المملكة الإسبانية والغزو في القرن 16 (صفحة الغزوات التاريخية - فيسبوك) ثقافة و فنون الغزاة الاسبان واجهوا سكان أميركا الشمالية بوحشية by admin 13 أبريل، 2025 written by admin 13 أبريل، 2025 15 المستكشف دي فاكا يروي مغامراته في العالم الجديد في القرن16 اندبندنت عربية / أنطوان أبو زيد يشكل الكتاب الفائز بجائزة ابن بطوطة (دار المتوسط، إرتياد الآفاق ) واحداً من أهم المصادر الأصلية التي بلغتنا عن طبيعة العلاقات التي وضعت الغزاة الإسبان وجهاً لوجه، مع سكان أميركا الشمالية الأصليين في القرن الـ16، إبان الاكتشافات الكبرى – أي بعد حملة فاسكو دي غاما إلى الهند، وكريستوف كولومبوس (1451-1506) واكتشافه العالم الجديد في أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى. ومن المعلوم أن تعامل الغزاة والمستعمرين الإسبان كان قد اتسم بالوحشية الشديدة في كل من الهند والقارة الجديدة، ولا سيما بعد اكتشاف الغزاة أن أقوام البلدان الأصلية لا يماثلونهم ديناً، إذ كانوا بمعظمهم، إما بوذيين أو مسلمين أو وثنيين أو أرواحيين، وغيرهم. تقرير رأس البقرة إذاً يندرج كتاب اليوميات، المشار إليه أعلاه، في سياق سجل من التقارير الرحلية الرسمية التي كانت تعد لتخدم غايات سياسية في بلاد القائمين بالرحلات أو الحملات العسكرية البحرية، والتي يرصد فيها القائمون بها مكامن الثروات وطبيعة التكوينات السكانية والحضرية والإطار الجغرافي واستعداد السكان الأصليين للقتال دفاعاً عن محمياتهم، أو نسيجهم الاجتماعي الخاص وعاداتهم وتقاليدهم وأنماط عيشهم المرتبطة بمستوياتهم المادية، وغيرها من الأمور. الكتاب بالترجمة العربية (دار المتوسط) وقد تميزت الوقائع التي وردت في تقرير “رأس البقرة”، على توالي حدوثها في الزمن، من اليوم الـ17 من يونيو (حزيران) عام 1527، إلى التاسع من شهر أغسطس (آب) من عام 1537، بقدر موجز من الوقائع يكاد يكون كافياً لتكوين رأي في الحال التي بلغها الطرفان المعنيان بالتقرير، أي رجال الحملة والسكان الأصليون، على حد سواء. طبعاً لم تكن تلك التقارير عبارة عن دراسات أنثروبولوجية سيقوم بها رهط من العلماء الرافضين للاستعمار، أوائل القرن الـ20، أمثال مالينوفسكي، وكلود-ليفي ستراوس، وغيرهما، وإنما كانت كناية عن وقائع لرحلة نظمها الحاكم الإسباني بانفيلو دي نافاريز، بتفويض من الملك شارل الخامس، من إسبانيا إلى فلوريدا، “لغزو وحكم الأرض الممتدة من نهر ريو دي لاس بالماس إلى رأس فلوريدا”(ص:19)، وما رافقها من عوامل طبيعية خارقة، بحسبان مدونيها، أودت بكثير من أفراد الحملة الـ600 رجل و10 نساء، وهم خليط من الجنود والخيالة والمشاة وربابنة السفن الخمس والبحارة وبعض النبلاء المفلسين الباحثين عن الثروة حيثما تراءت لهم والمجرمين، وراهب فرانسيسكاني واحد يدعى خوان سواريز. ولسوف تتكشف مغامرة هؤلاء عن جهل مطبق بأحوال البلاد المستكشفة، وعن قلة درايتهم بطبيعة الغذاء المتاح في مناطق “الأعداء”، مما سيتسبب بهلاك كثر جوعاً وعطشاً، وآخرين قتلاً على أيدي رجال القبائل، سكان أميركا الأصليين. هيكلية التقرير ينقسم التقرير إلى ستة