أ.ف.ب / جدارية على الجدار الخارجي للسفارة الأميركية السابقة في طهران تُصوّر مسؤولا إيرانيا قبالة مسؤول أميركي، طهران في 8 أبريل 2025 عرب وعالم إيلي القصيفي يكتب عن: بين مسقط والرياض وأذربيجان… الصياغات الجديدة للمنطقة وآفاق الاستقرار by admin 17 أبريل، 2025 written by admin 17 أبريل، 2025 26 هل تسعى إدارة ترمب إلى “صفقة كبرى” أم اتفاقات “بالمفرق”؟ المجلة / إيلي القصيفي لقاءان مهمان على صلة بالتطورات في المنطقة عقدا الأسبوع الماضي. الأول حاز على تغطية إعلامية واسعة وهو اللقاء الذي جمع الوفدين الأميركي والإيراني في العاصمة العمانية مسقط للتفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني. والثاني لم يحظ بالكثير من الاهتمام وهو اللقاء الذي جمع الوفدين التركي والإسرائيلي في أذربيجان، لمحاولة التوصل إلى “آلية ثابتة لمنع وقوع احتكاكات بين الطرفين”، ورسم “الخطوط الحمراء” بينهما في سوريا. قبل هذين الاجتماعين عقد لقاء على صلة وثيقة بهما بين دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وقد كانت خلاصته الرئيسة أن الرئيس الأميركي الذي يسعى ليكون “رجل سلام”- على طريقته- مصمم على التفاوض مع إيران والتوصل إلى اتفاق معها، كما أنه يريد أن تمتد جهوده لـ”تحقيق السلام” إلى سوريا، حيث تدور مواجهة لم تكتمل معالمها بعد بين صديقيه رجب طيب أردوغان وبنيامين نتنياهو. لقاء آخر عقد، الأحد، لا يمكن التقليل من أهميته، جمع وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان ونظيره الأميركي كريس رايت الذي أعلن أن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من توقيع اتفاقية أولية للتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا النووية المدنية. هذا الإعلان يستعيد المناخات التي سادت في المنطقة إبان التوقيع على اتفاق 2015 بين إدارة باراك أوباما وإيران، والذي أثار مخاوف سعودية وعربية أثبتت التطورات اللاحقة مشروعيتها؛ وقتذاك ازداد الكلام عن سعي الرياض لبناء مشروع نووي مدني. لكن أهمية هذا الإعلان الآن أنه يأتي عشية الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي إلى الرياض منتصف مايو/أيار المقبل، وهي أولى زياراته الخارجية في ولايته الثانية، مع ما قد تحمله هذه الزيارة من كشف لعناوين الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط. والسؤال هنا هو هل يسعى ترمب لـ”صفقة كبرى” في المنطقة، وهذه مسألة تزداد تعقيدا كلما أمعنت إسرائيل في سياساتها العدوانية في الأراضي الفلسطينية والمنطقة، أم إنه يسعى إلى صفقات “بالمفرق” من ضمن تصور مرن لملامح المنطقة في الأمد المنظور، وتأجيل أو عدم الاكتراث بالحلول بعيدة الأمد؟ في السياق، كان لافتا رد الفعل الإسرائيلي على إعلان وزير الطاقة الأميركي من الرياض، إذ اعتبر زعيم المعارضة يائير لبيد أن على تل أبيب مطالبة واشنطن بفرض حظر صريح على تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية. وهو ما يؤشر إلى ارتباط ملفات المنطقة ببعضها البعض، من محاولة واشنطن توسيع عملية إدماج إسرائيل في المنظومة الإقليمية، إلى نتائج الحرب المتواصلة على قطاع غزة التي تعوق هذا الإدماج، إلى محاولة رسم خريطة جديدة لموازين القوة في المنطقة، بعد تراجع النفوذ الإقليمي لإيران. الضمانة الأميركية لم تكن كافية لإدارة التناقضات بين إسرائيل وسوريا في لبنان وإن كانت دائما حاضرة لمنع تفاقم النزاع بينهما إلى حدود الحرب المباشرة بيد أن الأهم، أن هذا الإعلان يحيل إلى خطة الإدارة الأميركية للتعامل مع الملف النووي الإيراني، على اعتبار أن ما يستشف من المواقف الأميركية هو أن واشنطن لا تسعى لتفكيك البرنامج النووي الإيراني على الطريقة الليبية كما تريد إسرائيل، بل إن ما تريده، راهنا، هو عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، وهذا ما أكدته طهران نفسها. أي إن إدارة ترمب لا تمانع في بقاء المشروع النووي الإيراني لأغراض مدنية، وهذا ما يثير مخاوف حقيقية في إسرائيل، لكن الأهم أنه يخلق زاوية جديدة لفهم التوازنات الإقليمية الجديدة وفق التصور الأميركي، وهو ما يندرج ضمنه إعلان الوزير رايت من الرياض الأحد. وفي المحصلة فإن الجامع المشترك بين كل هذه اللقاءات هو اللاعب الأميركي، الذي يسعى لهندسة المنطقة على طريقته ووفق ما يلائم مصالحه. وهذا جهد أميركي قديم جديد ويخضع لمتغيرات متواصلة، لكن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أعادت تزخيمه، تماما كما حصل بعد الغزو الأميركي للعراق الذي حمل مشروع “الشرق الأوسط الجديد” ولكنه انتهى إلى سيطرة إيران على أربع عواصم عربية هي العراق ودمشق وبيروت وصنعاء. أ.