سرعان ما أصبح "إميلي في باريس" مرادفاً للمشاهدة السطحية (نتفليكس) ثقافة و فنون “إميلي في باريس” رحلة دراما من السخرية إلى القبول by admin 21 أغسطس، 2024 written by admin 21 أغسطس، 2024 44 رُفض المسلسل الذي تلعب بطولته ليلي كولينز بدور مديرة تسويق أميركية تتباهى في شوارع باريس، حتى قبل البدء بعرضه عام 2020، ولكنه تحول اليوم إلى أحد أكبر عروض “نتفليكس” اندبندنت عربية / رايتشل ماكغراث بعد أن سخر الفرنسيون والنقاد من مسلسل “إميلي في باريس“، اعتبر معظم الناس المسلسل غير جدير بالمشاهدة حتى قبل عرض حلقاته الأولى على نتفليكس. في عام 2020، ظهرت إميلي – مديرة التسويق الإيجابية جداً والمهووسة بوسائل التواصل الاجتماعي، والتي لعبت دورها ليلي كولينز، في شوارع باريس وعلى شاشاتنا، حاملة هاتفها، مدمنة على العمل ولا تتقن اللغة الفرنسية، مما جعل زملاءها الأوروبيين يشعرون بالاشمئزاز. لم يعتقد زملاء إميلي في العمل في شركة “سافوار” أنها ستبقى في باريس، وكذلك في الواقع، إذ لم يتوقع النقاد أن يستمر المسلسل طويلاً. ولكن، لا تزال إميلي تقضي أيامها في الدائرة الخامسة في باريس، وسيتم عرض الموسم الرابع قريباً. المسلسل لديه عشرات الملايين من المشاهدين (بحسب نتفليكس)، وحصل على ترشيحين لجائزة غولدن غلوب، وإن كان الترشيح قد حصل وسط فضيحة رشى. إذن، كيف وصلنا إلى هنا بعدما كان المسلسل قد رفض قبل أن يبدأ؟ مراجعات الموسم الأول كانت سيئة، إد كومينغ وصف في مقال كتبه لـ”اندبندنت” مسلسل “إميلي في باريس” أنه “بلا معنى” و”مروع”، ثم وضع قائمة شاملة بالأشخاص الذين لن يستمتعوا به، وختمها بالقول: “أي شخص تناول كرواسون من قبل”. ومع ذلك، فقد استمتعنا به، وتم تأكيد إنتاج الموسم الثاني بسرعة وعندما بدأ التصوير، أعلنت “نتفليكس” أن 58 مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم “اختاروا مشاهدة” الموسم الأول في غضون 28 يوماً من عرضه لأول مرة (من المهم ملاحظة أن المنهجية وراء أرقام خدمة البث كانت موضع تساؤل – وتم تغييرها لاحقاً – حيث كان يعتبر مشاهدة بضع دقائق فقط من العرض أمراً كافياً للشركة لإحصاء المستخدم كمشاهد). لا شك أن توقيت وصول الموسم الأول أسهم في شعبيته التي تحدت المراجعات، فقد عرض لأول مرة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020 حيث كنا في بداية ما تبين أنه شتاء كئيب جداً خلال فترة الجائحة. في المملكة المتحدة، كان البرنامج الحكومي “تناول الطعام في الخارج للمساعدة” Eat Out to Help Out [برنامج حكومي بريطاني في أغسطس 2020 سعى لدعم قطاع الضيافة أثناء الجائحة عبر تقديم حسومات للأشخاص الذين يأكلون في المطاعم ويرتادون الحانات] وكأنه مجرد ذكرى بعيدة، وكنا ندفع ثمن تناولنا الطعام في الخارج تحت أشعة الشمس، مع ارتفاع حالات الإصابة بـ”كوفيد19″ وأعداد الوفيات، كذلك كانت حالات التسريح من العمل بأعلى معدل لها منذ عام 2009 وعادت صفقة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي إلى عناوين الأخبار. ثم، ظهرت إميلي الأميركية العشرينية المبتسمة التي انتقلت إلى باريس وهي تجهل الثقافة الفرنسية تماماً، لكنها كانت مع ذلك مبتهجة بشكل مزعج وترتدي دوماً أزياء مبالغ فيها بشكل مثير