السبت, مايو 3, 2025
السبت, مايو 3, 2025
Home » اقتراح قانون في البرلمان اللبناني لحظر تحويل الأموال إلى السوريين يثير الجدل

اقتراح قانون في البرلمان اللبناني لحظر تحويل الأموال إلى السوريين يثير الجدل

by admin

 

ملف اللاجئين في لبنان أحد أكثر الملفات حساسية وتعقيداً منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011

اندبندنت عربية / طوني بولس @TonyBouloss

في وقت يكثر فيه الحديث عن عودة اللاجئين السوريين من لبنان لديارهم، وتتوالى الطروحات والمشاريع على طاولة النقاش السياسي اللبناني، يبدو أن الطريق الفعلي لهذه العودة ما يزال بعيداً كل البعد من أن يكون سالكاً. فبعيداً من الخطابات والمزايدات، تتكشف أمام كل متابع واقعي ومعني بالحلول، مجموعة من المعطيات السياسية والقانونية والإنسانية التي تجعل من عودة السوريين مسألة أكثر تعقيداً مما يطرح في الإعلام أو يناقش في قاعات البرلمان.

التحويلات المالية إلى السوريين تراجعت من 1.6 مليار دولار سنوياً إلى 620 مليون دولار عام 2023 (رويترز)

 

يعتبر ملف اللاجئين السوريين في لبنان أحد أكثر الملفات حساسية وتعقيداً منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، ومع مرور أكثر من 13 عاماً ما زال أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان، بعضهم في ظروف لا إنسانية ومخيمات تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة. ومع تزايد الضغط الاقتصادي والاجتماعي على لبنان، تتعالى الأصوات المطالبة بإعادة السوريين لبلادهم، وتطرح مشاريع قوانين ومبادرات تتراوح بين الجدية والديماغوجية، لكنها في معظمها تصطدم بجدار الواقع الصعب.

لا عودة بلا تفاهمات

إلا أن مصادر سياسية مواكبة، تعتبر أن أي نقاش حول عودة اللاجئين السوريين لا يمكن أن ينجح ما لم يبن على تفاهمات واضحة وجدية بين الدولة اللبنانية والدولة السورية. فهذه العودة، إن لم تكن آمنة وكريمة، ستبقى مجرد وهم، أو أداة ضغط تمارس على الضعفاء. والمسألة لا تقتصر على تنظيم العودة أو ضمان أمن اللاجئين العائدين، بل تشمل أيضاً ملفات سياسية وقانونية عالقة منذ عقود بين البلدين.

لعل أبرز هذه الملفات هو ملف المعتقلين والمخفيين قسراً في السجون السورية، وهو ملف يتجاهله النظام السوري منذ سنوات، على رغم المطالبات اللبنانية المتكررة بالكشف عن مصير هؤلاء، وإغلاق هذا الجرح الإنساني المزمن. فلا يمكن للبنان الرسمي أن يفتح أبواب التنسيق والعودة من دون الحصول على أجوبة واضحة في شأن آلاف اللبنانيين الذين فقدوا على الأراضي السورية خلال عقود الاحتلال والوصاية، وغالبيتهم من المدنيين أو من الأسرى السياسيين الذين خطفوا أو اعتقلوا بلا محاكمات.

إلى جانب هذا الملف، هناك إشكال ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وهي قضية لا تقل أهمية عن بقية عناصر السيادة. فحتى اليوم، لم يجر ترسيم الحدود البرية بصورة نهائية، مما يفتح المجال أمام الخروق والتهريب والاعتداءات المتكررة، كما يطرح هذا الملف تساؤلات عن مدى استعداد دمشق للدخول في مفاوضات جدية تضمن احترام سيادة لبنان وحدوده.

كذلك هناك ملف أموال السوريين في المصارف اللبنانية، وهي مسألة بدأت تثير جدلاً متزايداً، إذ إن مئات آلاف السوريين يحتفظون بودائع ومدخرات في النظام المصرفي اللبناني، بعضهم لا يستطيع سحبها بسبب الأزمة المالية، فيما يحكى عن تدخلات سياسية وأمنية لعرقلة تحويل هذه الأموال إلى سوريا.

أموال السوريين المجمدة في المصارف اللبنانية تطرح إشكالات قانونية وسياسية متزايدة (رويترز)

 

اتفاقات زمن الوصاية

وتشير الأوساط السياسية الى أنه لا يمكن الحديث عن إعادة تنظيم العلاقة بين لبنان وسوريا من دون إلغاء الاتفاقات والمعاهدات التي أبرمت في زمن الوصاية السورية، التي ينظر إليها كثيرون على أنها قيود غير متكافئة، فرضها نظام آل الأسد (حافظ وبشار الأسد) في مرحلة كان فيها لبنان تحت سيطرته الكاملة سياسياً وأمنياً. وتعد هذه الاتفاقات، كاتفاق الدفاع المشترك والتنسيق الاقتصادي، وغيرهما من المعاهدات، من العقبات القانونية والسيادية التي تحتاج إلى مراجعة شاملة قبل أي تعاون فعلي بين الدولتين. فالعودة الآمنة للاجئين لا يمكن فصلها عن إعادة تعريف العلاقة بين الدولتين وفق أسس متكافئة، مبنية على احترام السيادة وتبادل المصالح، وليس على فرض أمر واقع من طرف واحد، كما كانت الحال طوال سنوات طويلة من الوصاية التي طويت نظرياً عام 2005، لكن بقيت آثارها قائمة حتى اليوم.

