يقول جبريل بن قجة إنه كطارقي كتب عليه الحياة والموت داخل ليبيا لأنه لا يمتلك رقماً وطنياً أو جواز سفر (صفحة الفنان على "فيس بوك") منوعات “الراب” الليبي… صرخة الطوارق المنغمة by admin 27 يناير، 2025 written by admin 27 يناير، 2025 26 سلاح ناعم ضد العنصرية والفقر والتهميش وأداة حية لنقل المعاناة والمطالبة بالحق في المواطنة الكاملة اندبندنت عربية / كريمة ناجي صحافية @karimaneji في القدم كانت الأشعار هي متنفس البشر للحديث عن همومهم وأداة للتعبير عن ذواتهم، غير أن تطور الحياة وتسارع نسقها حمل معه فنوناً وإيقاعات سريعة كمحاولة لمجاراة التغيير، وكان فن “الراب” الذي ظهر في أواخر ثمانينيات القرن الماضي واشتد عوده مع بداية التسعينيات وازهرت وروده في الدول العربية مع اندلاع الثورات الشعبية، أحد هذه الفنون. أسهمت هذه الموسيقي ذات النوتات السريعة في تشكيل وعي فئة من المجتمعات بحقوقها، وليبيا واحدة من الدول التي انتشر فيها هذا الفن وخرجت كلماته للضوء تحديداً بعد سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2011. نوتات للحكومات جبريل بن قجة فنان عشريني ينتمي إلى الطوارق (مكون من مكونات سكان ليبيا الأصليين)، ويسكن عاصمة الجنوب الليبي سبها، كان الراب أداته الناعمة للثورة على ظروف محيطه القاسية، وسلاحاً قاوم به العنصرية والظلم الاجتماعي والحرمان والتهميش المسلط على الطوارق من قبل الحكومات التي حرمتهم الرقم الوطني وجواز السفر الليبي. في لقاء مع “اندبندت عربية” يقول بن قجة، إنه لم يجد غير الراب لتوعية أبناء جلدته بحقوقهم، مضيفاً “حاولت إيقاد شمعة في الظلمة التي يعيشها أبناء الشعب الأزرق (الطوارق)، ومن هنا ولدت كلمات أغنيتي الجديدة التي تقول (نسمع في ألحاني، ونرتب في كلامي، ومولع شمعة في الظلمة، شفنا وانقهرنا، من حقنا انحرمنا، وفي بلادنا انظلمنا”. وهو يؤكد أن هذه الأغنية تحديداً هي رسالة مضمونة الوصول للحكومات الموجودة في ليبيا لعلها تستفيق من سباتها وتلتفت إلى الطوارق. الأرقام الوطنية ويضيف جبريل أنه كطارقي كتب عليه الحياة والموت داخل ليبيا، باعتباره لا يمتلك رقماً وطنياً أو جواز سفر، فلو مرض الطارقي وأراد السفر للعلاج فلن يتمكن من ذلك، ولو تفوق الطارقي في دراسته وأراد استكمالها بالخارج فلن يتحقق حلمه بل سيتحطم على صخرة العنصرية بسبب غياب الأوراق الثبوتية. بعد تنهيدة عميقة يقول فنان الراب إنهم يشعرون بالتمييز بينهم والمكون العربي حتى حال الكوارث المناخية أو في الظروف الصحية أو أثناء تعرضهم للاعتداء، لأنهم لا يحصلون على أي شكل من أشكال الدعم الحكومي. يشبهه عدد من المتابعين بفنان “الراب” التونسي كافون، إذ يمتلك بن قجة إطلالة قريبة من كافون، بخاصة على مستوى تسريحة الشعر ولغة الجسد أثناء الغناء، لكن جبريل يقول إنه متأثر جداً منذ صغره بالتونسي بالطي، ويستدرك مبتسماً أن السبب في تشبيهه بكافون هو شعره المجعد، ولكن يبقي بالطي وسامارا من أكثر فناني الراب التونسي الذين يميل إليهم. الحقوق السياسية سبق أن حرم طوارق ليبيا من حقهم في التسجيل بالسجل الانتخابي عام 