العراق يبدأ أولى خطواته لإنتاج الطاقة الكهربائية من النفايات

محللون يوضحون أخطار حرقها على صحة البشر

اندبندنت عربية / مؤيد الطرفي مراسل عراقي

يبدو أن العراق بات يبحث عن حلول عملية لتوفير الطاقة الكهربائية، بعدما تعذر توفيرها بصورة مستمرة من خلال الطرق التقليدية المتبعة عبر إنتاجها عبر محطات الكهرباء المعتمدة على الغاز الحر، الذي يعاني العراق عجزاً كبيراً في توفيره مما يضطره إلى استيراده من إيران بمبالغ كبيرة.

فبعد أن وقع عقوداً عدة لإنتاج الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الطاقة الشمسية مع “توتال إنيرجي” لتوفير 1000 ميغاواط وعقود أخرى بطاقات أقل، يبدأ أولى المحاولات للاتجاه لتحويل آلاف أطنان النفايات في العاصمة بغداد إلى مواد مفيدة من خلال تدويرها وحرق المتبقي منها لإنتاج الطاقة الكهربائية.

ومنح العراق شركة “شنغهاي” الصينية تنفيذ أول مشروع من نوعه لمعالجة النفايات وتوليد الطاقة الكهربائية، بكلفة 497 مليون دولار في خطوة هي الأولى من نوعها تنفيذاً بالعراق.

معالجة 3 آلاف طن يومياً

وقال رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار حيدر مكية في تصريح صحافي إنه “سيوضع حجر أساس المشروع منتصف الشهر المقبل، وسيستغرق تنفيذه نحو عامين، بطاقة إنتاجية تبلغ 3 آلاف طن نفايات يومياً وتوليد 100ميغاواط كهرباء”.

ومن المقرر أن ينفذ المشروع في منطقة النهروان 68 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة بغداد، فيما ستكون المرحلة الثانية من المشروع منطقة أبو غريب 32 كيلومتراً غرب العاصمة بغداد بالمواصفات نفسها.

11 مليون طن سنوياً

ويبلغ إجمال النفايات التي ترفعها الأجهزة البلدية سنوياً في العراق عام 2023 نحو 11 مليون طن، فيما يبلغ معدل النفايات التي يطرحها كل فرد عراقي ما يقارب 1.5 كيلوغرام يومياً، بحسب إحصاءات وزارة التخطيط.

وعلى رغم أهمية هذه الخطوة في معالجة النفايات وتوفير الكهرباء، فإن ما تنتجه من طاقة كهربائية لا يتعدى 100 ميغاواط وهي نسبة ضئيلة عن حاجة العراق البالغة 45 ألف ميغاواط، بحسب متخصصين بالطاقة الكهربائية.

18 ألف ميغاواط حاجة العراق

ويشير المتخصص في شؤون الطاقة كوفند شيرواني إلى أن النفايات التي ستعالج لإنتاج الطاقة الكهربائية على رغم قلتها فإنها أحد الحلول للقضاء على أزمة الكهرباء والنفايات في الوقت نفسه.

وقال شيرواني “يعاني العراق أزمة حادة بالطاقة الكهربائية، إذ يصل إنتاج العراق إلى 27 ألف ميغاواط في وقت يحتاج فيه إلى 45 ألف ميغاواط، مما يعني أن هناك نقصاً في إنتاج الطاقة الكهربائية بمقدار 18 ألف ميغاواط، وهذه نسبة كبيرة لم تتمكن وزارة الكهرباء من معالجتها”.

وأضاف أن أحد الحلول المتاحة لدى وزارة الكهرباء هو التوجه نحو الطاقة النظيفة، وكان هناك عقد مع شركة “توتال إنيرجي” الفرنسية وضمن عقد كبير في استثمار الغاز لإنتاج محطة كبيرة للطاقة الشمسية بطاقة 1000 ميغاواط في محافظة البصرة، ونحن في حاجة إلى أربعة أو خمسة مشاريع كبرى تتوزع في مناطق العراق لتغطية العجز في الطاقة الكهربائية.

ومن الوسائل الأخرى المتاحة لإنتاج الطاقة الكهربائية الاستفادة من النفايات من خلال حرق جزء منها في إنتاج الطاقة الكهربائية، وهذا ما بدأت تفكر فيه وزارة الكهرباء من خلال التعاقد مع إحدى الشركات الأجنبية لحرق جزء من النفايات بحسب شيرواني، الذي بيَّن أن الطاقة المنتجة غير كبيرة إلا أنه من الجيد الاستفادة من النفايات غير الجيدة في توليد الكهرباء.

