أ ف ب / عناصر ومؤيديون "للحشد الشعبي" العراقي يلوحون بأعلامهم اثناء مسيرة في بغداد تندد بالضربة الجوية الاميركية التي ادت الى مقتل اربعة من عناصر الحشد في 31 يوليو عرب وعالم “الحاكمية الشيعية” في العراق وثنائية السياسة والسلاح by admin 10 فبراير، 2025 written by admin 10 فبراير، 2025 10 في انتخابات 2018 أصبح التداخل في ثنائية السلاح والسياسة واضحا المجلة / إياد العنبر يتكرر كثيرا في الأونة الاخيرة مصطلح “الحاكمية الشيعية”، دلالة على وصول القوى الإسلاموية الشيعية إلى سدة الحكم في البلدان التي تشكل فيها أغلبية أو تفرض نفوذها على الدولة، وتحديدا في العراق ولبنان. وهو يؤشر على تنامي نفوذ القوى السياسية الشيعية الذي تصاعد بعد إسقاط نظام صدام حسين في العراق عام 2003. كما بدأت ملامح السطوة والنفوذ تتمظهر في جميع مفاصل المجال العام، لتؤكد “الحاكمية الشيعية”. وحتى صور الرموز الدينية والسياسية الشيعية واللافتات وممارسة الشعائر والطقوس، أخذت تنتشر في الشوارع والفضاء العام. وهذه الظاهرة تعد طبيعية وفق تحليل سيغموند فرويد الذي استشهد به هاشم صالح في تفسير أحداث العالم العربي بعد 2003، إذ يرى فرويد: أن كل ما كُبت على مدار التاريخ سوف يستيقظ يوما ما، وينفجر كما تنفجر البراكين من أعماق الأرض ويطالب بحقه في الوجود والتعبير عن نفسه. الحاكمية الشيعية، مصطلح ابتدعته النخب الإعلامية الشيعية، وليس له جذور فكرية ولا يرتبط حتى بتأسيس مفاهيمي معرفي. وتم تداوله في العراق مؤخرا كدلالة لفرض واقع سياسي تكوّن في القوى السياسية الشيعية فارضة سيطرتها على تشكيل الحكومة وتشريعات القوانين التي تؤكد سطوة قوى الإسلام السياسي الشيعي، باعتبارها الأغلبية الحاكمة. ولذلك هي ظاهرة سياسية وليست نظرية أو أطروحة فكرية. عموما، ناقشت الأدبيات الفقهية الشيعية قضية السلطة والعلاقة مع الدولة، بِعدّها “مورد ابتلاء” حسب الاصطلاح الفقهي. ونجاح الثورة الإسلامية في إيران، أعاد الاعتبار إلى أولية التفكير بالدولة في الفكر السياسي الشيعي. ولكن النموذج الذي قدمه النظام السياسي الإيراني كان تجسيدا لنظرية ولاية الفقيه التي دعا إليها آية الله الخميني في كتابه “الحكومة الإسلامية” والتي اختارها عمادا لمشروعه السياسي، ومصدرا لشرعية الدولة التي جاهد لتأسيسها. لتكون في النهاية النموذج السياسي الشيعي للحكم الذي بدأ يفرض نفسه على تجربة حركات الإسلام السياسي الشيعي في المنطقة العربية، وتحديدا العراق ولبنان. التجربة الثورية الإيرانية، نجحت في أن تجسد أفكارها بنموذج جمهورية إسلامية في إيران. لكن تجربة الحركات الإسلامية الشيعية في العراق كانت تختلف تماما، رغم أنها رفعت شعار الثورة الإسلامية ضد نظام حكم “البعث”. ومن جانب آخر، لم تكن أغلب تياراتها وقياداتها تتبنى أطروحة ولاية الفقيه، كما في إيران. أما في لبنان، فقد كانت السجالات الفكرية تناقش مشروعية الدولة الإسلامية وأطروحة ولاية الفقيه، وكان يقابلها مشروع مقاومة إسلامية شيعية ضد الاحتلال الإسرائيلي، يفرض وجوده ومشروعية سلاحه تحت راية المقاومة. حتى ما بعد 2006 عندما قرر الدخول في معترك السياسة