2021، استعداداً لإجراء الانتخابات التى كان من المزمع تنظيمها نهاية 2021 ولكنها أُجلت لحد الآن، إذ أكدت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا وقتها – يوليو (تموز) 2021 – أن التسجيل حق لـ”كل مواطن ليبي بلغ السن القانونية (18) سواء كان رجلاً أو امرأة ولديه رقم وطني”، مما حرم 17 ألف أسرة طارقية من ممارسة حقهم السياسي، لأنهم يملكون رقماً إدارياً فقط سبق أن شاركوا به في أول انتخابات عرفتها ليبيا عام 2012 إثر سقوط القذافي، حين كان مسموحاً لهم وقتها بالتسجيل من طريق الرقم الإداري. يذكر أن الرقم الإداري لا يسمح للطوارق بالتمتع بالحقوق المدنية والسياسية على غرار الترشح للمناصب السيادية أو المشاركة في الانتخابات أو استخراج جواز السفر، وهي معضلة عجزت عن حلها جميع الحكومات المتعاقبة على ليبيا. انفتاح وحذر والمعروف عن الطارقي أنه إذا فرح يرقص، وإذا غضب يرقص، لكن بن قجة يقول إنه يغني للحزن فقط، فلا وجود لعناصر الفرح في حياته كطارقي محروم من أبسط حقوقه، ويؤكد أن ليبيا شهدت تنظيم عدد من الحفلات الفنية الخاصة بالشباب، التي أحياها فنانو “راب” من ليبيا وعدد من الدول العربية على غرار تونس، غير أنه يُغيَّب في كل مرة على رغم أنهم يعرفونه جيداً على المستوى الفني والشخصي، وربما يأتي استثناؤه بسبب العنصرية المسلطة ضد الشعب الأزرق، على حد قوله. لم يجرف فيضان العنصرية الذي يتخبط فيه طوارق ليبيا بن قجة عن مشكلات أبناء جلدته في دول أفريقية أخرى، إذ حاول دعم أزواد مالي (أغلبهم من الطوارق) في انتفاضتهم ضد الظلم، وخصهم بأغنية باللهجة الطارقية كنوع من التضامن معهم في حربهم ضد التمييز العرقي ورغبتهم في الانفصال. ويتركز الطوارق الليبيون بصورة كبرى في كل من مدن أوباري وغدامس وغات وسبها، ومن المعلوم أن الفسيسفاء السكانية لليبيا تتكون من العرب (النسبة الأكثر) والتبو والطوارق والأمازيغ، وتنتشر قبائل الطوارق في أفريقيا بكل من النيجر ومالي والجزائر وليبيا. المزيد عن: ليبياسقوط القذافيالطوارقالتفرقة العنصريةالتمييز العرقيالإهمال والتهميشالظلم الاجتماعي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post إسرائيل تنشئ موقعاً محصناً في العمق اللبناني للإشراف على شمال الليطاني next post اعتراف مكسيم رودنسون الأخير: قد أغير كتبي لو أعدت نشرها You may also like هل كانت لهتلر عائلة سرية في المملكة المتحدة؟ 24 يناير، 2025 كيف أصبح هدف الـ30 مليون سائح بعيدا في... 24 يناير، 2025 الأزمات الإقليمية تهدد أرزاق 50 ألف عامل في... 23 يناير، 2025 كيف طاردت يونيتي ميتفورد حد الهوس هتلر؟ 22 يناير، 2025 ميلانيا ترمب… قوة ناعمة أم قوة قادمة؟ 21 يناير، 2025 سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين… هل ينجح مثل... 21 يناير، 2025 “سيدات القصر” في لبنان… إنجازات خلف الستارة 20 يناير، 2025 القفطان المغربي… دفء دبلوماسي وانتشار عالمي 20 يناير، 2025 ما الذي أغفلته بروك شيلدز في كتابها الجديد... 20 يناير، 2025 لماذا أخفت الاستخبارات عن الملكة إليزابيث قصة الجاسوس... 15 يناير، 2025