مدينة الإسكندرية في الثلاثينيات (صفحة الإسكندرية - فيسبوك) ثقافة و فنون الإسكندرية جمعت بين إثنيات متنوعة في العصر العثماني by admin 28 أغسطس، 2024 written by admin 28 أغسطس، 2024 78 المدينة وأهلها ومحيطها وظواهر ثقافية تتقاطع مع قضايا الحداثة في مصر اندبندنت عربية / علي عطا “لا يمكن دراسة قضايا الحداثة في مصر من دون أن تكون الإسكندرية على رأس المدن المصرية التي شاركت في معايشة ظاهرة الحداثة ومظاهرها، بل ولا نبالغ إن قلنا إنها شاركت في صنعها أحياناً”. ما سبق يؤكده الباحث محمد صبري الدالي في كتابه “الإسكندرية الكوزموبوليتانية: دراسات في تعايش البشر والمنشآت” (الهيئة المصرية العامة للكتاب). يضم الكتاب أربع دراسات، في محاولة لرصد وتناول جوانب عدة من تاريخ الإسكندرية وأهلها ومحيطها، وهي جوانب تقترب وتشتبك بصورة مباشرة مع قضايا الحداثة في مصر عموماً وفي الإسكندرية خصوصاً. تسأل الدراسة الأولى عما إذا كان من معطيات ومظاهر الحداثة وجود أفكار “العيش المشترك” و”الكوزمبوليتانية”، فهل كانت هذه المظاهر موجودة في الإسكندرية قبل الاحتلال الفرنسي (1897 – 1801)، أم أنها فقط ابنة “الحداثة الغربية” في القرن الـ19 وما بعده؟ الكتاب الجديد (الهيئة المصرية) وفي هذا السياق تناول المؤلف القضايا الرئيسة التالية: تعدد الإثنيات وأصول ولغات ولهجات المجتمع السكندري، على رغم عدم ضخامة أعداد سكان المدينة، وتعدد أنشطة سكانها وخلقها إمكانية وضرورات التعايش المشترك من النواحي الواقعية قبل النواحي القانونية، وأعداد وأنشطة الأوروبيين في هذه المدينة ودلالتها، في ظل التنافس الطبيعي وكون الإسكندرية مدينة منفتحة على الجميع من دون تفرقة بين الأجناس أو الأديان، وأماكن سكن الأوروبيين ودلالاتها على التعايش وعدم العزلة، وكيف خالفت ممارسات الناس أمور الدين والتقاليد أحياناً، لكنها كانت تعكس التعايش بينهم، ونماذج من حياة الأوروبيين في الإسكندرية (الزواج والمعيشة والملبس والأنشطة وممارسة الهوايات وحرية التنقل والحق في أخذ الحقوق بالمحكمة والموت وضبط التركات ومعرفة اللغة والتبرع لمشروعات ومنشآت خيرية ذات نفع عام) والتعايش الديني للأوروبيين والتعايش بالاستفادة من المشكلات الخاصة بالقرصنة وتصدير الغلال والرسوم الجمركية ثم الدلالات الأخرى من مثل النقل ودوره والتأثيرات الحضارية والترجمة. انفتاح المدينة منارة الإسكندرية القديمة (صفحة فيسبوك) انتهت الدراسة الأولى إلى أن أهل الإسكندرية من مصريين وأجانب خلقوا معاً ضرورة انفتاح المدينة على العالم وحتمية أن ترتبط حياة كثير منهم بالبحر، وفرضوا ضرورة تبادل السلع (استيراداً وتصديراً) ومن ثم إمكانية العمل المشترك والسكن والعيش المشترك، ومن ثم أرسوا فكرة المصلحة المشتركة. وإذا كان ذلك أدى إلى التنافس على لقمة العيش والمصلحة الخاصة، فإنه كان – بحسب الدالي – أمراً طبيعياً، بل ويتفق مع التطور في الممارسات التجارية الحديثة وفكرها. وأما الاختلاف في العادات والتقاليد فكان من إيجابياته