كرادلة في القداس الجنائزي للبابا بنديكتوس السادس عشر في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان (أ ف ب) عرب وعالم الكرادلة… أمراء الكنيسة الكاثوليكية by admin 21 أبريل، 2025 written by admin 21 أبريل، 2025 20 من هم؟ وكيف يُنتخبون؟ وما صلاحياتهم؟ وهل تعود فكرة وجودهم لمجلس الشيوخ الروماني؟ وما دلالات أزيائهم؟ اندبندنت عربية يظهرون دوماً من حول البابا بملابسهم المثيرة التي تتغير من حين إلى آخر، من الأحمر القاني إلى القرمزي، بحسب الطقوس والمراسيم الدينية. لا يتجاوز عددهم في أفضل الأحوال أكثر من 200، لكنهم مع ذلك يمثلون أعلى الرتب في الكنيسة بعد مقام بابا روما. يطلق عليهم “الكرادلة”، وهي جمع “كاردينال”، وإليهم يعهد الحبر الأعظم بعملية إدارة “الكوريا الرومانية”، أي حكومة البابا المنوط بها تدبير شؤون حاضرة الفاتيكان، عطفاً على الإشراف على كبريات المؤسسات الفاعلة في عالم البابوية. يبدو الكرادلة وكأنهم آخر من تبقى من رموز “أوروبا القرون الوسطى“، وإن بدوا اليوم عصرانيين يرتدون الأزياء الحديثة في مناسبات أخرى، لا سيما ما يعرف بملابس Clargyman، أو برجل الدين ذي السترة السوداء والياقة البيضاء. من بين هؤلاء على الدوام يتم اختيار البابا، والذي يجري من خلال تجمعهم، عبر ما يعرف بهيئة الكرادلة أو الـCONCLVE. يتم اختيار البابا من خلال عملية انتخاب حر يشرف عليها كبيرهم، ولا يحق لمن تجاوز سنه الـ80 أن يقترع لاختيار البابا، فقط من دون الـ80 هم من يمكنهم الترشح للبابوية والاقتراع. هل عالم الكرادلة عالم غامض؟ ربما يكون كذلك بالفعل، لكن لمن ليس لديهم رؤية تاريخية عن هذه الجماعة الفاعلة تاريخياً، والتي لعب بعض أعضائها أدواراً تاريخية في صفحات القارة الأوروبية، وإن ينسَ المرء، لا ينسَ أشهرهم “الكاردينال ريشيليو” رجل البلاط الملكي الفرنسي، وصاحب الدهاء السياسي الأشهر. كلمة كاردينال مشتقة من كلمة لاتينية تعني “مفصلة الباب” (أ ف ب) رؤية تاريخية… من هم الكرادلة بداية؟ كلمة كاردينال مشتقة من الكلمة اللاتينية Cardo التي تعني “مفصلة الباب”، وربما تشير هنا، إلى الدور المهم في الفتح والإغلاق، في السماح بالمرور أو المنع، وقد تطور منصب الكاردينال ببطء خلال الألفية الأولى. المرة الأولى التي ظهر فيها مصطلح كاردينال كان في سيرة البابا ستيفن الثالث، عندما تقرر في المجمع الروماني عام 769م، أن يتم انتخاب البابا الروماني من بين الشمامسة والكهنة الكرادلة. وبلغة العصر فالكاردينال هو أسقف أو رئيس أساقفة يعتمر القبعة الحمراء واسعة الحواف، مربعة الشكل، وباللغة اللاتينية يطلق عليه Sancta Romane Ecclesiae cardinalis أي “كاردينال الكنيسة الرومانية المقدسة”. كل كاردينال هو عضو كبير في طغمة رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية، وهم غالباً يعملون مستشارين للبابا الذي هو أسقف روما. يتم تنصيب الكرادلة من قبل البابا، وذلك في حفل كبير يتسلم فيه “قبعة الكاردينالية”، وعادةً ما يحملون اللقب مدى الحياة. وفي عام 1563 كتب القائمون على شؤون المجمع المسكوني التريدنتيني برئاسة البابا بيوس الرابع عن أهمية اختيار الكرادلة الجيدين: “ليس هناك ما هو أكثر ضرورة لكنيسة الله من أن يطبق البابا الروماني المقدس ذلك