ف.ب / جندي إسرائيلي يتفقد دبابة قتالية من طراز ميركافا في موقع بمرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل على طول الحدود مع جنوب سوريا في 25 مارس والسؤال هنا، إذا كانت المنطقة الآن تسير في مسار عكسي، أي في مسار انحسار النفوذ الإيراني في الإقليم، فمن سيملأ الفراغ الذي تخلفه طهران، وكيف؟ المواجهة بين إسرائيل وتركيا في سوريا هي حلقة أساسية من المعركة على ملء هذا الفراغ، لكن يبدو أن هذه المواجهة ستكون مختلفة عن تلك التي شهدتها الأراضي السورية بين إيران وإسرائيل على مدى أكثر من عقد. الفارق الرئيس هنا أن واشنطن قد تلعب دور الوسيط بين تل أبيب وأنقرة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول الخطوط الحمراء لكلا الجانبين في سوريا، وهو اتفاق يذكّر باتفاق الخطوط الحمراء بين إسرائيل وسوريا في لبنان برعاية أميركية والذي مهدّ لدخول الجيش السوري إلى لبنان في عام 1976. لكن وكما حصل في لبنان بين 1976و1982 لناحية أن الضمانة الأميركية لم تكن كافية لإدارة التناقضات بين إسرائيل وسوريا على الأراضي اللبنانية لكنها كانت دائما حاضرة لمنع وقوع حرب مباشرة بينهما لم يكن أي منهما يريدها، فإنه من غير المستبعد أن يتكرر السيناريو نفسه في سوريا، بحيث لا تتمكن واشنطن من إدارة كل التناقضات بين تل أبيب وأنقرة على الأراضي السورية ولكنها ستكون قادرة على التدخل لمنع تفاقم المواجهة بينهما إلى نزاع عسكري مباشر، لا يبدو أيضا أن الطرفين يريدانه. الاعتداءات الإسرائيلية في سوريا ولبنان تتجاوز كل ادعاءات ضمان أمن إسرائيل إلى تحقيق أهداف إسرائيلية بعيدة المدى في المنطقة، وفي مقدمتها منع رسم خرائط النفوذ الإقليمية الجديدة بما لا يتوافق مع خريطة المصالح الإسرائيلية لكنّ التدخل الإسرائيلي في سوريا يحيل من أساسه إلى عنوان آخر لا صلة له البتة بالعناوين التي ترفعها تل أبيب لتبرير عدوانها المتمادي على الأراضي السورية، وهي عناوين بدأت أصوات إسرائيلية تشكّك فيها. إذ إن “المخاوف” الإسرائيلية في سوريا لا تتوفر لها أرضية تبريرية صلبة من الناحية العسكرية ولا من ناحية أولويات نظام الحكم الجديد في سوريا المعنية أساسا بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبحث عن أوسع قاعدة دعم عربي ودولي للحد من تفاقمهما. وهذا ما يدلّ على الاستراتيجية الإسرائيلية للتأثير في الواقع الإقليمي الجديد مدفوعة بنشوة القوة وبالدعم الأميركي المتواصل. حتى إن استمرار إسرائيل في خرق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان من خلال إبقاء قواتها في خمس نقاط حدودية ومواصلتها الاستهدافات الجوية (أودت بحياة 14 امرأة و9 أطفال منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي) واغتيال كوادر لـ”حزب الله”، رغم أنه لا شيء يؤكد أنهم كانوا يخططون للقيام بعمل عسكري ضدها. كل ذلك أيضا لا صلة له بـ”الهواجس الأمنية” الإسرائيلية، إذ يفترض أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار الذي جاء في مصلحتها قد بدد هذه “الهواجس”، ولكن إسرائيل تسعى من وراء كل ذلك إلى جمع ما أمكنها من أوراق لتعزيز مكانتها الإقليمية والتأثير في رسم الملامح الجديدة للمنطقة. أ.ف.