عرب وعالمعربي الترسيم البحري: هل تكون السيادة للبنان والثروة لإسرائيل؟ by admin 27 أكتوبر، 2022 written by admin 27 أكتوبر، 2022 37 تتخوف الأحزاب والتكتلات النيابية من وجود “بنود سرية” لا تصب في مصلحة بيروت اندبندنت عربية \ طوني بولس @TonyBoulos فتح اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل المجال أمام التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع وباقي الحقول بالمياه الإقليمية لبيروت، ويتوقع أن تبدأ عمليات الاستطلاع والحفر في حقل “قانا” من قبل تحالف الشركات المشغلة بقيادة “توتال” الفرنسية بداية عام 2023، لمعرفة ما إذا كان يحتوي على الغاز، وما حصة لبنان منه، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد أعلن أن بلاده ستتلقى نحو 17 في المئة من عائدات الحقل حين يدخل مرحلة الإنتاج. الأمر الذي ترك لدى الرأي العام اللبناني تساؤلات حول الصفقة، وإمكان أن تعطي السيادة للبنان فوق البحر فقط في مقابل تسليم الثروة النفطية في قعر المياه لإسرائيل، عبر اتفاق معقد مع شركة “توتال” ترعاه الولايات المتحدة الأميركية. ورغم إعلان الموعد الرسمي لتوقيع الاتفاق وعلى عكس ما جرى في إسرائيل، لم يعرض الجانب اللبناني بنود الاتفاق على مجلس الوزراء، ولا على مجلس النواب، مما أثار شكوك عدد من الأحزاب والتكتلات النيابية من وجود بنود “سرية” لا تصب في مصلحة بيروت. حقل وهمي ومع إعلان إسرائيل تضمن الاتفاق نوعاً من الشراكة الاقتصادية، بدأت التكهنات الإعلامية والتخوفات من أن تبدأ “توتال” الحفر من الجهة الجنوبية للبلوك رقم (9)، أي جنوب الخط (23) لأسباب جيولوجية. ورجح بعض الخبراء، منهم المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا القيسي، أن المساحة الأكبر من الحقل قد تمتد داخل المياه الإقليمية التابعة للجهة الإسرائيلية، بالتالي فحصّتها من الأرباح قد تصل إلى 80 في المئة من غاز هذا الحقل. ولذلك تطالب القيسي بتثبيت نسبة الـ 17 في المئة التي تتحدث عنها إسرائيل خطياً في العقد لتجنيب لبنان خسارة محتملة من حصته من غاز حقل “قانا”. ويشير بعض الخبراء إلى أن “قانا” ليس حقلاً واحداً بل هو تركيبة جيولوجية جرى اكتشافها عبر المسح الزلزالي، إذ من الممكن أن يوجد فيها الغاز، وكل مكمن لديه مواصفات مختلفة، وبرأيهم فإن “قانا” لا يزال حقلاً وهمياً لا يمكن جزم أية خلاصة في شأنه قبل البدء بالاستكشاف. حوض “ليفانت” وفي السياق ذاته أكد متخصص الغاز والهيدروجين في “أوابك” المهندس وائل حامد عبدالمعطي أن احتياطات الغاز في لبنان كافية لسد حاجاته من الطاقة وتصدير الفائض مستقبلاً. وكشف عبدالمعطي أنه “على مدار العقدين الماضيين جمعت بيانات المسح السيزمي ثنائي وثلاثي الأبعاد في المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تبلغ مساحتها 22730 ألف كيلومتر مربع، وبحسب المعطيات الأولية يوجد 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز في الركن الجنوبي الغربي”. ولفت إلى أنه في حال نجاح لبنان خلال السنوات القليلة المقبلة في استخراج الغاز من مياهه الاقتصادية الخالصة “سيكون لاعباً مهماً على المسرح الإقليمي، وموقعه الجغرافي يؤهله لذلك”. مشيراً إلى أن 30 في المئة من المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان تقع ضمن حوض “ليفانت” الروسوبي الغني بالغاز. انتظار طويل وفي المقابل كشف المنسق الإقليمي لمنظمة “انشر ما تدفع” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بيار سعادة، وهي شبكة عالمية من منظمات المجتمع المدني تتولى المناصرة لتحقيق الشفافية والمساءلة في قطاع الموارد الطبيعية، أنه بين عامي 2006 و2013 قامت شركتا Norwegian petroleum geo-services وBretch spectrum