الثلاثاء, فبراير 4, 2025
الثلاثاء, فبراير 4, 2025
Home » ارتفاع مُقلق في أعداد العملاء: المال ليس دائماً السبب!

ارتفاع مُقلق في أعداد العملاء: المال ليس دائماً السبب!

by admin

 

جريدة المدن الاكترونية / فرح منصور

تحولت قضية التعامل مع إسرائيل إلى ملف أمنيّ أقلق الأجهزة الأمنيّة والجسم القضائيّ اللّبنانيّ وتحديدًا في السّنتين الفائتتين. ومن تهمةٍ يسهل إلصاقها بالمعارضين، لجُرمٍ تمّ ضبطه، تُظهر الأرقام، أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا لعدد الشبّان الذين تعاملوا وتعاونوا مع الجيش الإسرائيليّ خلال الحرب الّتي امتدت عامًا ونيف.

التأكد من المعلومة

بعد “طوفان الأقصى” في العام 2023، عمدت إسرائيل إلى استقطاب العدد الأكبر من اللبنانيين لمعاونتها، بسبب حاجتها للعنصر البشريّ ميدانيًا، إذ كان الهدف الأول والأساسيّ هو اثبات وتأكيد المعلومات الموجودة لديها، المتعلقة بمخازن الأسلحة الخاصة بحزب الله المتوزعة على الأراضي اللبنانيّة.
في العام 2024، وبحسب مصدر أمني في حديث خاص لـ”المدن”، فقد “تمكنت مخابرات الجيش من إلقاء القبض على 14 شخصًا بتهمة التعامل مع إسرائيل. وفي كانون الثاني العام 2025، ألقي القبض على أربعة أشخاص. (وبذلك تكون الحصيلة كما يلي: 11 لبنانيّاً، 5 سوريّين، 1 لبنانيّ-استراليّ، 1 فلسطينيّ)”.

لم تُخف المصادر خُطورة هذا الأمر. وتوضح أن القبض على أربعة عملاء يعملون لصالح إسرائيل خلال شهر واحد فقط هو أمر في بالغ الخطورة، ويشي بأن هذه الحالة تتفشى على الأراضي اللبنانيّة، وأن هذا يدل إلى أن هناك أرقامًا مرتفعة لم يلق القبض عليها بعد. وتضيف المصادر إلى أن العدد الأكبر من العملاء ألقي القبض عليهم خلال عودتهم من فلسطين المحتلة، وبعد تمركز الجيش الإسرائيلي في عدد من القرى الجنوبيّة، سهّلت الطريق للعملاء ليتمكنوا من الدخول والخروج للاجتماع بمسؤولين في إسرائيل.

 

تقوية المعلومات الاستخباراتيّة

وعلى الرغم من خطورة هذه القضية، إلا أنها وبحسب المصادر الأمنية ليست سابقة، ففي العام 2007، ألقي القبض على الكثير من العملاء الذين تخلّت عنهم إسرائيل آنذاك. ووفقًا للمصدر ففي عام 2006 عانت إسرائيل من ضعفٍ استخباراتيّ، ونجح حزب الله في الرابع عشر من تموز العام 2006 من تدمير البارجة الإسرائيليّة بصاروخ مضاد للسفن من طراز سي-802، لكن بعد انتهاء العام 2006، انقلب المشهد بشكل كامل، إذ عمدت إسرائيل على تقوية معلوماتها الاستخباراتيّة، من خلال خرق حزب الله بشكل مباشر، وحصلت على كنز من المعلومات تمكنت عبره من تحقيق الكثير من أهدافها خلال عدوانها الأخير على لبنان في أيلول الماضي 2024.

وبسنوات طويلة من الجهد الاستخباراتي، تمكنت إسرائيل من اغتيال حوالى 52 قائدًا في حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرلله، واخترقت أجهزة اتصالاتهم من خلال زرع المتفجرات في آلاف أجهزة البايجر والأجهزة اللاسلكية وتفجيرها وإصابة أكثر من 4000 عنصرًا في صفوف حزب الله خلال يومين، إضافة إلى استهداف مخازن الأسلحة في مختلف المناطق اللبنانيّة وتفكيك بنية الحزب العسكريّة.

