الخميس, نوفمبر 14, 2024
الخميس, نوفمبر 14, 2024
Home » الذكاء الاصطناعي يطرح على ترمب تحديات كونية وأبعد

الذكاء الاصطناعي يطرح على ترمب تحديات كونية وأبعد

by admin

 

هل تقود به الولايات المتحدة العالم أم يقود أميركا إلى حيث لا تريد؟

  اندبندنت عربية

مع بداية ولاية رئاسية أميركية جديدة، يبدو هناك عديد من التحديات التي تقابل الدولة الإمبراطورية في طريق تأكيد سيطرتها وهيمنتها على بقية أرجاء المسكونة، تطبيقاً لخطة القرن الأميركي التي بلورها المحافظون الجدد عام 1997، والتي وجدت تطويراً لها عام 2010 في ظل إدارة باراك أوباما الأولى، تحت عنوان “استراتيجية الاستدارة نحو آسيا”، وهدفت، ولا تزال لقطع الطريق على نمو الصين وتقدم روسيا.

غير أن نوازل الحياة المعاصرة أوجدت عالماً مغايراً افتراضياً، كفيلاً بتغيير شكل الولايات المتحدة الأميركية والعالم، من خلال مجالات الذكاء الاصطناعي بدرجاته المتفاوتة، فمن زمن الـAI الحالي، إلى SAI المستقبلي، في وقت يقول العدد الكبير من المتخصصين في هذا السياق إن هناك موجة تالية لهذا وذاك تسمى الـAGI ربما تستبق الطفرتين المتقدمتين.

وقع الرئيس دونالد ترمب على الأمر التنفيذي 13960 في شأن تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة في الحكومة الفيدرالية (أ ف ب)

هنا حكماً سيكون التساؤل الأول الموضوع على مكتب الرئيس القادم موصول بهذا العالم الجديد، والأسئلة من حوله تبدأ من عند المزايا التي يوفرها لأميركا في الداخل، والتهديدات المتعلقة به في الخارج، ومن دون أن يغفل الخبراء المخاوف المتصاعدة في أعلى عليين من قبل نفر واسع من سياسيين دهاة مثل هنري كيسنجر الذي اعتبر الذكاء الاصطناعي ديكتاتوراً خالداً، أو الفتى المعجزة إيلون ماسك، ذاك الذي يعد هذا الدرب من دروب العلوم والتكنولوجيا المهدد الأكبر للنوع البشري.

ولعل مخاوف الرئاسة القادمة من عالم الذكاء الاصطناعي تتمثل في أن البلاد على أهبة الاستعداد للتغير التحويلي، إذ يعد هذا الذكاء بإعادة تعريف الصناعات وإعادة تشكيل المشهد الوظيفي ودفع النمو الاقتصادي بطرق غير مسبوقة.

لقد توسعت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الداخل الأميركي، إلى ما هو أبعد من الألعاب ومعالجة اللغة إلى مجالات حيوية مثل الرعاية الصحية.

ولعله من نافلة القول أن الذكاء الاصطناعي عينه سيمثل ثورة بالنسبة إلى صحة الإنسان الأميركي، لا سيما بعد أن لعب دوراً فاعلاً في سبر أغوار تسلسل الحمض النووي الريبي للقاحات، ومن ثم فتح طريقاً مثيراً ومؤكداً خطراً أمام الثورة البشرية الجينية في قادم الأيام، لا سيما في ظل الاعتماد على نماذج خوارزميات التعلم الآلي المتقدمة.

إلى أين تمضي أميركا ورئاستها الجديدة مع عالم الذكاء الاصطناعي بوجهيه الإيجابي والسلبي؟

الفتى المعجزة إيلون ماسك ذاك الذي يعد هذا الدرب من دروب العلوم والتكنولوجيا المهدد الأكبر للنوع البشري (رويترز)

مكانة رائدة في الذكاء الاصطناعي

من المؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية هي رائدة عالمية في تطوير البنية التحتية للحوسبة العالية الأداء التي تدعم أبحاث الذكاء الاصطناعي.