الاهتمام الذي يدين به للكنيسة العالمية بموجب منصبه بطريقة خاصة جداً من خلال ربط نفسه ككاردينال فحسب، بالأشخاص الأكثر اختياراً، وتعيين رعاة أكثر استقامة وكفاءة لكل كنيسة”. لكن وعلى رغم أن دور الكرادلة كهنوتي روحي، فإن النفوذ السابق للحكام الزمنيين، وبخاصة ملوك فرنسا، أعاد تأكيد نفوذ الكرادلة من جنسيات معينة، وعبر حركات ذات أهمية سياسية، حتى إن التقاليد تطورت لتمنح بعض الملوك، بما في ذلك ملوك النمسا وإسبانيا وفرنسا الحق في ترشيح واحد من رعاياهم الموثوق بهم من رجال الدين لترقيته إلى رتبة كاردينال، وهو ما يسمى “كاردينال التاج”. في العصور الحديثة المبكرة كان للكرادلة غالباً أدوار مهمة في الشؤون الدنيوية، وفي بعض الحالات تولوا مناصب قوية في الحكومة. على سبيل المثال في إنجلترا في عهد هنري الثامن، كان رئيس وزراءه لبعض الوقت الكاردينال “وولسي”، كما كانت قوة الكاردينال ريشليو عظيمة لدرجة أنه كان لسنوات عديدة حاكماً فعلياً لفرنسا. كان خليفة ريشيليو أيضاً كاردينالاً، جول مازارين، وفي البرتغال بسبب أزمة الخلافة، توج أحد الكرادلة هنري البرتغالي ملكاً، وهو المثال الوحيد للملك الكاردينال. الكاردينال ريشيليو (الموسوعة البريطانية) طريقة اختيار وتنصيب الكرادلة تبدو عملية اختيار الكرادلة ضمن المهام الرئيسة للحبر الأعظم بابا روما. وعلى رغم الإعلان عن أسمائهم مسبقاً، فإن الكرادلة الجدد لا يحصلون على رتبهم إلا بعدما يعينهم البابا رسمياً في اجتماع في روما للكرادلة الحاليين. ولا يلزم حضورهم شخصياً. فقد تم تعيين أساقفة من بروناي والفيليبين كرادلة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 على رغم أن جائحة كورنا، كانت قد منعتهم من حضور الاجتماع. في المجمع الكنسي يقسم الكرادلة الجدد يمين الولاء للبابا، ويركعون لتسلم قبعة حمراء رباعية الزوايا تسمى “بيريتا”، ووثيقة التعيين، وخاتم ذهبي مختوم بشعار النبالة الخاص بالبابا. كما يمنح الكاردينال الجديد لقب كنيسة في روما، مما يجعلها كنيسته الخاصة. يحتفظ الكاردينال برتبته حتى الموت، وحتى لو لم يعد يمارس مهامه ككاردينال نشط، ولكن من الممكن أن يستقيل من منصبه أو يطرد من مجمع الكرادلة لأسباب خطرة وهذه الأسباب نادرة نسبياً، فلم تحدث سوى خمسة استقالات وطرد واحد منذ عام 1791. كيف يختار البابا الكرادلة؟ علامة استفهام مهمة، إذ من بينهم سيتم اختيار خلفه، وعلى هذا الأساس يختار البابا الكرادلة من رجال الدين في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في مختلف أنحاء العالم. وعلى رغم وجود عدد قليل من الأبرشيات التاريخية، حيث يتم تعيين الأسقف كاردينالا بصورة تلقائية، فإن معظمهم يتم تعيينهم لمزاياهم الشخصية. هنا يقول القانون الكنسي، إنه يجب أن يكونوا من رجال الدين “المتميزين حقاً في العقيدة والفضيلة والتقوى والحكمة في الأمور العملية”. وعلى رغم أن معظم الكرادلة يكونون أساقفة عند تعيينهم، فإنه يتم اختيار عدد قليل من الكهنة أيضاً لمنصب الكردينالية. ما واجبات الكاردينال؟ يشغل الكرادلة مجموعة واسعة من الأدوار القيادية في الكنيسة. وفي حين يعيش بعضهم في مدينة الفاتيكان لتقديم المشورة للبابا، أو لشغل المناصب العليا في الكوريا الرومانية، يظل كثر آخرون أساقفة أبرشياتهم الأصلية. يمكن للبابا أيضاً استدعاء الكرادلة لأداء واجبات موقتة، مثل تعيين أحدهم لتمثيله في مناسباًت رفيعة المستوى، أو للعمل كمبعوث خاص لحاجات رعوية محددة. يستدعى مجمع الكرادلة كلما أراد البابا استشارتهم في أمور خطرة، وهناك نوعان من الاجتماعات: المجمع العادي لكل الكرادلة في روما، والمجمع الاستثنائي لكل الكرادلة في العالم، وفي المجمع العادي يتم تعيين الكرادلة الجدد. لاحقاً، وعندما يموت البابا، أو يستقيل من منصبه، يتولى المجمع مسؤولية إدارة شؤون الكنيسة اليومية. الملابس الكنسية هي بمثابة أسرار مقدسة وهي مخصصة ومباركة من قبل الكنيسة لإلهام وزيادة التقوى في أولئك الذين يرتدونها (متحف الفاتيكان) رموز وأسرار ملابس الكاردينالية هل تمثل ملابس هؤلاء الكرادلة بعناصرها المختلفة بعضاً من أسرار الحياة الكنسية الكاثوليكية؟ الشاهد أنه وبحسب العهد القديم “التوراة” فإنه كانت هناك إشارات واضحة للملابس الطقسية، والأشياء المطلوب من الكهنة أن يرتدوها خلال أدائهم لوظائفهم الكهنوتية المقدسة. وعلى هذا النحو، فإن الملابس الكنسية هي بمثابة أسرار مقدسة، وهي مخصصة ومباركة من قبل الكنيسة لإلهام وزيادة التقوى في أولئك الذين يرتدونها، وكذلك أولئك الذين يرونها من المؤمنين المصلين. ماذا عن أهم أزياء الكرادلة؟ ** فستان الجوقة: يرتدي الكاردينال زي الجوقة أو “في تشورو”، عندما يحضر الصلاة الليتورجية العامة، أو يدير الأسرار المقدسة (باستثناء القداس). ويرتدي هذا الزي فقط في القداس إذا لم يكن يحتفل به. كما يرتدي الكاردينال زي الجوقة في المناسبات الدبلوماسية والاحتفالية، بخاصة إذا كان الكاردينال هو الذي يستضيفها. ** القبعة: تُرتدى هذه القبعة فوق القلنسوة، والقبعة القرمزية هي غطاء الرأس الكنسي للكاردينال. وكعلامة على التميز، فهي مطلوبة من جميع الأساقفة من رتبة الكاردينال، سواء في الزي الرسمي أو الزي الأكاديمي. والقبعة القرمزية للكاردينال لا تحوي “توف” أو “بوم” لأن تعيين الكاردينال لا يرفعه إلى أي درجة أكاديمية ولا يمنح له أي درجة. ** الصليب الصدري البابوي: يتدلى من الصدر من سلسلة حول الرقبة. وهو يعكس منصب الكاردينال باعتباره ممثلاً للمسيح في الأبرشية. ويتشابك الحبل الحريري مع الذهب الذي يشير إلى الطبيعة الإلهية للمسيح بحسب المعتقد الإيماني المسيحي، أما اللون القرمزي، فيمثل دم المسيح والشهداء المسيحيين. ** الموزيتا: عباءة قصيرة تُرتدى على الكتفين وتُزرَّر من الأمام، وهي مشتقة من كلمة CAPPA MAGNA، أي العباء العظيمة، وهي عباءة أسقفية أزرارها الـ12 المغطاة بالحرير تمثل الرسل الـ12. ** الرداء: ثوب أبيض من الكتان يصل إلى الركبة يشبه الرداء الكهنوتي، وهو ثوب من أثواب القضاء، مشتق من الرداء الأبيض الطويل الذي ارتداه المسيح قبل آلامه، وهو ثوب الطهارة والتضحية. ** زوكيتو: هذا الغطاء الحريري الصغير المستدير يرمز إلى الممسوح (أي الشخص المكرس)، وهو أبيض للبابا، وقرمزي للكاردينال، وفوشيا للأسقف. ** الفيرايليو: يعتمد لون الفيرايلو (العباءة) على رتبة مرتديها، الأسود للكهنة، والبنفسجي للأساقفة، والحرير القرمزي المغطى بالماء للكرادلة. ** وشاح: يرتدي رجال الدين الكاثوليك هذا الوشاح منذ عام 1624، ويعتمد لونه على رتبة مرتديه، وقد أوصى البابا