للإعجاب. والأمر الأساس هو أن كوفيد لم يكن موجوداً في باريس التي تعيش فيها إميلي، ولا تخفيضات موازنة التسويق أو السياسة. تماماً مثل مسلسلات “نتفليكس” الرائدة الأخرى مثل “التربية الجنسية” Sex Education و”البرتقالي هو الأسود الجديد” Orange Is the New Black، فإن عالم العرض هو مكان يمكن التعرف عليه (وفي هذه الحالة، مكان حقيقي) ولكنه خارج عن الزمان بشكل متعمد، مع عدم وجود أي إشارة إلى قضايا العالم الحقيقي الأوسع (لقد وجدت إشارة واحدة فقط في المواسم الثلاث، عندما قال حبيب إميلي المصرفي البريطاني إلفي، الذي يلعب دوره لوسيان لافيسكونت، أنه يعمل على نوع من صفقة مصرفية مرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي). إميلي لم ترتد أبداً سروالاً رياضياً وكنزة متسخة لتسترخي أمام التلفزيون، ولكن هذا ما فعله المشاهدون (بما في ذلك أنا) مع وجود القليل جداً من الأمور الأخرى للقيام بها. لم يكن حاداً مثل مسلسل “الخلافة” Succession أو قادراً على جذب الانتباه مثل مسلسل “فتيات” Girls من تأليف لينا دونهام، لكن الموسم الأول من “إميلي في باريس” فعل ما كان من المفترض أن يفعله – جذب أعداداً كبيرة من المشاهدين. كولينز مع لوكاس برافو الذي يلعب دور “الشيف الوسيم” غابرييل (ستيفاني برانشو/نتفليكس) سرعان ما أصبح العرض مرادفاً للمصطلح الجديد “التلفزيون المحيطي” ambient TV [مصطلح يستخدم للإشارة إلى العروض التي من الممكن مشاهدتها من دون التركيز في المحتوى]. وكما أوضحت مجلة “نيو يوركر” The New Yorker باختصار، “الغرض من ’إميلي في باريس‘ هو توفير محيط (أجواء) للتحديق في هاتفك وتحديث منشوراتك [صفحات التواصل الاجتماعي]”. كما اعتبرت المجلة أن حبكة المسلسل كانت “ضعيفة للغاية بحيث لا يمكن أن تكون مربكة على الإطلاق”. والحق أن “نتفليكس” تقدم كثيراً من “التلفزيون المحيطي” عبر أنواع أخرى من العروض أيضاً -مثلاً “الترتيب مع ماري كوندو” Tidying Up With Marie Kondo أو مئات الحلقات من “تحت سطح السفينة” Below Deck التي حصلت على حق بثها. كذلك يعد “إميلي في باريس” مثالاً رئيساً على مجال آخر في “نتفليكس” وهو المحتوى المصمم للخوارزمية. بفضل 277 مليون مشترك في خدمة البث عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم، لدى “نتفليكس” إمكانية الوصول إلى كنز لا مثيل له من بيانات المستخدمين، والتي تستخدمها في اتخاذ قرارات لدعم المشاريع التي تتوقع أن تحقق أرقاماً جيدة بحسب البيانات. وهذا يعني إلى حد كبير إنشاء مزيد من الشيء نفسه ودفع المشاهدين لمشاهدته. بعد إعادة مشاهدة “إميلي في باريس” أخيراً قبل عرض الموسم الرابع، أصبحت الاقتراحات على صفحتي الرئيسة لعروض أخرى بسيطة وخفيفة. من بينها مسلسل “شارع فاير فلاي” Firefly Lane، وهو “دراما مؤثرة عن صداقة تمتد لعقود من الزمان”، وفيلم “هارب إلى الحب”Find Me Falling، وهو كوميدي رومانسي عن نجم روك ينتقل إلى البحر الأبيض المتوسط للعثور على نفسه، لكن ينتهي به الأمر “بإعادة شغف حب قديم”، كلا العرضين لا يبدوان مثيرين للاهتمام. في فرنسا، لم يعجب المشاهدون جداً بالمسلسل عندما عرض الموسم الأول منه، ووصفه مستخدمو “تويتر” في فرنسا بالـ”سخيف”، بينما كتبت محطة الإذاعة الوطنية “أر تي أل” RTL على موقعها على الإنترنت أن سكان باريس يجدون صعوبة في التعرف على حياتهم اليومية [مقارنة مع مشاهد المسلسل] بسبب “القبعات وفساتين الكوكتيل والشوارع التي لا تشوبها شائبة”. وحقيقة، لا يظهر أي من جرذان المدينة البالغ عددهم 4 ملايين في باريس التي تعيش فيها إميلي، كما أن السياح غائبون بصورة ملحوظة. وبعد فترة وجيزة، ظهر السؤال حول ما إذا كانت “نتفليكس” والمؤلف دارين ستار، الذي كتب أيضاً مسلسل “الجنس والمدينة” Sex and the City، متقصدين لهذا الأمر. وقرر المشاهدون الفرنسيون، وربما هم معنيون أكثر من غيرهم، بالإجابة عن السؤال. فلورنس كوبري، وهي مديرة تنفيذية فرنسية في مجال التسويق، قالت لصحيفة “نيويورك تايمز” New York Times: “هذا مسلسل عن الكليشيهات المتطرفة، كليشيه تلو الآخر، ومن الواضح أن من صنع هذا المسلسل يستمتع بالكليشيهات. وبصفتنا مشاهدين، فإننا نتعرض للخداع هنا”. لا أحد يتابع “إميلي في باريس” من أجل قصة محفزة للتفكير أو بسبب شخصيات معقدة. هذا ليس مسلسل “بيت من ورق” – وهذا بالضبط سبب شعبيته تحسن “إميلي في باريس” في موسميه الثاني والثالث، على رغم استمرار الكليشيهات- مما يدعم ادعاء كوبري. قررت إميلي المغتربة المرحة- التي أصبحت أيضاً مؤثرة [على وسائل التواصل الاجتماعي] – أخيراً تحسين لغتها الفرنسية لتتجاوز كلمة “أونشانته” enchanté [يسرني لقاءك]. والتقت بالشاب اللندني الجذاب المحب للبيرة إلفي في درس اللغة الفرنسية، مما منحنا استراحة قصيرة من قصة “هل سيبدآن بالمواعدة أم لا” المرهقة مع جارها الشيف غابرييل (لوكاس برافو). من ناحية أخرى، ازدهرت حياة صديقة إميلي المفضلة ميندي (أشلي بارك) من خلال سلسلة من العروض الموسيقية، إذ تحولت من متسابقة صينية مكافحة في موسيقى البوب في منفاها الاختياري إلى طامحة في مسابقة “يوروفيجن”، بعد عروض كمتجولة وكمغنية في نادي الجاز. كذلك حصل زملاء إميلي الفرنسيون على ما يستحقونه منذ البداية: قصص أكثر شمولاً بعيداً من المديرة التنفيذية المهووسة بالعمل التي كرهوها علناً لفترة طويلة [إميلي]. كما بدأوا في التحدث باللغة الفرنسية بشكل أكثر تكراراً، وهو ما طال انتظاره أيضاً، على رغم أن الترجمة جعلت من الصعب علينا نحن غير الناطقين بالفرنسية النظر إلى هواتفنا أثناء “المشاهدة”. كذلك ظهرت قصة عن خلفية رئيسة إميلي في العمل، سيلفي (فليبين لوروي بوليو)، التي كانت دوماً الشخصية الأكثر إثارة للاهتمام، ولديها أفضل المحادثات في المسلسل. وعلى رغم ذلك، استمر تكليف شخصيتها بقصص مبتذلة، حيث واعدت حبيباً أصغر سناً، وقاتلت (وانتصرت على) كبار الشركات الأميركية بطرقها الفرنسية، ودخنت أكبر عدد ممكن من السجائر تسمح به هيئات تنظيم التلفزيون. رئيسة إميلي الأميركية مادلين (كيت والش) – السبب الرئيس لوجودها في باريس في المقام الأول – سافرت إلى فرنسا من شيكاغو على متن الطائرة رغم حملها المتقدم، وخاضت حرباً مع سيلفي وسافوار، وأنجبت، ثم عادت إلى الولايات المتحدة بعد أن دمرت الشركة فعلاً. كانت إحدى المزايا المفاجئة لإقامتها في فرنسا هي أنها جعلت شخصية كولينز تبدو أكثر ملاءمة لأوروبا حقاً. مشاهدة المسلسل على حقيقته (بدلاً من التأمل برؤية دراما مليئة بالأخطار أو