بمسموحات ثنائية وثلاثية الأبعاد لجميع البلوكات اللبنانية، وقدرت وجود 20 إلى 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز، إضافة إلى 440 إلى 675 مليون برميل من النفط، وفق تقرير صادر عن شركة “توتال”. ولفت إلى أنه منذ ثلاث سنوات طورت “المبادرة اللبنانية للنفط والغاز” نموذجاً مالياً مبنياً على اتفاقات الاستكشاف والإنتاج التي أتت وقتها ضمن سيناريوهين، الأول وهو الأسوأ وقدر حصة لبنان من الإيرادات بنحو 1.7 مليار دولار في السنة على مدى 15 عاماً. أما السيناريو الثاني، وهو الأمثل، فيرى أن باستطاعة لبنان استخدام جميع احتياطاته الغازية التي تبلغ حينها الإيرادات 6 مليارات دولار لمدة 15 عاماً تقريباً. وأوضح سعادة أن مسار الاستخراج قد يستغرق بين سبع وثماني سنوات، إذ إنه يبدأ بالتحضير اللوجيستي للبدء بالتنقيب في البئر الاستكشافية التي يتأكد فيها وجود كميات تجارية من الغاز، فضلاً عن البئر الاستقصائية التي تحدد من جهتها كمية ونوعية الغاز المتوقع استخراجه، وعندها يأخذ القرار بتطوير الحقل، وبناء البنى التحتية للبدء بحفر آبار الإنتاج، وهذا بطبيعة الحال يؤكد أنه لا يمكن للبنان الحصول على إيرادات معينة من هذا المشروع قبل هذه المدة الزمنية. الداء الهولندي ويرى سعادة أن أكثر الدول التي اكتشفت النفط والغاز تعاني وضعاً اقتصادياً وسياسياً متردياً، وشدد على أهمية الاستقرار الأمني الذي يترافق مع نظام حكم ديمقراطي، فضلاً عن ضرورة المحاسبة والمراقبة والتدقيق. وقال، “لا بد من أن يقوم ديوان المحاسبة بدوره إلى جانب البرلمان في مساءلة ومراقبة الحكومة ومشاركة المجتمع المدني، ووجود قوانين لمكافحة الفساد وتوزيع عادل للإيرادات، وفي حال لم تأخذ كل هذه الأمور الأساسية بعين الاعتبار وتضع في سلم الأولويات لنجاح المشروع، فعندها قد يتحول النفط إلى لعنة للدولة، أو ما يعرف بـ (الداء الهولندي)”. خريطة الترسيم الحدودي بين لبنان وإسرائيل (أ ف ب) و”الداء الهولندي” هو مصطلح يشير إلى أنه عند اكتشاف النفط والغاز يعتبر الساسة في المنظومة الحاكمة أن هذا القطاع هو “المخلص”، فيصب التركيز والاهتمام عليه على حساب باقي القطاعات الحيوية التي تهمل وتهمش، وهذا بطبيعة الحال يعرض البلد إلى مزيد من الفقر واستشراء الفساد في جميع القطاعات. ويشدد سعادة على ضرورة استكمال انضمام لبنان إلى مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية، التي تبدأ أهميتها بتشكيل مجلس أصحاب المصلحة المكون من المجتمع المدني والشركات والدولة، كون هذه المبادرة تعد إحدى أهم المعايير لإدارة قطاع النفط بشكل شفاف في المرحلة المقبلة. وأشار إلى أن قانون دعم الشفافية في قطاع البترول موجود، لكن تكمن أهميته بتفعيله ومراقبة تنفيذه، ومن هنا تأتي أهمية دور المجتمع المدني في الإشراف على مراقبة حسن تنفيذ هذا القانون لضمان الشفافية. الحقوق النفطية بدوره أوضح المدير التنفيذي عضو مجلس الإدارة في المبادرة اللبنانية للنفط والغاز (LOGI) عامر مردم بيك أن هذه المبادرة هدفها التركيز على توعية الرأي العام ووضع السياسات ودعمها إلى جانب مساعدة لبنان للاستفادة من أقصى حد ممكن من ثروته الطبيعية على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وتفادي أن تصبح هذه الثروة الطبيعية نقمة على البلد. لافتاً إلى أن المبادرة كانت في مقدمة المطالبين بحقوق لبنان النفطية أي منذ تأسيسها عام 2017. وكشف مردم عن أن المبادرة اللبنانية للنفط والغاز أعدت دراسة تقنية بالتعاون مع “Open Oil” الدولية، توقعت وجود في أفضل السيناريوهات 16 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وهذا الرقم يمكن أن يقدم للبنان إيرادات تبلغ قيمتها نحو 6 مليارات دولار أميركي طوال المدة الزمنية المتوقعة