ب / رجل دين شيعي يمر بجانب مبانٍ مدمرة جراء القصف الإسرائيلي في بلدة عيترون الحدودية بجنوب لبنان وفي المحصلة، فإنه كما أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قد تجاوزت، ومنذ أسابيعها الأولى، رد الفعل على عملية “حماس” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وتحولت إلى أداة لتحقيق أهداف إسرائيلية بعيدة المدى على الأراضي الفلسطينية وفي مقدمتها تقويض أي أساس جغرافي واجتماعي وسياسي لقيام دولة فلسطينية تتوفر لها مقومات البقاء، فإن الاعتداءات الإسرائيلية في سوريا ولبنان تتجاوز كل ادعاءات ضمان أمن إسرائيل إلى تحقيق أهداف إسرائيلية بعيدة المدى في المنطقة، وفي مقدمتها منع رسم خرائط النفوذ الإقليمية الجديدة بما لا يتوافق مع خريطة المصالح الإسرائيلية؛ بمعنى أن لا تشكل “وراثة” النفوذ الإيراني في المنطقة مخاطر استراتيجية جديدة على إسرائيل. وهذا يخلق تناقضات رئيسة بين القوى الإقليمية الصاعدة والتي فتح التغيير السوري الطريق أمامها لإثبات حضورها وتقوية نفوذها الإقليمي، وبين إسرائيل التي ما فتئت تلعب ورقة زعزعة الاستقرار الإقليمي، ولو على حساب اندماجها في المنطقة. أي إن الاستراتيجية الإسرائيلية الراهنة في الأراضي الفلسطينية وخارجها تؤكد أن تل أبيب لا تتمسك بمسارات التطبيع والسلام إذا كانت هذه المسارات تتعارض مع سياساتها في الأراضي الفلسطينية، على اعتبار أن هذه السياسات العدوانية أصبحت من ضرورات استمرار التحالف الحكومي اليميني الراهن. التسليم باستسلام إيران وأذرعها لا يبدو “منطقيا” حتى الآن، إذ إنه من الصعب الركون إلى نظرية استعداد إيران للعودة إلى داخل حدودها والتخلي نهائيا عن مشروعها التوسعي وعن أذرعها بالتالي، فإذا كانت إسرائيل قد أضعفت النفوذ الإيراني في المنطقة بوصفه مشكلة إقليمية، فقد غدت بذاتها مشكلة إقليمية متفاقمة وعلى نحو أكثر وضوحا من أي وقت مضى، لكأن المشكلة الإيرانية قد حجبت لفترة المشكلة الإسرائيلية، في انعكاس للدينامية المعقدة للمواجهة الإيرانية الإسرائيلية في المنطقة. وفي السياق، فإنه من الصعب تصور أنه يمكن طي صفحة الحرب على قطاع غزة بكل الجرائم والفظائع المروعة التي شهدتها كما لو أن إسرائيل تستطيع بسهولة أن تسلك مسارا تصالحيا مع الفلسطينيين وشعوب المنطقة، وهذا معطى رئيس في تقدير احتمالات الاستقرار الإقليمي. ثم إن التسليم باستسلام إيران وأذرعها لا يبدو “منطقيا” حتى الآن، إذ إنه من الصعب أيضا الركون إلى نظرية استعداد إيران للعودة إلى داخل حدودها والتخلي نهائيا عن مشروعها التوسعي لمجرد تفاقم المخاطر الداخلية التي تتهدد نظامها بفعل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها والتي كانت دافعها الرئيس للقبول بـ”عرض ترمب”. لكن ذلك لا يعني أن طهران لن تبحث عن فرص مستقبلية لإعادة تنشيط خلاياها في الإقليم. بيد أنه حتى الآن لا يبدو أن ذلك يشغل كثيرا بال ترمب الذي يبحث عن صورة جديدة وتوقيع جديد قد يكونان في طهران هذه المرة، طهران التي أعلنت ترحيبها بالاستثمارات الأميركية، ومن قال إن ترمب ومبعوثه ستيف ويتكوف يطمحان إلى أكثر من ذلك؟ أما الاستقرار في المنطقة فيمكن أن ينتظر سنوات أو عقودا إضافية، ما دام عدمه قليل التكلفة على أميركا، ولا يضير اليمين الإسرائيلي. المزيد عن: الشرق الأوسط سوريا الميليشيات الإيرانية تركيا لبنان اسرائيل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تلويح أردني بـ«حظر الإخوان»… ومساعٍ لفك ارتباطها بحزب جبهة العمل next post “شكاوى تاسو” الإيطالي بريشة الفرنسي ديلاكروا You may also like دلالات سعي إيران إلى التقارب الدبلوماسي والعسكري مع... 18 أبريل، 2025 هل تقود جامعة هارفارد أول تمرد كبير ضد... 18 أبريل، 2025 كواليس جلسة استجواب المشنوق في ملف انفجار مرفأ... 18 أبريل، 2025 قطع شريان التمويل عن “حماس” يشل بنيانها التنظيمي 18 أبريل، 2025 مصر تتراجع سكانياً… وعي مجتمعي أم ضغوط معيشية؟ 18 أبريل، 2025 مصر تجد نفسها في فوهة “فتوى” الجهاد المسلح 18 أبريل، 2025 طوفان آخر من الشرق… “خلية الأردن” بحسب إسرائيل 18 أبريل، 2025 تقرير: محامي الملكة إليزابيث أدار ثروة رفعت الأسد... 18 أبريل، 2025 القاضي الفيدرالي جيمس بواسبرغ.. كابوس ترامب 18 أبريل، 2025 هكذا نقل الأسد الأموال والوثائق السرّية والمقتنيات الثمينة... 18 أبريل، 2025