أقسام، تحاكي المراحل الأساسية التي مرت بها هذه الرحلة من إسبانيا إلى فلوريدا، وعلى أرض فلوريدا، وفي عرض البحر، وفي مجاهل بلاد الهنود (سكان أميركا الشمالية الأصليين)، وما سُجل من عادات الهنود ولغاتهم وطقوسهم وغيرها. ومن الطبيعي أن يتشكل كل من الأقسام الستة من فصول، تراوح ما بين الفصلين إلى الستة أو السبعة، تبعاً للوقائع المزدحمة أو الضحلة التي تكون قد جرت مع أفراد الحملة والتي غالباً ما كانت لغير صالح البعثة، المرسلة لمواصلة حملات الاستكشاف المنطلقة من إسبانيا منتصف القرن الـ15، ولتوسيع الإمبراطورية الإسبانية نطاق سيطرتها على أراض جديدة ومصالح جديدة. فلوريدا وبحرها ومجاهل الهنود ومن هذا القبيل، يعتبر الأقسام الثاني والثالث والرابع من أكثر الأقسام حشداً للوقائع، إذ تنطوي على 22 فصلاً، هي أحداث حية ينقلها الراوي، والمشارك في الحملة كابيزا دي فاكا أو رأس البقرة، بمتن سردي موجز ودقيق، ودال على الحال العامة التي سادت أفراد الحملة ومنظميها، ففي القسم الثاني يبسط الراوي مجمل الوقائع التي تلت انطلاق الحملة من إسبانيا، وبلوغها منطقة فلوريدا، بعد تزود السفن الخمس بالمؤن والخيول والسلاح والرجال من كوبا، وتعرضها لعواصف شديدة على شواطئ تلك البلاد، بلغت الحملة بر فلوريدا الثلاثاء الـ12 من أبريل (نيسان) من عام 1528. ولدى وصولها إلى فلوريدا وتوغلها داخل البلاد أخذت تتكشف لأفرادها والقيمين على الحملة من الإسبان الغزاة ملامح السكان الأصليين، إذ اعتقل أربعة هنود، كانوا أدلة على قرية منهم، إذ قدموا لهم بعضاً من الذرة غير الجاهزة. ومن ثم توالت اللقاءات والمصادمات مع أعداد أكبر من الهنود في تجمعات وقرى من قبيلتي الأبالاشي والدولشانشيلين المتخاصمتين، وكيف أن واحداً من رجال الحملة هلك غرقاً مع حصانه في النهر، وأن وعوداً أغدقت على رجال الحملة بتوفير القوت، بعد الخوف من نفاده، والذهب الذي ظنوه متوافراً بكثرة في البلاد. ولدى حلول رجال الحملة في قرية أبالاشي تكشفت أمام الغزاة بلاد مترامية، تتوافر فيها “غابات أشجار الجوز والغار والصمغ والرز والعرعر والبلوط والسنديان وغيرها” (ص:38)، غير أن قدومهم إلى تلك البلاد لم يكن من طريق اللين، إذ عمد هؤلاء إلى احتجاز كثير من النساء الهنديات وأبنائهم رهائن، وراحوا يفاوضون الهنود طالبين منهم توفير الغذاء (مزيد من الذرة) والأمان لهم، وبتحقيقهما أفرجوا عن المحتجزين ومضوا إلى قرية آوتي الغنية بالذرة والفاصوليا واليقطين، إضافة إلى صيد السمك، ولكن الأمور لم تجر بهذا اليسر والتفوق لرجال الحملة، فقد كمن الهنود، الذين استفزهم وجود الغزاة وقساوتهم في التعامل مع قبائل سابقة، وأعدوا العدة لإصابة مزيد من رجال الحملة، وهذا ما جرى لهؤلاء، إذ قتل كثير منهم بسهام الهنود المهرة، و”تواروا في شعاب الغابة”، وأعاقوا بالفعل مسيرتهم، وألزموهم الحدود التي ينبغي لهم عدم تجاوزها. الآخر المختلف/ العدو لا يحتاج المرء إلى جهد كبير حتى يستخرج خطاب الغزاة من هذا التقرير، والذي ينطوي على قدر من الاستصغار والتعالي على شعوب أميركا من سكانها الأصليين، باعتبار أن حق الاستيلاء