الأحد, نوفمبر 17, 2024
الأحد, نوفمبر 17, 2024
Home » الشك والمغفرة في شعر فلسفي أنشدته “كوكب الشرق”

الشك والمغفرة في شعر فلسفي أنشدته “كوكب الشرق”

by admin

 

صاحب “الرباعيات” الأشهر في الشعر العالمي بين اسم فتن الغرب وبطولة الرواية التاريخية المعاصرة

اندبندنت عربيةإبراهيم العريس باحث وكاتب

بالنسبة إلى كثر من متابعي التاريخ العالمي للأسماء العلم، من المؤكد أن أكثر ما أدهشهم انتشار اسم عمر في لغات ومناطق كان من المستحيل لهذا الاسم بنطقه العربي وحروفه القليلة البديعة، أن ينتشر فيها كل ذلك الانتشار الذي بلغه خلال القرون الثلاثة الأخيرة، لولا كون الاسم قد وصل من خلال ترجمة فيتزجيرالد لـ”رباعيات الخيام” التي انتشرت انتشاراً واسعاً في الإنجليزية بخاصة، ناشرة معها اسم عمر إلى درجات أن حمله، في القرن الـ20 وحده، رئيس جمهورية أميركي لاتيني عمر توريخوس، وجنرال من أبطال الجيش الأميركي خلال الحرب العالمية الثانية عمر برادلي. أما بالنسبة إلى الغالبية العظمى من محبي الفنون العرب فيرتبط اسم عمر الخيام أول ما يرتبط بسيدة الغناء العربي أم كلثوم التي خلدت بعض شعره مترجماً إلى العربية في واحدة من أجمل أغانيها: تلك الرباعيات الساحرة التي اختارها وترجمها عن الفارسية الشاعر أحمد رامي ولحنها رياض السنباطي. فإذا وصلنا إلى أزمنة أقرب إلينا سنجد الاسم يعود بقوة إلى مسامع هواة الروايات التاريخية من خلال رواية أمين معلوف “سمرقند” التي يلعب فيها عمر الخيام نفسه، دوراً أساسياً إلى جانب مجايليه، نظام الملك، والحسن الصباح زعيم طائفة “الحشاشين” التي اتهمها التاريخ بموبقات كثيرة قبل أن تتحول في زمننا الراهن إلى واحدة من أكثر فرق الإسلام عقلانية وتميزاً: الإسماعيلية.

أكثر من شاعر… ماجن

لكن عمر الخيام كان في الحقيقة أكثر بكثير من مجرد شاعر أنشدت كوكب الشرق رباعياته، أو شخصية في رواية أبدع مؤلفها في تكوين شخصيته، أو الصاحب الملهم لاسم علم اقتبسه الغرب وتيمن به. كان عمر الخيام، شاعراً، بالطبع، لكنه كان عالماً وطبيباً وفلكياً وفيلسوفاً، من نوع نادر، من نوع قد لا تكشف عنه رباعياته، حتى لو ترجمت كلها، ونالت من الشهرة والمكانة في المساهمات المشرقية في الإبداع العالمي ما لا يتفوق عليه أو يضاهيه سوى كتاب “ألف ليلة وليلة”، ولكن تكشف عنه حياته. ومع هذا تظل “الرباعيات” عمله الأساس، ذلك العمل الذي عرف الناس به، شرقاً وغرباً، وأطلق موجة عارمة من حب الحياة والتغني بالوجود والدعوة إلى النهل من الملذات ما دام ذلك ممكناً، ولا يتعارض مع حب الإنسان لخالقه. وهو ما يقوله واحد من أجمل الأبيات التي اختارتها أم كلثوم من الرباعية، إذ بعد كل شيء يذكرنا عمر الخيام بأنه مهما فعل واقترف في حياته فإن عزاءه أنه أبداً لم يشرك مع وحدة الله أحداً. وجاء ذلك في سياق طلب عمر المغفرة من خالقه على هنات يمكن أن يكون اقترفها. وهو بحسب ما يرويه تاريخه وتفسره وربما تبرره سيرته، اقترف كثيراً مما ينتمي إلى تلك الهنات.

أم كلثوم: فن يبدع الجانب “الأسلم” من شعر الخيام (غيتي)

 

