البجع معروف بلونه الأبيض، ولهذا يبدو الحديث عن "بجع أسود" حدثاً شاذاً (رويترز) عرب وعالم “البجع الأسود” يحلق فوق 2025 by admin 25 يناير، 2025 written by admin 25 يناير، 2025 25 بين الأوبئة والحروب وطفرات الذكاء الاصطناعي… أحداث غير متوقعة يمكنها أن تغير أحوال العالم اندبندنت عربية من بين أهم التعبيرات التي يتم تداولها في تشخيص أحوال العالم المفاجئة وغير المتوقعة، يحتل تعبير “البجع الأسود” مكانة متقدمة، وعلى رغم حداثة المصطلح، فإنه بدا أخيراً يحتل مكانة متقدمة ضمن مفاهيم عديدة تستخدم للتنبؤ بما هو غير متوقع وربما ما هو يعد مستبعداً في الحال، لكن متحقق في الاستقبال بدرجة كبيرة. وحلق هذا التعبير في سماوات الحياة الثقافية والأكاديمية، ومنها انتقل إلى العلوم السياسية والاستراتيجية في عام 2007 حين أصدر الباحث اللبناني نسيم طالب كتابه المعنون “البجعة السوداء“، الذي اعتبر أن كل الاكتشافات العلمية الكبرى والأحداث التاريخية والإنجازات التاريخية تقريباً “بجعة سوداء” غير موجهة وغير متوقعة. ويعطي طالب في كتابه أحداثاً عدة كدلالة على صدق رؤيته في مقدمها صعود الإنترنت، والحاسوب الشخصي، والحرب العالمية الأولى، وتفكك الاتحاد السوفياتي، وهجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول). لماذا تعبير “البجع الأسود”؟ ببساطة لأن البجع معروف بلونه الأبيض، ولهذا يبدو الحديث عن “بجع أسود” حدثاً شاذاً، يقع خارج نطاق التوقعات العادية لأنه لا يوجد شيء في الماضي يمكن أن يشير بصورة مقنعة إلى إمكانية حدوثه، وفي الوقت عينه يحمل “تأثيراً” شديداً، عطفاً على أنه على رغم من وضعه كحدث شاذ، فإن الطبيعة البشرية تجعلنا نختلق تفسيرات لحدوثه بعد وقوعه، مما يجعله قابلاً للتفسير والتنبؤ. على أن البحث عميقاً في مفهوم “البجع الأسود” يقودنا إلى القرن الثاني الميلادي، فقد كان الشاعر الروماني جوفينال هو أول من استخدمه في كتابه الشهير Satire VI حين أشار إلى ما وصفه بـ”طائر نادر على الأرض مثل البجعة السوداء”، وعندما صيغت العبارة افترض الرومان أن “البجعة السوداء” غير موجودة. جائحة “كوفيد-19” أدخلت الإنسانية في متاهة غير متوقعة (رويترز) “البجع الأسود” وأحداث التاريخ المعاصر هل يمكن النظر إلى “البجع الأسود” كأداة لفهم كثير من مجريات عالمنا المعاصر وأحداثه غير المتوقعة؟ عند نفر من كبار الاستراتيجيين العالميين، أنه إن رغبت في فهم روح العصر الحاضر، فإنه يجب عليك أن تتفهم جيداً أبعاد نظرية “البجع الأسود”. هل تقودنا رؤية نسيم طالب إلى فكرة أهم وربما أخطر تتمثل بعدم القدرة على التنبؤ بأحداث التاريخ؟ للجواب ربما يجب العودة إلى عام 1697، وهو العام الذي اكتشف فيه المستكشفون الهولنديون “البجع الأسود” في أستراليا للمرة الأولى، فحتى ذلك الوقت لم يكن هناك من رأى أي نوع آخر من البجع بخلاف الأبيض. في كتابه “البجعة السوداء” يقدم لنا نسيم تفسيراً يكاد يكون تبريراً لعدم إمكانية التنبؤ بالمستقبل بصورة مطلقة، لا سيما أن بعض الأحداث الكونية، تأتي كمفاجأة ولها تأثير كبير، ويتم تبريرها بصورة غير مناسبة بعد حدوثها مع الاستفادة من الرؤية المتأخرة. في هذا السياق يميل البشر إلى تجاهل احتمالات وقوع أحداث غير متوقعة إلى أن تقع، لا سيما أن البشرية ألفت الاعتماد على الأحداث الماضية في محاولة لاستنتاج