أوربان الثامن باستخدامه كرمز لالتزام المرء حياة مرتبطة ومكرسة للمسيح. ** الرداء القرمزي: هذا الرداء الحريري المغطى بالماء هو ثوب طويل ملائم يرتديه الكاهن في الاحتفالات العامة للكنيسة، وهو مزود بأزرار أمامية بها 33 زراً، ترمز إلى الأعوام الـ33 التي قضاها المسيح على الأرض، وهذا بغض النظر عن طول من يرتديه. ** الرداء الأسود: يطلق على الكاسوك الأسود المزين بزخارف ملونة اسم “الكاسوك العادي”، ويُرتدى عند أداء مهام أخرى، وفي مناسبات أقل رسمية. ** الرداء الأبيض: يرتدي الكاردينال رداءً أبيض من دون عباءة طوال اليوم عندنا لا يشارك في أي احتفال طقسي، يعرف أيضاً باسم “رداء البيت”، حيث تتوافق الزخارف ولون اللفافة مع المرتبة الكنسية لمن يرتديه. رئيس أساقفة كراتشي المعين جوزيف كوتس (يمين) يتحدث مع الكرادلة بعد اجتماع لإنشاء أربعة عشر كاردينالًا جديدًا بقيادة البابا فرانسيس في كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان (أ ف ب) الكردينالية ونموذج مجلس الشيوخ الروماني يلعب مجمع الكرادلة أهم دور في الكنيسة المعاصرة، وربما قبل ذلك بقرون طويلة، ويعرف أيضاً بـ”هيئة الكرادلة”. تشتهر هذه الهيئة بقوتها، ولكنها لم تكن جزءاً من الكنيسة منذ الأيام الأولى. تقول بعض التفسيرات إن فكرة الكردينالية ربما تعود في هيكليتها إلى مجلس الشيوخ الروماني، وربما كان هذا هو النموذج الذي استندت إليه هذه الهيئة في نشأتها، أي كأنه المجلس الذي يدير شؤون الكنيسة من الداخل. وفي كل الأحوال كانت هذه المجموعة تتولى على نحو متزايد دوراً رئيساً وجوهرياً في الشؤون الكنسية مع الإصلاحات المؤسسية التي وضعها البابا غريغوريوس السابع (1073-1085). وكان البابوات يستخدمون الكرادلة سعياً إلى توسيع السلطة البابوية. وكانوا بمثابة هيئة منتظمة من المستشارين والمندوبين ومسؤولي الكوريا، وكانوا يستغلون في كثير من الأحيان هذه الأدوار الجديدة ويستغلون المناسبات التي يضعف فيها البابا لتعزيز سلطتهم. لقد كان صعود السلطة الجماعية لهيئة الكرادلة قوياً إلى درجة أن أحد العلماء المعاصرين، يستشهد بمقولتين لاتينيتين توضحان التطور الجماعي الذي حدث لمجمع الكرادلة هذا. العبارة الأولى تقول إن “الهيئة المقدسة كانت جزء من جسد البابوية” Pars coprios papae، وتمارس مع البابا “ملء سلطتها” Plena potestas. منذ منتصف القرن الـ11 اكتسب الكرادلة أهمية إضافية، فقد حلت مهام مؤسسية جديدة محل وظائفهم الليتوجرية نتيجة للإصلاح الغريغوري. وقد بدأ هذا في الواقع في عهد البابا ليون التاسع (1049-1054) عندما أصبح التنظيم الكنسي أكثر مركزية وخضعت الكنيسة الأوروبية لسيطرة بابوية قوية ومباشرة. ومع توسع الأجهزة المؤسسية، تزايدت الحاجة إلى موظفين مؤهلين للإشراف على الأعمال البابوية. وبالمصطلحات الحديثة، ومع نمو البيروقراطية في المكاتب المنزلية، أصبحت هناك حاجة إلى مزيد من الموظفين في الإدارة العليا. على وجه الخصوص قام البابا باسكال الثاني (1099– 1118) بتعيين الكرادلة كمبعوثين، ووضع آخرين في مسؤولية أقسام الكوريا. نمت هيئة الكرادلة بصورة مطردة، فقد عين البابوات الـ16 الذين خدموا من عام 1099 إلى عام 1198 نحو 300 كاردينال، في حين تم تعيين ما يقارب 140 آخرين في القرن الثاني. وقد حدد