في يونيو (حزيران) 2018 قدمت وزارة الطاقة الأميركية حاسوب Summit العملاق العلمي في مختبر “أوك ريدج” الوطني، إذ يوفر قوة حاسوبية غير مسبوقة للأبحاث عبر مجموعة واسعة من المجالات العلمية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والطاقة والمواد المتقدمة، كما يوفر Summit قدرات لا مثيل لها لدمج الذكاء الاصطناعي والاكتشاف العلمي .

وفي مايو (أيار) 2019 أعلنت وزارة الطاقة الأميركية عن خطط لبناء حاسوب Frontier العملاق، الذي ظهر، للمرة الأولى، في عام 2021، باعتباره أقوى حاسوب في العالم يحافظ على ريادة الولايات المتحدة في الحوسبة العالية الأداء والذكاء الاصطناعي.

كما تستثمر مؤسسة العلوم الوطنية بصورة كبيرة في استكشاف وتطوير ونشر مجموعة واسعة من تقنيات البنية التحتية السيبرانية التي يمكن أن تكون مفيدة للبحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر العملاقة من الجيل الثاني.

والمعروف أنه قبل ستة أعوام، وبالتحديد في عام 2018، مولت مؤسسة العلوم الوطنية أكبر وأقوى جهاز كمبيوتر عملاق تدعمه الوكالة على الإطلاق لخدمة مجتمع البحث العلمي والهندسي في البلاد، مما يجعل نظام الحوسبة في الداخل الأميركي، على أعلى مستوى من الأداء الجيد والجديد، المسمى “فرونتير”، وهو نظام يتمتع بأعلى نطاق وإنتاجية وقدرات تحليل وبيانات نُشرت على الإطلاق في حرم جامعي في الولايات المتحدة.

في يونيو 2018 قدمت وزارة الطاقة الأميركية حاسوب Summit العملاق العلمي في مختبر “أوك ريدج” الوطني (ويكيبيديا)

كما تمتلك الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء برنامجاً قوياً للحوسبة المتطورة، وهي تعمل على تعزيز حاسوبها العملاقPleiades .

كان إطلاق الكمبيوتر الأميركي العملاق Summit موضحاً وكاشفاً لقوة القيادة الأميركية في مجال الابتكار وتطوير التكنولوجيا، كما سيكون له تأثير عميق في أبحاث الطاقة والاكتشاف العلمي والقدرة التنافسية الاقتصادية والأمن القومي، كما سيعمل هذا الكمبيوتر العملاق على تمكين العلماء من معالجة مجموعة واسعة من التحديات الجديدة وتسريع الاكتشاف وتحفيز الابتكار، والأهم من ذلك إفادة الشعب الأميركي.

البيت الأبيض وقمة للذكاء الاصطناعي

في سبتمبر (أيلول) 2019 استضاف البيت الأبيض قمة للذكاء الاصطناعي، للتفكير في العلاقة بين هذا الفتح العلمي الكبير، ومسارات الحكومة الأميركية على مختلف الصعد، بهدف تحقيق مهمتها بصورة أفضل وتحسين الخدمات المقدمة للشعب الأميركي.

في ذلك التوقيت اجتمع أكثر من 175 من القادة والخبراء من الحكومة ورجال الصناعة والأوساط الأكاديمية لتحديد أفضل الممارسات في استخدام الذكاء الاصطناعي، ولاستكشاف الفرص لتعزيز الشراكات التعاونية، وسبل تطوير قوة عمل الذكاء الاصطناعي بالفعل، وكذلك النظر في تطلعات الذكاء الاصطناعي التحويلية المستقبلية التي ستجعل الحكومة الأميركية أكثر فاعلية وكفاءة واستجابة.

وأدى مشروع تجريبي للذكاء الاصطناعي عرضته وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في هذه القمة إلى إعلان إدارة الخدمات العامة عن جهد جديد لمساعدة الوكالات الفيدرالية في استخدام الذكاء الاصطناعي، لإجراء مراجعة تنظيمية وتحسين عملية وضع القواعد.

وفي إطار تسريع تبني الذكاء الاصطناعي في الحكومات الأميركية المتعاقبة، أطلقت إدارة الخدمات العامة مركز التمييز في هذا المجال في الشهر عينه، إلى جانب مجتمع ممارسات الذكاء الاصطناعي.

وبعد ذلك بفترة وجيزة تم تضمين مركز التميز في مجال الذكاء الاصطناعي لحقاً في قانون خاص به في الحكومة لعام 2020. وتدعم هذه الجهود وتنسق استخدام الذكاء الاصطناعي في الوكالات الفيدرالية، مما يساعد في نشر الحلول القابلة للتطوير وتسخير تبادل أفضل الممارسات والأدوات لتبنيه.

في مايو 2019 أعلنت وزارة الطاقة الأميركية عن خطط لبناء حاسوب Frontier العملاق (ويكيبيديا)

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2020، وقبل مغادرته البيت الأبيض بقليل، وقع الرئيس الـ45 دونالد ترمب على الأمر التنفيذي 13960 في شأن تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة في الحكومة الفيدرالية، الذي يضع إرشادات لتبني الوكالات الفيدرالية له لتقديم الخدمات للشعب الأميركي بصورة أكثر فاعلية، وتعزيز الثقة العامة في هذه التكنولوجيا.

ويحدد هذا الأمر التنفيذي مبادئ استخدام الذكاء الاصطناعي في الدوائر الحكومية، ويضع سياسة مشتركة لتنفيذ المبادئ، ويوجه الوكالات إلى كتالوغ حالات استخدامه الخاصة بها، ويدعو إدارة الخدمات العامة ومكتب إدارة الموظفين إلى تعزيز خبرة الذكاء الاصطناعي في الوكالات.

ولأن سرعة اعتماد العالم عامة، والولايات المتحدة الأميركية بخاصة على هذا العالم، تتصاعد بسرعة البرق، لم يتوقف التفكير عند الإدارة اليتيمة لترمب، فقد كانت الأحداث تدفع في التفكير عبر مراحل أكثر عمقاً وطولاً وعرضاً وارتفاعاً، ما الذي جرى لاحقاً؟

بايدن – هاريس وتقنين الذكاء الاصطناعي

في الـ28 من مارس (آذار) 2024، أصدر البيت الأبيض أول سياسة على مستوى الحكومة، بما في ذلك تعليمات للحد من أخطار الذكاء الاصطناعي، وحماية خصوصية الأميركيين، ومعالجة الأخطار التي قد تشكلها هذه التكنولوجيا.

ولم تكن هذه هي المحاولة الأولى لإدارة الرئيس جو بايدن بهدف تأطير وتقنين الذكاء الاصطناعي، ففي الـ30 من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقع الرئيس الأميركي أمراً تنفيذياً يقضي بإنشاء لوائح جديدة للسلامة وحماية الخصوصية في هذا المجال.

وبدا أن بايدن، وفي عامه الأخير في البيت الأبيض، قد انشغل كثيراً بهذا الواقع العالمي المثير والخطر، ونجده في تعليق له على التوقيع في أكتوبر 2023 يقول “سنشهد مزيداً من التغير التكنولوجي في السنوات الـ10 المقبلة، وربما السنوات الخمس المقبلة، مقارنة بما شهدناه في الأعوام الـ50 الماضية، وهذه حقيقة. وعلاوة على ذلك، فهي التكنولوجيا الأكثر أهمية في عصرنا. والذكاء الاصطناعي يعمل على تسريع هذا التغيير”.

وبحلول الأول من ديسمبر 2024 سيتعين على الوكالات الفيدرالية تنفيذ “ضمانات ملموسة” عند استخدام الذكاء الاصطناعي. وتشمل هذه الضمانات مجموعة من التدابير الإلزامية لتقييم واختبار ومراقبة تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الجمهور بصورة موثوقة، فضلاً عن توفير الشفافية حول كيفية استخدام الحكومة له، وسينطبق هذا على تطبيقاته المختلفة، بما في ذلك الصحة والتعليم والتوظيف والإسكان.

هنا كان السؤال المطروح كيف سعت إدارة بايدن في طريق حوكمة الذكاء الاصطناعي في المجتمع الأميركي؟

الشاهد أنها سعت في طريق تنفيذ خطة لضمان سلامة معايير الذكاء الاصطناعي في المجال الحكومي، بهدف زيادة ثقة الجمهور لجهة القطع بأن الوكالات الفيدرالية ستحمي حقوقهم وتضمن سلامتهم، ولعل أبرز الأدلة:

– مزيد من إضفاء الشرعية والمتابعة والمساءلة الحكومية .

– إنشاء مجلس حوكمة الذكاء الاصطناعي.

– تعزيز قدرات القوى العاملة.

– الحد من هجرة شركات القطاع الخاص المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

على أن قارئاً يتساءل “ما الإمكانات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز من خلالها مزيداً من القوة والنفوذ الأميركيين في الداخل، مما يمتد ولا شك إلى الخارج بصورة مباشرة؟”.

ما يقدمه الذكاء الاصطناعي للأميركيين

يحتاج هذا الحديث إلى قراءة كاملة، لكن بصورة “ما قل ودل”، يمكن بالفعل للذكاء الاصطناعي أن يخلق صورة مغايرة للولايات المتحدة ولمواطنيها على الصعد كافة خلال العقد القادم على أقصى تقدير.

خذ إليك على سبيل المثال لا الحصر، والبداية من عند صحة الإنسان الأميركي، إذ يتمتع هذا المجال بإمكانات هائلة لتطوير الرعاية الصحية وتسريع البحث الطبي ودعم صحة ورفاهية جميع الأميركيين. وينطبق هذا، خصوصاً، مع الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي كجزء من الاستجابة العالمية في حالات الأوبئة بنوع متميز.

وفي عالم التصنيع، يمكن القول إن التطورات الحديثة في التصنيع تساعد الاقتصاد الأميركي وتمكن القوى العاملة الأميركية من تحقيق أفضل النتائج. والمعروف أن المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا NIST يعمل على توفير الأدوات اللازمة لنقل الصناعة الأميركية إلى جيل التصنيع الذكي، من خلال تطوير أنظمة الاستشعار الموزعة والتحكم الذاتي.

وعلى صعيد الخدمات المالية، ينمو اقتصاد الولايات المتحدة بوتيرة سريعة، وتسعى وزارة الخزانة إلى تطبيق سياسات تعزز تبني أدوات مبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي مع إزالة الحواجز التنظيمية غير الضرورية. وتعمل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية SEC بنشاط على توفير خوارزميات التعلم الآلي لمراقبة واكتشاف أي مخالفات محتملة في سوق الاستثمار.

ولعل الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يقدم للولايات المتحدة بعضاً من أفضل الخدمات المتعلقة بالمناخ وأحوال الطقس، لا سيما في ظل التحديات الأيكولوجية السائرة والهادرة والمهددة لحياة الإنسانية.

وتستخدم الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الذكاء الاصطناعي لفهم البيئة الديناميكية التي يعيش فيها الأميركيون والتنبؤ بها بصورة أفضل، وتعطي مبادرة الذكاء الاصطناعي الأميركية الأولوية للاستثمارات في البحث والتطوير.

وفي عالم النقل والمواصلات، يساعد الذكاء الاصطناعي على تطوير ونشر المركبات الآلية وأنظمة القيادة الآلية، تلك التي لديها القدرة على تقليل عدد وخطورة حوادث السير الخطرة بأكثر من 90 في المئة، لا سيما تلك التي يتسبب فيها البشر، كما يمكن أن تساعد الأتمتة على منع الإصابات وإنقاذ الأرواح، لا سيما أنه من المتوقع أن تتجاوز سوق المركبات الآلية 40 مليار دولار في عام 2025.

هذا بالنسبة إلى المواصلات والانتقال على الأرض، أما في السماء، فتبدو هناك قصة الذكاء الاصطناعي شديدة التعقيد، لا سيما في مرحلة زمنية تلعب فيها الطائرات المسيرة سلماً وحرباً دوراً بالغ الأهمية والخطورة على حد سواء. والمؤكد أن هناك مجالات أخرى تتماشى مع عصب الأمن القومي الأميركي، لا سيما في مجالات العسكرة والأمن والاستخبارات، سيحدث فيها الذكاء الاصطناعي ثورة سيجد الرئيس الجديد ذاته أمام استحقاقاتها.

عن مشروع التقارب والجيش الأميركي

من الواضح أن الجيش الأميركي، بدوره، ليس بعيداً من عمق أعماق مشروعات الذكاء الاصطناعي، إذ يسارع الوقت مع شركاء الصناعة على تمكين تقنيات نقل البيانات بسرعة والحصول على المعلومات بصورة أسرع وأكثر كفاءة للجنود المنغمسين في بيئات قتالية عالية السرعة وسريعة التغير.

على سبيل المثال، يخطط الجيش الأميركي لاستخدام عدد من تقنيات ما يعرف بـ”البوابة”، في تجاربه القادمة في إطار مشروع التقارب Convergence لربط العقد الجوية والأرضية وحتى السطحية ومنصات الهجوم بعضها ببعض بسرعة في الوقت الحقيقي. ومن بين هذه الأنظمة استخدامها في جهاز التوجيه الذي يحمل نوعاً من التقنية المتقدمة التي تمكن الجيوش الأميركية من تنسيقات الإرسال غير المتوافقة.

وعبر الذكاء الاصطناعي سيكون من اليسير بدء والحفاظ على الوعي بالموقف الذي كان سائداً من قبل في ساحة المعركة باستخدام أجهزة الراديو المحددة بالبرمجيات. ويمكن للجندي الأميركي القفز من طائرة “سترايكر”، أو “برادلي” أو طائرة هليكوبتر، والحفاظ، في الوقت ذاته، على الاتصال بساحة المعركة حيث الرفاق يقاتلون، وحيث يكون من المتاح، أيضاً، رؤية أي إجراء عسكري عبر الشبكة العسكرية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في أي وقت وكل وقت .

والشاهد أنه إذا كانت السطور السابقة تتعلق بفكرة عمل الذكاء الاصطناعي في إعداد ساحات المعركة الأمامية والخلفية دفعة واحدة، فإن الميدان الآخر الذي لا يقل أهمية عن السيطرة والقيادة، هو ذاك المتعلق بالأسلحة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

في هذا الإطار فإن الولايات المتحدة تخطط بحلول عام 2050 لإحلال العنصر البشري بعناصر روبوتية في ميادين المعارك كافة، بدءاً من البر حيث الروبوتات المقاتلة ستكون بمليارات عدة بحلول عام 2040 والعهدة هنا على الفتى المعجزة إيلون ماسك، مروراً بالطائرات المسيرة التي ستحل محل أنواع الأسلحة الجوية كافة، وحتى الطائرات العملاقة المتقدمة، ستقاد عبر أنظمة ذكاء اصطناعي، ومن غير عنصر بشري، يجب الحفاظ عليه.

أما في البحار فستجوب المياه حول الكرة الأرضية حاملات طائرات وسفن ومدمرات شبحية، يمكن التحكم فيها من بعيد جداً، ومن غير أن يخسر البشر مزيداً من الدماء.

في هذا السياق ومن خلال المزج بين القيادة والتحكم إلكترونياً، والأسلحة الناجمة عن تطوير أنواع الذكاء الاصطناعي، سيتغير مشهد العسكرية الأميركية في طول البلاد وعرضها دفعة واحدة، وهو أمر كما ينسحب على أميركا، ينسحب كذلك على بقية أرجاء المعمورة.

هل يعني ذلك أن على الرئيس الأميركي القادم أن يضع في اعتباره محددات الردع القادمة بصورة مغايرة؟

الذكاء والردع الأميركي غير التقليدي

في ورقة بحثية معمقة للكاتبين الأميركيين ستيفن سيمبالا ولورانس كورب، نشرت عبر مجلة “بوليتيكو” الأميركية، نقرأ كيف أن الاستراتيجيات الأميركية تضع في حسبانها فكرة الردع في العالم الجديد عبر الذكاء الاصطناعي. وهنا يقارن البعض بين ظهوره واكتشاف الكهرباء، ويرون فيه مسكناً لإمكانات جديدة في الحرب المعرفية من بين أشكال أخرى من الحرب.