ما قد يحدث في المستقبل. وبهذا المعنى فإننا نشبه الديك الرومي الذي يتغذى على اللحوم ويعاملها معاملة طيبة، ويتوقع أنه سيأكل كل يوم من الغذاء ذاته، إلى أن يحين الـ23 من ديسمبر (كانون الأول) فيتم سحبه من أجل جعله هو عينه طعام العيد، والبشر هكذا يألفون أحداثاً بعينها، ويخيل إليهم أنها ستظل على هذه الحال إلى نهاية الزمان، من غير توقع تعديلات وتبدلات في المسارات والمساقات الدولية. على أن أحد الأسئلة المهمة في إطار محاولة تقريب مفهوم “البجع الأسود”، “كيف للبشرية أن تخفق على رغم الأدوات الحاسوبية والتكنولوجية التي تتقدم في معرفتها يوماً تلو الآخر؟”. الجواب هو أن الأنظمة المعقدة التي صنعها الإنسان تميل إلى تطوير سلاسل من التفاعلات التي تقلل من القدرة على التنبؤ، بل وتقضي عليها، وتتسبب في أحداث ضخمة. وعلى هذا فإن العالم الحديث قد يكتسب مزيداً من المعرفة التكنولوجية، ولكن من المفارقات أن هذا يجعل الأمور أكثر صعوبة في التنبؤ. من هنا يتم القطع بأن الطبيعة الأم ليست “آمنة” أبد الدهر، بل إنها عدوانية في التدمير والاستبدال، وفي الاختيار وإعادة الترتيب. وعندما يتعلق الأمر بالأحداث العشوائية، فإن “المتانة” ليست كافية بالتأكيد، ففي الأمد البعيد، سينكسر كل شيء بأدق نقاط الضعف، وذلك لقسوة الزمن. ماذا عن أهم أحداث “البجع الأسود” التي تحوم من فوق رؤوس بشريتنا في العام الجديد 2025؟ أوضحت ورقة بحثية أن أكثر من 100 بركان تحت سطح الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية (أ ف ب) الوباء الجديد الحديث المخيف المحتمل لماذا يظل حديث الأوبئة المتفشية هو أحد أهم وأخطر أنواع “البجع الأسود” التي تخيف الإنسانية عبر الزمان والمكان؟ باختصار، لأن الإنسانية تقف عاجزة في مواجهة هذا الحدث الغريب والمفاجئ، الذي يلفها ويشلها في الوقت ذاته، وهو ما خبرته في القرنين الأخيرين بصورة خاصة، بدءاً من الإنفلونزا الإسبانية التي حصدت الملايين في أوائل القرن الـ20، وصولاً إلى المفاجآت الصاعقة التي ضربت البشرية أوائل القرن الـ21، من عند إنفلونزا الطيور إلى جائحة “كوفيد-19” التي أدخلت الإنسانية في متاهة غير متوقعة، وحتى الساعة لا يدري أحدهم من أين جاءت وإلى أين تمضي. هل البشرية على موعد مع وباء جديد في العام الذي بدأ للتو؟ الشاهد أن هناك عديداً من الأصوات العالمية مثل الملياردير بيل غيتس، ورئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وغيرهم كثير ممن قالوا مسبقاً إن الوباء الجديد قادم لا محالة، وإن على البشرية الاستعداد له. في هذا السياق، وعلى مشارف السنة الحالية، فتحت مجلة “بوليتيكو” الأميركية صفحاتها لعدد من كبار المفكرين الاستشرافيين لقراءة ما يمكن أن تتعرض له الإنسانية على صعيد أزمات الوباء، بخاصة في ظل ما يتردد من تفشي فيروس جديد HMPV في الصين، وإمكانية انتشاره حول العالم، على رغم أنه ليس بالجديد. “التفشي سيصل قريباً إلى أبعاد وبائية”، هذا ما خلص إليه البروفيسور جورج سي بنجامين طبيب القلب والمدير التنفيذي لـ”الجمعية الأميركية للصحة العامة الأميركية “. ويبدأ المشهد عنده كالتالي: “ينتشر مرض معد في مجتمع ريفي صغير لم يتلق التطعيمات الكافية. وكانت الأعراض الأولية تشبه أعراض الإنفلونزا، إذ ظهرت الحمى والصداع وآلام العضلات والتهاب الحلق. واعتقد المسؤولون المحليون، في