 

استدراج إلكترونيّ

ومع توسع العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل في العام 2024، عثر حسن شفيق أيوب (45 عامًا)، على إعلانٍ في وسائل التواصل الاجتماعيّ يُعنى بتوزيع المساعدات للأطفال خلال الحروب، فقام بتعبئة استمارة خاصة وتلقى اتصالًا على تطبيق “واتس أب” من رقم أجنبيّ، لتتحدث إليه شابة تُدعى “نادين”، ادعت أنها من جزين وتعمل في المفوضية الأوروبية للاهتمام بالأطفال ومساعدتهم خلال الحروب.

عاودت “نادين” الاتصال به بعد خمسة أيام، وأبلغته بصعوبة حصوله على مساعدات ماليّة في الفترة الراهنة، وطلبت منه مساعدتها في الحصول على بعض المعلومات حول محيط سكنه، والأحزاب الفاعلة في بلدة بيت ليف، لتحول له بعدها مساعدة ماليّة. بعد يومين، تلقى اتصالًا من “مارك” الذي عرّف عن نفسه أنه من وكالة الاتحاد الأوروبي، وشرح له طبيعة المهمات التي ستُطلب منه. وأكد له ضرورة أن يكون فاعلًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وحوّل إليه بعض المقاطع المصورة التحريضية على حزب الله، طالبًا منه نشرها على صفحته الخاصة مقابل الحصول على مبالغ ماليّة، فوافق أيوب. وطُلب منه الحضور شخصيًا إلى فلسطين المحتلة لتسلّم المبالغ الماليّة، وأن الشخص المخول تسليمه المال يلقب باسم “الخبير”. في الأول من كانون الثاني العام 2025، توجه نحو منطقة الجدار الحدودية قرب منطقة رميش، وتسلّم على تطبيق “واتس أب” خريطة الطريق التي عليه اعتمادها للدخول إلى فلسطين المحتلة، وواكبت رحلته مسيّرة إسرائيليّة، وانطلق من رميش بدراجته النارية، إلا أن الدراجة الناريّة تعطلت فجأة فتابع رحلته سيرًا على الأقدام، وعند الثامنة والنصف مساءً وصل إلى نقطة الجدار الحدودي، وتمكن من الدخول عبر فجوة صغيرة في الجدار، ونُقل بسيارة مدنية إلى منزل حيث إلتقى بـ”مارك” وبضابط إسرائيلي، وشرحوا له طبيعة العمل المطلوب منه، ومهمته الأساسيّة هي التحريض على حزب الله على منصة إكس، بهدف التأثير على الرأي العام، وأبلغوه عن وجود مجموعة أخرى ستعاونه في نشر هذه العبارات التحريضية لإثارة الجدل. وسُلم حقيبة سوداء وهي هدية صغيرة بداخلها مبلغ 2500 دولار أميركي. وغادر إلى بلدته بمساعدة المسيرة الإسرائيليّة، وألقي القبض عليه خلال عبوره الأراضي اللبنانيّة.

 

أهداف إسرائيل

وحسب مصادر أمنية فإن التحقيقات التي أجريت خلال السنوات الماضية، تؤكد أن إسرائيل كانت تهدف إلى تحقيق أمرين أساسيين من مساعدة العنصر البشري. الأول هو تأكيد كل المعلومات التي تمتلكها نتيجة خرقها لحزب الله، وبالتالي فهي بحاجة له ميدانيًا لتصيب أهدافها بدقة، أما الهدف الثاني فهو خرق بيئة حزب الله والتحريض عليه في بيئته من خلال الانقلاب عليه.

