ثقافة و فنونعربي الحب يواجه الإضطراب النفسي في رواية إنريكو جالاينو by admin 9 نوفمبر، 2022 written by admin 9 نوفمبر، 2022 21 “إلا أننا نسقط سعداء” تسرد أحوال التفكك الأسري والإدمان بين الحقيقي والمتخيل اندبندنت عربية \ سلمان زين الدين يشكل اللقاء الصدفة بين جويا سبادا ولوكا دي باولو في الحانة ذات مساء بداية الخروج من النفق المظلم الذي يوجد فيه كل منهما، وذلك في رواية “إلا أننا نسقط سعداء” للكاتب الإيطالي إنريكو جاليانو الصادرة حديثاً في سلسلة “إبداعات عالمية” بتعريب أماني حبشي ومراجعة الرداد شراطي عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت. والرواية هي الأولى في أربع روايات لصاحبها صدرت عام 2017 قبل “كل الحياة التي تتمناها” 2018، “أقوى من أي وداع” 2019، و”سعداء في مواجهة العالم” 2021. ولعل الملاحظة الأولى التي تلفت الانتباه في العناوين الأربعة هي تغليب التفكير الإيجابي على ما عداه، وهو ما نقع عليه في متن الرواية التي بين أيدينا مساراً ومصيراً. في روايته يطرح غاليانو أسئلة التفكك الأسري والتنمر المدرسي والإدمان الكحولي والصحة النفسية والحب، وهو يفعل ذلك من خلال الأحداث التي ينخرط فيها بطلا الرواية والشخصيات الأخرى المتعالقة معهما، وهي أحداث يتجاور فيها الواقعي بالغرائبي ويختلط الحقيقي بالخيالي وترصد الحركات الخارجية والاعتمالات الداخلية للشخصيتين المحوريتين، وتنطلق من وضعية سلبية وتمر في تحولات مختلفة وتؤول إلى وضعية إيجابية، وبذلك نكون إزاء رواية تبشر بالضوء في نهاية الأفق، ولا توصد الأبواب دون السعادة التي تراهن عليها الشخصيتان المحوريتان لتربحا الرهان في نهاية المطاف، وذلك من خلال علاقة حب تمنح كلاً منهما الإحساس بوجودها وتصالحها مع العالم وتخرجها من النفق المظلم، على أن بين هاتين الشخصيتين نقاط تشابه في النشأة والسلوك والمآل الأخير. تفكك أسري الرواية بالترجمة العربية (المجلس الكويتي) تتحدر جويا سبادا من أسرة مفككة تشهد فيها التعنيف والسكر والخيانة الزوجية وتفتقر إلى العاطفة والحنان ويقع عليها الإهمال والتقصير، وتعاني في المدرسة التنمر والعزلة وتتجنب التعالق مع رفاق الصف لأنهم مجرد أقنعة لشخصيات حقيقية تركوها في المنازل وجاؤوا إلى المدرسة بشخصيات بديلة، وهي ترفض الزيف والنفاق وتفضل الوجوه على الأقنعة، ولذلك تعيش في غربة مدرسية تضاف إلى اغتراب منزلي مما يدفعها إلى اجتراح آليات دفاع تخفف غربتها واغترابها، لكنها تجعل الآخرين يشكون في صحتها النفسية. في البيت تشكل علاقتها بالجدة جيما، العجوز العاجزة عن الكلام، عامل اطمئنان لها يعوضها عن تقصير الوالدين وإهمالهما، فتأنس إليها وتبثها لواعجها وتهتم بها وتسمعها ما تحب من أغنيات، وفي المدرسة تلجأ إلى سماع الأغنيات وأحلام اليقظة والعكوف على الذات في مواجهة المتنمرين، وتشكل علاقتها بأستاذ الفلسفة بوفه عنصر دعم لها، فتطرح عليه الأسئلة وتفضي إليه بهواجسها وهو لا