البداية، أن هذا تفشٍّ للإنفلونزا الموسمية، لكن نتائج الاختبارات الأولية للأمراض الفيروسية النموذجية مثل الإنفلونزا و(كوفيد) وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي كانت سلبية”. هجمات الـ11 من سبتمبر (أ ب) في نهاية المطاف، حدد مسؤولو الصحة المريض رقم صفر على أنه شخص عاد لتوه من الخارج حيث تسبب تفشي مرض غير مشخص في إصابة وقتل أكثر من 100 شخص، وتم استدعاء وزارة الصحة بالولاية للتحقيق، وبعد بضعة أيام تم استدعاء مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أيضاً. وهذا النموذج الأميركي الذي يشمل ولاية واحدة، يمكن النظر إليه على مستوى العالم، عبر حركة السفر السريعة والمكثفة جواً وبراً وبحراً، وجميعها أدت، في نهاية المطاف، إلى انتشار الوباء بأسرع مما يظن أحد، ومن جديد بدأ الإغلاق، ومنع السفر، ووضعت التدابير الاحترازية، وتم اتخاذ الإجراءات الوقائية، مما ترك العالم في أزمات اقتصادية متتالية مع ندرة السلع بسبب توقف سلاسل الإمداد، وتكدس السلع في الموانئ، عطفاً على تردد شركات الأدوية في إنتاج لقاحات جديدة. وما “البجع الأسود” التالي الذي يمكن أن يخيم فوق رؤوس البشرية بعد تفشي الوباء؟ الديون الأميركية وأزمة مالية عالمية بالوصول إلى منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الجاري بلغت الولايات المتحدة الأميركية سقف الدين المحدد لها، ما يعني أنه لا بد للكونغرس من أن يقوم برفع هذه الحدود العليا وبحيث تتجاوز 36 تريليون دولار. الخياران أمام الولايات المتحدة أحلاهما مر، وكلاهما أعرج، ذلك إما أن يرفع سقف الدين بالتالي ترتهن الأجيال الأميركية القادمة للدائنين الخارجيين، وفي مقدمهم الصين، أو الامتناع عن رفع السقف ما يفتح الباب لطرح كارثي يتعلق بتوقف واشنطن عن تسديد ديونها للعالم الخارجي، الأمر الكفيل بإحداث أزمة مالية عالمية، يمكنها أن تتجاوز في مقدراتها ما جرى في الأزمة المالية لعام 2008، المعروفة بأزمة الرهون العقارية. هل خطة ترمب لأميركا العظيمة من جديد، تعني بجعاً أسود يقود إلى احتلال كندا عسكرياً، وهذا ما لا يمكن تصوره؟ (رويترز) ومن التصريحات التي باتت تشكل جدلاً كبيراً وواسعاً حول الديون الأميركية، ما صرح به نسيم نقولا طالب صاحب كتاب “البجعة السوداء”، والمستشار العلمي الأول في شركة “يونيفرسال للاستثمار”، إذ رأى أن الاقتصاد الأميركي يواجه “دوامة الموت” بسبب مشكلة الديون الوطنية. والسؤال المثير، بل والخطر “هل توفر هذه الدوامة بقية العالم من غير أن تتسبب في خسائر فادحة لجميع المسكونة؟”. الثابت أنه بينما كان مواطنو الولايات المتحدة يستخدمون بطاقاتهم الائتمانية، ويأخذون قروضاً كبيرة، ويتقدمون بطلبات على قروض عقارية ضخمة أثناء جائحة “كوفيد-19″، كانت حكومة الولايات المتحدة تفعل الأمر نفسه مع محفزات “كوفيد”، وكانت التداعيات المحتملة لهذا التراكم بعيدة كل البعد من الأذهان، لكن الضجة الأخيرة في شأن الدين العام تشير إلى أن الولايات المتحدة أصبحت مقتصدة أكثر، وربما تشابه أوروبا بعض الشيء، فقد دقت أصوات رئيسة في عالم التمويل في البلاد، مثل جيمي ديمون وجيروم باول، ناقوس الخطر في شأن مستويات الدين العام الضخمة. هل يمكن لتصريحات طالب أن تكون واقعية هذا العام؟ المؤكد أن اختيار ترمب لإيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، وإدارتهما مكتباً مبتكراً حديثاً للموازنة، يلقي بأضواء التضييق المالي الأميركي والعالمي، حيث المطلوب منهما تقليص الموازنة الفيدرالية بمعدل تريليوني دولار، مما سينعكس حكماً على الوضع الاقتصادي الأميركي الداخلي وارتدادات ذلك على الإنفاق المحلي، بالتالي على حركة التجارة العالمية. هل دخل الاقتصاد الأميركي بالفعل في هاوية؟ وإلى أي حد ومد يمكن لتلك الهاوية أن تنعكس على بقية العالم؟ الكارثة، وليس الحادثة بحسب نسيم طالب، هي أن قضية الديون الأميركية بات يشار إليها بوصفها “عصا هوكي” بسبب ارتفاع الديون نتيجة لكلف الحفاظ على الدين، وهو أمر لن يقتصر على أميركا فحسب. بركان يدمر القارة القطبية الجنوبية من بين أهم المصطلحات الدولية التي احتلت مكانة كبرى عالمياً في العام الماضي 2024، جاء مصطلح “الغليان الإيكولوجي”، والمنسوب للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي عمد إلى تغيير التعبير الذي ساد نحو عقدين عن “الاحتباس الحراري”، إلى “الغليان الحراري” للدلالة على التغيرات التي جرت بها المقادير فوق سطح الكرة الأرضية، ولا تزال. قال هنري كيسنجر عن الذكاء الاصطناعي إنه الديكتاتور الدائم والمطلق (أ ف ب) هل يأتي “البجع الأسود” الإيكولوجي هذا العام من منطقة مغايرة؟ غالب الظن أن الأمر يمضي في هذا الاتجاه حيث ستجد الخليقة نفسها أمام قصة غير متصورة، ولم ترد في التوقعات البيئية الكثيرة التي تتردد حول العالم. وفي الأيام الأولى من العام الجديد، بدأ فريق من العلماء يتحدث عن ظاهرة جديدة تجري أحداثها في القارة القطبية الجنوبية، قد تكون بمثابة قنبلة موقوتة تهدد بتغيير ملامح القارة من جهة، وتؤثر في مستويات سطح المياه في المحيطات والبحار في جميع أنحاء العالم بصورة مثيرة للقلق الجسيم. القصة أقرب إلى الخيال، أي إنها تدور في منطقة “البجع الأسود” بالفعل، فقد أوضحت ورقة بحثية، شارك فيها خليط من العلماء الروس واليابانيين وبعض من الأوروبيين، أن أكثر من 100 بركان تحت سطح الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية تقع فوق صدع بركاني نشط، ما يجعل المنطقة عرضة للانهيار بفعل التغيرات المناخية. والمثير في هذا النوع من البجع، هو العلاقة التبادلية بين المناخ الحار من جهة، وانطلاق براكين القطب الجنوبي من ناحية أخرى. ويحذر العلماء من أن ذوبان الجليد نتيجة لتغير المناخ يسهم في زيادة النشاط البركاني، مما قد يؤدي إلى تسريع عملية ذوبان الغطاء الجليدي في حلقة تغذية مرتدة، ومع ذوبان الجليد، يقل الضغط على سطح الأرض، ما يسمح لغرف الصهارة في الأعماق بالتوسع، ما يعزز النشاط البركاني ويؤدي إلى إطلاق الغازات المحبوسة داخل الصهارة، مما يسرع حدوث الانفجارات البركانية. وهنا حكماً ستؤدي هذه الانفجارات البركانية إلى مزيد من ذوبان الجليد على السطح، مما سيؤدي إلى تطورين خطرين: الأول: هو زيادة منسوب المياه في البحار والمحيطات ما يخلق حال متصاعدة مخيفة من ظاهرة “النحر”، أي الاقتطاع من الأرض لحساب البحر. والثاني: وهو ما لا يقل خطورة، إحياء بكتيريا وفيروسات ظلت في حال ثبات أو نوم جليدية عشرات، وربما مئات آلاف السنين، مما يجعل ظاهرة “الزومبي” الهوليوودية أقرب ما تكون إلى حقيقة حاضرة. “البجع الأسود” وثورة طاقوية جيدة على مدى نحو عقدين من الزمان، تعالت الأصوات