بأقلامهمعربي اسم الرئيس ترمب على أحد شوارع طهران تقديراً له على اغتيال أغبى رجل في إيران by admin 6 يناير، 2020 written by admin 6 يناير، 2020 236 عربي بوست /توماس فريدمان – كاتب صحفي في يومٍ من الأيام، قد يُطلقون اسم الرئيس ترامب على أحد شوارع العاصمة طهران. لماذا؟ لأنّ ترامب أمر باغتيال من يُمكن اعتباره أغبى رجلٍ في إيران، والشخصية الاستراتيجية التي بالغ الجميع في تقييم قدراتها داخل الشرق الأوسط: اللواء قاسم سليماني. ولنضع في اعتبارنا حسابات الرجل الخاطئة. ففي عام 2015، وافقت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الكبرى على رفع جميع العقوبات المفروضة على إيران، والتي يعود تاريخ الكثير منها إلى عام 1979، في مقابل أن تُوقِف إيران برنامج أسلحتها النووية لمدة 15 عاماً، مع الاحتفاظ بحق الإبقاء على برنامجٍ نووي سلمي. وكانت الصفقة رائعةً بالنسبة لإيران. إذ نمى اقتصادها بأكثر من 12% خلال السنة التالية. فماذا فعل سليماني بتلك المكاسب؟ أطلق هو والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية مشروعاً إمبريالياً إقليمياً عدوانياً، جعل من إيران ووكلائها القوة الحاكمة الفعلية في بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء. مما أثار هلع حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي السني وإسرائيل -الذين ضغطوا بدورهم على إدارة ترامب من أجل الرد. وكان ترامب نفسه مُتحمّساً لإلغاء أيّ معاهدةٍ أبرمها الرئيس أوباما، لذا انسحب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات نفطية على إيران، مما أدّى إلى تراجع الاقتصاد الإيراني بنسبة 10% تقريباً ورفع نسبة البطالة إلى أكثر من 16%. كل هذا من أجل الاستمتاع بقول إنّ طهران هي صاحبة القرار في بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء. فما هي الجائزة الثانية تحديداً؟ وبعد حرمان نظام طهران من الأموال؛ اضطر آيات الله إلى رفع أسعار البنزين على أرض الوطن، مما أشعل تظاهرات محلية حاشدة. وتطلّب التعامل مع الأمر حملةً قمعية عنيفة من جانب رجال الدين الإيرانيين ضد شعبهم، وهو ما أسفر عن سجن وقتل الآلاف، مما أضعف شرعية النظام أكثر. ومن ثمّ قرّر «العبقري العسكري» سليماني أنّه بعد دعمه لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ومساعدته في قتل 500 ألف سوري خلال العملية؛ صار يستطيع التجاوز مرةً أخرى ليُحاول فرض ضغطٍ مُباشر على إسرائيل. وفعل ذلك بمحاولته نقل صواريخ موجّهة بدقة من إيران إلى وكلائها في لبنان وسوريا. ومع الأسف، اكتشف سليماني أنّ قتال إسرائيل -بقواتها الجوية وقواتها الخاصة ومخابراتها وأمنها السيبراني- يختلف تماماً عن قتال جبهة النصرة أو تنظيم الدولة الإسلامية. إذ كان رد الإسرائيليين عنيفاً، بعد أن أعادوا حفنةً من الإيرانيين في سوريا إلى بلادهم داخل أكفان، وقصفوا حلفاء إيران في أماكن بعيدة مثل غربي العراق. ولا شكّ أنّ الاستخبارات الإسرائيلية اخترقت فيلق القدس الخاص بسليماني ووكلائه، لدرجة أنّ سليماني حين أرسل طائرةً تحمل ذخائر موجّهة بدقة إلى سوريا في الخامسة مساءً؛ قصفتها القوات الجوية الإسرائيلية بعد نصف ساعةٍ فقط. وصار رجال سليماني مثل السمك المُحاصر داخل برميل. وفي حال كانت إيران تمتلك صحافةً حرة وبرلماناً حقيقياً، لطُرِدَ سليماني من منصبه بسبب سوء الإدارة