أ ف ب / دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، البيت الأبيض في 28 يناير 2020 عرب وعالم إيران وإسرائيل… الحرب الشاملة قد تكون حتمية by admin 14 يناير، 2025 written by admin 14 يناير، 2025 28 بيئة جيوسياسية مواتية المجلة / مجيد رفيع زاده انخرطت إيران وإسرائيل، طيلة عقود، في حرب خفية مديدة، تميزت بعمليات سرية وصراعات بالوكالة واتخاذ مواقف تتصف بتهديد استراتيجي. إلا أن ديناميات الصراع بينهما تغيرت إلى حد كبير عام 2024، مع تصاعد الأحداث من المناوشات الخفية إلى المواجهات المباشرة. ومع بداية عام 2025، تلوح نذر اندلاع حرب شاملة بينهما على نحو أكبر من أي وقت مضى. بدأ هذا التصعيد بسلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا، بينها ذلك الهجوم الكبير على القنصلية الإيرانية في دمشق. وردت إيران بإطلاق وابل هائل من الصواريخ الباليستية على إسرائيل. وأطلق ذلك دورة من الضربات المتبادلة، مما حول حرب الظل الطويلة الأمد بينهما إلى مواجهة أكثر علنية وأشد خطورة. وجاءت الأحداث اللاحقة لتزيد من التوترات بينهما. فالضربة الإسرائيلية المحدودة للبنية التحتية العسكرية في أصفهان، المدينة الإيرانية المهمة، تلاها مقتل زعيم “حماس” إسماعيل هنية في طهران، وهي العملية التي نسبت على نطاق واسع إلى القوات الإسرائيلية. فردت إيران التي أغضبها مقتل هنية على أراضيها وعدته إهانة لها، بموجة أخرى من الصواريخ الباليستية استهدفت بها الأراضي الإسرائيلية. وردا على ذلك، شنت إسرائيل هجوما واسعا ومكثفا على المنشآت العسكرية الإيرانية. وهكذا سعى كل جانب إلى تأكيد هيمنته، الأمر الذي دفع الصراع قريبا من هاوية خطيرة. الصمت الإيراني المحسوب: استراتيجي أم غير مستدام؟ امتنعت إيران عن الرد على الضربات الإسرائيلية الأخيرة، على الرغم من خطابها العدواني، وظلت صامتة على نحو واضح أكثر من شهر. إلا أن ضبط النفس هذا، حتى لو فاجأ الكثيرين، يعكس تحديات متعددة الأوجه تواجهه إيران على جبهات عدة. فعلى الصعيد الاقتصادي، تترنح إيران تحت وطأة تحديات اقتصادية عميقة، فاقمت من ثقلها سنوات من الضغوط المحلية والدولية. فقد قيد التأثير المعوق للعقوبات الدولية قدرة إيران على الوصول إلى الأسواق المالية العالمية. وهذه العقوبات مقرونة مع سوء الإدارة الداخلية المزمن والفساد المستشري، تركت الاقتصاد الإيراني في حالة من الانهيار الوشيك. إذ ارتفع معدل التضخم إلى مستويات مذهلة، مفضيا إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين العاديين وتسبب في إثارة الاستياء الشعبي واسع النطاق. كما تهاوت قيمة العملة الإيرانية بحدة مقابل العملات الرئيسة، مما جعل الواردات باهظة الثمن على نحو لا يطاق وفاقم من نقص السلع الأساسية، بما فيها الغذاء والدواء. إلى ذلك، لا تزال البطالة متفشية ولاسيما في أوساط الشباب، الذين يمثلون نسبة معتبرة من سكان إيران. ولم تؤدِ هذه المشاكل الاقتصادية إلى تقويض قدرة النظام على مواصلة تدخلاته العسكرية المطولة فحسب، بل تهدد أيضا استقراره الداخلي. تواجه الحكومة الإيرانية من الناحية الاجتماعية والسياسية، وضعا داخليا محفوفا بالمخاطر كما تواجه الحكومة الإيرانية من الناحية الاجتماعية والسياسية، وضعا داخليا محفوفا بالمخاطر. فقد شهدت السنوات القليلة الماضية اندلاع احتجاجات ضخمة ضد الحكومة في مختلف أنحاء البلاد، أججها اليأس من الوضع الاقتصادي والقمع السياسي والدعوات إلى مزيد من الحريات. وقد تؤدي حرب شاملة مع إسرائيل إلى إشعال فتيل هذه الإحباطات الكامنة وتفجيرها في انتفاضة شاملة، تهدد بقاء الجمهورية الإسلامية ذاتها. ويعي القادة الإيرانيون هذا الخطر بحدة، ويدركون أن عدم الاستقرار الداخلي قد يشل قدرتهم على الاستجابة بفعالية للتهديدات الخارجية. ثم جاء الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا، وخاطب فيه الشعب الإيراني مباشرة، ليفاقم من هذه الضغوط. وعدّت طهران دعوة نتنياهو إلى “إيران الحرة” محاولة استفزازية لتحريض الشعب على التمرد على النظام. وينظر المسؤولون الإيرانيون إلى تصريحات كهذه، على أنها جزء من استراتيجية أوسع، تتبناها إسرائيل والولايات المتحدة لزعزعة استقرار حكومتهم. ويزيد هذا التصور من تعقيد حسابات إيران، حيث ينبغي عليها أن توازن بين الحاجة إلى إظهار القوة من دون أن تفاقم الخلافات الداخلية. أ.