لاستخراج كامل الثروة الطبيعة الموجودة داخل الحقل النفطي. لكنه استدرك بالتأكيد أن هذه الأرقام هي أولية، إذ لا يمكن التأكد من كمية ونوعية النفط الموجود قبل المباشرة بالتنقيب لتقدير نسبة وحصة الإيرادات المخصصة للدولة. وقال “إذا تبين وجود كميات كبيرة في الحقول عندها تتغير تلقائياً هذه الأرقام، آخذين بعين الاعتبار باقي الحقول النفطية التي لم تتقدم حتى الساعة شركات عالمية للبدء بعمليات التنقيب داخلها”. تطوير الكهرباء ورأى مردم أن النفط لن يحل الأزمة الاقتصادية في لبنان، ويجب أن لا يكون ركيزة لخطة أو استراتيجية الإنقاذ. مشيراً إلى أن الأرقام الخيالية التي يتم تداولها لا تعكس حقيقة الثروة النفطية، إذ يؤكد أنها لا يمكن أن تحل مشكلة الدين العام، ولا الواقع المالي المنهار. واعتبر أن النفط والغاز يمكنهما أن يشكلا أحد العوامل التي تخفف من حدة الأزمة الاقتصادية، أي عند استخدامه داخلياً لإنتاج الكهرباء، فهذا يمكن أن يكون له أثر إيجابي في الدورة الاقتصادية. ولفت مردم إلى أن قطاع الكهرباء مر بكثير من الصعوبات وهناك عوامل عدة أثرت عليه، سواء من ناحية تضارب المصالح والتطلعات الجيوسياسية، أو تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، مشيراً إلى أن المبادرة اللبنانية للنفط والغاز وسعت اليوم نطاق عملها لتشمل قطاع الكهرباء الذي يعد عاملاً أساسياً للأزمة في البلاد. تشجيع الاستثمارات من ناحيتها رأت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوري هايتيان، أن الطبقة السياسية ترى أنه إذا تمكنت شركة “توتال” من بدء أعمال التنقيب فإن هذا سيشجع باقي الشركات على التوجه نحو لبنان والاستثمار في البلوكات الأخرى، إذ إنه من أصل 10 بلوكات في المياه الإقليمية، هناك بلوكان فقط تم تلزيمهما لشركتي “توتال” و”إيني”، وثماني بلوكات ليس عليها إقبال من المستثمرين حتى الآن. وأوضحت هايتيان أن المعارضة اللبنانية لديها شكوك ومخاوف حول اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل، إذ ترى أن البلاد تعاني مشكلات كبرى تتعلق بالفساد وضعف المؤسسات وعدم الرؤية السياسية والاقتصادية، وعدم قدرة الطبقة السياسية على إدارة قطاع بهذا القدر من الأهمية. وحول إمكان تصدير الغاز المحتمل إلى الخارج، سلطت الضوء على عدد من التحديات، أبرزها عدم وجود بنية تحتية أو أنابيب للنقل حتى في الداخل اللبناني. وقالت “كل ما نعرفه اليوم أن شركة توتال لديها ثلاثة أعوام للاستكشاف والوصول إلى هذا الحقل المحتمل”، مؤكدة أنه لا يمكن بناء اقتصاد قائم على قطاع نفطي بحفر بئر كل خمسة أعوام، مطالبة الحكومة بإسراع وتيرة هذا القطاع من خلال تشجيع الاستثمارات والمحفزات لبناء الثقة والاستقرار. المزيد عن: لبنان\إسرائيل\ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل\الغاز\النفط\حقل قان\احقل كاريش\شركة توتال\شركة إيني\الاقتصاد اللبناني\الأزمة الاقتصادية في لبنان 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ياسمينة خضرا يسترجع تاريخ الجزائر بعين بصيرة next post الدبيبة يمنع الوزراء من التصريح للصحافة دون موافقته You may also like المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024 بعد قرار “الجنايات”… المصريون حائرون: هل “الإخوان” إرهابية؟ 28 نوفمبر، 2024 النزاع الإيراني- الإسرائيلي: دور روسيا “المحايد” على المحك 28 نوفمبر، 2024 بعد إعلان نتائج الانتخابات البلدية… هل حن الليبيون... 28 نوفمبر، 2024 مناطق لبنان المدمرة… قنابل موقوتة بما تحويه 28 نوفمبر، 2024 كيف قرأ سياسيو لبنان اتفاق وقف النار وهل... 28 نوفمبر، 2024 خريطة الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان وسيناريوهات الانسحاب 28 نوفمبر، 2024