عرب وعالمعربي افتتاحية اندبندنت : روسيا لن تهرب من جرائمها وستدفع ثمنها في نهاية المطاف by admin 2 ديسمبر، 2022 written by admin 2 ديسمبر، 2022 14 يوماً ما، وربما يكون أقرب مما يتوقع الكثيرون، سيتحتم على روسيا التخلي عن طموحاتها القيصرية الجديدة والانضمام مجدداً لمجتمع الدول المتحضرة افتتاحية اندبندنت كما تدل روايات التعذيب المروعة التي أفادت عنها مراسلة “اندبندنت” بيل ترو، يبدو أن روسيا تشن حرب إرهاب لا هوادة فيها على المدنيين الأوكرانيين. فكلما شهدت زلات وإخفاقات في أرض المعركة وأجبرت على الانسحاب، صبت اهتمامها أكثر على تدمير البنى التحتية المدنية وأخذ رهائن واختطاف الأشخاص والاستمرار في تعذيب وقتل أي شخص سيئ الحظ يتم القبض عليه من قبل القوات الروسية غير المنضبطة. في الواقع، يبدو أن عدم الانضباط هذا يأتي بوحي من الجهات الرسمية، هذا إن لم تكن تلك الأخيرة هي التي أعطت الأوامر بممارسته، وهذه هي الطريقة التي يتعرض بها المدنيون وأسرى الحرب لسوء المعاملة والإيذاء بشكل روتيني. ففي ظل عدم قدرتهم على التقدم ضد الدفاعات الأوكرانية الصامدة والمجهزة من قبل الغرب بشكل متزايد، يلجأ الروس إلى تدمير محطات الكهرباء قاطعين التغذية بالتيار عن المنازل. فلم تقم الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة بأي تمييز في هذا الإطار. واستهدفت المزارع والمباني السكنية والمستشفيات والمدارس ودور الحضانة والمعالم التاريخية والثقافية لأن أحد الأهداف الأخرى لحرب روسيا يتمثل في محو الهوية والتقاليد الوطنية المميزة لأوكرانيا. وفي سياق متصل، كان الاستهداف القريب للمباني المتاخمة للمنشآت النووية أمراً متهوراً بشكل خاص؛ بل غبياً للغاية لأنه بوسع الرياح بسهولة أن تجر مواد إشعاعية نحو القوات الروسية وروسيا في حد ذاتها. ولكن، حتى في هذا، لم يظهر الكرملين أي تعاطف تجاه شعبه. منذ وقت طويل، فقدت العملية العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا أي صورة مرتبطة بالصراع لتحرير دولة شقيقة من براثن الحكم “النازي” وتحولت إلى نزاع تشكل جرائم الحرب فيه المعيار وحيث الاشتباكات العسكرية التقليدية تشبه إلى حد كبير الاستثناءات المعزولة للاتجاه العام للقتال. يعتبر هذا الأمر مؤشراً على الضعف الروسي فضلاً عن كونه تصرفاً همجياً موصوفاً. وهو النوع ذاته من التكتيكات التي تعتمدها روسيا وحلفاؤها “الدمى المتحركة” في أماكن أخرى، والقصص التي تروى في هذا الصدد لا تقل رعباً وترهيباً. تستذكر التجارب التي وصفناها في تقاريرنا جرائم النازيين وغيرها من جرائم الحرب خلال الحرب العالمية الثانية والفظائع والأعمال الوحشية التي ارتكبت خلال النزاعات في يوغوسلافيا سابقاً فضلاً عما اقترفته روسيا وحلفاؤها في سوريا والشيشان وأماكن أخرى في العالم. ولكن، إذا ما قمنا بقياس تلك الأفعال على نطاق واسع، فضلاً عن جانبها السادي الذي لا هوادة فيه، لا بد من القول إن الاعتداء على المواطنين الأوكرانيين هو الأكثر خطورة في أوروبا منذ العام 1945. لا يبشر هذا الأمر بالخير ولا تبدو