ف.ب. / لوحة إعلانية لصواريخ بالستية إيرانية مع نص مكتوب في الأسفل باللغة العربية” الوعد الصادق” وبالفارسية” إسرائيل أوهن من من شبكة العنكبوت”، في ساحة ولي العصر بوسط طهران، 15 أبريل 2024 كما أن عودة دونالد ترمب إلى الرئاسة الأميركية، تشكل سببا آخر لتردد إيران في اتخاذ إجراء عسكري فوري ضد إسرائيل. ومع استعداد ترمب لتولي منصبه مرة أخرى، فمن المرجح أن تحسب إيران العواقب المحتملة لاستفزاز إدارة أميركية اتخذت تاريخيا موقفا متشددا من طهران. فغالبا ما دعمت سياسات ترمب إسرائيل بقوة، ومن المرجح أن تشهد عودته إلى السلطة استمرار دعمه لها، بل حتى زيادته. وقد يشجع هذا الحساب الاستراتيجي إيران على تبني نهج أكثر حذرا، وعلى تجنب اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقا تنخرط فيه الولايات المتحدة وإسرائيل، وسيكون كلاهما خصما هائلا في سيناريو كهذا. القيود العسكرية والحسابات الجيوسياسية أما على الصعيد العسكري، ومع أن إيران تمتلك قوة بشرية ضخمة، فإنها تواجه قيودا شديدة. فقدراتها التكنولوجية، وعلى الأخص في مجال الدفاع الجوي والأسلحة الدقيقة، لا ترقى إلى مستوى قدرات إسرائيل، التي تمتلك أنظمة دقيقة ومتطورة تدعمها بها الولايات المتحدة. والواقع أن ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية، على قوتها الهائلة، لا تكفي لمواجهة أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية المتقدمة كالقبة الحديدية ومقلاع داود. وهذا الخلل في الميزان العسكري يردع إيران عن الانخراط في حرب شاملة ليس لها فرصة كبيرة للفوز بها. وتبرز المقارنة بين القوات الجوية للدولتين هذا التباين. فالقوات الجوية الإسرائيلية تعد على نطاق واسع واحدة من أكثر القوات الجوية تقدما والأكثر تدريبا في العالم، مستفيدة من أحدث الطائرات المزودة بتكنولوجيا دقيقة ومتقدمة، مثل طائرات “إف-35-لايتنينغ-2” المقاتلة، وأسطول قوي من طائرات متعددة المهام وأنظمة حرب إلكترونية متطورة. وبفضل الموارد الأميركية الواسعة النطاق، بما في ذلك الوصول إلى معلومات استخباراتية فورية عبر الأقمار الصناعية، وقدرات متقدمة على التزود بالوقود جوا، فإن سلاح الجو الإسرائيلي قادر على تنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى وبفعالية واضحة. عودة دونالد ترمب إلى الرئاسة الأميركية، تشكل سببا آخر لتردد إيران في اتخاذ إجراء عسكري فوري ضد إسرائيل على النقيض من ذلك، يعتمد سلاح الجو الإيراني إلى حد كبير على طائرات قديمة، اشترتها إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979، ولم تستطع تحديثها على نحو كافٍ بسبب العقوبات. ومع أن إيران بذلت جهودا لتطوير مسيّرات محلية الصنع، فإن هذه الأصول تفتقر إلى التطور والتنوع التشغيلي الذي تتمتع به القوة الجوية الإسرائيلية. ولا تحد هذه الفجوة الكبيرة في القدرات الجوية من خيارات إيران الهجومية فحسب، بل تجعل بنيتها التحتية العسكرية أيضا عرضة للضربات الجوية الإسرائيلية، مما يزيد في رجحان ميزان القوى لصالح إسرائيل. ويزيد المشهد الجيوسياسي من تعقيد هذه التحديات. فسقوط حكومة الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 وجه ضربة قوية لنفوذ إيران الإقليمي. ومع الإطاحة بحليفها الرئيس، تعرقلت بشدة جهود إيران للحفاظ على وجودها في المنطقة. كما أن خسارة سوريا كموطئ قدم استراتيجي، يجبر إيران على إعادة تقييم طموحاتها الإقليمية والضغط على مواردها المحدودة بالأصل لمعالجة تداعيات هذه الخسارة. ويأتي تنصيب إدارة دونالد ترمب في 20 يناير/كانون الثاني 2025، ليزيد من التحديات الاستراتيجية التي تواجه إيران. فرئاسة ترمب مرادفة لسياسة “الضغط الأقصى” على إيران، التي تتميز بعقوبات صارمة عليها ودعم لا يتزعزع لإسرائيل. ويدرك قادة إيران تمام الإدراك