معرفة كل طرف باختلافاته مع الآخر عن قرب وتعوده عليه، بحيث صار ذلك من الأمور الواقعية والطبيعية، وفي هذا الإطار كان التعايش المشترك يسبق قيام بعض الأوروبيين بصياغة الأفكار في إطار نظري/ فلسفي. أما الدراسة الثانية فجاءت بعنوان “القرصنة وقضاياها في البحر المتوسط – شبكات تحرير الأسرى في الإسكندرية خلال العصر العثماني”. وانتهت إلى أن المجتمع السكندري في ذلك العصر عانى أعمال القرصنة وآثارها السلبية، لكنه شارك بإيجابية في تحرير بعض أسرى القرصنة من المصريين والأتراك والأوروبيين، من خلال “شبكات” غير رسمية. ونبع ذلك من أن الإسكندرية كانت مدينة تجارية بالأساس، ومن ثم وعى أهلها أن القرصنة تضر التجارة والتجار. وتناولت الدراسة الثالثة موضوع “منشآت الإسكندرية من القرن الـ16 وحتى أوائل القرن الـ19″، وفي هذا الإطار اكتظت المدينة بعدد كبير من الصهاريج والأسبلة والأحواض و”البزابيز” و”المزيرات”، استفادت منها مؤسسات دينية وغير دينية، وأفادت كل أهل المدينة الساحلية من دون تفرقة في الدين أو الإثنية. تنوع إثني وتمحورت الدراسة الرابعة حول “ترعة المحمودية ودورها في نقل الغلال إلى الإسكندرية في عهد محمد علي”. وبحسب الدراسة فإن هذا المشروع أسهم في تسارع نمو المدينة وامتدادها العمراني ودورها الحضاري، وتضاعف أعداد سكانها. إلا أن هذه الترعة لم تستطع التعامل مع نمو التجارة – بخاصة الإنجليزية – أو أن تتلاءم مع التطور في صناعة وسائل النقل، لا سيما أنها خدمت في الأساس التجارة والنقل بين الإسكندرية والقاهرة، بينما كانت إنجلترا تهدف إلى خدمة تجارتها مع الشرق الأدنى والأقصى. وإضافة إلى أهلها من المصريين، كان هناك ذوو الأصول العربية والتركية والأوروبية (مثل يهود إسبانيا وفرنسا) وغيرهم. اختلط مع هؤلاء إيطاليون وألمان ويونانيون وبرتغاليون ونمسويون وروس ومجريون وهولنديون وبلجيك. وبفضل هذا التنوع الإثني كانت الإسكندرية عامرة باللغات واللهجات وأنماط مختلفة للحياة. وبقدر تعدد الإثنيات تعددت الديانات والمذاهب في الإسكندرية، فإضافة إلى المسلمين والأقباط واليهود الربانيين كان هناك الروم (الملكانيون) والكاثوليك والبروتستانت وبعض اليهود الأشكناز. ومن هنا أورد الرحالة نيبور أنه التقى خلال رحلته إلى الإسكندرية في ستينيات القرن الـ18 مسلمين يتكلمون الفرنسية والدنماركية والسويدية، كما لو أنهم ولدوا في تلك البلاد. قبر الإسكندر وخلال الحقبة الزمنية التي يغطيها الكتاب تميزت الإسكندرية بوجود طوائف قوية مثل “طائفة مغربلي البهار” و”طائفة تجار الجلود”. كما تميزت بوجود وكالات تجارية ضخمة، بالقياس إلى حجمها وتعداد سكانها. والأهم هو أنها تميزت بكثرة اشتغال أهلها بالملاحة ومتعلقاتها: كملاك السفن وبحارة وملاحين وصيادين وغطاسين أو عاملين في أمور تتعلق بالشحن وصناعة السفن، وهي بذلك كانت مركز القيادة البحرية في مصر. وبقدر ما ارتبطت تلك الأنشطة بالبحر والقادمين منه والمسافرين فيه، بقدر ما أتاحت للسكندريين الفرصة والقدرة للتعامل والتعايش مع