حتى مجرد قصة ذات مغزى)، جعلت النقاد أكثر ترحيباً. وهذا ما منح ناقدنا [إد كومينغ] مخرجاً، فأعطى الموسم الثاني خمس نجوم، ووصفه بأنه “هروب غير ضار” واعترف بأنه “ناجح بطريقته الخاصة”. تمت مشاهدة 117.6 مليون ساعة من الموسم الثالث في سبعة أيام، بحسب “نتفليكس”، مع دخول العرض قائمة أفضل 10 عروض على منصة البث، وحصوله على المرتبة الثانية ولم يتفوق عليه سوى مسلسل “وينسداي” Wednesday. بالنسبة للحلقات القادمة، ستلتزم “نتفليكس” بطريقة الإصدار التي جربتها في السنوات الأخيرة – تقسيم الموسم إلى نصفين وطرحه على دفعتين. من خلال القيام بذلك، تأمل في خلق ضجة حول العرض تدوم لفترة أطول، مقارنة بضجة طرح الموسم كاملاً في نفس اليوم. إنها خطوة تسويقية محسوبة من المؤكد أن إميلي نفسها ستعجب بها [في إشارة إلى أنها مسؤولة تسويق في المسلسل]. بحسب ما رأيت، سيكون هناك المزيد من الملابس المبالغ فيها في هذا الموسم، بما في ذلك بدلة تشبه الزي الشهير في فيلم “بيتلجوس” Beetlejuice، إضافة إلى المناقشات حول ما إذا كان غابرييل هو الحب الحقيقي لإميلي، وجرعة كبيرة من الكلمات الحكيمة أو اللاذعة من سيلفي (يعتمد الأمر على مزاجها). أي سيكون مزيد من الشيء نفسه، ولكن ربما يكون الأمر الرئيس هو أن هذا غير مهم حقاً. لا أحد يتابع مسلسل “إميلي في باريس” من أجل قصة محفزة للتفكير أو بسبب شخصيات معقدة. هذا ليس مسلسل “بيت من ورق” House of Cards – وهذا بالضبط سبب شعبيته. أخيراً، كشف استطلاع رأي شكلي لصديقاتي النساء أن كل واحدة منهن تقريباً شاهدت مسلسل “إميلي في باريس” وكانت تخطط لمشاهدة الحلقات الجديدة- الأمر الذي فاجأني حقاً، لأنه لم يسبق لنا أن تحدثنا عن المسلسل. لخصت إحداهن- وهي طبيبة نفسية حاصلة على درجة الدكتوراه من أكسفورد- جاذبية العرض على أفضل وجه، إذ قالت: “مسلسل ’إميلي في باريس‘ رائع لأن كل شيء دائماً على ما يرام في النهاية. وهذا ما أحتاجه في العالم”. لا نستطيع المجادلة حول ذلك. الجزء الأول من الموسم الرابع من مسلسل “إميلي في باريس” متاح للمشاهدة على “نتفليكس” منذ 15 أغسطس (آب). © The Independent المزيد عن: إميلي في باريسنتفليكسباريسأفلام ومسلسلات 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post Business groups call on federal government to prevent rail work stoppage next post “الدراغ كوين”… من حضن المسرح إلى احتضان المثلية You may also like فلسطين حاضرة في انطلاق مهرجان القاهرة السينمائي 14 نوفمبر، 2024 أنجلينا جولي تواجه شخصية ماريا كالاس في فيلم جديد 14 نوفمبر، 2024 المسرح الباريسي يتذكر شوينبرغ من خلال 12 حياة... 14 نوفمبر، 2024 الكنز المفقود… ماذا يخفي نهر النيل؟ 13 نوفمبر، 2024 سيمون فتال: السومريون أنتجوا أجمل الفنون وهي الأساس 13 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: نصبان جنائزيان من مقبرة... 13 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: أي دور للكتاب والمبدعين... 13 نوفمبر، 2024 كيف تستعيد الجزائر علماءها المهاجرين؟ 12 نوفمبر، 2024 مثقفان فرنسيان يتناقشان حول اللاسامية في “المواجهة” 12 نوفمبر، 2024 مكتبة لورين غروف تتحدى حظر الكتب في أرض... 12 نوفمبر، 2024