يبخل عليها بالإجابة والنصيحة والدعم، حتى إذا ما حازت الجائزة الأولى في مسابقة التصوير في المدرسة وتم الاحتفاء بها، تتغير نظرة الرفاق المتنمرين إليها وتكم أفواههم وتغدو موضع احترام وتقدير. صديقة متخيلة على أن آلية الدفاع الأهم التي تجترحها تتمثل في اتخاذها صديقة متخيلة هي تونيا فينشينزي، قرينتها التي تلازمها في حلها وترحالها ولا تبخل عليها بالملاحظة واللوم والنصيحة والتنبيه والتأنيب بما يؤدي إلى تسديد خطواتها، وهو ما يطرح فرضية إصابتها بالانفصام النفسي، غير أن عدم تخلي جويا عن شخصيتها وعدم تقمصها شخصية تونيا يدفعان إلى استبعاد هذه الفرضية، فهذه الأخيرة مجرد قرينة لها مما يجعل حالتها النفسية أقرب إلى الصحة منها إلى المرض، والمفارق أن جويا تعي ما تفعل وتدرك خيالية صديقتها وتنخرط في اللعبة عن سابق تصور وتصميم، باعتبارها آلية ناجعة لمواجهة العالم الذي تتمناه وتخشاه في الوقت نفسه. ولعل الوضعية النفسية للبطلة هي نتاج البيئة التي نشأت فيها والظروف التي أحاطت بها، وهو ما تفسر ترنحها في أفكار متلاطمة بين فترة وأخرى، غير أن إيمانها بحدسها وحواسها وإصرارها على جلاء الحقيقة الغامضة كفيلان ببلوغها شط الأمان. الرواية بالأصل الإيطالي (أمازون) في المقابل يتحدر لوكا دي باولو من أسرة مفككة بدوره، يقوم فيها الأب بتعنيف الأم والابن ويمر بأزمات اكتئاب ونوبات فزع منذ الفتوة، وتنتابه لحظات مظلمة يتحول فيها إلى شخصية غريبة الأطوار، ويعاني ما يسميه الأب بازدواجية الشخصية ويحاول الانتحار غير مرة، وإذ توحي له الأم برغبة الأب في إيذائه، على حد توهمه، تصبح علاقته بأبيه مضطربة ويغدو على حد نقيض معه في الميول والاتجاهات والتصرفات، لا سيما بعد أن يعلم من أمه أنه ليس أباه الحقيقي، ويبلغ خوفه منه حد سقوطه عن شرفة المنزل وإصابته بجروح خلال هربه منه على الحقيقة أو التوهم، ويرسم له صورة الأب الخطر الذي لا يؤمن جانبه، ولعل هذه الصورة المتوهمة هي التي تدفعه إلى اختراع حكاية انتحاره برمي نفسه في بحيرة مجاورة، وذاك ما ينطلي على أسرته والآخرين على رغم عدم العثور على جثته، ومن ثم يتوارى عن الأنظار في منزل صاحب الحانة السابق العجوز بريدا ويغير اسمه ويقتصر خروجه من المنزل على زيارات مسائية إلى الحانة يمارس فيها لعبة رمي السهام وحيداً. آليات دفاع في مواجهة هذه الأعطاب النفسية يجترح لو (الاسم المختصر للشخصية) آليات دفاع تمكنه من العثور على نوع من الأمان النفسي الوهمي، فيلجأ إلى التخفي والعزلة وتغيير الاسم وانتحال الشخصية والإيهام بالانتحار وممارسة رياضة رمي السهام، وعلى سلبية هذه الآليات فإنها تشعره بأمان موقت غير أنها لا تخرجه من ظلام النفق الذي وجد نفسه فيه، وبذلك نكون إزاء شخصية مضطربة مثقلة برواسب الماضي وذكريات الطفولة السيئة، تعيش ازدواجية معينة وتؤثر الوحدة في الاختلاط، ولا تعبأ بمشاعر الأم حين توحي بالانتحار. وهكذا تشترك الشخصيتان المحوريتان في النشأة