عرب وعالمعربي الإعلام اللبناني وحرية “تكميم الأفواه” by admin 25 يناير، 2023 written by admin 25 يناير، 2023 183 تراجع الديمقراطية يسير في خط مواز مع انهيار الدولة و”حزب الله” يفرض سطوته عبر “قوة السلاح” اندبندنت عربية \ سوسن مهنا صحافية @SawsanaMehanna تسير الحريات الإعلامية في لبنان بخط مواز للانهيار والترهل في أروقة الدولة، وتتراجع حرية التعبير بشكل صادم وغير مسبوق داخل بلد كان يعتبر منبراً وواحة للديمقراطية في المنطقة. تأثرت حرية التعبير خلال العامين الماضيين خصوصاً من بعد انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بالمناخ القمعي الذي عمل به الصحافيون والإعلاميون والناشطون في بلد حر وديمقراطي وتخضع فيه وسائل الإعلام لمحكمة المطبوعات. لكن على الأرض تقوم السلطات باستدعاء الصحافيين والناشطين عبر رسائل من المباحث الجنائية، ويتم تهديدهم بالأجهزة الأمنية والقضاء العسكري ويتعرضون إلى الاعتقالات بسبب آرائهم. مساء الأحد الـ 22 من يناير (كانون الثاني) الحالي ألقى مجهولان كانا يستقلان دراجة نارية قنبلة صوتية باتجاه مبنى المؤسسة اللبنانية للإرسال (LBCI) التلفزيونية، في بلدة أدما-كسروان (جبل لبنان)، وتسبب انفجارها بأضرار مادية. نشرت القناة مقطع فيديو يظهر آثار القنبلة التي ألحقت ضرراً بالجدار الخارجي لأحد أستوديوهات المحطة وزجاج السيارات العائدة لها بالباحة الخارجية، وأكدت المؤسسة تمسكها بكشف حقيقة ما حدث وثقتها بكل الأجهزة الأمنية التي باشرت التحقيقات فوراً، مشددة على أنها “ستكون كما كانت دوماً منبراً للحرية والدفاع عن لبنان”. “اندبندنت عربية” تواصلت مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر الذي أعلن أنه لن يصرح بأي شيء قبل انتهاء التحقيق. أضرار بعد إلقاء قنبلة باتجاه مبنى المؤسسة اللبنانية للإرسال (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية – مواقع التواصل) “تعا قلو بيزعل” بدأت الأحداث عندما عرضت قناة “أل بي سي أي” محتوى فقرة “تعلم اللغة الشيعية” ضمن البرنامج الكوميدي الساخر “تعا قلو بيزعل” على شاشتها، وهو من إعداد محمد الدايخ وحسين قاووق، الممثلين الرئيسين في البرنامج، مما أشعل وسائل التواصل رداً وانتقاداً وتهديداً لهما. واتهما الثنائي قاووق والدايخ بالإساءة إلى المقدسات الشيعية عبر القسم كذباً بقسم “والحسين”، كما اتهما بتنميط الطائفة وتعميم لغة “المارقين” في الأحياء على الطائفة الشيعية. بدوره هاجم الكاتب والمخرج الدايخ منتقديه من أبناء الطائفة الشيعية قائلاً إنهم “زومبيز” يختبئون خلف الكمبيوترات، ولم يسمع بهم من قبل ولم يرهم في الضاحية الجنوبية التي يعيش فيها منذ 32 عاماً. ونفى الدايخ في مقطع مصور له نشره حساب قناة “أل بي سي أي” على “تويتر” أنه ممول من السفارات، كما نفى تقاضيه الأتعاب بالدولار قائلاً إن ما يتقاضاه أقل بكثير مما يتقاضونه من إيران، في إشارة إلى مناصري “حزب الله“. وأضاف “شيعي على تلفزيون مسيحي يضحككم، أفضل من شيعي يذكركم على الدوام بأنكم تعيشون في مؤامرة عندما يكون الوضع في البلد معفناً، لا يمكن أن تقابله بفن محترم، بل بفن معفن لأنه ينقل الواقع”، بحسب قوله. وتوجه إلى كل من حرض ضد عائلته وطفلته بالقول “أنتم تقتلون الحسين مرة أخرى، أنتم قرية مغلقة على نفسها وستهلك”. وكان الدايخ وقاووق قد ظهرا في مقطع فيديو توضيحي مسجل بعد الحلقة نفيا فيه السخرية من الإمام الحسين، وقالا “نحن أولاد هذه المنطقة وأهلنا كانوا يحملوننا على أكتافهم في عاشوراء، ونحن نلطم للحسين ونلطم للسيدة زينب ونذهب لزيارة الست، كما أن لدينا رفاقاً في حزب الله”. “لا نختلق الواقع” في حديث سابق مع “اندبندنت عربية” عقب مقالة بجريدة “الأخبار” في أكتوبر 2022 ألصقت بقاووق تهماً وأوصافاً تندرج في خانة التخوين والتحريض، وتحولت إلى تهديدات علنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالضرب والسحل والتأديب”، قال الدايخ إن “انتقاد البيئة الشيعية التي ينتمون إليها بمثابة نقد ذاتي”. وأضاف أنه لا يحبذ استعمال تعبير “البيئة الشيعية” بل الطائفة أو المجتمع، معتبراً أن هناك كثيرين ينتقدون هذه البيئة، أما هو فيحاول ترجمة هذا النقد في قالب كوميدي أو درامي أو مسرحي أو سينمائي. وثق مركز “سكايز” أكثر من 800 انتهاك في المجالين الثقافي والإعلامي بين 2016 و2022 (أ ف ب) ونفى الدايخ حينها فكرة أن يكون قد عانى فكرة التنميط أو الإسقاطات بوصفهم يتبعون لـ “حركة أمل” أو “حزب الله”، لكنه يعتبر أن هناك من وصفهم بأنهم من هذه البيئة. وأشار إلى أنهم يعملون بالفن ومن الممكن أن تكون شيعياً أو مسيحياً أو غير ذلك، لكن “لأننا خرجنا من هذا الشارع تماماً مثل الناس السود في أميركا الذين ينتقدون بيئتهم، “ماذا سنطرح؟ هل نطرح مشكلات اليابان؟”. وعن المضايقات التي تحدث عنها الإعلام قال “إنه على العكس لديهم جمهور عريض يحبهم في الضاحية، وأقاموا “ستاند أب” كوميدي في الجنوب بمنطقة كفرمان النبطية، وشاهدهم أكثر من 1500 شخص”، لافتاً إلى أن سبب هذه المحبة والقبول من الجمهور هو قولهم للحقيقة “نحن لا نختلق الواقع بل نصفه”. لكن الآلاف الذين هاجموه ورفيقه في البرنامج عبر وسائل التواصل لهم آراء أخرى، فمنهم من نشر فيديوهات لـ “جنود الله” على جبهات القتال في الجنوب وسوريا مع الأناشيد المعتمدة، ومنهم من اعتبر أن “اللغة التي استخدمها الدايخ تقتصر على فئة محددة من الشيعة عاطلة من العمل وتتعاطى المخدرات”، وأن هذه اللغة لا تشبه “الشيعة” في لبنان بشيء. تاريخ من لغة التهديد في يناير عام 2021 انتقد الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله وسائل الإعلام التي حمّلت الحزب مسؤولية انفجار المرفأ واتهمته بتجارة المخدرات. وتوجه للوسائل الإعلامية بالقول “أنتم تعتدون علينا وعلى كرامتنا، تتهموننا بأشياء بشعة ومستنكرة ومسيئة جداً، هذا الأمر لا يجوز أن يستمر بهذه الطريقة، هذا الموضوع إذا كان القضاء يعالجه فليعالجه، وإذا كان المجلس الوطني للإعلام يعالجه فليعالجه، وإذا مطلوب من الناس أن تعالجه بتظاهرات أو باعتصام فقد يأتي يوم للمعالجة، هذا أمر لم يعد يحسن السكوت عنه على الإطلاق”. ويستغل نصرالله كل مناسبة ليتطرق إلى موضوع الإعلام اللبناني من خلال توجيه جملة اتهامات، من سياسة التمويل الخارجي إلى العمل ضمن أجندة غربية لمحاصرة “حزب الله”. وكان الحزب اتخذ صفة الادعاء الشخصي أمام القضاء اللبناني على شخصيات ومواقع إعلامية حملته مسؤولية انفجار مرفأ بيروت. وبعد واقعة اغتيال الناشط السياسي والباحث لقمان سليم المعروف بمعارضته لـ “حزب الله” توجهت أصابع الاتهام في عدد من الوسائل الإعلامية إلى الحزب مجدداً، لا سيما أن سليم كان قد حمل مسؤولية سلامته الشخصية لشخص نصرالله في بيان إعلامي وزعه حينها عقب تهديده واقتحام منزله من قبل أنصار “حزب الله”، ولصق منشورات على جدران المنزل تدعو إلى قتله. فما كان من الحزب إلا أن أطلق حملات إعلامية في الصحف والقنوات المحسوبة عليه ومعها الجيوش الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي لتهاجم وتخون وتتوعد الوسائل الإعلامية والإعلاميين. وترافق ذلك مع دعوة لجنة الإعلام والاتصالات النيابية التي يترأسها النائب حسين الحاج حسن النائب عن “حزب الله” في البرلمان إلى جلسة فبراير (شباط) 2021، قال إنها “لمعالجة” ما سماه “الظواهر الإعلامية التي تراكمت خلال الفترة الماضية”. ولفت حينها إلى أن حرية الإعلام لا تعني بث ما من شأنه “تهديد الاستقرار والأمن الوطني وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والاجتماعية أو القدح والذم أو الافتراء، خصوصاً الجنائي غير المستند إلى تحقيق أو معلومات أو معطيات”. خرج بعدها الإعلاميون الذين شاركوا في الجلسة بانطباع أن الجلسة كانت أشبه بـ “مذكرة جلب لتوبيخ المؤسسات الإعلامية على هامش الحرية الذي انتهجته أخيراً”. وفي الـ 30 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي أطلق مجهولون النار على مبنى تلفزيون “الجديد” واخترقت 14 رصاصة الطابقين الرابع والخامس من مبنى القناة، وقبلها بيوم تعرض المبنى إلى إلقاء قنبلة “مولوتوف” لم تسفر عن أضرار. وجاءت الهجمات على خلفية “سكتش” ساخر أيضاً عبر برنامج “فشة خلق” تحدثت خلاله الممثلة جوانا كركي عن الشيعة في الجنوب، وتعرضت القناة إلى حملة ضدها على خلفية البرنامج. وفي الـ 14 من سبتمبر (أيلول) 2022 أعلنت إدارة صحيفة “البناء” أن عصابة مسلحة اعتدت على مقرها الكائن بالطابق الثامن من مبنى أسترال في شارع الحمراء ببيروت، واقتحمته وعاثت فيه تخريباً وسرقة. وشهدت السنوات الماضية مواجهات واعتداءات من قبل “حزب الله” وجمهوره على الإعلام، إذ قطعت الطرق وقامت أعمال الشغب بسبب تقليد ساخر لشخصية نصرالله في برنامج كوميدي على قناة (LBCI) نفسها، ليتكرر الأمر نفسه وللسبب ذاته عام 2013. ويتهم أنصار الحزب بالمحاولة لإحراق مبنى قناة “الجديد” اعتراضاً على انتقادات وجهت إلى الحزب، في حين ذكرت وسائل الإعلام اللبنانية أن أحد عناصره أقدم في مرحلة سابقة على إحراق مبنى قناة وصحيفة “المستقبل” التابعة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري خلال أحداث السابع من مايو (أيار). كذلك تتهم مجموعات من أنصار الحزب باقتحام مكاتب صحيفة “الشرق الأوسط” في بيروت بحجة رسم كاريكاتوري، إضافة إلى لائحة طويلة من الاعتداءات على المراسلين والصحافيين في الشارع وبخاصة خلال انتفاضة الـ 17 من أكتوبر، لكن عندما تذهب كمراسل إلى المناطق الخاضعة لنفوذ “حزب الله” يجب عليك الحصول على إذن خاص من الأمن التابع له عند تسجيل أي حوار أو تقرير أو التقاط للصور، كما بات معلوماً. حريات ولكن تنص المادة الـ (13) من الدستور اللبناني على “حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات، كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”، لكن تقريراً لـ “هيومن رايتس ووتش” في مايو 2021 اعتبر أن حرية التعبير تدهورت. وقال التقرير إن التأثير في الحريات الإعلامية في لبنان خلال العامين الماضيين دفع “هيومن رايتس ووتش” و13 منظمة لبنانية ودولية أخرى إلى إنشاء تحالف جديد للاتحاد بوجه محاولات السلطات زيادة القمع. وتبعاً لتقرير المنظمة قال “مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية”، وهو وحدة لـ “قوى الأمن الداخلي” ومكلفة