نتائجه مريحة. ولكن، في كافة المقاييس، يبدو أن القصف الهائل وإيذاء المدنيين عزز مقاومة الأوكرانيين وزادها إصراراً. وليس مفاجئاً هنا إذا قلنا إنه لا أحد في الكرملين يفهم الدروس المستخلصة من التاريخ في هذا المجال. فأبعد من تدمير معنويات المدنيين ودفعهم نحو الاستسلام، لا يؤدي القصف المكثف على المناطق المدنية واستخدام الاغتصاب والتعذيب والقتل كأسلحة حرب إرهابية إلا إلى تذكير أولئك الذين تعرضوا للهجوم بأن الحياة ستصبح لا تحتمل إذا ما خرج المحتل منتصراً وسيطر على أراضيهم، وهذا ما يزيدهم إصراراً. استغرق الأمر هجومين نوويين على مدينتين كبيرتين لإقناع اليابان بالاستسلام عام 1945؛ وأدى قصف لندن العنيف خلال الحرب العالمية الثانية (البليتز) إلى بروز روح التحدي الشهيرة؛ ولم يخضع الفيتناميون للقصف المكثف لقاذفات بي-52 على أراضيهم؛ وفي مثال قريب أكثر، أظهر حصار ستالينغراد الشهير مدى تصميم ودفاع الأشخاص عن كومة من الركام والأنقاض (إن كانت تخصهم). لكل هذه الأسباب، ستفشل تكتيكات الرئيس بوتين شرط أن يعرف الشعب الأوكراني أن الغرب يقف إلى جانبه. وعلى سبيل المثال، كان لافتاً ما قالته السيدة الأولى لأوكرانيا أولينا زيلينسكا للنواب البريطانيين أثناء زيارتها: “لقد نجت جزركم من الضربات الجوية التي كانت مشابهة للتي تستخدمها روسيا حالياً لإجبارنا على الخضوع. نسمع يومياً صفارات إنذار مشابهة لتلك التي سبق وسمعتها الأجيال البريطانية الأقدم سناً. أنتم لم تستسلموا ونحن أيضاً لن نفعل ذلك”. في كل مرة بعد أي انسحاب روسي، تجد السلطات الأوكرانية أدلة عن غرف تعذيب وتجمع الكثير من الروايات عن اعتداءات غير مبررة على العائلات. يتم التثبت منها وتوثيقها بحذر من قبل المحققين في جرائم الحرب المتعمدة، وجمعت الأدلة تمهيداً لمحاكمات محتملة في ارتكاب جرائم حرب. كما تتم مراقبة جهودهم ونقلها من قبل وسائل إعلامية غربية حرة. قد يبدو احتمالاً بعيداً أن يمثل فلاديمير بوتين أو أي من جنرالاته ومسؤوليه أمام المحكمة، ولكنه تفكير خاطئ. فلم يتوقع أي من الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش والرئيس السابق لجمهورية صرب البوسنة رادوفان كاراديتش أن يقفا في فقص الاتهام أمام قوس المحكمة. ولم يتوقع ذلك أيضاً جزارو الخمير الحمر، ومجرمو الإبادة الجماعية في رواندا أو الزعماء اليابانيون أو النازيون بعد العام 1945. يوماً ما، وربما يكون أقرب مما يتوقع الكثيرون، سيتحتم على روسيا التخلي عن طموحاتها القيصرية الجديدة والانضمام مجدداً لمجتمع الدول المتحضرة. عندما تقوم بذلك، سيكون عليها تقديم مجرمي الحرب إلى العدالة تماماً كما حصل مع صربيا ورواندا وكمبوديا وألمانيا قبلها. ستلحق بهم جرائمهم أينما كانوا في نهاية المطاف. © The Independent المزيد عن:أخبار روسي\افلاديمير بوتي\نالحرب على أوكرانيا\الغزو الروسي\جرائم الحرب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post وفاة إيسي ساغاوا “آكل لحوم البشر الياباني next post من أجل إنقاذ مكتبة القرويين العريقة ومخطوطاتها النادرة You may also like 26 قتيلا بضربات إسرائيلية على أنحاء قطاع غزة 29 نوفمبر، 2024 إسرائيل تقصف منشأة لـ”حزب الله” وتحظر التجول ليلا... 29 نوفمبر، 2024 إسرائيل منقسمة حول “اتفاق لبنان” ونتنياهو يبدأ جني... 29 نوفمبر، 2024 كواليس البنود السرية في اتفاق “حزب الله” وإسرائيل 29 نوفمبر، 2024 بعد نهاية الحرب… هل يعود الخليج لدعم الجيش... 