اقتراحات من دون أفق

وسط هذه الخلفية المعقدة، برز أخيراً اقتراح قانون قدمه عدد من النواب اللبنانيين، يقضي بوقف تحويلات المساعدات الإنسانية والمالية إلى اللاجئين السوريين في لبنان، باعتباره وسيلة “ضغط” لدفعهم نحو العودة لبلادهم. وأثار هذا المشروع جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والحقوقية، بين من اعتبره خطوة ضرورية لتقليص أعداد اللاجئين، ومن رآه إجراء غير إنساني وغير واقعي، يعكس عجز الدولة عن تقديم حلول حقيقية للأزمة.

وفي السياق أوضح النائب آلان عون، وهو أحد النواب الذين اقترحوا القانون، أن الاقتراح يقضي بحظر تحويل الأموال من الخارج إلى النازحين السوريين الموجودين في لبنان، بهدف تخفيف العبء عن الدولة اللبنانية وتسريع وتيرة العودة الطوعية لسوريا. وقال “في وقت يعمل فيه لبنان على وضع خطة مشتركة مع الدولة السورية لتنظيم عودة تدريجية للنازحين، بات من الضروري اتخاذ إجراءات عملية، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من النازحين الموجودين اليوم في لبنان، لم يعودوا لأسباب اقتصادية، وليس بسبب ظروف أمنية أو سياسية”. وأضاف “منذ توقف الأعمال الحربية في سوريا، لم تسجل أية عودة جماعية تحت ذرائع أمنية أو تغير النظام، فمعظم النازحين بقي في لبنان بدافع تحسين ظروفه المعيشية. من هنا يأتي اقتراحنا لوقف التحويلات المالية إليهم داخل الأراضي اللبنانية، لكن ليس لحرمانهم من هذه الأموال، بل لتحفيز إعادة توجيهها نحو الداخل السوري ومساعدتهم في إعادة بناء حياتهم في وطنهم”، وتابع عون “نعرف أن هذا القانون ستكون له تداعيات مباشرة على النازحين، وقد يؤثر كذلك في ميزان المدفوعات، لكنني لا أرى أن له انعكاسات سلبية جوهرية على الاقتصاد اللبناني”.

تحويلات الأموال إلى السوريين

وبحسب الأرقام، شهدت تحويلات الأموال إلى السوريين في لبنان تراجعاً كبيراً، إذ انخفضت من معدل 1.6 مليار دولار سنوياً بين عامي 2013 و2018 إلى نحو 620 مليون دولار في عام 2023، مما يعكس شح التمويل من مصادره الخارجية.

وبرأي معارضين، تبدو هذه المقاربة مجتزأة وسطحية، فالتجويع أو قطع المساعدات لا يصنع سياسات ناجحة، بل يراكم الغضب والبؤس. والأخطر، أنه قد يدفع بعض اللاجئين نحو التطرف أو الجريمة أو حتى الهجرة غير الشرعية، بدل أن يشجعهم على العودة الطوعية، التي يفترض أن تكون الهدف الأول لأية سياسة عقلانية. كما أن هذا القانون، بحسب بعض الخبراء القانونيين، يصطدم بالالتزامات الدولية للبنان تجاه اتفاق جنيف وحقوق الإنسان، وقد يفتح البلاد على انتقادات دولية ومحاكمات محتملة.

خلفية عنصرية

من جانبه، اعتبر النائب عن كتلة “اللقاء الديمقراطي” بلال عبدالله أن اقتراح القانون “يشكل وسيلة قانونية تشجع على إعادة النازحين السوريين لبلادهم، ويحفز المنظمات الدولية على تقديم هذه المساعدات لهم في بلادهم بدلاً من لبنان”، ونفى أن ينطوي هذا المشروع على “خلفية عنصرية”، مؤكداً أننا “نحن أكثر من واجه التحركات العنصرية ضد السوريين، لكن لا بد لملف النزوح من أن يشهد حلاً يخفف الأعباء عن لبنان التي فاقت قدرته على التحمل”، وأكد عبدالله أنه في حال إقرار القانون فإنه “سيدفع المجتمع الدولي إلى احتضان الدولة السورية الجديدة، ويؤدي إلى رفع العقوبات عنها ويزيد من الانفتاح الدولي عليها”، وأشار إلى أن حظر تحويل الأموال من الخارج إلى السوريين في لبنان، سيحد من حجم تدفقها، لكنه لفت إلى أنه “إذا ما قارنا الفائدة من تحويل الأموال بالعملة الأجنبية إلى لبنان، في مقابل ما يستهلكه السوريون في البنى التحتية، خصوصاً في الماء والكهرباء، تكون خسائرنا أكبر بكثير”.

