الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » الجسد السيادي المريض في سوريا (2): أسماء الأسد وسياسات “الياسمينة المُصابة”

الجسد السيادي المريض في سوريا (2): أسماء الأسد وسياسات “الياسمينة المُصابة”

by admin

 

 حول البعض أسماء الأسد إلى “روبن هود” عصري، تأخذ الأموال وتقاسم اللجان الأممية تقديماتها من أجل مئات العمليات والمساعدات التي توقع باسمها، لكنها لم تنجح في تجميل صورتها أبداً. حتى الصلح مع دول الخليج قيل في الثقافة الشفوية إنها سببه، حيث يفضل الخليج التعامل مع السنية بدل بشار الأسد العلوي.

درج ميديا /مكسيم عثمان

أدى زواج بشار الأسد من أسماء الأسد إلى تمدين السلطة، الجانب المدني الاجتماعي الخيري تم ابتلاعه عن طريق أسماء، أسماء شكلت وجهاً اجتماعياً للنظام مع رامي مخلوف الذي عمل في الظل، مدار الأعمال أن المجتمع المدني هو مجتمع خيري، العمل على الهوامش الاجتماعية والاقتصادية، لضبط حالة الفقر المدقع عبر المساومة الإنسانية بإجراء عمليات وإعطاء أموال ورواتب للمعاقين.

كانت أسماء تعمل على الهوامش التي لم تتدخل فيها الدولة القديمة، فرعت أصحاب الاحتياجات الخاصة، وحاولت تدويل الأعمال والنشاطات لهم، كانت أسماء تُبعد الدولة عن الأكثر حاجة إلى الرعاية الاجتماعية، وذلك توليداً لمعنى وحيد: السيطرة على الكائنات الأكثر ضعفاً وقبولاً للمساعدة. طابع سادي خفي يجعل مساعدة الأضعف والأكثر بساطة وتواضعاً قيمة للسادي بوصفه مساعداً.

انتقت أسماء الهوامش الأكثر ضعفاً وتألماً وإهمالاً من نظام الاستبداد، وإن كان للسلطة وجه مضاد للذل ستحوله أسماء إلى مؤسسة وتُشرف عليه. لقد انتهت الأعمال الهامشية التي لا يتدخل فيها النظام بالحد الأدنى، لتتحول أسماء بنرجسية المستبد إلى مسيطرة على الهوامش.

السيدة الأولى: “ياسمينة” تشرب دماء السوريين

ما بعد الثورة استحوذت أسماء على كل شيء عبر مؤسسات التنمية الوطنية، وحاولت على هامش مرحلة القمع استيعاب أكبر عدد من الشباب في المحافظات عبر مشروع “ألوان”، الذي جمعت فيه الآلاف في دورات تنمية بشرية أحضرت من خلالها خبراء أردنيين ومصريين في مجال التنمية، ثم انتظرت انهيار الإيرانيين ومحاولتهم ابتلاع العلويين، واتجهت أكثر نحو العائلات العلوية، فصورت فيديوهات لزيارة الناجين من الحرب، والمصابين بإعاقات جسدية وذهنية جراء المعارك.

زيارات أسماء الأسد كانت مُكلفة لها ولصورة النظام، فعملت على تنظيم مؤسسات صغيرة من الشباب مرتبطة بها، وذلك لدفعهم إلى مساعدة المصابين والعساكر. تعلمت أن أحد أوجه السلطة تعويض الشخصية بأشخاص كثر ليحلوا مكانها.

كانت أسماء أقل تنظيماً في الفترة الأولى، وذلك لتشكل لاسمها مركزية مختلفة، فلم تختر مؤسسة واضحة المعالم والتكوين للمساعدة، بل شبان وشابات يلتقطون الضعفاء والمحتاجين لتساعدهم. اسمها أكبر من أي كيان ممكن، وجسدها يتحول إلى ياسمينة صغيرة. كانت أسماء تفضل الظهور القوي والمتواضع، الظهور الغاش للنرجسي السادي، فاختارت نساء فقيرات، وعاملات منازل في كل مرة لتصور أعمالهن ونشاطاتهن، كانت تركز على الهوامش لتستبد بها وتبدو مسيطرة عليها.

