كتاب بولفينكل ينساب برشاقة الفراشة ولكنه يلسع كالنحلة (أيستوك/غيتي) ثقافة و فنون “الضربة القاضية” إحدى القراءات الضرورية لهذا الصيف by admin 22 أغسطس، 2024 written by admin 22 أغسطس، 2024 105 من المبهج حقاً أن نجد رواية “الضربة القاضية” للكاتبة المبدعة ريتا بولوينكل التي تروي حكاية 8 فتيات مراهقات في مسابقة للملاكمة، متألقة ضمن القائمة الطويلة المغرية لجائزة بوكر هذا العام. إليكم الأسباب التي تجعل هذه الرواية تستحق القراءة اندبندنت عربية / جيسي طومسون في العام الماضي، خلال عرض موسمي للإصدارات الجديدة لدار النشر المستقلة “داونت” Daunt، كان هناك شعور واضح بالتوتر والحماس يحيط بإحدى الكاتبات. لم تكن الكاتبة الأميركية ريتا بولوينكل في حاجة حتى إلى الوجود شخصياً في القاعة، فقد سجل مقطع لها وهي تقرأ جزءاً من الرواية في منزلها في سان فرانسيسكو، ومع ذلك أثارت ضجة كبيرة. وعندما قرأت روايتها الأولى “الضربة القاضية” Headshot في وقت سابق من هذا العام، تلك القصة المتألقة التي تدور حول مسابقة ملاكمة للفتيات المراهقات، فهمت سبب هذا الحماس. إنها واحدة من أفضل الروايات الجديدة التي قرأتها هذه السنة، وها هي الآن تتألق في القائمة الطويلة لجائزة بوكر. كان إدراج كتاب بولوينكل ضمن القائمة الطويلة لجائزة بوكر مفاجأة سارة، حتى وإن كانت الرواية قد تبدو وكأنها دخيلة شجاعة، تماماً مثل بعض الشخصيات المقدامة والمبهرة من الشابات اللاتي يملأن صفحات الرواية. حصدت “الضربة القاضية” بالفعل استحساناً نقدياً وشغفاً ملموساً انتشر بين القراء من خلال توصياتهم الشفوية. لكن الوصول إلى بوكر، واحدة من أعرق الجوائز الأدبية في العالم، يمنح دائماً الكتاب المختارين دفعة قوية من الاهتمام والمبيعات، وأنا متحمسة جداً لأن الرواية ستصل الآن إلى جمهور أوسع من القراء. لكن ما الذي يجعل هذه الرواية مميزة إلى هذا الحد؟ تدور أحداث “الضربة القاضية” في سلسلة من مباريات الملاكمة خلال بطولة خيالية تحمل اسم “كأس بنات أميركا”، وتقام في مكان بديع يحمل اسم “قصر بوب للملاكمة”. تنساب الرواية برشاقة الفراشة ولكنها تلسع كالنحلة. السرد ساحر يأسر القارئ بقدرة عجيبة، إذ تتشابك قصص المباريات بشكل يجذب ويصدم في آن واحد. ما يزيد من روعتها هو تناولها العميق لتلك المهمة الشاقة التي نكافح من أجلها بكل ما أوتينا من قوة، والتي قد تكون أحياناً مؤلمة وغير مقدرة، لكنها أبداً ليست بلا قيمة. وتسلط الرواية الضوء ببراعة على الأخطار الجوهرية التي ترافق محاولاتنا للنضوج، وعلى تعدد الشخصيات والنسخ التي قد نمر بها خلال رحلة الحياة. تغوص الرواية في ظلام عميق من فهمها الثاقب لجسد المرأة، مما يذكرنا بأسلوب إليزا كلارك في “أجزاء من صبي” Boy Parts، وتمتاز بإبداع مذهل في تقنيات السرد يشبه بعضاً من أفضل أعمال جينيفر إيغان. إحدى أبرز تقنيات بولوينكل هي التنقل بين حاضر كل ملاكمة ومستقبلها، إذ نراهن محتجزات في لحظات القتال، محاصرات بتوتر المواجهة مع الخصم وشدتها، لكن الرواية تكشف أيضاً ما حدث لهن بعد سنوات. مما يثير الأسى أنهن، بعد أن أمضين سنوات مراهقتهن في واحدة من أصعب الرياضات بدنياً، تنقلب حياتهن إلى مسارات عادية: يصبحن محاسبات، أو منظمات حفلات زفاف، أو صيدلانيات. والأكثر تأثيراً هو أن الرياضة تبقى عالقة في أجسادهن حتى عندما تتلاشى من ذاكرتهن، مثل أرتميس فيكتور التي كسرت عديداً من عظامها لدرجة أنها عندما ستبلغ الـ60 من عمرها “لن تكون قادرة على حمل كوب من الشاي”. وتتجلى وحشية الرياضة بوضوح من خلال تفتيش القفازات للتأكد من عدم وجود رصاص مخفي قبل كل نزال، لكن هذه القسوة لا توازي نعومة ورقة الطريقة التي تصف بها بولوينكل كل واحدة من النساء في روايتها. هناك آندي تايلر التي تطاردها ذكريات حادثة تسبب لها بصدمة تعرضت له خلال عملها في العطلة الصيفية، حتى إنها أصبحت تعيش في سيارتها بسبب ضيق ذات اليد، ثم هناك ابنتا العم إزي وإيغي لانغ، اللتان يطالهما سوء الحظ إذ يتعين عليهما أن تتواجها في الحلبة، بينما تعتمد ريتشل دوريكو في أسلوبها القتالي على فلسفة “القبعات الغريبة” التي تتبناها. فهي ترتدي قبعة غريبة أينما ذهبت لأنها تؤمن بأن “الناس