في كانون الثاني الماضي، حُول ملف العميل اللبنانيّ علي حاريصي للقضاء العسكري بعد اعترافه بالتعامل مع العدو الإسرائيليّ، وحسب المعلومات التي حصلت عليها “المدن” فإن حاريصي من بلدة ديركيفا، زود إسرائيل بترددات جهاز الـبيجر الذي كان يحمله والده، كما أن شقيقه هو شهيد في صفوف حزب الله، وقد قدمت عائلة حاريصي العديد من الشهداء خلال العدوان الإسرائيليّ الأخير على لبنان، وسافر إلى تُركيا وتواصل مع شبكة معروفة بارتباطها المباشر بالعدو الإسرائيليّ، وتواصل معهم هاتفيًا. ولكون حاريصي ينتمي لبيئة حزب الله بشكل مباشر، فإن المهمات التي طلبت منه هي مراقبة القادة الأمنيين في بلدته، والأماكن التي يترددون إليها، وتجهيز ملفات شخصية عنهم، وطلب منه تزويدهم بمعلومات دقيقة حول أماكن تجمع الشخصيات الأمنية بشكل يوميّ، إضافة إلى معلومات حول مخازن الأسلحة وطريقة نقل الأسلحة وتخبئتها داخل المخازن، ونفذ حاريصي ما طُلب منه.

ثمة تساؤلات كثيرة تُطرح في هذه القضية وأهمها هي الأسباب التي تدفع بأي مواطن لبنانيّ إلى التعاون مع إسرائيل بالرغم من أن انكشاف أمره يؤدي إلى نبذه اجتماعياً  وملاحقته ومعاقبته وزجه خلف القضبان، وقد يؤدي إلى تصفيته في بعض الأحيان.
توضح مصادر قضائيّة لـ”المدن” إلى أن هناك سلسلة من الدوافع للقيام بهذا العمل. ومنها: -الدوافع الشخصية الناتجة عن مشاكل وخلافات شخصية بين العميل أو المُخبر وأفراد من حزب الله. فيبدأ بتسريب العديد من المعلومات حول تحركاتهم، ومن ثمّ يقع في مصيدة إسرائيل ويتم الايقاع به.

-الحقد على حزب الله والرغبة بالتخلص منهم، فيقوم المُخبر بتزويد إسرائيل بمعلومات أمنية يعرفها، وهنا توضح المصادر إلى أن عدد من العملاء الذين قدموا معلومات خاصة بقادة حزب الله كانوا من داخل بيئة حزب الله.

-الإبتزاز والتهديد: تمكنت إسرائيل من الايقاع بعدد من العملاء من داخل بيئة حزب الله من خلال ابتزازهم وتهديدهم، الأمر الذي دفعهم إلى الرضوخ وتزويدها بكل المعلومات التي طلبتها.

-الحاجة إلى المال: وهنا تؤكد المصادر إلى أن الدوافع المالية هي من أضعف الأسباب التي تؤدي إلى التعامل مع إسرائيل، ذلك لأن إسرائيل لم تقدم مبالغ مالية باهظة مقابل المعلومات الأمنية، وجميع العملاء الذين ألقي القبض عليهم في السنوات الأخيرة تقاضوا مبالغ ضئيلة تراوحت بين 2500 و5000 دولار أميركي فقط، ولم تتخط المبالغ قيمة الـ20 ألف دولار أميركي. إضافة إلى أن العملاء الذين ينتمون لبيئة حزب الله، ليسوا بحاجة إلى مبالغ مالية للتعامل مع إسرائيل، فرواتبهم الشهريّة كانت بالدولار الأميركي خلال وبعد الأزمة الاقتصادية في العام 2019، وبالتالي من ما حاجة للتعاون مع إسرائيل مقابل المال إنما لأسباب أخرى.

مراقبة قادة حزب الله
يعمل علي صادر في اليونيفيل، من بلدة عين إبل، تم توقيفه خلال عودته من فلسطين المحتلة عبر الحدود اللبنانية، تواصل مع شخصيات أمنية في إسرائيل عبر تطبيق الماسنجر، طلب منه زيارة إسرائيل للاتفاق على طبيعة العمل، وقابل أحد الإسرائيلييّن الذي أعطاه تعليمات مخصصة لكيفية إلتقاط الصور وتحويلها إليهم، وحصل على دفعة أولى وهي 2500 دولار أميركي فقط، وخلال التحقيقات اعترف بتنفيذ مهمات إسرائيلية، وهي مراقبة تحركات بعض الشخصيات الحزبية، إلتقاط الصور لمراكز عسكرية، وحواجز للجيش اللبناني على طول خط الجنوب اللبناني وصولًا إلى بيروت، إضافة إلى تصوير منصات لإطلاق الصواريخ في بعض المناطق الجنوبيّة.