والأسرة المفككة والعلاقة المضطربة بالأب والعزلة والخوف من مواجهة العالم والاضطراب النفسي. إزاء هاتين الوضعيتين المتشابهتين في الأعراض والمختلفتين في الدرجة يأتي اللقاء الصدفة بين جويا ولو في الحانة ذات مساء ليشكل بداية خروجهما من النفق، وتنشأ علاقة تفاهم بينهما تنمو على تعدد اللقاءات إلى علاقة حب، ويشعر كل منهما بكيانه وبحاجته إلى الآخر في حياته، حتى إذا ما جرى تتويج العلاقة بالاتصال الجنسي على سطح إحدى العمارات يختفي لو بشكل مفاجئ بداعي الحب، وحرصاً منه على عدم إقحام جويا في عالمه المظلم، غير أنها وبالداعي نفسه تبحث عنه ولا تصدق خبر موته منتحراً منذ 10 أشهر، مما يدفعها إلى الشك في نفسها ويعرضها إلى التشكيك في قدراتها العقلية، لكن إصغاءها إلى صوت قلبها وتشجيع الأستاذ بوفه وصاحبة الحانة الحالية جوفانا والوسيطة الروحية لها، يجعلانها تصر على البحث عن لو حتى العثور عليه وإخضاعه للعلاج، وتمنحه رسائلها إليه مفتاح حل عقدته المزمنة التي بدأت مع ضبطه الأب بجرم الخيانة المشهود. وإذ يتماثل كل منهما للشفاء يأتي المشهد الأخير في الرواية، الحقيقي أو المتخيل، الذي يصور لو منتظراً جويا في غرفتها ومرحباً بها، ليقول قدرة الحب في معالجة الأعطاب النفسية وحل العقد المستعصية ومواجهة الظروف القاهرة، وبهذا المعنى يشكل المتن الروائي ترجمة للعنوان وتخفف السعادة وطأة السقوط. المزيد عن:روائي إيطالي\رواية\التفكك الأسري\الحب\الإدمان\الإضطراب\المتخيل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عادل محمود صانع الأحلام يرحل مشبعا بالخيبة next post 40 كتابا ينبغي للمرء أن يقرأها في حياته You may also like الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024
يشكل اللقاء الصدفة بين جويا سبادا ولوكا دي باولو في الحانة ذات مساء بداية الخروج من النفق المظلم الذي يوجد فيه كل منهما، وذلك في رواية “إلا أننا نسقط سعداء” للكاتب الإيطالي إنريكو جاليانو الصادرة حديثاً في سلسلة “إبداعات عالمية” بتعريب أماني حبشي ومراجعة الرداد شراطي عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت. والرواية هي الأولى في أربع روايات لصاحبها صدرت عام 2017 قبل “كل الحياة التي تتمناها” 2018، “أقوى من أي وداع” 2019، و”سعداء في مواجهة العالم” 2021. ولعل الملاحظة الأولى التي تلفت الانتباه في العناوين الأربعة هي تغليب التفكير الإيجابي على ما عداه، وهو ما نقع عليه في متن الرواية التي بين أيدينا مساراً ومصيراً. في روايته يطرح غاليانو أسئلة التفكك الأسري والتنمر المدرسي والإدمان الكحولي والصحة النفسية والحب، وهو يفعل ذلك من خلال الأحداث التي ينخرط فيها بطلا الرواية والشخصيات الأخرى المتعالقة معهما، وهي أحداث يتجاور فيها الواقعي بالغرائبي ويختلط الحقيقي بالخيالي وترصد الحركات الخارجية والاعتمالات الداخلية للشخصيتين المحوريتين، وتنطلق من وضعية سلبية وتمر في تحولات مختلفة