يشعرون بالخوف أكثر من الأشياء التي لا معنى لها بالنسبة لهم، والتي لا يمكنهم، مهما حاولوا، تجنبها”. لذا، فهي “[تحاول] أن تعيش حياتها بأكثر الطرق المرعبة الممكنة” (وبفضل شغف شريكي بالملاكمة، لم أستطع إلا أن أفكر في ريتشل دوريكو عندما رفض تايسون فيوري الانخراط في التحديق التقليدي أثناء قياس وزنه مع أولكسندر أوسيك العام الماضي، بدلاً من ذلك، راح فيوري يستعرض أمام الجمهور، بينما تمكن أوسيك من الفوز من دون أن يبالي بالإزعاج). تتجلى متعة قراءة “الضربة القاضية” عند النظر إلى بقية الكتب المدرجة في القائمة الطويلة لهذا العام. تقول صحيفة “غارديان”، “إن الرواية قد تكون من أكثر الكتب متعة في السنوات الأخيرة”، بينما تشير “تيليغراف” إلى أن “صناعة النشر قد استفاقت أخيراً”. القائمة المكونة من 13 كتاباً تضم مجموعة من العناوين التي لا أستطيع الانتظار للغوص في تفاصيلها: هناك “تأملات في ساحة ستون يارد” Stone Yard Devotional لـشارلوت وود التي تروي قصة امرأة تهجر حياتها لتنضم إلى دير، ورواية “بيوت متوحشة” Wild Houses لـكولين باريت الذي يصل للمرة الأولى إلى القائمة، وهي قصة جريمة تمتاز بالكوميديا الظلامية، و”بحيرة الخلق” Creation Lake لـريتشيل كوشنر، إذ يخترق عميل لمكتب التحقيقات الفيدرالي جماعة دينية ومرشدها، وأخيراً “مداري” Orbital لـسامانثا هارفي، إحدى الكاتبتين البريطانيتين الوحيدتين في القائمة، والتي تسرد رحلة إلى الفضاء عبر ست حيوات. المؤلفة ريتا بولوينكل (جينا غاريت) يبدو من الواضح أن لجنة التحكيم استمتعت حقاً بعملها هذه السنة، لكن الحال لم تكن كذلك دائماً (في عام 1990، استقال نيكولاس موزلي من لجنة التحكيم احتجاجاً على الأسماء التي وصلت إلى القائمة القصيرة). لكن غابي وود، رئيسة جائزة بوكر، أشارت إلى أن عملية الاختيار كانت “مثمرة بصورة غير عادية”، بينما تحدث رئيس اللجنة إدموند دي وال عن اختيار كتب “خلقت مكاناً في قلوبنا ونتمنى أن تجد مكانها في حياة قراء كثيرين”. في السنوات الأخيرة، كانت قوائم “بوكر” تبدو أحياناً مثل القيام بـ”واجب ثقافي” بأسوأ طريقة ممكنة، ولكن دي وال أضاف أن هذه الكتب ليست “كتباً ’تتناول قضايا ما’” فحسب. في زمن تتناقص القراءة على ما يبدو، وعندما تبدو صناعة النشر ممزقة بالخلافات، تأتي قائمة الترشيحات الطويلة لجائزة “بوكر” في الوقت المناسب تماماً لتعيد إحياء الشغف بالقراءة. مما لا شك فيه أن رواية “جيمس” James لـبيرسيفال إيفرت، التي تعيد سرد قصة ” مغامرات هاكلبيري فين” Huckleberry Finn لـمارك توين من خلال عيني العبد جيم، ستكون المنافسة الأبرز. الرواية، التي تعد العمل الـ24 لإيفرت، حظيت بتوصيات حماسية من كل من قرأها، وهي نتاج عمل كاتب في أوج تألقه. مهما كانت النتيجة في نوفمبر (تشرين الثاني)، فإن هذه القائمة الطويلة تزودنا بقراءات ممتعة هذا الصيف. أنصحكم بإضافة “الضربة القاضية” إلى قائمة قراءاتكم، وأتمنى أن تحقق النجاح الكامل في التصفيات النهائية. © The Independent المزيد عن: البوكر العالميةأحدث إصدارات الكتبروايةالكاتبة ريتا بولوينكل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post رحلة الخلاص الموهوم في رواية “سفينة الجزيري” next post الجزائر تسلم تونس مرشحا رئاسيا سابقا فر إلى أراضيها You may also like “الحمار الذهبي” من أقدم السرديات الكبرى في التاريخ 29 ديسمبر، 2024 سامر أبوهواش يكتب عن: بين “سقوط الأسد” و”مئة... 29 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يكتب عن العودة إلى دمشق: قصر... 29 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يكتب عن: العودة إلى دمشق.. عشوائية... 29 ديسمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: جدلية العلاقة بين ابن... 27 ديسمبر، 2024 جون هستون أغوى هوليوود “الشعبية” بتحف الأدب النخبوي 27 ديسمبر، 2024 10 أفلام عربية وعالمية تصدّرت المشهد السينمائي في... 27 ديسمبر، 2024 فريد الأطرش في خمسين رحيله… أربع ملاحظات لإنصاف... 27 ديسمبر، 2024 مطربون ومطربات غنوا “الأسدين” والرافضون حاربهم النظام 27 ديسمبر، 2024 “عيب”.. زوجة راغب علامة تعلق على “هجوم أنصار... 26 ديسمبر، 2024