أما العميل علي حسين (الدكوة)، تبيّن بأن شقيقه خضر موقوف في سجن رومية منذ خمس سنوات أيضًا بسبب تعامله مع إسرائيل. ويعمل الشاب عليّ في تحويل الأموال وكان مُلاحقًا بعمليات النصب والاحتيال والتزوير، وإلتقى بشخص يحمل الجنسية اليونانيّة عبر صديق مشترك، وبعد تقابلهما طلب منه تصوير مخازن الأسلحة في البقاع الغربي العائدة للحزب. ولكونه مقرب من بيئة الحزب، فقدم المعلومات التي يعرفها، وقامت إسرائيل باستهداف مخازن الأسلحة خلال شهر تشرين الأول العام 2024.

ويتضح أن المهمات التي نفذها العملاء في العام 2024 هي التواصل مع أرقام إسرائيليّة بشكل يوميّ. إلتقاط الصور لمراكز حزبية ولمخازن الأسلحة. تجميع معلومات حول قادة حزب الله. جمع معلومات ميدانيّة حول بعض البلدات الجنوبيّة وشوارعها الفرعيّة. التواصل مع سفارات العدو في الخارج وتزويدهم بمعلومات أمنية حول مخازن الأسلحة. الدخول إلى فلسطين المحتلة ومقابلة شخصيات إسرائيليّة، ومتابعة الصفحات التي يديرها العدو الإسرائيلي على مواقع التواصل الاجتماعي.

التأكد من إصابة الأهداف
وتفيد المصادر إلى أن التحقيقات تؤكد أن إسرائيل استفادت من كل المعلومات الأمنية والميدانيّة التي قدمها العملاء، ونجحت باستهداف كل مخازن الأسلحة والمراكز الحزبيّة التي توصلت إلى معلومات عنها، كما أنها طلبت منهم تأكيد إصابة الهدف بعد استهدافه بمسيرة أو غارة إسرائيليّة.

ولا تُخفي المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية التي ضبطت مع العملاء الذين ألقي القبض عليهم هي أجهزة حديثة جدًا ومتطورة، فالأجهزة الأمنية اللبنانية لا تملك أي معلومات حول طرق استخدام هذه الأجهزة والتعامل معها.

وهنا توضح المصادر إلى أن العميل انتقل للمرتبة الثانية بالنسبة لإسرائيل، إلا أنها غير قادرة عن التخليّ عنه بشكل كامل. ولسنوات طويلة تعمدت إسرائيل تدريب العملاء خارج الأراضي اللبنانيّة (قبرص مثالًا) لتعليمهم أساليب التصوير والمراقبة وكيفية التواصل مع إسرائيل، لكنها نتيجة التطور التكنولوجي الذي توصلت إليه وامتلاكها أجهزة التنصت الحديثة واستخدامها للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى أن الطائرات المسيرة سهّلت عليها تجميع كل المعلومات التي تريدها من خلال المراقبة، وبنك المعلومات التي حصلت عليه من خلال سنوات طويلة من التنصت، لذلك لم تعد حاجتها أساسية للعميل أو المُخبر كما كانت عليه في السابق. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من كل التطور التكنولوجي لكن العنصر البشري على الأرض هو جزء من عملها لأنه يتيح لها التأكد من كل المعلومات التي توصلت إليها.
وعليه، يبقى القضاء اللبنانيّ أمام تحدٍّ كبير في مواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة، إذ يقع على عاتقه اتخاذ إجراءات صارمة بحقّ المتعاملين مع العدوّ الإسرائيليّ لضمان عدم تفشّيها أكثر. بالرغم من إحالتهم إلى القضاء، تبقى فعاليّة المحاكمات ومدى الردع الذي تخلّفه الأحكام الصادرة محلّ تساؤل. فبين الأحكام المخفّفة أحيانًا والتأخّر في المحاكمات، قد يجد بعض العملاء ثغرات قانونيّة تخفّف عنهم العقوبات. في المقابل، فإنّ إسرائيل نجحت في استقطاب بعض الأفراد من داخل صفوف حزب الله أو من بيئته الحاضنة، مستغلّة عوامل متعدّدة كالحقد الشخصيّ، الابتزاز، أو حتى الحاجة الماليّة.

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00