وتؤول إلى وضعية إيجابية، وبذلك نكون إزاء رواية تبشر بالضوء في نهاية الأفق، ولا توصد الأبواب دون السعادة التي تراهن عليها الشخصيتان المحوريتان لتربحا الرهان في نهاية المطاف، وذلك من خلال علاقة حب تمنح كلاً منهما الإحساس بوجودها وتصالحها مع العالم وتخرجها من النفق المظلم، على أن بين هاتين الشخصيتين نقاط تشابه في النشأة والسلوك والمآل الأخير. تفكك أسري الرواية بالترجمة العربية (المجلس الكويتي) تتحدر جويا سبادا من أسرة مفككة تشهد فيها التعنيف والسكر والخيانة الزوجية وتفتقر إلى العاطفة والحنان ويقع عليها الإهمال والتقصير، وتعاني في المدرسة التنمر والعزلة وتتجنب التعالق مع رفاق الصف لأنهم مجرد أقنعة لشخصيات حقيقية تركوها في المنازل وجاؤوا إلى المدرسة بشخصيات بديلة، وهي ترفض الزيف والنفاق وتفضل الوجوه على الأقنعة، ولذلك تعيش في غربة مدرسية تضاف إلى اغتراب منزلي مما يدفعها إلى اجتراح آليات دفاع تخفف غربتها واغترابها، لكنها تجعل الآخرين يشكون في صحتها النفسية. في البيت تشكل علاقتها بالجدة جيما، العجوز العاجزة عن الكلام، عامل اطمئنان لها يعوضها عن تقصير الوالدين وإهمالهما، فتأنس إليها وتبثها لواعجها وتهتم بها وتسمعها ما تحب من أغنيات، وفي المدرسة تلجأ إلى سماع الأغنيات وأحلام اليقظة والعكوف على الذات في مواجهة المتنمرين، وتشكل علاقتها بأستاذ الفلسفة بوفه عنصر دعم لها، فتطرح عليه الأسئلة وتفضي إليه بهواجسها وهو لا يبخل عليها بالإجابة والنصيحة والدعم، حتى إذا ما حازت الجائزة الأولى في مسابقة التصوير في المدرسة وتم الاحتفاء بها، تتغير نظرة الرفاق المتنمرين إليها وتكم أفواههم وتغدو موضع احترام وتقدير. صديقة متخيلة على أن آلية الدفاع الأهم التي تجترحها تتمثل في اتخاذها صديقة متخيلة هي تونيا فينشينزي، قرينتها التي تلازمها في حلها وترحالها ولا تبخل عليها بالملاحظة واللوم والنصيحة والتنبيه والتأنيب بما يؤدي إلى تسديد خطواتها، وهو ما يطرح فرضية إصابتها بالانفصام النفسي، غير أن عدم تخلي جويا عن شخصيتها وعدم تقمصها شخصية تونيا يدفعان إلى استبعاد هذه الفرضية، فهذه الأخيرة مجرد قرينة لها مما يجعل حالتها النفسية أقرب إلى الصحة منها إلى المرض، والمفارق أن جويا تعي ما تفعل وتدرك خيالية صديقتها وتنخرط في اللعبة عن سابق تصور وتصميم، باعتبارها آلية ناجعة لمواجهة العالم الذي تتمناه وتخشاه في الوقت نفسه. ولعل الوضعية النفسية للبطلة هي نتاج البيئة التي نشأت فيها والظروف التي أحاطت بها، وهو ما تفسر ترنحها في أفكار متلاطمة بين فترة وأخرى، غير أن إيمانها بحدسها وحواسها وإصرارها على جلاء الحقيقة الغامضة كفيلان ببلوغها شط الأمان. الرواية بالأصل الإيطالي (أمازون) في المقابل يتحدر لوكا دي باولو من أسرة مفككة بدوره، يقوم فيها الأب بتعنيف الأم والابن ويمر بأزمات اكتئاب ونوبات فزع منذ الفتوة، وتنتابه لحظات مظلمة يتحول فيها إلى شخصية غريبة الأطوار، ويعاني ما