قطع الموارد

بدوره اعتبر الصحافي والكاتب السياسي علي حمادة أن أي قانون يمنع تحويل الأموال إلى النازحين السوريين يعد من القوانين الأساسية والمهمة لتحقيق خطوة حاسمة في معالجة وجود اللاجئين السوريين في لبنان، مشدداً على ضرورة أن يعودوا لبلادهم، لأن “وجودهم هنا غير مفيد لا لهم ولا لنا”، وقال إن “هناك فئة من السوريين يأتون إلى لبنان بصورة دورية لأسباب اقتصادية وللعمل، وهذه الفئة تحتاج إليها الأسواق اللبنانية”، لكنه شدد على أن ملف النازحين مختلف تماماً، وأشار إلى أن هذا الموضوع يتطلب التعاون بين لبنان وسوريا، إذ يجب التشاور مع الحكومة السورية بعد التأكد من لوائح الأشخاص الذين يتلقون الأموال عبر المصارف اللبنانية وآلات الدفع الإلكترونية. وأضاف حمادة “يجب أن تكون هناك مواكبة دقيقة لهذا الموضوع لضمان إعادة هؤلاء الأشخاص لسوريا، وليس الاكتفاء بقطع الموارد المالية فقط من دون أن يكون هناك حل فعلي لإعادتهم لبلدهم”، وأكد أن هذا الموضوع يتعلق بمسألة سيادة لبنان ويجب أن يجري العمل عليه من خلال برنامج شامل لإعادة هؤلاء اللاجئين لسوريا، قائلاً إن الحكومة السورية، على رغم موقفها الرافض، فهي مرغمة ومجبرة على التعاون مع لبنان في هذا السياق.

وأوضح حمادة أن لبنان بحاجة إلى أن يكون له برنامج إعادة وتنسيق مع سوريا لإيجاد حلول مستدامة لهذا الملف، وليس فقط الاكتفاء بفرض قوانين تمنع تحويل الأموال من دون إيجاد آلية لعودة السوريين بصورة منظمة وفعالة.

التمييز بين اللاجئين والعاملين

من ناحيته أكد الخبير الدستوري المحامي أنطونيو فرحات ضرورة التمييز بين اليد العاملة السورية التي كان لبنان يعتمد عليها تاريخياً، وبين الوجود السوري الناتج من أزمة الحرب في سوريا، الذي لا يمكن اعتباره نزوحاً أو لجوءاً بالمعنى القانوني، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن استخدام مصطلح “النزوح” في غير محله، لأن النزوح يحصل ضمن الدولة الواحدة، بينما لبنان وسوريا هما دولتان ذات سيادة مستقلة. ولفت إلى أن لبنان ليس بلداً موقعاً على الاتفاقات الخاصة باللاجئين، وبالتالي لا يمكن اعتباره بلد لجوء، “بل بلد عبور موقت، يفترض أن ينتقل السوريون من خلاله إلى بلد ثالث”، وأضاف “اليوم، لا صفة قانونية لكثيرين من السوريين الموجودين في لبنان، بخاصة من لا يحملون إقامات أو أوراقاً ثبوتية، مما يستوجب من الأمن العام اللبناني اتخاذ الإجراءات القانونية بإعادتهم لبلدهم وفق القوانين المرعية الإجراء”.

وفي ما يتعلق بالدور الدولي، أشار فرحات إلى أن ضغوط الأمم المتحدة والجهات المانحة تسهم في الإبقاء على السوريين في لبنان من خلال المساعدات المالية التي تقدم داخل الأراضي اللبنانية، معتبراً أن هذه السياسة “تلعب دوراً ديموغرافياً في الشرق الأوسط”، وقال “إذا كانت الأمم المتحدة جدية في دعم الشعب السوري، فعليها أن تحول المساعدات إلى داخل سوريا مباشرة”، مشيراً إلى أن تخفيف العقوبات الدولية وتفعيل التحويلات المصرفية نحو سوريا، كما يجري الترويج له أخيراً يفسح المجال أمام بقاء السوريين في أرضهم واستئناف حياتهم داخل بلادهم. وختم “السبب الرئيس لبقاء عدد من السوريين في لبنان اليوم هو الدافع المالي، وليس الأمني كما في بداية الأزمة، مما يتطلب من الدولة اللبنانية تطبيق قوانينها بحزم، بدلاً من التساهل أو التواطؤ السياسي الذي يعطل تنفيذ تلك القوانين”.

المزيد عن: اللاجئون السوريونالمصارف اللبنانيةالبرلمان اللبنانيالحرب السوريةالسجون السورية

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili