ستالين مسجى بعد 3 سنوات من الصنم الذي هوى (غيتي) ثقافة و فنون “الصنم الذي هوى”: شهادات أهل البيت الحاسمة ضد الستالينية by admin 5 نوفمبر، 2023 written by admin 5 نوفمبر، 2023 25 الكتاب الجماعي الذي عجل بسقوط “أبي الشعب الصغير” قبل ثلاث سنوات من نهايته اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب “ستة رجال مشهورين يروون لكم هنا كيف بدلوا رأيهم حول الشيوعية“. بهذه العبارة قدم الناشرون عام 1948 للكتاب الجماعي الذي صدر في ذلك العام تحت عنوان “الصنم الذي هوى”. والحقيقة أنه بهذه العبارة، أو من دونها، كان مقدراً لذلك الكتاب أن يحدث دوياً هائلاً، وأن يثير من السجالات ما لم يثره في ذلك الحين أي كتاب آخر، ذلك أن موضوع “الشيوعية والانتماء إليها والعودة عنها” كان الشغل الشاغل للعدد الأكبر من مثقفي العالم، من ناحية تحت ضغط ما كانت الستالينية قد أوصلت الفكر الشيوعي إليه عبر حكم توتاليتاري، كان البعض يحاول أن يقول إنه مجرد طارئ ستاليني على الماركسية – اللينينية كما مورست خلال النصف الأول من القرن الـ20، ومن ناحية ثانية تحت ضغط ما كان يحدث في الولايات المتحدة الأميركية من استشراء الظاهرة الماكارثية – نسبة إلى السيناتور السيئ الذكر ماكارثي الذي جعل من مطاردته اليساريين في طول أميركا وعرضها “حملة” صليبية بائسة – التي طاولت الشيوعيين الأميركيين ظاهرياً، لكنها في حقيقتها طاولت كل الديمقراطيين وحتى الروزفلتيين الأميركيين في الجيش والخارجية، قبل أن تخبط ضد كل صاحب فكر يساري في هوليوود وغيرها. انطلاقاً من ذلك كله، إذاً، كانت القضية الشيوعية، محور السجالات والأفكار. ومن هنا حين ظهر “الصنم الذي هوى”، كان من الطبيعي له أن يسيل حبراً كثيراً وحماوة نقاش مدهشة. سياق واحد صحيح أن هذا الكتاب لم يكن في ذلك الحين أول كتاب يتصدى لفضح “الوهم الشيوعي” و”الحكم التوتاليتاري” و”جرائم ستالين”، لكن الجديد هذه المرة كان اجتماع ستة من كبار الكتاب والمؤلفين لوضع كتاب واحد، والأهم أن ثلاثة من هؤلاء كانوا أعضاء فعليين في الأحزاب الشيوعية في بلادهم، فيما كان الثلاثة الآخرون من الفئة التي كانت تسمى “رفاق الطريق”، أي أنهم كانوا يساريي الأفكار، شيوعيي العلاقات، ماركسيي الكتابة، إنما من دون بطاقات حزبية. واللافت على أية حال في ذلك كله أن أي واحد من هؤلاء الكتاب لم يكن صاحب موقف جديد في ذلك الصدد، بل إن معظمهم كان سبق لهم أن عبروا عن مواقفهم نفسها في نصوص سابقة بعضها ظهر قبيل الحرب العالمية الثانية وأيام محاكمات موسكو، لكن الجديد هنا كان اجتماعهم معاً في سياق واحد ينطلق من رواية كل منهم للكيفية التي دخل بها إلى الشيوعية والكيفية التي بها خرج منها، واضعين معاً، الحق كل الحق على جوهر الشيوعية وليس فقط على ستالين. آرثر كوستلر (غيتي) أسماء كبيرة في ثقافة العالم كان الكتاب الستة هم آرثر كوستلر في المقام الأول، ثم أندريه جيد وستيفن سبندر ولويس فيشر وريتشارد رايت وإغناتسيو سيلوني… وهم، كما يمكننا أن ندرك الآن، كانوا علامات كبرى في الحياة الثقافية العالمية. أما مشروع الكتاب فقد ولد من سجال صاخب دار بين آرثر كوستلر وريتشارد