يسميه الأب بازدواجية الشخصية ويحاول الانتحار غير مرة، وإذ توحي له الأم برغبة الأب في إيذائه، على حد توهمه، تصبح علاقته بأبيه مضطربة ويغدو على حد نقيض معه في الميول والاتجاهات والتصرفات، لا سيما بعد أن يعلم من أمه أنه ليس أباه الحقيقي، ويبلغ خوفه منه حد سقوطه عن شرفة المنزل وإصابته بجروح خلال هربه منه على الحقيقة أو التوهم، ويرسم له صورة الأب الخطر الذي لا يؤمن جانبه، ولعل هذه الصورة المتوهمة هي التي تدفعه إلى اختراع حكاية انتحاره برمي نفسه في بحيرة مجاورة، وذاك ما ينطلي على أسرته والآخرين على رغم عدم العثور على جثته، ومن ثم يتوارى عن الأنظار في منزل صاحب الحانة السابق العجوز بريدا ويغير اسمه ويقتصر خروجه من المنزل على زيارات مسائية إلى الحانة يمارس فيها لعبة رمي السهام وحيداً. آليات دفاع في مواجهة هذه الأعطاب النفسية يجترح لو (الاسم المختصر للشخصية) آليات دفاع تمكنه من العثور على نوع من الأمان النفسي الوهمي، فيلجأ إلى التخفي والعزلة وتغيير الاسم وانتحال الشخصية والإيهام بالانتحار وممارسة رياضة رمي السهام، وعلى سلبية هذه الآليات فإنها تشعره بأمان موقت غير أنها لا تخرجه من ظلام النفق الذي وجد نفسه فيه، وبذلك نكون إزاء شخصية مضطربة مثقلة برواسب الماضي وذكريات الطفولة السيئة، تعيش ازدواجية معينة وتؤثر الوحدة في الاختلاط، ولا تعبأ بمشاعر الأم حين توحي بالانتحار. وهكذا تشترك الشخصيتان المحوريتان في النشأة والأسرة المفككة والعلاقة المضطربة بالأب والعزلة والخوف من مواجهة العالم والاضطراب النفسي. إزاء هاتين الوضعيتين المتشابهتين في الأعراض والمختلفتين في الدرجة يأتي اللقاء الصدفة بين جويا ولو في الحانة ذات مساء ليشكل بداية خروجهما من النفق، وتنشأ علاقة تفاهم بينهما تنمو على تعدد اللقاءات إلى علاقة حب، ويشعر كل منهما بكيانه وبحاجته إلى الآخر في حياته، حتى إذا ما جرى تتويج العلاقة بالاتصال الجنسي على سطح إحدى العمارات يختفي لو بشكل مفاجئ بداعي الحب، وحرصاً منه على عدم إقحام جويا في عالمه المظلم، غير أنها وبالداعي نفسه تبحث عنه ولا تصدق خبر موته منتحراً منذ 10 أشهر، مما يدفعها إلى الشك في نفسها ويعرضها إلى التشكيك في قدراتها العقلية، لكن إصغاءها إلى صوت قلبها وتشجيع الأستاذ بوفه وصاحبة الحانة الحالية جوفانا والوسيطة الروحية لها، يجعلانها تصر على البحث عن لو حتى العثور عليه وإخضاعه للعلاج، وتمنحه رسائلها إليه مفتاح حل عقدته المزمنة التي بدأت مع ضبطه الأب بجرم الخيانة المشهود. وإذ يتماثل كل منهما للشفاء يأتي المشهد الأخير في الرواية، الحقيقي أو المتخيل، الذي يصور لو منتظراً جويا في غرفتها ومرحباً بها، ليقول قدرة الحب في معالجة الأعطاب النفسية وحل العقد المستعصية ومواجهة الظروف القاهرة، وبهذا المعنى يشكل المتن الروائي ترجمة للعنوان وتخفف السعادة وطأة السقوط. المزيد عن:روائي إيطالي\رواية\التفكك الأسري\الحب\الإدمان\الإضطراب\المتخيل