أن أي تصعيد قد يدعو إلى تدخل أميركي مباشر، مما يزيد من ترجيح كفة إسرائيل. وهكذا فعودة إدارة مؤيدة بشدة لإسرائيل في واشنطن أعادت تشكيل الحسابات الاستراتيجية لإيران، مما أجبرها على التحرك بحذر. رويترز / نظام إسرائيلي مضاد للصواريخ يحاول اعتراض مسيرات إيرانية في عسقلان في 14 أبريل استراتيجية إسرائيل ومعضلة إيران ثمة إجماع متزايد في الدوائر السياسية الإيرانية، على أن إسرائيل تسعى متعمدة استفزاز إيران ودفعها إلى الحرب. وهذا الاعتقاد مترسخ في هواجس ساورت الإيرانيين منذ أمد بعيد، بأن إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان إلى تغيير النظام في طهران. لذا يخشى المسؤولون الإيرانيون من أنهم بتصعيد الصراع سيقعون في هذا الفخ المصمم خصيصا لإضعاف حكومتهم وتقليص نفوذها الإقليمي. وقد أدى هذا المنظور إلى اتباع إيران نهجا حذرا، ساعية إلى تجنب الإجراءات التي من شأنها أن تبرر تدخلا دوليا واسعا ضدها. ولكن هذا الضبط لا يخلو من المخاطر. فقد تفسر القاعدة المتشددة في إيران وشبكة حلفائها الإقليميين، هذا التقاعس المطول على أنه ضعف من إيران، وهو ما يضر مصداقيتها. لم يكن احتمال نشوب حرب شاملة بين إيران وإسرائيل، أعلى مما هو عليه اليوم، مع حلول عام 2025 وتشير تصرفات إسرائيل الأخيرة إلى تحول في استراتيجيتها في ظل قيادة نتنياهو. فقد فضلت إسرائيل تقليديا الانخراط في حرب ظل اعتمدت فيها على العمليات السرية والضربات الهادفة، لمواجهة التهديدات الإيرانية. إلا أن العام الماضي شهد ابتعادا ملحوظا عن هذا النهج. وتشير خطابات نتنياهو للشعب الإيراني والإجراءات العسكرية الإسرائيلية الجريئة المتزايدة إلى اعتقاد متزايد لدى الجانب الإسرائيلي بأن مخاوف إسرائيل الأمنية لا يمكن معالجتها دون تغيير جذري للحكومة الإيرانية. وتعكس هذه الاستراتيجية الجديدة، تقييما أوسع للديناميات الإقليمية والفرص التي توفرها عودة ترمب إلى السلطة. إذ تبدو إسرائيل، بوجود إدارة أميركية داعمة لها، أكثر استعدادا لتصعيد مواجهتها مع إيران، والانتقال من العمليات السرية إلى العمل العسكري المباشر. ويبدو أن حكومة نتنياهو عازمة على الاستفادة من هذه البيئة الجيوسياسية المواتية لإضعاف القدرات العسكرية والنووية الإيرانية إلى حد كبير. أ ف ب / نتنياهو مع قيادات في الجيش الإسرائيلي وسط قطاع غزة في 19 نوفمبر لم يكن احتمال نشوب حرب شاملة بين إيران وإسرائيل، أعلى مما هو عليه اليوم، مع حلول عام 2025. فقد أدى سقوط نظام الأسد إلى عرقلة طموحات إيران الإقليمية، بينما شجعت إعادة انتخاب ترمب القادة الإسرائيليين أكثر فأكثر. كما أن الصعوبات الاقتصادية التي تواجه إيران والاضطرابات الداخلية تزيد من تقييد قدرتها على الرد بشكل حاسم، مما يخلق مزيجا متقلبا من العوامل التي يمكن أن تشعل صراعا أكبر. وفي الوقت الراهن، يواصل الطرفان الاستعداد للأمر الذي لا مفر منه، وكل خطوة تقرب المنطقة من نقطة التحول. وستكون الأشهر القادمة حاسمة لتحديد هل سيتصاعد هذا الوضع المتقلب إلى حرب شاملة. المزيد عن: ة إيران إسرائيل ترمب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post سجال مصري حول إقرار البرلمان قانونا يسمح بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي next post نواف سلام: أنا ضد الإقصاء ويداي ممدودتان للجميع You may also like ماذا حمل فريق ترمب من وعود لنتنياهو ذللت... 14 يناير، 2025 نواف سلام يستقيل من عضوية محكمة العدل الدولية 14 يناير، 2025 حكم بسجن وزير داخلية سابق في الكويت 14... 14 يناير، 2025 “لقمة للقطة”… كيف تقبل المصريون أول إصلاح اقتصادي... 14 يناير، 2025 هل تطال العقوبات الأميركية على حميدتي صديقه حفتر؟ 14 يناير، 2025 ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف... 14 يناير، 2025 إسرائيل تستعد للموافقة عل الصفقة.. وتحركات في غزة 14 يناير، 2025 عالم يكشف سر نبوءة “الأعشاب” التي أنقذت الكثيرين... 14 يناير، 2025 مذكرات جندي كوري شمالي قُتل بحرب أوكرانيا تكشف... 14 يناير، 2025 كيف نفهم لبنان؟ 14 يناير، 2025