توفير الأموال

وينظر اقتصاديون إلى أن التوسع في معالجة النفايات والاتجاه نحو الطاقة النظيفة يقلل من استيرادات الغاز لعمل المحطات الكهربائية الذي يكلف سنوياً نحو 6 مليارات دولار.

وأوضح الباحث في الشأن الاقتصادي صفوان قصي أهمية إنتاج الكهرباء من النفايات في توفير الأموال والطاقة، مشدداً على ضرورة أن يخضع إنتاج الكهرباء للرقابة الصحية والبيئية.

وأضاف قصي “العراق يبحث عن مصادر مختلفة لتوليد الطاقة لحل جزء من إشكالية الطاقة، لا سيما أن موضوع استثمار النفايات لإنتاج الطاقة الكهربائية في مدينة كالعاصمة بغداد يسكنها 10 ملايين شخص يحتاج إلى الشركات المتخصصة التي تحول النفايات إلى مواد أولية للصناعة ولتوليد الطاقة الكهربائية”، مشيراً إلى أن هذه أحد الحلول لإنتاج الكهرباء إلى جانب الاستفادة من طاقة المياه والطاقة الشمسية.

عملية الاعتماد على وسائل متجددة في توليد الكهرباء ستسهم في توفير أموال شراء الغاز الذي يستخدم كوقود في المحطات الكهربائية الغازية على المدى البعيد، بحسب قصي، الذي اعتبر أن عملية الانتقال في توليد الكهرباء من النفايات أمر في غاية الأهمية، لأننا سنتمكن من التخلص من النفايات وكذلك توفير الكهرباء وأيضاً الاستفادة من تدوير النفايات كمواد أولية.

وخلص قصي إلى القول “إن كمية النفايات التي ترفع من المنازل ممكن أن تكون مواد أولية للمصانع ولإنتاج الكهرباء شرط أن تعالج بأسس صحيحة، من أجل ألا تلوث البيئة، ويمكننا الاستفادة من تجارب بعض الدول في هذا الاتجاه، وأن تنقى الأبخرة الناتجة من إنتاج الكهرباء من النفايات ومن خلال إشراك وزارة الصحة والبيئة للتأكد من سلامة إنتاج الكهرباء بأسس صحيحة”.

أخطار حرق النفايات

وعلى رغم أهمية معالجة النفايات من أجل التخلص من أضرارها الصحية والاستفادة من موادها الأولية ولإنتاج الطاقة الكهربائية، فإنه تبرز مخاوف من أضرار معالجة النفايات لا سيما إذا ما لجأت الشركات إلى حرق النفايات لإنتاج الطاقة الكهربائية.

من جانبه حذر المحلل البيئي شكري الحسن من أخطار النفايات من دون معالجة على صحة الإنسان، فيما شدد على أهمية معالجة النفايات لإنتاج الطاقة الكهربائية من دون حرق يطرح أبخرة ملوثة.

وقال الحسن “عملية التعامل مع النفايات يجب أن تكون حذرة وبطريقة علمية، لأن ترك النفايات على حالها من دون معالجة ينتج أضراراً صحية وبيئية”، مشيراً إلى أن الطريقة المعتمدة في العراق هي تجميع النفايات في العراء، مما سيعرضها للعبث من خلال الفرز العشوائي، مما سيجعلها بؤرة للأمراض، أما الطريقة الثانية المعتمدة فتعتمد على دفن النفايات بطريقة تقليدية، إذ من الممكن أن تتحول عصارة النفايات التي تحويها إلى مواد سامة تصل إلى المياه الجوفية، أو تصبح الأراضي التي تدفن بها النفايات غير صالحة للزراعة بالمستقبل، أو قد تتخمر النفايات وتنتج منها الغازات المعروفة لا سيما غاز الميثان.

وشدد على ضرورة معالجة النفايات بطريقة حديثة، مشيراً إلى أن حرق النفايات لإنتاج الكهرباء تنتج منه انبعاثات غازية مؤذية للبيئة والصحة، فمعظم النفايات مكوناتها من البلاستيك الذي عندما يحرق يتحول إلى غاز التايوكسين، وهو غاز مضر للصحة ويؤدي إلى أمراض السرطان.

المزيد عن: العراقالكهرباءالنفاياتمحطات الكهرباء