تستطيع الآلات، بالفعل، إنشاء موسوعات وكتابة روايات، وتقليد أو تجاوز القدرات البشرية في مجموعة متنوعة من السياقات، وستوفر الآلات الأكثر ذكاءً في المستقبل صوراً مثالية لساحة المعركة في الوقت الحقيقي، وروابط بين أجهزة الاستشعار والرامي، وتقييمات فورية بعد الهجوم للأضرار التي لحقت والأهداف المدمرة.

من ناحية أخرى، فإن التحدي المتمثل في إدارة “واجهة” الإنسان والآلة سيكون كبيراً، فقد تدفع الآلات الذكية عملية اتخاذ القرار نحو خيارات مخططة مسبقاً وتوقعات محددة مسبقاً في شأن النتائج على رغم التغيرات في الظروف الملحة “على الأرض”. وستنشأ، أيضاً، قضايا أخلاقية وقانونية في ما يتصل بمدى السيطرة التي يمكن تفويضها للآلات بدلاً من “الإنسان في الحلقة” عندما تنطوي الضربات العسكرية على إمكانية حدوث أضرار جانبية.

هل يعني ما تقدم أن الولايات المتحدة الأميركية مقبلة بالفعل على عالم تدار فيه مؤسساتها كافة، المدنية والعسكرية عبر دوائر البيانات الضخمة المسخرة لخدمة “الديكتاتور الدائم”، أي تلك الأنواع من الذكاءات غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية؟

الجواب عن السؤال المتقدم يأخذ الرئيس الأميركي القادم، ومن ورائه الولايات المتحدة الأميركية إلى ساحة معركة فكرية، تتصارع فيها البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي مع سياقات وأطر الديمقراطية، بما يتهدد هذه الأخيرة، ماذا عن ذلك؟

مخاوف حول مستقبل الديمقراطية

يدلف الرئيس الأميركي إلى البيت الأبيض وبلاده قد تحولت إلى ساحة للأخ الأكبر، مليئة بأجهزة الاستشعار، وكلما ارتفعت مكانة دولة، زادت احتمالات حمل المرء أجهزة استشعار كل دقيقة من كل يوم وربما حتى أثناء النوم. هنا تبدو إشكالية البيانات التي يتم تجميعها، عبر تلك المستشعرات، التي يجري تخزينها وتحليلها ومن ثم استخدامها كسلاح ويمكن سرقتها، كما يمكن استدعاؤها.

وعلى رغم أن معظم جامعي البيانات اليوم هم شركات تعمل لتحقيق الربح، فإن هناك أخطاراً جسيمة إلى جانب إمكانية تحقيق اختراقات في مجالات مثل الطب والاحتباس الحراري العالمي.

هنا تطفو على السطح معضلة قاتلة متصلة بالذكاء الاصطناعي الذي يعرف عن المواطن أكثر مما يعرف ربما هذا عن نفسه.

في كتابه الصادر عام 2018 بعنوان “القوى العظمى للذكاء الاصطناعي”، شبه المؤلف ورائد الأعمال كاي فو لي البيانات الضخمة بالنفط الخام الجديد، وأشار إلى أنه بقدر ما ينطبق هذا القياس، فإن ذلك من شأنه أن يجعل جمهورية الصين الشعبية أكبر مصدر للبيانات في العالم. والقياس مفيد لأنه مثل النفط الخام، يمكن تحويل البيانات إلى عديد من الأشياء القيمة الأخرى. ويمكن استخدامها لتدريب الخوارزميات التي تدير الآلات أو تقوم بالتنبؤات، وحل المشكلات الصعبة وعلاج الأمراض وجعل المحاصيل مقاومة للمياه وتصميم سيارات أكثر أماناً وكفاءة في استهلاك الوقود، وما إلى ذلك. ولكن البيانات التي تُجمع عن البشر يمكن أيضاً استخدامها للقمع والقتل والتعذيب.

وبعبارة أخرى، فإن التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على تحليل البيانات تعتمد، بصورة مباشرة، على هذا التحليل. وقد يكون الهدف محاولة معرفة ما إذا كنت في حاجة إلى حذاء جديد أو شورت جديد لارتدائه في الصيف، أو ما إذا كنت ستصوت لمصلحة مرشح بعينه.

