حرفة البلغة الغدامسية لا تكتمل إذا غابت عنها البصمة النسائية (اندبندنت عربية) ثقافة و فنون البلغة الغدامسية حرفة مهددة بالاندثار في ليبيا by admin 21 نوفمبر، 2024 written by admin 21 نوفمبر، 2024 35 تلاقي هذه القطع الأثرية إقبالاً من جميع الأجانب ولكن بدرجة أكبر من الفرنسيين والإيطاليين بحكم وجود عدد منهم في البلاد اندبندنت عربية / كريمة ناجي صحافية @karimaneji يشق محمد يدر، إسكافي في الصناعات الجلدية (في العقد الرابع من العمر) أزقة مدينة غدامس الملقبة بـ”لؤلؤة الصحراء” الليبية وقد التحفت جدرانها باللون الأبيض والرملي، مرتدياً الزي التقليدي الغدامسي، حاملاً عدته بكل حرص وتروِّ. غياب الدعم الحكومي لحرفة الإسكافي في ليبيا وصعوبة الحصول على المواد الأساسية كالجلد و”الكسلة” (النعال) لم يقفا حاجزاً بين محمد وعشقه لهذه الحرفة التي وصل صداها إلى دول عربية وأجنبية عدة. شبح الاندثار بنظرة واثقة، يطوع محمد جلوداً صفراء وحمراء اللون وهو يقول بنبرة تملؤها الحسرة “لم يبقَ سوى محلين فقط لصناعة البلغة الغدامسية، هذا المتجر تعود ملكيته لوالدي والثاني لعمي”، ويضيف وقد قطع حديثه صوت دق النعال للبلغة الغدامسية، “في السابق كانت هناك خمسة محال تابعة للدولة لكنها قدمتها إلى الحرفيين كتشجيع لهم، وإنما ظروف عمل الاسكافي الصعبة في ليبيا وضعف المدخول المادي وضعا الحرفيين أمام خيار وحيد يقضي بترك هذه الحرفة والانصراف للبحث عن مورد رزق آخر لهم. حركة محمد لا تهدأ، تارة تجده يمسح بيده على بلغة جاهزة وكأنه يخبرها بأنه لن يتركها مثلما فعل زملاؤه، وتارة أخرى يرصف الجلود ويفصل بين اللون الأحمر واللون الأصفر ويقول إن اللون الأحمر خاص بالبلغة الرجالية، في حين يعود اللون الأصفر للبلغة النسائية ويضيف أنه ورث هذه الحرفة عن جده ووالده. صناعة البلغة الغدامسية صناعة البلغة الغدامسية, by eva.abitayeh جهود ثنائية ويشير لنا بإصبعه وهو مبتسم “لولا الأنامل النسائية لن نتمكن نحن الرجال من إخراج البلغة الغدامسية في مرحلتها النهائية”، مؤكداً أن صناعة البلغة الغدامسية تمر برحلة شاقة حتى تخرج في حلتها الأخيرة، فتتضافر جهود النساء والرجال من أجل الحفاظ على هذا الإرث التاريخي الخاص بمدينة غدامس الليبية. وتأخذ مدة صناعة البلغة الغدامسية قرابة الشهر ونصف الشهر حتى تأخذ شكلها النهائي، ويوضح محمد لـ”اندبندنت عربية” أن صناعة البلغة تمر بمرحلتين، إذ تبدأ ولادتها على يد النساء برسم الصورة ثم المرور إلى مرحلة التطريز اليدوي الذي تختلف أشكاله بين البلغة النسائية وتلك الرجالية، وتراوح فترة هذه الأعمال ما بين 10 أيام وشهر بحسب تفرغ النساء، والمرحلة الأخيرة ينجزها الرجال خلال ثلاثة أو أربعة أيام فقط بحسب حجم البلغة. وتتميز البلغة النسائية بلون جلدها الأحمر الذي تغزوه أنواع مختلفة من التطريز، في حين نجد البلغة الرجالية تتميز باللون الأصفر أو البني والأبيض الذي عادة ما يخصص لبلغة الرجال الكبار بالسن وتكون من دون تطريز. صعوبات ويؤكد محمد، وهو يتفحص البلغة الغدامسية، أن هذه القطعة التراثية تلاقي إقبالاً من جميع الأجانب ولكن بدرجة أكبر من الفرنسيين والإيطاليين بحكم وجود عدد منهم في ليبيا، بل إن السياح هم من