احتجاجات مايو 1968 في باريس التي تركت أثراً عالمياً (ا ف ب) عرب وعالم احتجاجات مايو 1968 الطلابية في فرنسا وسمت العصر by admin 15 سبتمبر، 2023 written by admin 15 سبتمبر، 2023 215 الباحث بيار روزنفالون يتتبع ثورة الأفكار الثقافية والسياسية وانعكاساتها اندبندنت عربية \ علي عطا يميز كتاب “تاريخنا الثقافي والسياسي 1968 – 2018” للمؤرخ وأستاذ علم الاجتماع الفرنسي بيار روزنفالون Pierre Rosanvallon، ثلاث لحظات كبرى في “حكاية سياسية وثقافية”، تخص الأعوام من 1968 إلى 2018. الأولى هي “لحظة الحماسة” التي تبعت احتجاجات مايو / أيار 1968 التي انطلقت من فرنسا ثم امتد تأثيرها إلى مناطق مختلفة من العالم. وتلك “اللحظة” وسمت أعوام السبعينيات. وبحسب ما أورده المؤلف في مقدمته للكتاب الذي صدر بالفرنسية عام 2018 وترجمته نجوى حسن أخيراً إلى العربية واصدره المركز القومي المصري للترجمة، فإنه باعتباره “شاهداً ومشاركاً” في تلك الأحداث، يسترجع البنية الثقافية والسياسية لليسار الثاني؛ “الذي صنع الأعوام العظيمة”. في هذا الكتاب يراجع بيار روزنفالون (1948) أحداث 1968 التي كان في العشرين من عمره عند اندلاعها، مستدعياً أفكاره وأفكار غيره بشأن تلك الأحداث، ومقتفياً أثرها الثقافي والسياسي، وكذلك الاقتصادي والاجتماعي، على مدى خمسين عاماً. وهو هنا يحتذي بمقولة: “لقد قمتُ بما عليّ” والتي استعملها ريشار هوغار في كتابه “33 شارع نيوبورت، سيرة ذاتية لمثقف” (1988): “أنا اجتهد، في هذا الكتاب، للانتقال من حكاية شخصية لبلوغ دلالة تتجاوز مستوى الفرد”. أعطى روزنفالون مقدمته عنوان المجموعة الشعرية لهنري ميشو “محن وتعاويذ”، “لأنها – أي تلك المجموعة – لا تنفك تطرح أسئلة باعتبارها النشيد المعذب والموجع لسوء طالع باعث للدوار، تحددت تخومه في الفترة من 1940 إلى 1944 للإشارة إلى طبيعته، فهي نشيد يتحدث عن “الوهن العام”، و”الحياة الحالكة السواد”، و”الرقاب المحنية”. لكن ميشو “كان بحاجة إل تعويذ أقوى من أجل إنجاز المهمة، وهو تعويذ يشحذ بالأحرى العقل، الذي ينتج، كما كتب، “مثل هذه الإثارة، ومثل هذا العنف الرائع…، وتُستبدل كرة هوائية وشيطانية بحالةٍ رائعة” ص 10. حكاية جاء وقت كتابتها الكتاب في ترجمته العربية (المركز القومي) ويضيف المؤلف متأملاً ما تلا “لحظة الحماسة”: أسائل نفسي طويلاً في المقام الثاني حول الاضطرابات التي وسمت أعوام الثمانينيات والتسعينيات، وأحلل أسباب كسوف رونق الحياة الثقافية وظروف اللهاث السياسي لليسار الثاني الذي صار أسيراً لوٍاقعيةٍ تمكّنتْ من أن تكون ضرورية، لكنها لم تكن كافية لتحديد سياسة ما. كما أتفحص هنا أيضاً الأشكال المختلفة للاسترخاء الذي وسم الأوساط السياسية والثقافية المختلفة خلال هذه السنوات: نقل الطموحات التي لم يعد البعض قادراً على إعلانها على الصعيد الوطني إلى أوروبا”. ويلاحظ أن عالم أعوام السبعينيات؛ “انقلب كلياً مع مقدم الرأسمالية المالية المعولمة، ونمط الإنتاج الذي نشأ مع تطور بنية سوق العمل وحتى مع طبيعة العمل التي طبّقها، وقام بتشويش التعابير التي كان بوسعنا فيها القيام بتحرير العمل”. وتحت عنوان “حكاية جاء وقت كتابتها”، يقول المؤلف: “فقط مع بداية القرن الحادي والعشرين تمكنّا من تناول المعيار الكامل لحركة نضج الحداثة التي بدأت معالمها الأولى في التعبير عن نفسها عام 1968. وقد ظهرت الأشياء جلية الآن، مع النظام الجديد الحالي، أي نظام تعريف تعابير عصر ثالث للتحرر، الذي يكمل العصر الأول للثورات المؤسسة – الأميركية والفرنسية والهاييتية على وجه الخصوص – والعصر الثاني للأفق الماركسي / الاشتراكي الديموقراطي، المتلازم مع توسع الرأسمالية الصناعية، التي وجدت صياغتها مع دخول القرن العشرين”. ويضيف: “هذا الإطار العام سمح بإعادة القراءة بشكل مفصل للوصلة الطويلة 1968 – 2018 وإسباغ معنى على الكشوفات، وكذلك على أشكال الشطط والتراجعات لهذه الحقبة”. وبالعودة لهذا التاريخ وللدورات الطويلة للحداثة (أي أشكال الرأسمالية وأشكال الديمقراطية ووضع الفرد) فهذا يحصل وضوحاً متزايداً في الوقت نفسه الذي يمكنه أيضاً أن يندرج في أفق جديد للطموح ويرتبط بنفس الدرجة؛ سواء ببرامج البحث أو بتفكير أكثر مؤسساتية حول أنماط عمل