية في جميع المجالات على توازن يتناسب مع جميع فئات المجتمع وشرائحه وطبقاته، مع تأكيد حقيقة أنّ مشاركة المرأة صارت ضرورية للتنمية والتقدّم، وأنّ التقدير المعنوي للمرأة غير كافّ لإحداث التغيير، وأنّ تهميش دورها يؤدي إلى إعاقة التنمية، ويجعلها تنمية مغلقة حبيسة، تماما، مثلما أنّ إبعاد المرأة عن المشاركة الفاعلة في الحراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يفضي إلى تخلّف حياتنا من جميع الوجوه، بينما تفضي مشاركتها الفاعلة إلى تجديد حياتنا وإثرائها، ذلك لأن للمرأة رؤية للعالم، ونظرة ثاقبة للحياة، ولأنّ لخبرتها الحياتية أن تمدّها بطرائق ناجعة في تدبّر شؤون الأسرة والمجتمع، وبأساليب مبتكرة وناجعة في التوجيه والقيادة.

وليس لأي عقل إنسانيّ متفتّح إلا أن يعتبر ما تقدّم من أقوال وخلاصات تتنوّع محمولاتها المفهومية، وتتعدّد منظورات إنتاجها والرؤية إليها، بمثابة مسوّغات تفصيلية إضافية، مهمة وضرورية، تسهم في ترسيخ المسوّغ الرئيس المتعلّق بجوهر هوية المرأة الإنسانية ودورها الوجودي، وبالحاجة الماسّة إلى مشاركتها الفاعلة في إنهاض الحياة وضمان تقدّمها المطّرد، في وعي الناس جميعا، وأيا ما كان نوعهم الاجتماعي، أو انتماؤهم الدّيني، أو جنسهم، أو عرقهم، أو لونهم، أو مستواهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، أو لغتهم، أو عمرهم، أو الموقع الذي يحتلونه في إدارة شؤون البلاد، أو السلطة التي يمارسونها على مستوى اتخاذ القرار الذي يؤثّر على حياة الناس في أسرة، أو عائلة، أو جماعة، أو مجتمع، أو بلد، أو في إقليم بعينه، أو في العالم بأسره..

 

 

 

You may also like

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00