السوداني في أربيل: زيارة خاطفة في توقيت حساس

تحمل أبعادا سياسية واقتصادية وأمنية واعتبرها مراقبون خطوة مهمة تتزامن مع توترات إقليمية وتطورات في ملف المحادثات الإيرانية – الأميركية

اندبندنت عربية / جبار زيدان صحافي عراقي @jabarzed

في زيارة رسمية تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية وأمنية، اختتم رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، زيارته إلى مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، متوجهاً إلى العاصمة بغداد، بعد يوم حافل باللقاءات والمحادثات.

استقبل السوداني، صباح السبت، من قبل رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، في مطار أربيل الدولي، في زيارة تأتي ضمن سلسلة زيارات تهدف إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين بغداد وأربيل، بخاصة في ظل التحديات الداخلية والإقليمية الراهنة.

ملفات شائكة على طاولة الحوار

اللقاء الذي جمع الجانبين شهد مناقشة ملفات حساسة، أبرزها الملف النفطي، الذي يمثل واحداً من أكثر المواضيع تعقيداً في العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وبُحثت آلية استئناف تصدير النفط من كردستان بعد توقفه في أبريل (نسيان) 2023، إضافة إلى معالجة الديون المستحقة على الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم، والخلاف القائم حول الجهة الفنية المسؤولة عن تقدير كلف الإنتاج.

ولم يغفل اللقاء الملف السياسي، إذ جرت مناقشات في شأن تشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم، وتطورات المشهد السياسي العراقي قبيل الانتخابات المرتقبة نهاية العام، التي توصف بأنها مصيرية وقد تفضي إلى تغييرات كبيرة في التوازنات السياسية على مستوى العراق.

زيارة السوداني إلى أربيل هي الرابعة منذ توليه رئاسة الحكومة – أرشيف (أ ف ب)

أولوية للدستور والتنسيق الأمني

السوداني وبارزاني شددا خلال اللقاء على ضرورة حل القضايا الخلافية وفق الدستور العراقي، بما يضمن العدالة في توزيع الثروات وحفظ حقوق المواطنين، كذلك اتفقا على أهمية استمرار التنسيق الأمني المشترك، خصوصاً في ما يتعلق بملف قوات البيشمركة والمادة 140 من الدستور الخاصة بالمناطق المتنازع عليها.

زيارة السوداني، التي لم يعلن عنها مسبقاً، اعتبرها مراقبون خطوة مهمة تأتي في توقيت حساس، إذ تتزامن مع توترات إقليمية وتطورات في ملف المحادثات الإيرانية – الأميركية التي قد يكون لها تأثير مباشر في الساحة العراقية، ويرى محللون أن السوداني يسعى من خلال هذه الزيارة إلى ترسيخ موقعه كوسيط وطني قادر على تقريب وجهات النظر وتجنب التصعيد.

رسائل تفاؤل

من جانبه أكد المتحدث باسم حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني، أن زيارة السوداني “مهمة للغاية” وتعكس رغبة حقيقية في حل الملفات الخلافية، مشدداً على أن الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجة الأزمات بين الطرفين.

وفي الاتجاه ذاته، كشف عضو “الحزب الديمقراطي” الكردستاني، محمد زنكنة، عن تفاصيل زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني غير المعلنة إلى مدينة أربيل في إقليم كردستان.

وقال زنكنة في تصريح صحافي إن “الزيارة كانت إيجابية للغاية ويمكن أن تثمر نتائج مهمة، بخاصة في ظل اقتراب موعد الانتخابات، كذلك أكدت أهمية استمرار التنسيق بين بغداد وأربيل، وهي زيارة لم تكن معلنة لكنها جاءت في وقت حساس جداً، إذ تشهد المنطقة توترات وتراكمات، مما يتطلب خطوات إيجابية وعملية، لا سيما في ما يتعلق باستئناف نفط إقليم كردستان”، وأضاف أن “الزيارة أكدت أهمية إقليم كردستان وكذلك ضرورة التنسيق وتوحيد المواقف بين الجانبين”، مؤكداً “التعاون المباشر بين بغداد وأربيل”، كذلك فإنها “جاءت في ظل ظروف إقليمية ودولية قد تؤثر في العراق، لا سيما في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة بعد الانتخابات”.

في ما يتعلق بالملف النفطي، قال زنكنة إن “السوداني استمع إلى رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، في شأن المشكلات التي تعترض الملف النفطي في الإقليم والأخطار التي تهدد العراق من التهديدات الأميركية في المنطقة، وضرورة أن يوحد العراق موقفه تجاه السياسة العامة للدولة في هذا الملف”.

وزاد “كما تُطرق إلى المسائل الأمنية المشتركة بين بغداد وأربيل، إضافة إلى قضية حصة إقليم كردستان من الموازنة العامة والمشكلات المتراكمة بين الجانبين، لا سيما في ما يخص ملف البيشمركة والمادة 140”.

وأشار زنكنة إلى أن “الزيارة جاءت في وقت حاسم بالنسبة إلى العراق، إذ من المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تشكيل الحكومة الجديدة والتوافق المنتظر بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي”.

زيارة السوداني إلى أربيل، وهي الرابعة منذ توليه رئاسة الحكومة، وقد لا تكون الأخيرة، بالتأكيد تعد من أكثر الزيارات حساسية من جهة التوقيت والمضمون وتبقى نتائجها مرهونة بما سينعكس على الأرض.

بدوره وصف النائب العراقي السابق، دانا جزاء، زيارة رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني إلى أربيل بـ”المهمة”، وقال في تصريح تلفزيوني إن زيارة السوداني إلى أربيل “تأتي في وقت مهم مع وجود قضية تتعلق بداخل العراق، وهي قضية ’الحشد الشعبي‘ والجماعات الخارجة عن سيطرة الحكومة، التي تتعرض للتهديد من جانب الولايات المتحدة”.

واعتبر جزاء أن زيارة السوداني “رسالة مهمة تظهر ثقل إقليم كردستان، لأن العلاقات بين الإقليم والعراق يجب أن تكون وثيقة جداً في هذه المرحلة، والتهديدات الحالية للعراق خطرة”.

في حين يرى الباحث السياسي، خالد العرداوي، زيارة السوداني إلى أربيل تصب في مسارين أولهما اقتصادي يتعلق بتصدير النفط من إقليم كردستان ومحاولته تذليل عقبات البدء بتصديره، أما الثاني، بحسب العرداوي، فهو سياسي يتعلق باستعداد جميع القوى السياسية المبكر للانتخابات المقبلة، ومحاولة كل طرف كسب مزيد من الحلفاء إلى جانبه لا سيما مع انتخابات مصيرية ينتظرها العراق نهاية العام وقد يترتب عليها تعديل كبير في التوازنات السياسية.

وختم أن نتائج هذه الزيارة ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها يمكن اكتشافهما من خلال ما ستعكسه من نتائج على هذين المسارين في الأسابيع والأشهر المقبلة.

المزيد عن: العراقأربيلمحمد شياع السودانيكردستانالتنسيق الأمنيتوزيع الثروةتصدير النفطالتحديات الأمنيةقوات البيشمركةملفات خلافيةمسرور بارزانيالموازنة العامة