في السنوات الخمسة الأخيرة بدأت أسماء تشارك في إدارة البلاد اقتصادياً، ومؤسساتها الهجينة مع الدولة استحوذت السلطة الاقتصادية القائمة في الظل، ثم علنياً عبر مؤسسات تُشارك الدولة كمشروع “تتكامل”. ظن الكثيرون أن بشار الأسد يعاني من خلل عقلي، يُسلم زوجته البلاد، وبدأ العلويون الأكثر قرباً من النظام ضرب سمعة بشار الأسد شخصياً، خاصة أن خلافه مع رامي مخلوف العلوي وتسليمه الاقتصاد لسُنية بدا كفراً.

درج في الساحل السوري سخرية لاذعة من أسماء، وشتمها أصبح الباب الأول للعلويين لكشف وجه السلطة والجرأة في مواجهتها. وهذا حقيقي، فمنذ عام 2019 تغيرت لهجة الناس الناقمين على النظام، وافتُتح عصر النقد برمي أسماء بالشتائم، التي حولت البلاد إلى آلة جني أموال لها، عبر آلية دفع الفواتير إلكترونياً، وتنظيم دور الخبز، والمنظمات الإنسانية العاملة وربطها بمؤسسات التنمية التي تُشرف عليها. حُولت أسماء إلى شيطان لا يمكن فهمه، وتم التشكيك برجولة الأسد لسماحه لزوجته بالاستحواذ على البلاد.

المرض كعقاب إلهي!

الناس في سوريا يملكون عصوراً يُنتجها النظام لإبداء النقد وكيل الشتائم. لن ينسى أحد كيف حول النظام مستشاره الاقتصادي عبد الله الدردري إلى سبب كل مفسدة وتهالك للاقتصاد الوطني، أو حتى عبد الحليم خدام حينما انشق عن النظام. أما منذ عام 2019  فأصبحت أسماء هي الجسد الذي عوض به النظام غيابه، حيث بدأ بشار بالاختفاء وأسماء في الظهور، فألبستها الجماهير بشكل مضطرد مآسي البلاد.

كان مرض أسماء الأول مدار سؤال كبير عن حجم الضرر الذي سيصيب السلطة، ثم تحول الموضوع إلى نظرة ميتافيزيقية كعقاب إلهي لها، وما إن تعافت حتى بدت أكثر قوة وجبروتاً. لم يهدأ سمير إبراهيم، ممثلها في مكتب الخطيب المشهور، عن فتح الاتصالات وطلب الأموال كأتاوة من أغنياء البلاد الشرفاء منهم واللصوص. حاولت مؤسسة “العرين” التي تدعمها أسماء لم شمل العلويين من جديد بعد اختفاء رامي مخلوف، فعوضت الغياب بمئات العمليات الطبية، والمساعدات العينية للريف العلوي.

حول البعض أسماء الأسد إلى “روبن هود” عصري، تأخذ الأموال وتقاسم اللجان الأممية تقديماتها من أجل مئات العمليات والمساعدات التي توقع باسمها، لكنها لم تنجح في تجميل صورتها أبداً. حتى الصلح مع دول الخليج قيل في الثقافة الشفوية إنها سببه، حيث يفضل الخليج التعامل مع السنية بدل بشار الأسد العلوي.

في عام 2024 سيعود المرض لأسماء، وسينقسم الناس بين شامت بها ومصلٍّ لها، واندفعت جميع الفاعليات الاجتماعية والخيرية والصحية لإبرازها من جديد بوصفها سيدة الياسمين المصابة، أُجبر آلاف الشباب من العاملين والعاملات في الجمعيات الخيرية والفعاليات الصحية على وضع صورة أسماء الأسد عبر وسائل التواصل، وراقبت أجهزة الأمن ذلك.