سيرة حياة مدهشة

كتب غيث الدين أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام الرباعيات، بلغته الأم الفارسية، خلال فترات متقطعة من حياته، ولا سيما خلال مرحلة تنقل فيها بين بخارى وسمرقند وبلخ، حيث كان يمارس التعليم ويخوض التجارب العلمية، ثم يخلد إلى نفسه آخر الليل مدوناً، في ذلك النوع من الشعر الذي لم يكن معروفاً بالنسبة إلى أوزان الشعر العربي السائدة في ذلك الحين، تجاربه وحبه للحياة ونهمه إلى أن يعيشها طالما أنها حياة قصيرة. ومن المعروف أن عمر الخيام كان تلميذاً للفيلسوف ابن سينا وقد تأثر به كثيراً، ولا سيما بأشعار مماثلة كان ابن سينا قد كتبها وهو يتأمل الوجود والحياة. غير أن المؤكد هو تفوق التلميذ على أستاذه، في الشعر في الأقل. أما في الفلسفة والعلم فإنه اتبع منهجه الإشراقي. في شعره يدعو الخيام: إذاً، إلى السهر والشراب والفرح، في نظرة لا شك أنها من السهل أن تبدو وكأنها بصورة من الصور تنتمي إلى فلسفة الفيلسوف الهولندي المنشق عن يهودية أهله ومواطنيه، باروخ سبينوزا، وهي التي، في شعر عمر الخيام، تحديداً، بدت جزءاً كبيراً من النزعة الهيدونية كنظرية في طلب الملذة سادت في الغرب بعد أن ترجم بعض الرباعيات للمرة الأولى، إلى الألمانية في فيينا في عام 1818 من قبل جوزيف فون هامر-بورغشتال. غير أن الترجمة الأهم والأكثر انتشاراً كانت تلك التي قام بها، إلى الإنجليزية إدوار فيتزجيرالد، الذي نقل 75 رباعية من أصل رباعيات الخيام التي يصل عددها، بحسب بعض الروايات إلى أكثر من 500 رباعية. ومنذ ذلك الحين تكونت عالمية عمر الخيام في الغرب، علماً أن ترجمة أحمد رامي لبعض “أهدأ” تلك الرباعيات هي التي عرفت العرب على هذا الشاعر – الفيلسوف الذي كانوا عرفوه خصوصاً عالم فلك وباحثاً في العلم اشتهرت دراسة له في الجبر وضعها في العربية.

من الإبداع إلى الأسطورة

على مرور الزمن تحول عمر الخيام إلى أسطورة، ولقد حدث له، كما يحدث لكل أسطورة، أن أضيف وحذف من وإلى رباعياته الأصلية الكثير، بحيث إنه من الصعب الآن تحديد أية رباعيات نظمها بنفسه وأيها أضيف من طريق تلامذة له، أو رواة عاشوا بعد زمنه بزمن. والحال أن أقدم مجموعة تضم الرباعيات، لا تورد سوى 206 رباعيات، بينما هناك طبعة تعود إلى عام 1461 تحوي 158 رباعية، وثمة طبعات تضم ما يصل إلى 500 رباعية. ولعل السبب الأساس في هذا يكمن في أن أشعار عمر الخيام قد منعت طويلاً من التداول، فكان أن راحت تنسخ وتوزع سراً، مما أضفى هالة من الغموض عليها ومكن الناسخين من أن يضيفوا إليها ما شاء لهم الهوى. ولكن مهما كان من شأن الإضافات، من المؤكد أن روحها تبقى هي نفسها، ومن المؤكد أن مطربتنا العربية الكبيرة، وشاعرها أحمد رامي، ورياض السنباطي الذي صب كل عصارة إبداعه في العدد الأكبر والأروع من قصائدها الفصحى، حين “تجرأوا” على تحويل بعض الرباعيات إلى واحدة من أجمل الأغنيات العربية راعوا عديداً من الظروف ولم يقدموا سوى ما هو مقبول، بل يعبر حتى عن توبة الرجل، وهو الجزء الأسهل في رباعياته، بالطبع.

مرصدان وتجديدات علمية

بقي أن نعود هنا إلى سيرة عمر الخيام لنذكر بأنه قد ولد في العام الميلادي 1048 على الأرجح في نيسابور التي سيموت فيها في عام 1122. واسمه الخيام يعود، كما يبدو، إلى مهنة أبيه الذي كان يصنع الخيام ويتاجر بها. أما هو فإنه تلقى منذ نعومة أظفاره علوماً ودروساً في الفلسفة في نيسابور نفسها ثم في بلخ، في الفارسية والعربية، وبدأ يبرز كواحد من أبرز تلامذة ابن سينا، وصار معروفاً وهو في الـ20 من عمره بتجديداته العلمية، مما جعل السلطان السلجوقي ملك شاه يعهد إليه بإنشاء مرصد غايته ضبط الوقت والروزنامة في شكل نهائي ففعل، ثم بنى مرصداً ثانياً ضخماً في مدينة أصفهان بالاشتراك مع عدد من العلماء الآخرين. وفي عام 1092 وكان بلغ الـ50 من عمره وشعر أن الوقت حان لسلوك درب التوبة، قام عمر الخيام بالحج إلى مكة المكرمة، ومنها عاد إلى مسقط رأسه نيسابور حيث انصرف إلى تدريس العلوم والفلسفة. ولقد عرف عنه خلال تلك الفترة المتأخرة من حياته ميله إلى التنجيم، فكان يروى عنه توقعه لأحداث كانت سرعان ما تقع بالفعل. خلال تلك السنوات، كتب عمر الخيام كثيراً من الدراسات في الطب والفلك والفلسفة ولا سيما نصوص يشرح فيها فلسفة ابن سينا، غير أن قليلاً من تلك الكتابات بقي طويلاً من بعده، ومن أهم ما بقي، إلى رباعياته، نص يفسر فيه كتابات “إقليدس”. والحال أن كتابات عمر الخيام كلها، سواء كانت شعرية أم علمية، مطبوعة بهاجسين: هاجس الشك والبحث المضني عن يقين، وهاجس التوبة وطلب المغفرة، وهذان الهاجسان صنعا، في الحقيقة، شهرته كلها.

المزيد عن: أم كلثومالرباعياترياض الصنباطيأحمد راميعمر الخيامابن سينارباعيات الخيام

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00