عرب وعالمعربي إثيوبيا والسودان: لماذا تتنازعان على منطقة الفشقة؟ by admin 7 يناير، 2021 written by admin 7 يناير، 2021 22 BBC / أليكس دي وال / محلل في الشؤون الأفريقية تعد الاشتباكات المسلحة على طول الحدود بين السودان وإثيوبيا أحدث تطور في تاريخ من التنافس المستمر منذ عقود بين البلدين، رغم أنه من النادر أن يقاتل الجيشان الإثيوبي والسوداني بعضهما البعض مباشرة للسيطرة على الأراضي. ويدور النزاع بينهما حاليا حول منطقة تعرف باسم الفشقة حيث يلتقي شمال غرب منطقة أمهرة الإثيوبية بولاية القضارف في السودان. وعلى الرغم من أن الحدود التقريبية بين البلدين معروفة جيدا، يحب المسافرون أن يقولوا إن إثيوبيا تبدأ عندما تفسح السهول السودانية الطريق للجبال الإثيوبية. يذكر أنه نادرا ما يتم ترسيم الحدود الدقيقة على الأرض. معاهدات الحقبة الاستعمارية إن الحدود في القرن الأفريقي متنازع عليها بشدة، وقد خاضت إثيوبيا حربا مع الصومال عام 1977 على منطقة أوغادين المتنازع عليها. وفي عام 1998، حاربت إثيوبيا إريتريا على قطعة صغيرة من الأرض المتنازع عليها تسمى بادمي. وقتل نحو 80 ألف جندي في تلك الحرب التي أدت إلى مرارة عميقة بين البلدين، خاصة وأن إثيوبيا رفضت الانسحاب من بلدة بادمي على الرغم من أن محكمة العدل الدولية منحت معظم هذه الأراضي لإريتريا. وقد أعادت القوات الإريترية احتلال المنطقة خلال القتال في تيغراي في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2020. وبعد حرب عام 1998، قام السودان وإثيوبيا بإحياء محادثات كانت قد دخلت في سبات منذ أمد طويل ليحددا بدقة حدودهما التي يبلغ طولها 744 كيلومترا. وفي هذا الإطار، كانت الفشقة هي أصعب منطقة لتسوية الخلاف حولها، فوفقا لمعاهدات الحقبة الاستعمارية لعامي 1902 و 1907 تمتد الحدود الدولية إلى الشرق منها. وهذا يعني أن الأرض ملك للسودان، لكن الإثيوبيين استقروا في المنطقة حيث مارسوا الزراعة وهم يدفعون ضرائبهم للسلطات الإثيوبية. “إدانة الاتفاق بوصفه صفقة سرية” وصلت المفاوضات بين الحكومتين إلى حل وسط في عام 2008 حيث اعترفت إثيوبيا بالحدود القانونية، لكن السودان سمح للإثيوبيين بالاستمرار في العيش هناك دون عائق. لقد كانت حالة كلاسيكية لـ “الحدود الناعمة” التي تمت إدارتها بطريقة لا تسمح لموقع “الحدود الصلبة” بتعطيل سبل عيش الناس في المنطقة الحدودية حيث ساد تعايش لعقود حتى طالبت إثيوبيا بخط سيادي نهائي. وترأس الوفد الإثيوبي إلى المحادثات التي أدت إلى تسوية عام 2008 آبي تسيهاي، المسؤول الكبير في جبهة تحرير شعب تيغراي. وبعد الإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي من السلطة في إثيوبيا في 2018، أدان زعماء عرقية الأمهرة الاتفاق، ووصفوه بأنه صفقة سرية، وقالوا إنه لم تتم استشارتهم بشكل صحيح بشأن ذلك الاتفاق. ولكل جانب قصته الخاصة حول ما أشعل الاشتباك في الفشقة، لكن ما حدث بعد ذلك ليس محل خلاف، فقد طرد الجيش السوداني الإثيوبيين وأجبر القرويين على إخلاء