هذا العصر الثالث للانعتاق”. الكتاب بالأصل الفرنسي (دار سوي) الغرض من هذا الكتاب هو محاولة تجنب “لعنة”، بتعبير مؤلفه، باقتراح مفاهيم مناسبة لجعل الملامح العميقة لمجتمعاتنا مقروءة؛ من أجل إعادة رسم وجهة نظر تحررية. هنا تأتي حاجة ملحة؛ “لأنّ ما نعتبره تصدعاً زاحفاً للاقتصادات والمجتمعات يعمل منذ وقت طويل، وقد أضيف له الآن بالفعل احتمال وجود منظور إماتة متصاعدة للديمقراطيات، ذات المظاهر المتعددة، يشير لها مصطلح الشعبوية وغيره بشكل غير ملائم. كما يطغى شبح الإرهاب بظله المشؤوم مع كل الاضطرابات الناتجة عنه”. ويسأل: هل من الممكن إيجاد بديل للنيوليبرالية؟ ويؤكد في هذا الصد أن أفكار مايو التي خططت للثقافة السياسية الجديدة في مضمونها الجوهري لم تكن هي السبب في عدم إيجاد بديل للنيوليبرالية، بل يكمن السبب في عدم إتمامها، أو ابتسارها. وفرضية الابتسار هذه تردد أصداء “محاكمة” جيل دولوز وفيلكس غواتاري، التي تحدثت عن “عدم كفاءة المجتمع الفرنسي على تمثل مايو 68”. وهكذا يستدعي روزنفالون “احتضار اليسار”، في مواجهة تنامي “النيوليبرالية”، باعتبار أن في ذلك يكمن “مفهوم مختصر للعالم”، في أعقاب تلك “اللحظة اليسارية” التي هزت البلاد في 1968 وأحدثت آثارها الفكرية والسياسية والاجتماعية في السبعينيات. وبالعودة إلى الذاتي في الموضع يرى روزنفالون أنه انطلاقاً من اللحظة ذاتها؛ “أصبحت حياتي الفكرية والسياسية ممتزجة مع ما سمي وظيفة التاريخ”. ويقول: “لقد بدأتُ منذ زمن طويل معالجة التاريخ طويل المدى بصفتي فيلسوفاً سياسياً ومؤرخاً للأفكار، بما أن التاريخ على المدى القصير حاسم، تماماً – كما رأينا مع تضارب التفسيرات التي ميّزت النصف الأول من عام 2018 حول أحداث أيار / مايو التي أمكنني أن أشارك فيها كفاعل وشاهد، مع الحدود الموضوعية التي ينطوي عليها هذا، ولكن أيضاً مع فهم حساس”. الثقافة السياسية الجديدة بدت لمنظريها، ومنهم بيير روزنفالون، قادرة على وضع علامة لدخول عصر جديد من التحرر… “بعدها وصلت الأمور إلى طريق مسدود في أوائل الثمانينيات. وبدأ الأفق الذي رسموه، في التلاشي تدريجياً، وفي المرتبة الثانية عناصر اللغة التي صاغت هويتنا وفي مقدمها مصطلح “الإدارة الذاتية”. لم يكن هناك أي عنف في هذه الحركة، بل اتخذت شكل نوع من النعاس التدريجي، وتآكل سابق لأوانه”. ولكن كيف أفضى حماس مايو 1968 إلى بلبلة في عقدي الثمانينيات والتسعينيات، ثم إلى قدرية مع الألفية الثالثة؟ هل انغلق الأفق السياسي والثقافي؟ ولماذا انقاد اليسار لواقعية العجز أو لراديكالية عدم التكافؤ، إلى حد إفساح المجال للسيادية الجمهورية والشعبوية القومية كي تغزو العقول؟ في هذا الكتاب يتصدى بيير روزنفالون للإجابة على هذه الأسئلة بطريقتين وبوصفه مؤرخاً للأفكار وفيلسوفاً سياسياً، أخذ على عاتقه إعادة جرد الخمسين سنة الماضية ضمن التاريخ الطويل لمشروع التحرر الحداثي، فيما حققه، وفي وعوده التي لم تتحقق وإخفاقاته ولكونه فاعلاً وشاهداً يعرض قراءة استرجاعية للترنيمة التي رمز مايو 68 لتوهجها. ولمسيرته الشخصية والمشاريع السياسية والثقافية التي قام على توجيهها وللشخصيات التي رافقها وكانت تحيل بشكل كبير الى تاريخ اليسار الثاني، الذي ارتبطت مسيرته ضمن مسيرة اليسار بشكل عام، بمشهد احتضارها الراهن والآتي من عمق بعيد. المزيد عن: احتجاجات68باريسالطلابفرنساالأفكارقضايا سياسيةتحررالجامعات 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post بصمة البيانات… سبل الهرب من المراقبة الإلكترونية next post شكاوى العملاق أورسون ويلز من معاناة “شكسبيريات السينما” You may also like المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024 بعد قرار “الجنايات”… المصريون حائرون: هل “الإخوان” إرهابية؟ 28 نوفمبر، 2024 النزاع الإيراني- الإسرائيلي: دور روسيا “المحايد” على المحك 28 نوفمبر، 2024 بعد إعلان نتائج الانتخابات البلدية… هل حن الليبيون... 28 نوفمبر، 2024 مناطق لبنان المدمرة… قنابل موقوتة بما تحويه 28 نوفمبر، 2024 كيف قرأ سياسيو لبنان اتفاق وقف النار وهل... 28 نوفمبر، 2024 خريطة الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان وسيناريوهات الانسحاب 28 نوفمبر، 2024