الجسد المريض مادة للاستهلاك الإعلامي

المفارقة الوحيدة أن تجربتها المريرة مع السرطان في عام 2018 حملت زخماً أكبر من السلطة، واهتماماً من التلفاز الرسمي والخاص، حتى الصحف التي تصدر إلكترونياً اندفعت بشكل يومي لمتابعة أسماء. أما في المحنة الثانية، فصدر توضيح من السلطة بتأكيد غيابها وعزلتها، من دون أن يكون جسدها مداراً للتعاطف أو الاستهلاك الإعلامي لتشكيل سردية تعاطفية، تلا ذلك موت لونا الشبل؛ يُشاع اجتماعياً أن النظام تخلص من كل تمثيل نسائي خاص ببشار الأسد داخل السلطة، في سردية ذكورية مشيخية دينية تُركز على دور سيئ للمرأة داخل أجنحة السلطة.

سرديات أخرى تعود إلى السطح عن خلاف بين بثينة شعبان، المرأة التقليدية في جناح السلطة، ولونا الشبل، والتركيز على الأدوار اللصوصية لكل أنثى داخل مدار السلطة. حادثة لونا الشبل وموتها شكّلا سؤالاً كبيراً عن التزامن مع مرض أسماء الأسد، وبدأت الصفحات عبر وسائل التواصل تكتب عن الموضوع وكأننا ننتظر قصصاً سردية غرائبية ومرعبة، ننتظر فضيحة تصيب لونا أو أسماء. حيوات العائلة من داخل القصر بدأت تشغلنا.

المفارقة أن أسماء اختفت مثلما اختفى حافظ الأسد حينما مرض في الثمانينيات، أو حينما حزنت بشرى أو تزوجت، أما لونا الشبل فقد انتفت، تفتت جسدها ووعيها، مثلما تفتت آصف شوكت، المتهم بأنه حاول الانقلاب على النظام وبالتالي استحق التفجير الذي أصابه، حتى رفعت الأسد، ولأنه من العائلة، لم يتم تفتيت جسده أو اغتياله، بل أُبعد عن السلطة ثم عاد، أما كل من اقترب من العائلة وليس منها فقد يتم تفتيته.

المرثيات عن أسماء الأسد اليوم ناقصة، وإرادة السوريين الخائفة والناقصة تتجاوز الخوف من السيد المستبد وتقلص الشعور بالسلبية نحوه وتتجه نحو أسماء، وتُشكل أعاجيب سردية عن وفاة لونا الشبل، وعن اختفاء أسماء الأسد، حيث خلق النظام تحويلاً إيجابياً للجميع عن رأسه، وعن كيانه الأشد بؤساً وقوة وتسلطاً.

هناك جسد سوري دوماً على السلطة خلقه بأشد المعايير درامية أو تراجيدية، مع أسماء الأسد يتم اللعب على ما يُسميه هيجل قانون الفؤاد، في تحويل خفقات القلب والشعور بالإنسانية إلى حالة تناقضية، أو حالة خليطة، تحويل السيدة الأنثوية الأولى إلى شيطان حيناً، وإلى منقذة أحياناً، وربط وجودها بفقر الناس وغضبهم وعلتهم، ثم يصبح جسدها المريض هو سؤال إنساني في التعاطف معها أو الشماتة بها، هذا اللعب مع سيرة شفهية يختلط فيها الطائفي بالإنساني والصحي، يسبب ما يسميه هيجل حرفياً الجنون والفساد والفسق، لأن ما تصنعه السلطة يستهدف قلب الناس ووجدانهم .

في مسيرة الأجساد التي كانت في السلطة أو اقتربت منها مفارقة عجيبة، في أن التعاطف معها أو نبذها سيكون شأناً خاصاً، أما الشعب فسيلوك الحقد والحيرة والكثير من الجنون بحثاً عن رواية صادقة.

 

الجسد السيادي المريض في سوريا (1): على من اتكأ حافظ الأسد؟

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00