وتعقيداتها وصفقاتها في لبنان. بعد نهاية الحرب ضد “داعش” بدأ تسويق فكرة أن تكون حماية الحاكمية الشيعية في العراق مقترنة بوجود سلاح موازٍ لسلاح الدولة تكون مهمته حماية النظام السياسي الذي تكون فيه الأغلبية الشيعية هي الحاكمة لكن، الفارق أن تجربة الثورة الإسلامية في إيران، رغم أنها أنتجت جمهورية إسلامية، فإنها عملت على ترسيخ ثنائية السلاح والسياسة في نظام الحكم، وأسست مؤسسات موازية للعناوين الرسمية، مثل “الحرس الثوري”، و”فيلق القدس”. صحيح أنها تحت قيادة مرشد الجمهورية الإسلامية، لكن وظيفتها حماية وصيانة الثورة وشعاراتها وليس حماية الدولة وتقديم الخدمة للمجتمع. التقليد والمحاكاة في تجربة إيران تمكن قادتها من رسم ملامح للإجماع الوطني قائم على أساس أيديولوجيا الثورة الإسلامية، واستطاعوا أن يفرضوا نموذجهم السياسي من دون وجود معارضة تختلف مع نظام الجمهورية الإسلامية. وهذا على العكس من التجربة السياسية للشيعة في العراق ولبنان. في العراق، انخرطت التيارات والأحزاب الشيعية التي كانت تعمل خارج العراق تحت لافتة معارضة، في العملية السياسية بعد 2003. وفي عام 2004 قبلت التخلي عن سلاحها والاندماج في المؤسسات الرسمية، بعد أن أصدرت سلطة الائتلاف المؤقتة القرار رقم 91 الخاص بدمج الميليشيات. لكن التيار الصدري لم يكن مشاركا في العملية السياسية، ومنذ البداية كان توجهه نحو حمل السلاح ضد الوجود العسكري الأميركي في العراق. ومن ثم بقي يعمل وفق ثنائية السلاح والسياسة، بصورة علنية وليس سرية مثل بقية القوى والتيارات الإسلامية الشيعية التي شاركت في العلن في قرار دمج الميليشيات، ولكنها لم تتخل عن تنظيماتها المسلحة بصورة حقيقية. وحتى لحظة 2014، ومرحلة ما بعد سيطرة تنظيم “داعش” على محافظات ومناطق عراقية. وإعلان المرجع السيد علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي، وتشكيل حكومة نوري المالكي “هيئة الحشد الشعبي” لضم الفصائل المسلحة لمواجهة تهديد “داعش” بدأت مرحلة ظهور تنظيمات مسلحة للعلن، بعضها أعاد تشكيل تنظيمه المسلح بعد أن تخلى عنه، ظاهريا، بعد 2004، والآخر كان يشتغل بعنوان “مقاومة” الوجود العسكري الأميركي في العراق. وهناك فصائل تم تشكيلها بعد 2014. وفي انتخابات 2018 أصبح التداخل في ثنائية السلاح والسياسة واضحا، وكان تبرير مشروعية هذا التداخل رفع شعارات النصر الذي تحقق على تنظيم “داعش”، والذي يجب استثماره سياسيا. وما بعد الانتخابات تعامل الفاعلون السياسيون الشيعة أصحاب السلاح، بنوع من المراوغة. فهم لم يتخلوا عن سلاحهم ولا تنظيماتهم المسلحة. وإنما غيروا فقط عناوينهم التي قدموها للمشاركة السياسية. ولحد الآن، تستمر هذه الحيلة القانونية. فهم مسجلون ككيانات سياسية وليس بعناوينهم المسلحة. أ ف ب / الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد (يسار الصورة) وزعيم “عصائب اهل الحق” قيس الخزعلي ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي في الذكرى 21 لانشاء “العصائب” في 3 مايو استمرت ثنائية السلاح والسياسة في المشهد السياسي العراقي، وكانت حاضرة في كل تعقيدات المشهد تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي بعد “احتجاجات تشرين 2019”. وبدأ نوع من استعراض النفوذ في المجال العام، وبدأت شخصيات مرتبطة بفصائل مسلحة تحاول تقديم نفسها بعناوين سياسية، ويتم التعامل معها بنوع من الاعتراف الصريح بحضورها في المجال السياسي والسطوة على مفاصل اقتصادية مهمة. وبعد انتخابات 2021 أصبح حضورها الأقوى، حتى وصلت إلى لحظة الصدام على أسوار المنطقة الخضراء في بغداد، بين أتباع مقتدى الصدر وفصائل مسلحة تنتمي للإطار التنسيقي. المفارقة المهمة بدأت في مرحلة ما بعد 2017 وإعلان الانتصار على تنظيم “داعش”، وهي محاول استنساخ وتقليد تجربة “الحرس الثوري” في إيران الذي حددت وظيفته بحراسة السلطة في إيران ومكاسبها. لذلك بعد نهاية الحرب ضد تنظيم “داعش” بدأ تسويق فكرة أن تكون حماية الحاكمية الشيعية في العراق مقترنة بوجود سلاح موازٍ لسلاح الدولة تكون مهمته حماية النظام السياسي الذي تكون فيه الأغلبية الشيعية هي الحاكمة. بعد تداعيات أحداث 7 أكتوبر على “حزب الله” في لبنان، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا. بدأ الترويج بأن الفصائل المسلحة في العراق ستكون هي المستهدفة في المرحلة القادمة الترويج لضرورة وجود السلاح لحماية الحاكمية الشيعية، بات تكرار هذه المتلازمة بين السلاح والسياسة كمحاولة لشرعنة وجوده في مواجهة خطر يهدد مكاسب التجربة الشيعية في الحكم بعد 2003. وأصبح التساؤل عن ضرورة وجود هذه المتلازمة أو محاولة تفكيك مبررات فرضه على المجال السياسي، يواجه مباشرة بتهمة تنفيذ أجندة خارجية تريد تقويض الحاكمية الشيعية! ولذلك، تم تغييب السؤال الأخطر الذي تحتاج النخب السياسية الشيعية الحاكمة إلى مواجهته: لماذا تحتاج تجربة الحكم الشيعية إلى سلاح موازٍ لسلاح الدولة لحمايتها والحفاظ على مكاسبها، في حين أنها هي من تسيطر على الدولة ومؤسساتها. حتى وإن كانت هناك تشاركية في الحكم مع المكونات الطائفية والقومية، ولكن القدح المعلى في القرار السياسي يبقى بيد الفاعلين السياسيين الشيعة؟ زلزال 7 أكتوبر منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، راحت تداعياتها تنعكس على العراق. وكانت اللحظة الكاشفة لتداخل ثنائية السلاح والسياسة في القرار السياسي الشيعي العراقي. الفصائل المسلحة التي تعمل بعنوان “المقاومة الإسلامية في العراق”، حددت موقفها بالتماهي مع “محور المقاومة” الذي تتزعمه إيران. من جهة ثانية، كانت مشاركة الأطراف السياسية الشيعية التي لديها تمثيل سياسي في الحكومة قوامه السلاح، تختصر على مستوى الخطابات ورفع اللافتات التي تعلن جاهزية سلاحها للمشاركة في المواجهة في الحرب ضد إسرائيل، وفي تهديد الوجود الأميركي في العراق. لكن مشاركتها الفعلية بقيت على مستوى التصريحات. وبعد تداعيات أحداث 7 أكتوبر على “حزب الله” في لبنان، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا. بدأ الترويج بأن الفصائل المسلحة في العراق ستكون هي المستهدفة في المرحلة القادمة، ضمن ترتيبات الشرق الأوسط الجديد الذي يتم التبشير به بعد 7 أكتوبر، ومشروعه تقليص نفوذ إيران في المنطقة وتقطيع أذرعها