أسهموا في وصولها إلى دول أخرى عدة لأن ليبيا لم تعمل على ضمان تصديرها للخارج عبر قنوات تصدير رسمية. ويعلن وهو يرتب عدته استعداداً لمغادرة ورشته وهو يتأمل الجلود التي غزت المكان، مشاركتهم في معارض دولية في فرنسا وتونس وتركيا والجزائر وإيطاليا، ويضيف وهو يتنهد حزناً أن الحرفيين أصبحوا يفضلون الاتجاه إلى مهن أخرى بحكم غلاء المعيشة وندرة المواد الأولية، بخاصة الجلد و”الكسلة” (النعال) التي تجلب من النيجر والجزائر وتونس بأسعار مرتفعة جداً. ويخشى محمد أن تصبح البلغة الغدامسية حكراً على طبقة معينة فقط بسبب ندرة وغلاء المواد المتداخلة في صناعتها التي تتسبب بدورها في ارتفاع سعرها عند البيع. حب محمد لمهنة الاسكافي دفعه إلى إطلاق نداء للحكومات الموجودة في ليبيا لمساعدتهم في توفير المواد الأساسية والحرص على تقديم دورات تدريبية لنقل هذه الحرفة إلى الأجيال الجديدة سواء للشباب أو الفتيات لضمان عدم اندثارها، مؤكداً أن وزارة السياحة والصناعات التقليدية في ليبيا على علم بجميع مشكلاتهم ولكنها لم تتحرك لحل هذه المعضلة. إرث عالمي وللحفاظ على البلغة الغدامسية من الاندثار، يقترح مدير مكتب التعاون الدولي في وزارة السياحة والصناعات التقليدية في طرابلس مصعب مالك العمل على تسجيلها كموروث محلي ودولي، باعتبارها كانت وما زالت مورد رزق لأهل غدامس، مشدداً على أهمية إقامة ورش عمل لتعليم الفتيات التطريز الغدامسي، خصوصاً أن إسبانيا أضحت تدرس وتعلم التطريز الغدامسي لنسائها اللواتي يمتهنّ الحرف اليدوية، ويضيف أن دعم الحكومة يتمثل في برامج تدريب وتأهيل تتبنى فيها الدولة الليبية توفير المواد الأساسية لصناعة البلغة الغدامسية كالجلد و”الكسلة”. وتفاعلاً مع طلب الاسكافي محمد يدر من الحكومة توفير الجلود وبقية المواد الأساسية، أكد المسؤول الحكومي أن هذا الأمر غير ممكن بسبب اللوائح التنظيمية للوزارات، إذ لا يسمح لوزارة السياحة والصناعات التقليدية باستيراد مواد معينة باعتبارها وزارة ذات صبغة تنظيمية ورقابية فقط. المزيد عن: ليبياالبلغة الغدامسيةإرث تاريخيالصحراء الليبيةمدينة غدامسالجلودالتطريزالكسلةدورات تدريبية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post من هي إيزابيلا بيتون أشهر مؤثرات العصر الفيكتوري؟ next post فيلم “مدنية” يوثق دور الفن السوداني في استعادة الحريات You may also like مهى سلطان تكتب عن: جدلية العلاقة بين ابن... 27 ديسمبر، 2024 جون هستون أغوى هوليوود “الشعبية” بتحف الأدب النخبوي 27 ديسمبر، 2024 10 أفلام عربية وعالمية تصدّرت المشهد السينمائي في... 27 ديسمبر، 2024 فريد الأطرش في خمسين رحيله… أربع ملاحظات لإنصاف... 27 ديسمبر، 2024 مطربون ومطربات غنوا “الأسدين” والرافضون حاربهم النظام 27 ديسمبر، 2024 “عيب”.. زوجة راغب علامة تعلق على “هجوم أنصار... 26 ديسمبر، 2024 رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري… الراسخ في... 26 ديسمبر، 2024 محمد حجيري يكتب عن: جنبلاط أهدى الشرع “تاريخ... 26 ديسمبر، 2024 دراما من فوكنر تحولت بقلم كامو إلى مسرحية... 26 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يتابع الكتابة عن العودة إلى دمشق:... 26 ديسمبر، 2024