29 نوفمبر، 2024 من أشعل خطوط التماس بين المعارضة السورية وجيش... 29 نوفمبر، 2024 المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024
كما تدل روايات التعذيب المروعة التي أفادت عنها مراسلة “اندبندنت” بيل ترو، يبدو أن روسيا تشن حرب إرهاب لا هوادة فيها على المدنيين الأوكرانيين. فكلما شهدت زلات وإخفاقات في أرض المعركة وأجبرت على الانسحاب، صبت اهتمامها أكثر على تدمير البنى التحتية المدنية وأخذ رهائن واختطاف الأشخاص والاستمرار في تعذيب وقتل أي شخص سيئ الحظ يتم القبض عليه من قبل القوات الروسية غير المنضبطة. في الواقع، يبدو أن عدم الانضباط هذا يأتي بوحي من الجهات الرسمية، هذا إن لم تكن تلك الأخيرة هي التي أعطت الأوامر بممارسته، وهذه هي الطريقة التي يتعرض بها المدنيون وأسرى الحرب لسوء المعاملة والإيذاء بشكل روتيني. ففي ظل عدم قدرتهم على التقدم ضد الدفاعات الأوكرانية الصامدة والمجهزة من قبل الغرب بشكل متزايد، يلجأ الروس إلى تدمير محطات الكهرباء قاطعين التغذية بالتيار عن المنازل. فلم تقم الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة بأي تمييز في هذا الإطار. واستهدفت المزارع والمباني السكنية والمستشفيات والمدارس ودور الحضانة والمعالم التاريخية والثقافية لأن أحد الأهداف الأخرى لحرب روسيا يتمثل في محو الهوية والتقاليد الوطنية المميزة لأوكرانيا. وفي سياق متصل، كان الاستهداف القريب للمباني المتاخمة للمنشآت النووية أمراً متهوراً بشكل خاص؛ بل غبياً للغاية لأنه بوسع الرياح بسهولة أن تجر مواد إشعاعية نحو القوات الروسية وروسيا في حد ذاتها. ولكن، حتى في هذا، لم يظهر الكرملين أي تعاطف تجاه شعبه. منذ وقت طويل، فقدت العملية العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا أي صورة مرتبطة بالصراع لتحرير دولة شقيقة من براثن الحكم “النازي” وتحولت إلى نزاع تشكل جرائم الحرب فيه المعيار وحيث الاشتباكات العسكرية التقليدية تشبه إلى حد كبير الاستثناءات المعزولة للاتجاه العام للقتال. يعتبر هذا الأمر مؤشراً على الضعف الروسي فضلاً عن كونه تصرفاً همجياً موصوفاً. وهو النوع ذاته من التكتيكات التي تعتمدها روسيا وحلفاؤها “الدمى المتحركة” في أماكن أخرى، والقصص التي تروى في هذا الصدد لا تقل رعباً وترهيباً. تستذكر التجارب التي وصفناها في تقاريرنا جرائم النازيين وغيرها من جرائم الحرب خلال الحرب العالمية الثانية والفظائع والأعمال الوحشية التي ارتكبت خلال النزاعات في يوغوسلافيا سابقاً فضلاً عما اقترفته روسيا وحلفاؤها في سوريا والشيشان وأماكن أخرى في العالم. ولكن، إذا ما قمنا بقياس تلك الأفعال على نطاق واسع، فضلاً