والقضاء على محورها. وسلاح الفصائل العراقية هو الهدف. هذا الترويج لم يكن عبر تقارير أو تصريحات أميركية، وإنما عبر مستشارين في حكومة محمد شياع السوداني، وقياديين في الإطار التنسيقي الشيعي، وهناك سياسيون بدأوا يكررون هذه الأخبار. حتى وزير الخارجية العراقي تحدث بكل صراحة عن وجود مفاوضات مع الفصائل المسلحة للتخلي عن سلاحها. لم تغادر عقدةُ التفكير ومشاعر الأقلية المظلومة الخطابَ السياسي الشيعي في العراق، رغم هيمنة الشيعة على مقاليد السلطة والنفوذ في المقابل، فإن قيادات الفصائل المسلحة، وحتى من داخل تحالف الإطار التنسيقي. التزمت الصمت وعدم الرد أو الدخول في نقاش بشأن هذه التهديدات. وحتى الحسابات في منصة “إكس” التي كانت تحمل عناوين قيادات في الفصائل المسلحة، اختفت ولم تعد تغرد في هذه المنصة! إذن، يبدو أن الثنائية الشيعية في الحكم القائمة على أساس السياسة والسلاح، تواجه تحديا وتهديدا خارجيا أكثر من كونه داخليا. ومن ثم، ستكون في مواجهة حقيقية أمام سرديات تحاول شرعنة وجودها وضرورة استمرارها. لكن التهديد والتحدي الخارجيين، لا يوازيهما ضرورة مراجعة وتقييم التجربة بعد عشرين عاما في الحكم وهل تحتاج الحاكمية الشيعية إلى سلاح لحمايتها، أم تحتاج إلى الركون إلى شرعية المنجز السياسي والاقتصادي والخدمي لجمهورها، وتعمل على تشكيل إجماع وطني يحمي تجربة الحكم بعد 2003؟ لم تغادر الخطابَ السياسي الشيعي في العراق عقدةُ التفكير ومشاعر الأقلية المظلومة، رغم هيمنة الشيعة على مقاليد السلطة والنفوذ. لذلك تجدهم يفكرون بمنطق “الجماعة الداخلية” مقابل “الجماعة الخارجية”، والتعاطي مع الأمور السياسية بهدف تسوير دائرة نفوذ القوى السياسية، والتلويح بأن خسارة الطبقة السياسية الشيعية للمكاسب يعني ضياع فرصة الشيعة في الحكم. وهنا تكمن المفارقة، إذ بقي تفكيرهم محصورا بدائرة مغلقة تعبر عن تفكير مأزوم بخطر زوال الحكم من بين أيديهم؛ ويقابله إصرارٌ على التمسك بالشعارات وتبرير وجود السلاح لحماية التجربة، بدلا من محاولة تجاوز مخاوف فقدان السلطة بمشروعية المنجز السياسي والخدمي. المزيد عن: العراق الحشد الشعبي العراقي ايران الشيعة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الإسلام السياسي الشيعي العراقي وضرورة المراجعة الفكرية next post عبدالله أوجلان الكردي الذي جال العالم وحط في السجن You may also like التوتر على الحدود اللبنانية- السورية: إنهاء مرحلة حزب... 11 فبراير، 2025 ترمب يتوعد “حماس” بـ”جحيم حقيقي” إذا لم تفرج... 11 فبراير، 2025 سوريا تتهم “حزب الله” بشن هجمات على قواتها... 11 فبراير، 2025 ما دلالات تشكيل حكومة حرب في السودان؟ 11 فبراير، 2025 أشهر مغني راب أوكراني يقود حرب المسيرات ضد... 11 فبراير، 2025 ما حقيقة اشتباكات الحدود اللبنانية – السورية؟ 11 فبراير، 2025 أمن الحدود السورية: «حزب الله» بات يشكل تهديداً 10 فبراير، 2025 علي بردى يكتب من واشنطن عن: ترمب مصمم... 10 فبراير، 2025 الإسلام السياسي الشيعي العراقي وضرورة المراجعة الفكرية 10 فبراير، 2025 ( 4135 امرأة) فقدت جنسيتها في الكويت 10 فبراير، 2025