الهائل. لكن الأمور ازدادت سوءاً بالنسبة لسليماني. إذ ورد في نعيه أنّه قاد القتال ضد الدولة الإسلامية في العراق، في ما يُمثّل تحالفاً ضمنياً مع أمريكا. حسناً، هذا صحيحٌ بالطبع. لكنّ ذلك النعي أغفل حقيقة أنّ تجاوزات سليماني، وإيران، في العراق هي ما ساعدت على إنتاج الدولة الإسلامية في المقام الأول. إذ إنّ سليماني ورفاقه في فيلق القدس هم من ضغطوا على رئيس وزراء العراق الشيعي نوري كمال المالكي لطرد السنة من الحكومة العراقية والجيش، والتوقّف عن دفع أجور الجنود السنة، وقتل واعتقال أعداد كبيرة من المحتجين السنة السلميين، وتحويل العراق إجمالاً إلى بلدٍ علماني يُهيمن عليه الشيعة. وجاء ظهور الدولة الإسلامية ليُمثّل رداً مُضاداً. وفي النهاية، كان مشروع سليماني لجعل إيران قوةً إمبريالية في الشرق الأوسط هو ما حوّل إيران إلى أكثر قوةٍ مكروهة في الشرق الأوسط بالنسبة للعديد من القوى الشبابية الصاعدة المُؤيدة للديمقراطية -من السنة والشيعة- في لبنان وسوريا والعراق. إذ أشار الباحث الإيراني-الأمريكي راي تقية، في مقالٍ حكيم نشرته مجلة Politico الأمريكية، إلى أنّه في السنوات الأخيرة «بدأ سليماني في توسعة جبهات إيران الإمبريالية. وللمرة الأولى في تاريخها، صارت إيران قوةً إقليمية حقيقية يمتد نفوذها من ضفاف المتوسّط وصولاً إلى الخليج. وأدرك سليماني أنّ الفرس ليسوا مستعدين للموت في ساحات المعارك البعيدة من أجل العرب، لذا ركّز على تجنيد العرب والأفغان بوصفهم قوةً احتياطية. وكان يتفاخر عادةً بقدرته على إنشاء ميليشيا جديدة في وقتٍ قصير، ونشرها ضد مختلف أعداء إيران». وكان أولئك الوكلاء السليمانيون تحديداً -حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، والحوثيون في اليمن- هم من خلقوا دولةً شيعية داخل الدولة في كلٍ من تلك البلدان. وتلك الدول الشيعية هي التي ساعدت في الحيلولة دون تماسك تلك البلدان، ورعاية الفساد الهائل، ومنع تلك البلدان من تطوير بنيتها التحتية -مثل المدارس والطرق والكهرباء. وبهذا كان سليماني ووكلاؤه -صُنّاع الملوك في لبنان وسوريا والعراق- هم من صاروا يظهرون على الساحة بشكلٍ متزايد، ويكتسبون كراهيةً أكبر بصفتهم القوى الإمبريالية في المنطقة -أكثر من أمريكا في عهد ترامب. وأدّى ذلك إلى ظهور حركات ديمقراطية شعبية أصيلة من القاعدة إلى القمة، في لبنان والعراق، تضمّنت تكاتف السنة والشيعة من أجل المطالبة بحوكمةٍ ديمقراطية غير فاسدة وغير طائفية. وفي الـ27 من نوفمبر/تشرين الثاني، أضرم الشيعة العراقيون النيران في القنصلية الإيرانية بالنجف، وأنزلوا العلم الإيراني من فوق المبنى، ورفعوا العلم العراقي مكانه. وجاء ذلك في أعقاب إحراق الشيعة العراقيين للقنصلية الإيرانية في البصرة خلال سبتمبر/أيلول عام 2018، وهم يهتفون بإدانة التدخل الإيراني في السياسات العراقية. وكانت «الاحتجاجات» ضد مجمع السفارة الأمريكية في بغداد الأسبوع الماضي عمليةً مُدبّرة من سليماني على الأرجح، من أجل رسم الصورة وكأنّ العراقيين يُريدون أن تغادر أمريكا -لكن الواقع هو أنّهم يُريدون العكس. إذ كان المحتجون من رجال الميليشيات المأجورين والمؤيدين لإيران. ولم تنطلي تلك الحيلة على أحدٍ في بغداد. وربما كان هذا هو ما قتل سليماني. إذ أراد التغطية على إخفاقاته في العراق، لدرجة أنّه قرر البدء في استفزاز الأمريكيين هناك