هنا ينبغي الإشارة إلى أنه في الدول الديمقراطية ذات اقتصادات السوق غير المنظمة نسبياً، مثل الولايات المتحدة، انتقل المواطنون إلى عصر ما تسميه الكاتبة شوشانا زوبوف رأسمالية المراقبة، ويبدأ هذا ببيع فكرة مفادها بأنه يمكن استخدام تحليل البيانات للتنبؤ بما ستشتريه الجماهير، ومن ثم زيادة الأرباح من خلال إزالة عدم اليقين من تصميم وإنتاج وتسويق وبيع السلع الاستهلاكية.

والشاهد أن زوبوف تذهب إلى أبعد من ذلك، لقد وصلت تحليلات البيانات هذه، بالفعل، إلى نقطة حيث أصبحت الشركات التي تعمل من أجل الربح قادرة الآن على نشر خوارزميات ليس فقط للتنبؤ بما يريده المواطنون، ولكن لتشكيل الرغبات الشرائية، وفي حين قد يوافق المواطنون بصورة غامضة على الأول، إلا أنه في واقع الأمر لم يمنح لهم الخيار للموافقة على الأخير.

هل يمكن للمرء أن يخلص بالفعل إلى وجود أخطار حقيقية ومهددات فاعلة للداخل الأميركي على الصعيد القيمي والأخلاقي، وفي جانب نظم الديمقراطية التي ينبغي لها أن تصون الحريات، وتدافع عن مساحات الخصوصية والمعلوماتية لكل مواطن؟

الذكاء الاصطناعي وتهديد بالانقراض

في أوائل مارس الماضي صدر تقرير عن وزارة الخارجية الأميركية يلفت الانتباه إلى الأخطار القاتلة المحدقة بالبشرية عامة، وبالولايات المتحدة بسبب الذكاء الاصطناعي. ويرسم التقرير الذي تم إعداده بتكليف من وزارة الخارجية الأميركية صورة مثيرة للقلق حول الأخطار “الكارثية على الأمن القومي” التي يفرضها الذكاء الاصطناعي السريع التطور، محذراً من أن الوقت ينفد أمام الحكومة الفيدرالية لتجنب الكارثة. ويشير التقرير، الذي أصدرته شركة Gladstone AI، بصورة قاطعة، إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً قد تشكل، في أسوأ الأحوال “تهديداً قد يؤدي إلى انقراض الجنس البشري”.

المسؤولون عن التقرير في وزارة الخارجية، وبحسب شبكة CNN يقطعون بأن الوكالة كُلفت بإعداد التقرير لأنها تقيم باستمرار مدى توافق الذكاء الاصطناعي مع هدفها المتمثل في حماية المصالح الأميركية في الداخل والخارج.

ويعد التحذير الوارد في التقرير بمثابة تذكير آخر بأنه، على رغم أن إمكانات الذكاء الاصطناعي لا تزال تجذب المستثمرين والجمهور، فإن هناك أخطاراً حقيقية أيضاً. وعلى سبيل المثال يقول الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركةGladstone AI للذكاء الاصطناعي، جيريمي هاريس “هو بالفعل تقنية تحويلية اقتصادية يمكن أن يسمح لنا بعلاج الأمراض، وإجراء اكتشافات علمية، والتغلب على التحديات التي اعتقدنا ذات يوم أنه لا يمكن التغلب عليها”.

لكن هذا يجلب معه أخطاراً جسيمة، بما في ذلك الأخطار الكارثية، التي يتعين أن يكون المرء على دراية بها، إذ تشير مجموعة متزايدة من الأدلة بما في ذلك البحوث التجريبية والتحليلات المنشورة في أهم مؤتمرات الذكاء الاصطناعي في العالم، إلى أنه فوق عتبة معينة من القدرة، قد تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي غير قابلة للسيطرة.

وبالتأكيد فإن الرئيس الأميركي العائد سيكون أمام تحد لا يقل ضراوة عن ذلك الذي نشأ حين عرف العالم طريقه إلى الأسلحة النووية، فانظر ماذا ترى؟

المزيد عن: الرئاسة الأميركيةالذكاء الاصطناعيهنري كيسنجرإيلون ماسكأجهزة الكمبيوترالشعب الأميركي دونالد ترمبالأسلحة النووية

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00