الثلاثاء, يناير 14, 2025
الثلاثاء, يناير 14, 2025
Home » البريطاني إدوارد بارينغ يتتبع رحلة دريدا نحو عصر فكري جديد

البريطاني إدوارد بارينغ يتتبع رحلة دريدا نحو عصر فكري جديد

by admin

 

بحث أكاديمي يغطي الفترة الفكرية الفرنسية من 1945 إلى 1968

اندبندنت عربية / علي عط

يدرس إدوارد بارينغ المذاهب الفلسفية المتعددة والمجادلات والروايات التي كانت تتردد في جو من الحيوية الثقافية والفكرية لتلك الفترة من القرن الماضي. كما يعرض كيف استطاع جاك دريدا (1930 – 2004) الفرنسي الذي نشأ في الجزائر أن يتطور من الفلسفة الفينومينولوجية (علم دراسة الظواهر) في بداية حياته، مروراً بالنزعة الإنسانية واللاإنسانية والبنيوية وما بعد البنيوية، حتى وصل إلى التفكيكية. وفي مقدمتها للطبعة العربية من الكتاب (المركز القومي للترجمة – مراجعة محمد الشحات) قالت سحر توفيق إن عملها على ترجمته استغرق منها وقتاً أطول مما كانت تتوقع، بما أنه زخر بالمصطلحات التي كان ينبغي أن تجد لها مقابلاً عربياً سليماً، “فقد اصطدمت بفوضى المصطلحات العربية، واضطررت، في أحيان كثيرة، إلى الاختيار بين تسميات مختلفة، ولم يكن الاختيار سهلاً على الإطلاق”. وتضيف، “شعرت بسوء الحال الذي نحن فيه، فعلى رغم القول إننا نتكلم لغة واحدة، فإنه ليس من السهل أن نصل معاً إلى تفاهم واضح في شأن مصطلحات تتحدث عن شيء واحد واضح ومؤكد”.

الكتاب بالترجمة العربية (المركز القومي)

اتكأ المؤلف الذي يعمل أستاذاً مساعداً للفكر الأوروبي الحديث والتاريخ الثقافي في جامعة درو على رسائل دريدا المحفوظة في معهد ذاكرة النشر المعاصر في باريس، لكنه أنجز القسم الأكبر من بحثه في كاليفورنيا، “حيث قضيت صيفين من العمل الشاق”. ويؤكد بارينغ أنه لم يكن لهذا الكتاب الصادر بالإنجليزية عن جامعة كامبريدج عام 2011 أن يرى النور، “لولا دعم فريق المنتخبات الخاصة في جامعة كاليفورنيا في إرفين، الذي يرعى أرشيف دريدا هناك”. واهتم المؤلف على نحو خاص بسؤال دريدا: أين تقف فرنسا بالنسبة إلى “الإنسان”؟ في وقت رأى فيه علماء غربيون أن بلد بودلير انقلب في تلك الحقبة الزمنية الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى انتفاضة الطلبة والعمال في عام 1968، على “الإنسان”.

نحن وهم

أما دريدا فقدم تاريخاً موضوعياً لـ”on” (المرء)، وهذا الضمير الذي يتردد في الفرنسية، بين “نحن”، و”هم”، غير محدد فيما يتعلق بالمتحدث، ومن ثم فإنه في هذه الحالة يمكن التردد بين “on” الخاصة بتاريخ منفصل، أو “on” الخاصة بالسيرة الذاتية الجماعية. ويخلص بارينغ إلى أن عدم التحديد هذا هو الأكثر أهمية، “لأن التاريخ الذي رواه دريدا يكرر القصة التي أوردتها على مدى الصفحات الماضية (من الكتاب): قصة كانت له في الوقت نفسه وقصة للفلسفة الفرنسية على نطاق واسع”. بدأ دريدا روايته بالإنسانية، وجادل بأنه في بداية فترة ما بعد الحرب، كانت النزعة الإنسانية، “نوعاً من الأرضية المشتركة للوجودية المسيحية أو الإلحادية، أو لفلسفة القيم (الروحانية أو غير الروحانية) أو لشخصيات اليمين أو اليسار، أو الماركسية في النمط الكلاسيكي، وهكذا “انعكست الوحدة على المشهد السياسي مع الأنثروبولوجيا المشتركة للشيوعيين والاشتراكيين والديمقراطيين المسيحيين”. ولاحظ بارينغ في هذا الصدد أنه على رغم محاولة جان بول سارتر، تغيير مفهوم الإنسان لفصله عن الافتراضات الروحانية والميتافيزيقية السابقة، فإنه لم يطعن أبداً في وحدة الإنسان.

الكتاب بالانجليزية (أمازون)

ولاحظ أن هذا الإجماع المفترض حول الوحدة الأساسية لـ”الإنسان”، واجه في الخمسينيات تحدياً من خلال القراءات الجديدة للفينومينولوجيا. ويضيف، “صحيح أن تطورات علم الظواهر (الظاهراتية) بحلول عام 1968 كانت قد أصبحت مجرد مظهر جانبي للاتجاه السائد في الساحة الفكرية الفرنسية: البنيوية التي في تحولها ضد “الإنسان” رفضت هوسرل وهايدغر كإنسانيين بدلاً من العمل من خلال الآثار اللاإنسانية لفكرهما”، ولكن في عبارة لا يزال فيها أثر “أناje ” قوياً بصورة خاصة، أكد دريدا أن هذا “لا يستبعد أن المرء on قد أحرز بعض التقدم في فرنسا في قراءة هيغل أو هوسرل أو هايدغر، ولا أن هذا التقدم أدى إلى استجواب الإصرار الإنساني”. ووسط هذا الجدل أدرك دريدا مع آخرين أن “ادعاءات الظاهراتيين المان تجاوزت النزعة الأنثروبولوجية التي كانت علماً محدداً وإقليمياً، علماً ثانوياً لاهتمامات أوسع، ومشتقاً منها ص 363.