الحاملة للاتهامات تجاه الطاقة التقليدية، لا سيما النفط والفحم والغاز، على اعتبار أنها جميعاً أدوات تلوث البيئة، وتضر بالمناخ، وتؤدي إلى دمار الكوكب. في هذا السياق يتوقع خبراء الطاقة بثقة بالغة أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ستقودان ما لا يقل عن 60 في المئة من الطاقة العالمية بحلول 2040، وأن الغاز الطبيعي سيحل محل حصة الأسد من حرق الفحم، وأن سوق السيارات الكهربائية سترتفع بصورة كبيرة. على أن هذا التوجه لا يوافق عليه نفر كثير من المراقبين الاستشرافيين الذين يعتبرون أن المستقبل يتشكل باستمرار من خلال أحداث شاذة غير متوقعة وعالية التأثير، والتي نبدي قصارى جهدنا لتبريرها بعد وقوعها. “البجع الأسود” بالنسبة إلى مستقبل الطاقة يتمحور حول كلمة واحدة “التحميص”. ماذا عن هذا الأمر؟ القصة باختصار تتلخص في أن الطبيعة تستغرق 300 مليون سنة لإنتاج الفحم، ولكن من خلال عملية “التحميص”، والتي تشبه تماماً تحميص القهوة، نجحت مجموعة من المهندسين المتطوعين في شركة “بال إيروسبايس” الفضائية الأميركية في تقليص الوقت إلى ساعة واحدة، مما أدى إلى إنتاج كتلة حيوية سوداء اللون تشبه الفحم، وتحترق مثل الفحم، والأفضل من ذلك أنها تحاكي دورة الكربون في الطبيعة بدلاً من زيادة انبعاثات الكربون. وباستخدام مجاري النفايات الزراعية والأنواع الغازية التي تنمو في الأراضي القاحلة كمدخلات، أصبح من الممكن الآن تصميم 100 ألف فرن في القرى، كل منها قادر على إنتاج سبعة أطنان يومياً من بديل منخفض الكربون للفحم. ومن المرجح أن يؤدي تقليص دائرة التجميع من 150 كيلومتراً إلى أربعة كيلومترات، والاستفادة من العمالة المنخفضة الكلف في القرى الريفية. هذا المقترح يجد اليوم دعماً دولياً من عديد من الشركات المتعددة الجنسيات التي تتعاون مع مؤسسات القرى والقادرة على استبدال ما يصل إلى 20 في المئة من الانبعاثات الكربونية العالمية. فهل يعني ذلك أن هناك بديلاً غير متوقع للطاقة أيسر في الحصول عليه، وأرخص في كلفة إنتاجه، وكفيل باستنقاذ البشرية من وهدة الهلاك الحراري الماضية قدماً فيه؟ هذا الاكتشاف لن تتقبله أسواق الطاقة التقليدية العالمية بسهولة، ذلك لأنه يرسم خطوط اقتصاد عالمي مغاير عن ذاك المعروف منذ اكتشاف النفط وحتى الساعة. التجارة العالمية والركود القاتل المدمر ولعل ما بين أزمة الديون وأوضاع الطاقة ومخاوف انتشار الوباء يبقى التساؤل الطبيعي عن حركة التجارة العالمية، وما إذا كانت المفاجآت المتقدمة يمكن أن تقود إلى ركود قاتل ومدمر يدخل العالم في مزيد من الأزمات المالية والاقتصادية. هناك قراءات عدة تتعلق بمسارات حركة التجارة العالمية عبر البحار والمحيطات، منها أوضاع البحر الأحمر من جهة، ومستقبل قناة بنما من جهة ثانية. ومنذ بداية أزمة غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقيام جماعة الحوثي بالتعرض لحركة الملاحة عند باب المندب، تعرضت سلامة البحارين والأطقم البحرية للخطر، بل تعرضت سلامة السفن لأخطار عالية، مما عزز المخاوف من المرور من هناك، وأدى ذلك إلى أمرين، الأول هو التحول إلى الطريق القديم، أي طريق رأس الرجاء الصالح، الأكثر مسافة والأغلى كلفة، والثاني هو زيادة رسوم تأمين أخطار العبور. وأدت القلاقل الخاصة بالممر البحري الأهم في الشرق الأوسط، أي قناة السويس، إلى التأثير في طرق الشحن من شرق آسيا إلى بقية العالم بعدما انخفض حجم حركة المرور عبر قناة السويس إلى النصف. من هذا المنطلق ارتفعت كلف الشحن من شرق آسيا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة بنسبة 203 في المئة منذ أواخر أكتوبر، حيث وصلت الأسعار إلى 6709 دولارات للحاوية، كما أدى ارتفاع أوقات العبور والازدحام عبر الموانئ الرئيسة، حيث يقترب وقت العبور من آسيا إلى المملكة المتحدة من 30 يوماً، مما يؤدي إلى تفاقم اضطرابات التجارة العالمية. فهل سيشهد البحر الأحمر صراعات عسكرية مع الحوثي تدفع الأخير إلى تنفيذ “السيناريو شمشون”، بحيث تغلق الملاحة دفعة واحدة مع احتمالات غرق عديد من الناقلات في تلك المنطقة وتسرب نفط وغاز بما يلوث مياه البحر الأحمر ويجعل الإبحار فيه أمراً مستحيلاً؟ “البجع الأسود” لا يتعلق فقط بالبحر الأحمر، لكنه يمتد كذلك إلى قناة بنما، والتي تنتظرها مخاوف عميقة من جراء توجهات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب. فهل سيترجم ترمب تهديداته لبنما بالفعل، وعبر سيناريوهات متعددة تبدأ من عند العمليات الخاصة وصولاً إلى الاستيلاء الكامل عبر تدخل عسكري شامل؟ الذين لهم دالة على متابعة أبواق اليمين الأميركي، يدركون أن هناك كثير من الأصوات التي تدفع ترمب دفعاً في هذا المساق، خوفاً من تنامي النفوذ الصيني هناك، ضمن لعبة الشطرنج الإدراكية، وبما يعوق الهيمنة الأميركية التقليدية في الخلفية الجيوسياسية التقليدية للولايات المتحدة الأميركية. هنا التساؤل، هل يمكن أن تتعرض قناة بنما لاضطرابات مشابهة لما يحدث في البحر الأحمر وقناة السويس؟ يمر عبر قناة بنما خمسة في المئة من التجارة العالمية، مما يعني أن أي قلاقل عسكرية ستؤثر في واردات وصادرات الساحل الشرقي للولايات المتحدة مع زيادة أوقات العبور والكلف. ولعله من مخاوف “البجع الأسود” لجهة قناة بنما، وحتى قبل تهديدات ترمب، هو أنها بدأت بالفعل في الجفاف، مما غير بالفعل أنماط الشحن ونشاط السفن. هل ستوجه الأخطار المرتقبة في القناة سهاماً قاتلة لسلاسل التوريد العالمية في الأشهر القليلة المقبلة؟ هذه هي فلسفة “البجع الأسود” أن غير المتوقع يحدث عادة، مما يجعل العام الجديد عام تهديدات تجارية وركود غير مسبوق عالمياً. انقلاب الذكاء الاصطناعي على الإنسان قال عنه هنري كيسنجر إنه الديكتاتور الدائم والمطلق، وحذر منه الفتى المعجزة إيلون ماسك معتبراً أنه تهديد خطر للبشرية في قادم أيامها. هل سيشهد العام الحالي نوعاً من أنواع “البجع الأسود”، وعبر سيناريوهات غير متوقعة شكلاً أو موضوعاً؟ من المؤكد أن البشرية أضحت على أعتاب عصر الصناعة الرابع، وهو عصر النمو التكنولوجي المضطرب، والذي يشمل التداخل بين العوالم الرقمية والبيولوجية والفيزيائية، ويتسم بالترابط المتزايد بين الناس والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي. في الوقت الحالي يمكن للذكاء الاصطناعي إنتاج واستيعاب وتحليل البيانات التي يمكنها إعادة إنتاج العقل البشري على مستوى أساس. غير أنه في المستقبل القريب الذي يبدو أنه رابض خلف الباب لإنسانيتنا المعذبة، سيتمكن الذكاء الاصطناعي من إنتاج واستيعاب وتحليل البيانات التي يمكنها إعادة إنتاج العقل البشري على مستوى أساس. هل سيقفز هذا الذكاء في الأشهر المقبلة إن لم يكن السنوات التالية لجهة امتلاك القدرة على إحداث ثورة في القدرات المعرفية التي تؤثر في كل الصناعات؟ سيغير الذكاء الاصطناعي كيفية قيامنا بالأعمال التجارية، وكيفية التخطيط، وكيفية التصميم، وكيفية العيش بأمان. سوف تشهد الإنسانية عما قريب، ذكاءً اصطناعياً، سيكون، في حد ذاته، متطوراً من الحساسية البشرية، وسوف تعمل الواجهات بين الإنسان والحاسوب على توسيع الذاكرة البشرية، والقدرة المعرفية، ونطاق الحركة في العالم الذي نعيش فيه. أخيراً، ثبت بالفعل أن واجهة الدماغ والحاسوب قادرة على قراءة الأفكار، ومع تقدم الذكاء الاصطناعي سيبني البشر روبوتات فائقة الذكاء قادرة على التفكير والتصرف. على أن السؤال الكبير والخطر الذي يمثل بالفعل “البجعة السوداء”، “ماذا لو فقدنا السيطرة وأصبح الذكاء الاصطناعي مجنوناً؟ ماذا لو قلد الكمبيوتر الواعي “هال” من فيلم الخيال العلمي 2001: “ملحمة الفضاء” الذي أصبح حسوداً وانتهى به الأمر إلى القتال؟ إنه في نطاق الاحتمالات أعرب أصحاب الرؤى البارزون مثل بيل غيتس وستيفن هوكينغ، عن مخاوفهم في شأن الأخطار المحتملة المرتبطة باختراعات الذكاء الاصطناعي. هل يكون هذا الذكاء “بجعاً أسود” حال التحام مقدراته مع عالم الحوسبة الكمومية بنوع خاص؟ الذكاء الاصطناعي لا يعرف المعايير أو المحددات الأخلاقية، ولا المعاني الوجدانية والإنسانية، وعليه يبدو التساؤل: أي عالم ينتظر مخاوف “البجع الأسود”؟ ربما يتساءل القارئ، هل هذه هي فقط أهم احتمالات “البجع الأسود” الذي يخيم فوق الرؤوس في السنة الجديدة؟ بالقطع، لقد تعرضنا للبعض من الكل، غير أنه وفي كل الأحوال تبقى هناك أحاديث مطولة عن عالم السياسة، لا سيما في ظل إدارة أميركية جديدة، يترأسها رئيس متقلب الأهواء، لا أحد يمكن أن يتنبأ بخطواته القادمة، سواء في الداخل الأميركي أو في الخارج. على سبيل المثال لا الحصر، هل يمكن أن يتمثل “البجع الأسود” بالنسبة إلى الأمة الأميركية في معارك أهلية داخلية تستدعي تدخل القوات المسلحة الأميركية في الحياة المدنية؟ وهل خطة ترمب لأميركا العظيمة من جديد، تعني بجعاً أسود يقود إلى احتلال كندا عسكرياً، وهذا ما لا يمكن تصوره؟ المزيد عن: البجع الأسودنسيم طالب دونالد ترمبكوفيد-19الإنفلونزاأحداث 11 سبتمبرالشاعر الروماني جوفينالإيلون ماسك 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عن صناعة الترفيه وأنتوني هوبكنز: الحياة حلم next post كولن كاهل يكتب عن: أميركا تتصدر سباق الهيمنة على الذكاء الاصطناعي… حتى الآن You may also like “واجب التحذير”.. أميركا تزود الشرع بمعلومات استخباراتية سرية 25 يناير، 2025 ما مصير سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان؟ 25 يناير، 2025 مصادرة مزيد من الأموال الإيرانية في الخارج بسبب... 25 يناير، 2025 كندا الدولة العظمى في براثن أطماع ترمب 25 يناير، 2025 إيران قلقة من خلفيات اغتيال القاضيين المتشددين 25 يناير، 2025 كم تحتاج إيران من وقت لصنع أسلحة نووية؟ 25 يناير، 2025 العراق يبدأ أولى خطواته لإنتاج الطاقة الكهربائية من... 25 يناير، 2025 حريق غزة يصل إلى الضفة وإسرائيل ترجئ انسحابها... 25 يناير، 2025 حقيبة المال بين المداورة والمحاضر: هل يحسم الدستور... 25 يناير، 2025 اللبنانيون يتخوفون من الخيبات: رهان على الخارج لإنجاز... 25 يناير، 2025