على أرض جديدة، وإن تكن بوسع قارة، معطى من قبل عاهل إسبانيا شارل الخامس، وأن الحرب التي تخوضها جيوش الملك ورجال حملاته إنما هي حرب مقدسة وشرعية ما دامت حاصلة على عناوين الدين المسيحي، في مقابل الشعوب الوثنية غير المدركة سبيل الخلاص، على حد زعم مطلقيها، وأن التفويض المعطى من الملك يجيز احتلال الأراضي الجديدة من دون اعتبار لأي ملكية سابقة، ولا لأي تكوين سياسي سابق، ولا لأي تكتل اجتماعي أو قبلي أو حضاري أو عرقي كان لا يزال قائماً في البلاد، منذ مئات، بل آلاف الأعوام قبل قيام الحضارة الغربية ونهضتها من ظلامية القرون الوسطى. وفي أي حال يعتبر التقرير سجلاً صادقاً عن وجود القبائل الهندية الأميركية في نطاق فلوريدا، موضوع الاكتشاف والغزو، ومصدراً قيماً للدلالة على العادات والتقاليد وأنماط العيش التي كانت سائدة، أواسط القرن الـ16 لدى السكان الهنود الأصليين، قبل أن تدهمهم حملات المستوطنين الإنجليز والفرنسيين وغيرهم، وتعمل على اجتثاث حضورهم في الولايات الأميركية كافة، واقتصارها على المحميات المتنازع على شرعيتها. وللمفارقة، يظهر التقرير، في فصوله الأخيرة، أفراد الحملة وقد خسروا من الرجال، في قتال السكان الأصليين وفي المرض والغرق، ما جعلهم مستضعفين حيال الهنود، ومستعبدين لديهم، وعلى قاب قوسين من التضحية بأرواحهم في حفلات الهنود الطقوسية. ولولا إيمان البعض بقدرة إلهية خارقة على شفاء المرضى والمصابين من الهنود لما ظل واحد منهم على قيد الحياة، ولما تمكنوا من بلوغ مناطق المسيحيين، وما هي إلا فترة زمنية قصيرة حتى تناهت إلى أسماعهم أخبار الغزوات الكبرى التي يقوم بها “المسيحيون” (الإسبان، والبرتغاليون، وغيرهم) لتلك البلاد، والرعب الذي راح يتملك الهنود من اجتياح بلادهم ودخولهم عصر العبودية. “قطعنا مسافات طويلة، كانت البلاد مقفرة خالية من سكانها الذين تركوا بيوتهم وحقولهم، ولاذوا إلى الجبال خوفاً من المسيحيين. أشفقنا لرؤية تلك الأراضي الخصبة الجميلة والغنية بالمياه والأنهار وقد صارت موحشة ومحروقة…” (ص:135). المزيد عن: الغزو الإسبانيالقرن 16المستكشفالعالم الجديدالوحسيةالغزوأميركا الشماليةكريستوف كولومبوس 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الذكاء الاصطناعي لن يشكل خطرا على الفنون والآداب next post تلقيح فتيات تونس ضد سرطان عنق الرحم يثير جدلا أخلاقيا You may also like هاروكي موراكامي والرواية بوصفها مهنة 14 أبريل، 2025 عبده وازن يكتب عن: 50 عاما على الحرب... 13 أبريل، 2025 فيلم هادي زكاك يشهد على ماضي “سينمات” طرابلس 13 أبريل، 2025 أفلام هوليوودية تمجد الانعزالية الأميركية “العائدة” 13 أبريل، 2025 ما الذي يفتح شهية المنصات لدراما المراهقين؟ 13 أبريل، 2025 نقم… حضن صنعاء الملبد بالغيوم والنار والحديد 13 أبريل، 2025 كيف ولد كتاب ليفي ستروس الأشهر من رحم... 13 أبريل، 2025 خريطة “العودة إلى الحياة” بعدما سلبها العالم الرقمي 13 أبريل، 2025 عندما نعى جوزيف روث كابوس الإمبراطورية السعيد 13 أبريل، 2025 الفلسطيني أحمد منصور محترقاً: الواقع يهزم السينما 13 أبريل، 2025