بمكافحة الجرائم الإلكترونية وتعزيز الأمن على الإنترنت، إنه أجرى 4154 تحقيقاً في قضايا القدح والذم بين الأول من يناير 2015 والسابع من ديسمبر 2020. وأشار التقرير إلى أن اغتيال المفكر والناقد الشيعي البارز لـ “حزب الله” لقمان سليم على يد مجهولين في الرابع من فبراير 2021 كان أفظع حالة حتى الآن. يذكر أن عائلة سليم لم تتمكن من الحصول على أية معلومات ذات مغزى حول تقدم التحقيق حتى تاريخه، ويخشى كثيرون من أن ذلك سيؤول مآل العديد من التحقيقات الأخرى باغتيالات سياسية في لبنان على مدى العقدين الماضيين إلى طريق مسدود، بحسب المنظمة. ووفقاً لمركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية (سكايز) الذي يراقب حرية الإعلام والصحافة ومركزه بيروت، تعرض 106 إعلاميين إلى الاعتداء من جهات غير حكومية بين بداية انتفاضة لبنان في أكتوبر 2019 ومارس (آذار) 2021. وعلى رغم تصوير العديد من هذه الهجمات فإن المساءلة كانت بعيدة المنال مما زاد جرأة المهاجمين، وفي العديد من الحالات الأخرى كان عناصر من أجهزة الدولة هم المعتدون. وقال مركز “سكايز” إنه وثق 80 اعتداء نفذه هؤلاء العناصر ضد إعلاميين أثناء أداء وظائفهم وبشكل رئيس خلال تغطية الاحتجاجات بين أكتوبر 2019 ومارس 2021. وعلى رغم الكم الهائل لأدلة الفيديو والصور الفوتوغرافية لهذه الهجمات لم يحاسب أي من عناصر الأمن أمام القضاء، وأصبح من الشائع سماع مسؤولين كبار يعلنون بلا خجل نياتهم إسكات منتقديهم. وفي يونيو (حزيران) 2021 كلف النائب العام التمييزي “قسم المباحث الجنائية المركزية” بالتحقيق في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مسيئة إلى الرئيس، وهي “جريمة” يعاقب عليها بالسجن مدة تصل إلى عامين. كما استخدم مسؤولو “أمن الدولة” قوانين القدح والذم الجنائية ضد الممثل زياد عيتاني عندما انتقدهم علناً بسبب تسريب مقاطع فيديو لاستجوابه في تهم ملفقة. الباحثة في “مؤسسة سمير قصير” وداد جربوع قالت في حديث صحافي إن فترة رئاسة ميشال عون بمثابة “عهد قمع حرية الرأي والتعبير وكم الأفواه”، إذ وثق مركز “سكايز” أكثر من 800 انتهاك في المجالين الثقافي والإعلامي من الـ 31 من أكتوبر 2016 حتى الـ 31 من أكتوبر 2022، تاريخ انتهاء ولايته. وتنوعت هذه الانتهاكات وفقاً لجربوع، بين اغتيال وهجوم مسلح على الممتلكات الإعلامية واعتداءات على الصحافيين والناشطين، سواء من جهات رسمية أو غير رسمية، واستدعاءات طاولت صحافيين وناشطين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي. المزيد عن: لبنان\حرية الإعلام\حرية الإعلام في لبنان\حرية التعبير\حزب الله 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “مدينة النصر” لسلمان رشدي دليل على أن القصص تدوم أكثر من الطغاة next post البيطار يصر على العدالة بـ”مرفأ بيروت” والسياسيون في مأزق You may also like إسرائيل تقصف منشأة لـ”حزب الله” وتحظر التجول ليلا... 29 نوفمبر، 2024 إسرائيل منقسمة حول “اتفاق لبنان” ونتنياهو يبدأ جني... 29 نوفمبر، 2024 كواليس البنود السرية في اتفاق “حزب الله” وإسرائيل 29 نوفمبر، 2024 بعد نهاية الحرب… هل يعود الخليج لدعم الجيش... 29 نوفمبر، 2024 من أشعل خطوط التماس بين المعارضة السورية وجيش... 29 نوفمبر، 2024 المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024 بعد قرار “الجنايات”… المصريون حائرون: هل “الإخوان” إرهابية؟ 28 نوفمبر، 2024