غروسمان، الذي كان يعتبر في ذلك الحين من أشهر المثقفين والسياسيين في الجناح اليساري من حزب العمال البريطاني. وكان غروسمان قد لاحظ تكاثر وتيرة صدور النصوص التي تقول الشيء نفسه منذ بداية سنوات الثلاثينيات من القرن الـ20، ولا سيما بأقلام كتاب ومثقفين يساريين أو شيوعيين كان معظمهم يزور موسكو ثم يعود خائباً ليعبر، بخجل قليل أو كثير، عن إحباطه أمام ممارسات ستالين، ولا سيما أمام محاكمات وضروب اضطهاد كانت تطاول المناضلين الشيوعيين والاشتراكيين أنفسهم. غير أن المشكلة، كما لاحظ كوستلر وغروسمان معاً، كانت أن تلك النصوص المتفرقة لم تكن ذات فعل كبير، خصوصاً أن المثقفين الشيوعيين – الستالينيين في أوروبا الغربية، كانوا يمارسون كل أنواع الحصار ضد أولئك الغاضبين آخذينهم فرداً فرداً، واصفينهم غالباً بأنهم صنيعة الرأسمالية الغربية. ولم يكن الأمر يخلو من تهديدات تأتي من جانب المناضلين الشيوعيين، إذ إن أصوات الاحتجاج المتفرقة، صارت استثناءات بسيطة لقاعدة توتاليتارية شاملة. جهد جماعي لفضح أكذوبة انطلاقاً من هنا كان السؤال: لماذا لا نوحد جهودنا معاً، في عمل جماعي يثير صخباً ويفتح العيون على اتساعها؟ وقد شجع على هذا يومها، أن كتاباً يمينيين – من الأعداء التقليديين للشيوعية – ويساريين – من أعداء التجربة السوفياتية الستالينية المعتبرين هذه خارجة عن الخط الشيوعي المستقيم – كانوا يملأون الأسواق والأبواق بكتبهم ونصوصهم، ما يخفي الحقائق خلف ألف قناع وقناع. وفي هذا الإطار كانت ماثلة تماماً نصوص أشخاص مثل إدموند ويلسون ولا سيما جورج أرويل. وهكذا إذاً، رأى أولئك الكتاب، الذين كانوا يرون أنهم هم “أصحاب المصلحة الحقيقيون” أي أصحاب الخيبة الحقيقيون أن الوقت قد حان كي ينطلقوا من تبيان مواقفهم مما هو بديهي: رحلتهم الشخصية من اليقين إلى الشك إلى الرفض تماماً، لما كان لا يزال يمثله ذلك الفكر الذي، بحسب سيلوني “أراد أن يحرر الإنسان من الظلم والوهم فإذا به يخلق ظلماً جديداً ووهماً جديداً أقسى مما كان قائماً بكثير”. وفي المقابل أطل آرثر كوستلر، الذي كان – قبلاً – أكثرهم شيوعية من ثم بدا الآن أكثر خيبة، أطل على ما سماه “خديعة الأرض الموعودة”، فيما صور أندريه جيد تجربته تصويراً أدبياً مدهشاً، وتحدث سبندر عما آل إليه حلم “المادية – التاريخية” الذي أصبح كابوساً. من يصغي لصوت الحق؟ وهكذا نصاً بعد نص وتجربة بعد تجربة، راح كل من الكتاب يدلي بدلوه… ولا سيما منهم كوستلر، الذي سيرتبط الكتاب باسمه أكثر من ارتباطه بأي اسم آخر، بالنظر إلى أنه كان أكثر الجميع انخراطاً في التجربة… ثم كان أول الجميع في هذه المعركة ولا سيما من خلال ما يرويه لنا في نصه نفسه، من خيانة الستالينية للعالم آليكس وايزبرغ، الذي كانت السلطات الستالينية ألقت القبض عليه عام 1938، بتهمة رائجة في ذلك الحين وهي محاولته قتل ستالين، ثم حاكمته غير مصغية لألوف الرسائل التي بعث بها إلى ستالين طالبين العفو عنه أو محاكمته بعدل، عشرات المثقفين والعلماء من شتى أنحاء العالم، ومن بينهم كوستلر نفسه وثلاثة من حملة جوائز نوبل العلمية من اليساريين الفرنسيين ومن بينهم الشيوعي جوليو – كوري. يومها، بدلاً من إطلاق وايزبرغ أو حتى إعادة محاكمته، سلمته السلطات الستالينية، عام 1939 إلى جهاز الغستابو الألماني، بحسب ما يروي كوستلر في نصه في الكتاب. وبالطبع يمكن القول إن حكاية وايزبرغ هذه لم تكن، بالنسبة إلى آرثر كوستلر، سوى القشة التي قصمت ظهر البعير، مما جعله – حتى من قبل صدور “الصنم الذي هوى”- واحداً من أشرس المدافعين عن الحرية والإنسان في وجه الستالينية، بصرف النظر عن اختياراته السياسية اللاحقة. وجاء الدعم من موسكو نعرف اليوم الأثر الذي كان لـ”الصنم الذي هوى” في الحركة الشيوعية العالمية، وكيف أن هذا الكتاب الذي كان أصحابه أرادوه “صرخة من الداخل” تلقفه مثقفون كثر من العالم ليستندوا إليه، أو يصيغوا على منواله، بخاصة أن الأحداث التي تلت موت ستالين الذي جاء بعد ثلاث سنوات من صدور الكتاب، وصولاً إلى تقرير خروتشيف أمام المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي السوفياتي عام 1956، أتت لتؤكد كل ما جاء في هذا الكتاب وصدق التجربة التي عبر عنها فيه، في الأقل أصحاب أفلام شريفة من طينة ريتشارد رايت وأندريه جيد وستيفن سبندر… ونعرف طبعاً أن ما جاء في هذا الكتاب، شكل خلفية استند إليها، مثلاً، ريمون آرون في كتابه المميز، حول الموضوع نفسه، “أفيون المثقفين” وهو كتاب كان له المفعول نفسه في فضح الممارسات الستالينية و”سكوت عدد كبير من مثقفي العالم المرتبطين بالأحزاب الشيوعية” عنها، بحسب آرون. كذلك فإن كتاب “الصنم الذي هوى” شجع كثراً من الشيوعيين السابقين، ولو بعد صمت طويل، على إصدار كتب ونصوص حكوا فيها تجربتهم البائسة في صفوف أحزابهم، التي دائماً ما كان مأخذهم الرئيس عليها، تبعيتها المطلقة للحزب الشيوعي السوفياتي ولا سيما خلال عهد ستالين. ومن الكتب اللافتة في هذا السياق كتاب المؤرخ الفرنسي فرانسوا فوريه “ماضي وهم”، الذي لم يصدر في شكله المتكامل إلا عام 1995، بينما كان نص الكتاب معروفاً ومتداولاً بين “الرفاق” منذ أواخر سنوات الخمسينيات. المزيد عن: الستالينيةالاتحاد السوفياتيآرثر كوستلرأندريه جيدستيفن سبندرريتشارد رايت 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post علاج جيني يشفي أطفالا صينيين من صمم وراثي next post برايان جونز: الحكاية المأساوية لمؤسس “ذا رولينغ ستونز” المنسي You may also like العراقي قيس الزبيدي ترك اثرا كبيرا في السينما... 3 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: لُقى «سمهرم» في محافظة... 3 ديسمبر، 2024 “أيام الرخص” تسترجع الأربعينيات الليبرالية في مصر 2 ديسمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الفن والجنون وجهان لعبقرية... 2 ديسمبر، 2024 ما حدود قدرة كُتاب الظل على نقل التجارب... 2 ديسمبر، 2024 برامانتي بصحبة ليوناردو سنوات بداياته في خدمة آل... 2 ديسمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 2 ديسمبر، 2024 الأفلام العربية المرشحة في أوسكار 2025… هموم وتطلعات 2 ديسمبر، 2024 “اختراع الكتب” من مدينة الملذات إلى روما اللصوص... 2 ديسمبر، 2024 رواية “غاتسبي العظيم” تسطع في برودواي بعد 100... 2 ديسمبر، 2024