بقصف قواتهم، على أمل أن يُبالغوا في رد فعلهم ويقتلوا العراقيين، فينقلب أهل العراق ضد الولايات المتحدة. لكن ترامب لم يأكل الطُعم، بل قتل سليماني بدلاً من ذلك. وليست لدي أدنى فكرة حول ما إذا كانت هذه خطوةٌ حكيمة، أو ماهية عواقبها على المدى البعيد. ولكنّني أعرف أمران عن الشرق الأوسط تحديداً. أولهما أنّ مُقابل «السيء» في الشرق الأوسط عادةً لا يكون «الجيد». بل يتكشّف أنّ مقابل السيء عادةً هو «الاضطراب». إذ إنّ القضاء على طرفٍ شديد السوء مثل سليماني لا يعني أنّ طرفاً جيداً سيظهر، أو تغييراً جيداً سيطرأ على السياسة، في أعقابه. وسليماني هو جزءٌ من منظومة تُدعى الثورة الإسلامية في إيران. واستخدمت تلك الثورة أموال النفط والعنف من أجل البقاء في السلطة منذ عام 1979 -وهذه هي مأساة إيران، المأساة التي لن يُغيّرها موت لواءٍ إيراني واحد. واليوم، تُعَدُّ إيران وريثة حضارةٍ عظيمة، وموطناً لشعبٍ شديد الموهبة يتمتّع بثقافةٍ بارزة. وأينما سافر الإيرانيون في العالم اليوم؛ يزدهرون بصفتهم علماء وأطباء وفنانين ومؤلفين وصناع أفلام -بعكس ما يحدث داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي لا تشتهر سوى بتصدير التفجيرات الانتحارية والإرهاب الإلكتروني وقادة الميليشيات بالوكالة. وحقيقة أنّ سليماني كان الشخصية الإيرانية الأشهر في المنطقة على الأرجح، تكشف مدى فراغ هذا النظام وكيف أهدر حياة جيلين من الإيرانيين عن طريق البحث عن الكرامة في الأماكن الخاطئة وبالأساليب الخاطئة. والأمر الآخر الذي أعرفه هو أنّ السياسات المهمة في الشرق الأوسط تحدث بوتيرةٍ مُتباطئة تستغرق وقتاً طويلاً. نعم، ستشهد الأيام المقبلة احتجاجات صاخبة في إيران، وحرق الأعلام الأمريكية، والكثير من البكاء على «الشهيد». وبعد بضعة أيام، ستدور آلاف المحادثات الهادئة داخل إيران، ولن يعلم عنها أحد. وستدور تلك المحادثات حول مأساة حكومتهم، وكيف أهدرت الكثير من ثروات إيران ومواهبها على مشروعٍ إمبريالي جعل إيران مكروهةً في الشرق الأوسط. وبعد بضعة أيام أخرى، سيحتفل حلفاء أمريكا من العرب السنة بموت سليماني في هدوء، ولكن يجب أن لا ننسى أنّ خلل الكثير من الأنظمة العربية السنية -وافتقارها إلى الحرية والتعليم الحديث وتمكين النساء- هو ما جعلها ضعيفةً بالدرجة التي سمحت لإيران بالسيطرة عليها من الداخل عبر وكلائها. وأكتب لكم هذه السطور وأنا أُحلِّق فوق نيوزيلندا، حيث أستطيع مشاهدة دخان حرائق الغابات فوق شرقي أستراليا على بُعد 4,023 كم. والطبيعة الأم لا تعرف اسم سليماني، لكن العالم العربي بأكمله سوف يعرف اسمها. لأنّ الشرق الأوسط، وخاصةً إيران، بدأ يتحوّل إلى منطقة كوارث بيئية -تنفذ منها المياه، ويزداد فيها التصحُّر والانفجار السكاني. وستهلك تلك الدول في حال لم تتوقّف الحكومات هناك عن القتال، وتتحد معاً من أجل مقاومة تغيّر المناخ -بدلاً من الاحتفاء بالمحتالين العسكريين الذين يحتلون دولاً فاشلة ويزيدونها فشلاً. هذا الموضوع مُترجم عن صحيفة New York Times الأمريكية. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فيلم “1917” يفجر مفاجأة ويقتنص جائزة أفضل فيلم درامي في حفل جوائز جولدن جلوب next post الجيش الأميركي يبلغ العراق باتخاذه إجراءات لـ”الخروج” من البلاد You may also like مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.