الكينونة العليا

في عام 1968 أدرك دريدا نزعة إنسانية على مستوى أعلى عند المفكرين الألمان، وضمنياً مترجميهم الفرنسيين، وجادل بأنهم أطهروا إنكاراً لـ”الإنسان”. بالنسبة إلى هوسرل، على رغم أن الفينومينولوجيا المتعالية تجاوزت الأنثروبولوجيا واشتملت عليها، يمكن للمرء “on” أن يقرأ الغاية التي تسير على هديها الأولى بعدما كشف العقل عن نفسه غائياً في تاريخ متعال. وأشار هوسرل إلى أن هذه الغائية الخاصة بالعقل والفينومينولوجيا المتعالية، “تعمل في كل إنسان، مهما كانت درجة بدائيته”. كان الشيء نفسه صحيحاً بالنسبة إلى هايدغر، فيما جادل دريدا بأن مسألة الكينونة العليا Being كانت دائماً مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بما سماه “ما يليق بالإنسان”. في كتابه “الكينونة والزمان” شدد هايدغر على أننا “نحن” دائماً ما يكون لدينا فهم مسبق للكينونة العليا. وفي الأعمال اللاحقة، حتى بعد التحول الصريح ضد النزعة الإنسانية، كان التفكير في الكينونة العليا (إضافة موضوعية) دائماً هو “التفكير في الإنسان” (إضافة ذاتية).

وهنا جادل دريدا بأنه حتى عندما انقلب هايدغر ضد النزعة الإنسانية (بما شكل غاية الإنسان) ونزع إلى فكرة الكينونة العليا، فإن هذه الفكرة، “كانت نهاية الإنسان أو غايته”. عند كل من هوسرل وهايدغر، أصبحت دراسة الإنسان كعلم إقليمي خاضعة لفينومينولوجيا أوسع، لم تعد كأولوية، قادرة على الاعتماد على الأنثروبولوجيا. ولكن، كما أوضح دريدا، كان موضوع الفينومينولوجيا عند هايدغر وهوسرل لا يزال الإنسان، وفي تخطي الإنسانية الوجودية كل ما فعله الفيلسوفان الألمانيان، هو إزاحة الإنسان من “مفعول الفلسفة إلى فاعلها” ص 265.

تاريخ اللعب

كان تاريخ دريدا – يقول المؤلف في الخاتمة – هو تاريخ اللعب، والتغلب المستمر على النزعة الإنسانية، دون التأكيد بالتالي على أنظمة جديدة وأكثر شمولاً. هذه اللعبة وفي خلفيتها آثار ماضي دريدا اللاهوتي والفينومينولوجي، جعلته يتماشى مع “حركة الارتجاج” في باريس، فقدمت قضية مشتركة مع اللغة والمثل العليا للثورة. ويرى بارينغ أنه إذا كان دريدا في كتابه “في علم الكتابة” 1967، قد حاول التوسط بين الفينومينولوجيين والبنيويين، فإن الحماسة والبهرجة الاحتفالية التي ميزت عام 1968 أتاحت له أن يكون جزءاً من الفلسفة الجديدة. فإلى جانب مناهضة دولوز للطب النفسي، والاحتفال بالاختلاف، والبنيوية المرحة لبارت في كتابه s-z (1970) و”ما بعد البنيوية” لميشيل فوكو، أصبح فكر دريدا رمزاً لما بعد الحداثة. وبينما سقط ليفي شتراوس وألتوسير على جانب الطريق، بحسب المؤلف، جلس دريدا على عتبة عصر فكري جديد. ويذهب بارينغ إلى أن المشهد الفكري الفرنسي ما بعد الحرب، لعب دوراً مهماً في استقبال فكر دريدا وتطوره المستقبلي.

ويضيف أنه مع ذلك يمكن القول إن دريدا عاد في تلك الحقبة الزمنية التي شملها البحث، إلى الماضي، وقام بتفصيل تاريخه الخاص ومعه التاريخ الفكري لفرنسا ما بعد الحرب العالمية الثانية، ذلك الذي اتحد في شخصية “المرء” on في سرده. وفي الأخير يؤكد المؤلف أنه على رغم اتهام دريدا في كثير من الأحيان، بإهمال التاريخ، فإن قراءاته ظلت مفتوحة على المستقبل، “لا لأنها انفصلت عن الماضي، بل لأنها استمتعن بإمكاناته”.

المؤلف أستاذ مساعد للفكر الأوروبي الحديث والتاريخ الثقافي في جامعة درو. تلقى تعليمه في جامعتي كامبردج وهارفرد، حصل على جائزة هارولد غروس من جامعة هارفرد عام 2001، كما حصل على زمالة كل من هيئة التبادل الأكاديمي الألمانية.

المزيد عن: جاك دريداالتفكيكيةدراسة بريطانيةالفكر الحديثالفلسفةالنصعصر جديدفرنساالمراحل

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00