البابا سيكتوس الخامس (1080-1590) عدد الكرادلة بـ70، ولكن نادراً ما كان هناك هذا العدد في مناصبهم في أي وقت. ومع انفصال رجال الدين الكرادلة عن روابطهم الليتورجية بروما نشأ نوع من التنوع الجغرافي، وبخاصة مع سعي البابوات إلى تعزيز ولايتهم القضائية الدولية. وفي رسالة إلى تلميذه وزميله السيترسي البابا يوجينيوس الثالث (1145-1153) حثه القديس برنارد من كليرفو على إلقاء شبكته على نطاق واسع من أجل الكرادلة لأن قراراتهم من شأنها أن تؤثر في المسيحية بأكملها. كان ما يقارب من 55 في المئة من الكرادلة الذين عينهم البابوات الرومان في القرن الـ15 من أصل إيطالي، وارتفع هذا العدد إلى ما يقارب 70 في المئة في القرن الـ16. ولم يكن الألمان يحصلون على لقب الكرادلة قط تقريباً بسبب الصراعات المستمرة بين البابوية وأباطرة الرومان المقدسين. في جين كان عدد الكرادلة الفرنسيين يفوق عدد نظرائهم الإيطاليين أثناء سنوات البابوية في مدينة أفينون الفرنسية (1305-1378). أساقفة يشاركون في قداس التقديس في 18 أكتوبر 2015 في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان (أ ف ب) فرنسيس وتنصيب كرادلة جدد في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024 نصَّب البابا فرنسيس 21 كاردينالاً جديداً… هل كان الفقير وراء جدران الفاتيكان، يسعى في طريق تهيئة الأجواء لخلفه القادم، بعدما شعر بوطأة المرض يثقل عليه؟ المؤكد أن هناك شيئاً من الحقيقة في هذا الكلام، لا سيما أن عديداً منهم شخصيات رئيسة في أجندته الإصلاحية. واعظ دومنيكي عمل كأب روحي لتجمع الأساقفة الأخير الذي دعا إليه البابا فرنسيس، وكاهن يعمل في خدمة المشردين في الشوارع من نابولي، وأسقف من بيرو أيد بقوة حملته الصارمة على الانتهاكات. طوال سنواته الـ12 كبابا لروما عين فرنسيس نحو 110 من أصل 140 كاردينالاً تحت سن 80، بالتالي هم مؤهلون للتصويت في الكونكلاف الذي سيختار خليفته. من المتوقع أن يحضر 140 كاردينالاً الكونكلاف القادم في كنيسة سيستين، وهو رقم قياسي، وكان من المفترض أن يحضر الاجتماع 141 كاردينالاً، لكن وفاة الكاردينال ميغيل أنخيل إيوسو جيكسوت في الـ25 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 قلصت العدد واحداً وفي المجمل أصبح مجمع الكرادلة الآن يضم 255 عضواً. إن عدد الكرادلة الناخبين هو أهم نقطة بيانات يمكن أن تظهر من اجتماع الكرادلة هذا الأسبوع، فمن بين الكرادلة الناخبين الـ140 تم تعيين 110 منهم من قبل البابا فرنسيس، و24 من قبل البابا بندكتوس الـ16 وستة من قبل البابا يوحنا بولس الثاني. كان البابا بولس السادس الذي رحل عن عالمنا عام 1978 هو من حدد عدد الكرادلة بـ120، وهو تحديد لم يتم إلغاؤه قط، ولكنه سيكون من الضروري الانتظار حتى مايو (أيار) 2026 ليعود العدد إلى المستوى المحدد، بمعنى أن يتجاوز عدد من الكرادلة سن الـ80، بالتالي لا يحق لهم الاقتراع على اسم البابا القادم. هل فتح فرنسيس الباب أمام تغيرات ديموغرافية وجغرافية في اختياراته للكرادلة الجدد، وبما يجعل المجال فضاءً متاحاً لكل دول العالم للمشاركة في مستقبل الكنيسة الرومانية الكاثوليكية؟ غالب الظن أنه فعل ذلك ضمن رؤيته للإصلاح، وحتى لا تكون هناك سيطرة مناطقية على عمل ورؤية الكنيسة. على سبيل المثال فإنه للمرة الأولى أصبح هناك كاردينال في إيران، وهو المطران دومنيك ماثيو من طهران – أفهان، وهو مبشر بلجيكي. وهذه هي المرة الأولى أيضاً التي يكون فيها كاردينال في صربيا، حيث حصل المطران لاديسلاف نيميت من بلغراد على القبعة الحمراء. وأنشأ فرنسيس كرادلة من 72 دولة مختلفة، و24 من تلك الدول لم يكن لها كاردينال من قبل. وقد كان من بين اختياراته للكاردينالية أسقف من إندونيسيا، لكنه رفض حمل اللقب، رغبة منه في ألا تشغله مهام ذلك المنصب، عن التعمق في حياته الروحية الكهنوتية. الكرادلة خلال أحد القداديس في كاتدرائية سان بطرس (أ ف ب) أحد الأسئلة التي تتردد كثيراً حول البابا القادم: هل لا بد أن يكون من أصول إيطالية هذه المرة؟ تاريخياً كان غالبية البابوات من أصول إيطالية، باعتبار روما مركز الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، لكن الأرقام توضح لنا أن الكرادلة الإيطاليين هذه المرة هم الأدنى عددياً على الإطلاق في العصر الحديث، فقط تدنت نسبتهم أيام كان بابا روما لاجئاً في مدينة أفينون في فرنسا في القرن الـ14 الميلادي، ولفترة بلغت نحو 75 عاماً. اليوم، يوجد 17 كاردينالاً فقط من أصول إيطالية، إضافة إلى بطريرك القدس بيير باتيستا بيتسابالا، المحسوب جغرافياً على آسيا، والكاردينال جورجيو مارينغو، بطريرك منغوليا، في آسيا بدوره. لقد سعى البابا فرنسيس منذ أمد بعيد إلى توسيع التنوع الجغرافي لمجمع الكرادلة لإظهار عالمية الكنيسة، وبخاصة حيث تنمو. فقد حصلت آسيا على كاردينالين جديدين، تارسيسو إيساو، رئيس أساقفة طوكيو، وبابلو فيرجيليو، أسقف كالوكان، الفيليبين، كما حصلت أفريقيا على كاردينالين جديدين، رئيس أساقفة أبيدجان، ساحل العاج، إنياس بيسي، وأسقف الجزائر جان بول فيسكو. ويبقى السؤال الأهم: كيف تُدار عملية اختيار البابا؟ ومن المرشح الأكثر حظاً في الكونكلاف القادم؟ هل سنرى بابا آسيوياً أم أفريقياً للمرة الأولى؟ يُحاجج البعض بأن قلب العالم يتحرك نحو آسيا بالفعل، وعلى هذا الأساس يفضل أن يكون البابا من هناك، حيث شرق العالم، بالحضور العددي الكثيف للصين والهند واليابان وما حولهما. وهناك من يتساءل: لماذا لا تحظى الولايات المتحدة الأميركية بنصيبها في البابوية، بعدما جاء أحدهم من أميركا الجنوبية؟ المزيد عن: الكنيسة الكاثوليكيةالباباأزياء الكرادلةالكوريا الرومانيةحاضرة الفاتيكانكونكلافالكاردينال ريشيليو 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فرنسيس… البابا الفقير من المهد إلى اللحد next post الفاتيكان… دولة الكاثوليك الروحية You may also like حياة الشابات في السودان: حقائق مؤلمة ومعاناة متفاقمة 21 أبريل، 2025 قراءة في البرنامج النووي الإيراني 21 أبريل، 2025 الفاتيكان… دولة الكاثوليك الروحية 21 أبريل، 2025 فرنسيس… البابا الفقير من المهد إلى اللحد 21 أبريل، 2025 ماذا يحدث عند وفاة البابا؟ 21 أبريل، 2025 وفاة البابا فرنسيس وزعماء العالم ينعونه: رجل سلام 21 أبريل، 2025 المطالب الأميركية الثمانية من سوريا… ماهي، وكيف ردت... 20 أبريل، 2025 آلاف الأميركيين يتظاهرون ضد ترمب 20 أبريل، 2025 أي مصير ينتظر “بلبن” في مصر؟ 19 أبريل، 2025 إيران تعلن البدء في وضع إطار عمل لاتفاق... 19 أبريل، 2025