عن جانبها السادي الذي لا هوادة فيه، لا بد من القول إن الاعتداء على المواطنين الأوكرانيين هو الأكثر خطورة في أوروبا منذ العام 1945. لا يبشر هذا الأمر بالخير ولا تبدو نتائجه مريحة. ولكن، في كافة المقاييس، يبدو أن القصف الهائل وإيذاء المدنيين عزز مقاومة الأوكرانيين وزادها إصراراً. وليس مفاجئاً هنا إذا قلنا إنه لا أحد في الكرملين يفهم الدروس المستخلصة من التاريخ في هذا المجال. فأبعد من تدمير معنويات المدنيين ودفعهم نحو الاستسلام، لا يؤدي القصف المكثف على المناطق المدنية واستخدام الاغتصاب والتعذيب والقتل كأسلحة حرب إرهابية إلا إلى تذكير أولئك الذين تعرضوا للهجوم بأن الحياة ستصبح لا تحتمل إذا ما خرج المحتل منتصراً وسيطر على أراضيهم، وهذا ما يزيدهم إصراراً. استغرق الأمر هجومين نوويين على مدينتين كبيرتين لإقناع اليابان بالاستسلام عام 1945؛ وأدى قصف لندن العنيف خلال الحرب العالمية الثانية (البليتز) إلى بروز روح التحدي الشهيرة؛ ولم يخضع الفيتناميون للقصف المكثف لقاذفات بي-52 على أراضيهم؛ وفي مثال قريب أكثر، أظهر حصار ستالينغراد الشهير مدى تصميم ودفاع الأشخاص عن كومة من الركام والأنقاض (إن كانت تخصهم). لكل هذه الأسباب، ستفشل تكتيكات الرئيس بوتين شرط أن يعرف الشعب الأوكراني أن الغرب يقف إلى جانبه. وعلى سبيل المثال، كان لافتاً ما قالته السيدة الأولى لأوكرانيا أولينا زيلينسكا للنواب البريطانيين أثناء زيارتها: “لقد نجت جزركم من الضربات الجوية التي كانت مشابهة للتي تستخدمها روسيا حالياً لإجبارنا على الخضوع. نسمع يومياً صفارات إنذار مشابهة لتلك التي سبق وسمعتها الأجيال البريطانية الأقدم سناً. أنتم لم تستسلموا ونحن أيضاً لن نفعل ذلك”. في كل مرة بعد أي انسحاب روسي، تجد السلطات الأوكرانية أدلة عن غرف تعذيب وتجمع الكثير من الروايات عن اعتداءات غير مبررة على العائلات. يتم التثبت منها وتوثيقها بحذر من قبل المحققين في جرائم الحرب المتعمدة، وجمعت الأدلة تمهيداً لمحاكمات محتملة في ارتكاب جرائم حرب. كما تتم مراقبة جهودهم ونقلها من قبل وسائل إعلامية غربية حرة. قد يبدو احتمالاً بعيداً أن يمثل فلاديمير بوتين أو أي من جنرالاته ومسؤوليه أمام المحكمة، ولكنه تفكير خاطئ. فلم يتوقع أي من الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش والرئيس السابق لجمهورية صرب البوسنة رادوفان كاراديتش أن يقفا في فقص الاتهام أمام قوس المحكمة. ولم يتوقع ذلك أيضاً جزارو الخمير الحمر، ومجرمو الإبادة الجماعية في رواندا أو الزعماء اليابانيون أو النازيون بعد العام 1945. يوماً ما، وربما يكون أقرب مما يتوقع الكثيرون، سيتحتم على روسيا التخلي عن طموحاتها القيصرية الجديدة والانضمام مجدداً لمجتمع الدول المتحضرة. عندما تقوم بذلك، سيكون عليها تقديم مجرمي الحرب إلى العدالة تماماً كما حصل مع صربيا ورواندا وكمبوديا وألمانيا قبلها. ستلحق بهم جرائمهم أينما كانوا في نهاية المطاف. © The Independent المزيد عن:أخبار روسي\افلاديمير بوتي\نالحرب على أوكرانيا\الغزو الروسي\جرائم الحرب