الآخرين، أياً كانت جنسياتهم ودياناتهم ومذاهبهم. وفي هذا الإطار يمكننا فهم ما كتبه الحسن الوزان عام 1517 – بحسب المؤلف – عن أن ما اعتقد أنه قبر الإسكندر الأكبر الذي “يأتي عدد كبير من الأجانب من كل فج عميق، ليشهدوه ويتعبدوا فيه ويتركوا صدقات ضخمة، يقدسه المسلمون أيضاً ويعظمونه”. الخلاصة أن الإسكندرية كانت مدينة مفتوحة من الناحية التجارية على الجميع من دون تفرقة بين الأجناس والأديان، مما جعل الأوروبيين يمثلون نسبة مهمة من ساكنيها وتجارها. ومع أن القاهرة وقتذاك جذبت بعض القناصل، فقد فضل قناصل آخرون أن يمارسوا عملهم من الإسكندرية. وكان الأوروبيون يفضلون السكن في فنادق، لكن القرن الـ18 شهد تحولهم عن ذلك، بما يدعم حقيقة “الكوزموبوليتانية” أو التعايش في السكن في أماكن قريبة من البحر والميناء. وهكذا تداخل السكندريون بمختلف أصولهم في السكن. وهناك عديد من الشواهد على أن الأوروبيين عاشوا في الإسكندرية حياة طبيعية إلى حد كبير. ومن حقوق الأوروبيين التي كانت تعكس التعايش يأتي حقهم في الشهادة في المحكمة ما داموا أطرافاً في القضايا التي تنظرها، أو ممن تطلب شهادتهم. وكان من حقهم ضبط التركة وفقاً لنظامهم على يد قنصلهم أو وكيله، وبصورة تراعى فيها حقوق الورثة. وكثيراً ما أنصفت المحكمة أوروبيين على سكندريين، ما كان الحق للأوروبي، أو لأن خصمه لم يستطع إحضار “البينة الشرعية” الكافية. وإذا كانت الوثائق قد دلتنا – يقول المؤلف – على تولي بعض اليهود من أصل “إفرنجي” لالتزام مقاطعة جمرك الإسكندرية وقيام قنصل الفلمنك، ولأكثر من مرة، بالتبرع لأماكن الوقف التي استأجرها، فإنها تفاجئنا بمثال آخر في عام 1572 عن مشاركة الأوروبيين في حفر “الخليج الناصري” الذي أمد الإسكندرية بالمياه، واستخدم أحياناً لنقل التجارة. وهذا مثال على مسؤولية جماعية، شارك الأوروبيون في أعبائها، كما شاركوا في منافعها. المزيد عن: الإسكندريةالتنوع الإثنيالمرحلة العثمانيةالحداثةالنهضةالحضارةالتعدد الثقافياليونان 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post غزة تستقبل المولود الـ 55 ألفا بعد الحرب next post ما مآلات انضمام السودان إلى حلف روسيا – إيران؟ You may also like فلسطين حاضرة في انطلاق مهرجان القاهرة السينمائي 14 نوفمبر، 2024 أنجلينا جولي تواجه شخصية ماريا كالاس في فيلم جديد 14 نوفمبر، 2024 المسرح الباريسي يتذكر شوينبرغ من خلال 12 حياة... 14 نوفمبر، 2024 الكنز المفقود… ماذا يخفي نهر النيل؟ 13 نوفمبر، 2024 سيمون فتال: السومريون أنتجوا أجمل الفنون وهي الأساس 13 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: نصبان جنائزيان من مقبرة... 13 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: أي دور للكتاب والمبدعين... 13 نوفمبر، 2024 كيف تستعيد الجزائر علماءها المهاجرين؟ 12 نوفمبر، 2024 مثقفان فرنسيان يتناقشان حول اللاسامية في “المواجهة” 12 نوفمبر، 2024 مكتبة لورين غروف تتحدى حظر الكتب في أرض... 12 نوفمبر، 2024