أماكنهم. GETTY IMAGES تعهد قادة الجيش السوداني بالتمسك بالمنطقة المتنازع عليها وفي قمة إقليمية عقدت في جيبوتي في 20 ديسمبر / كانون الأول الماضي، أثار رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك الأمر مع نظيره الإثيوبي آبي أحمد. وقد اتفقا على التفاوض، لكن لكل منهما شروط مسبقة مختلفة، فإثيوبيا تريد من السودانيين تعويض المتضررين، فيما يريد السودان العودة إلى الوضع السابق. وبينما كان المندوبون يتحدثون، وقع اشتباك ثان ألقى السودانيون باللوم فيه على القوات الإثيوبية. وكما هي الحال مع معظم النزاعات الحدودية؛ لدى كل طرف تحليل مختلف للتاريخ والقانون وكيفية تفسير المعاهدات القديمة، كما أن هذا النزاع يعد أيضا أحد أعراض مشكلتين أكبر أثارتهما التغييرات السياسية التي قام بها آبي أحمد. المطالبات الإقليمية في تيغراي والإثيوبيون الذين يسكنون الفشقة هم من عرقية الأمهرة، وهي القاعدة الانتخابية التي يربط آبي أحمد عربته السياسية بها بشكل متزايد بعد أن فقد دعما كبيرا في مجموعته العرقية الأورومو، وهي المجموعة العرقية الأكبر في إثيوبيا، فيما أن الأمهرة هي ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا وتحدر منها حكامها التاريخيين. وبتشجيع من انتصارات الجيش الفيدرالي في الصراع ضد جبهة تحرير شعب تيغراي على مدى الشهرين الماضيين، أعلن الأمهرة مطالب إقليمية في تيغراي. فبعد انسحاب جبهة تحرير شعب تيغراي وملاحقتها على أيدي ميليشيات الأمهرة، رفعت تلك الميليشيات أعلامها ووضعت لافتات على الطريق كتب عليها “مرحبا بكم في أمهرة”. GETTY IMAGES ، تحركت قوات وميليشيات الأمهرة إلى مركز حميرة الزراعي في تيغراي والمتاخم لإريتريا وقد حدث ذلك في الأراضي التي تطالب بها ولاية أمهرة لكنها خصصت لتيغراي في التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت جبهة تحرير شعب تيغراي في السلطة في إثيوبيا. ويتبع صراع الفشقة النمط نفسه في المطالبة بالسيادة، باستثناء أنه لا يتعلق بالحدود الداخلية لإثيوبيا بل بالحدود مع دولة مجاورة. ويعد الفشل في حل هذه المسألة سلميا نتيجة غير مباشرة لانقلاب آخر لسياسة آبي أحمد ويتعلق الأمر هنا بالعلاقات الخارجية لإثيوبيا. فعلى مدار 60 عاما، كان الهدف الاستراتيجي لإثيوبيا هو احتواء مصر، ولكن قبل عام مد آبي يد الصداقة. فكلا البلدين يعتبران نهر النيل مسألة وجودية. وتعتبر مصر إقامة سدود في دول المنبع تهديدا لحصتها من مياه النيل التي حصلت عليها بمقتضى اتفاقيات الحقبة الاستعمارية، بينما تعتبر إثيوبيا النهر مصدرا أساسيا للطاقة الكهرومائية اللازمة لتطورها الاقتصادي. وقد وصل الخلاف إلى ذروته بشأن بناء سد النهضة الإثيوبي الضخم. GETTY IMAGES عندما ينتهي العمل في بناء سد النهضة سيكون الأكبر في أفريقيا وكان حجر الأساس للدبلوماسية المائية لوزارة الخارجية الإثيوبية عبارة عن شبكة من التحالفات مع دول المنبع الأفريقية الأخرى بهدف تحقيق اتفاق شامل متعدد البلدان بشأن تقاسم مياه النيل. وكان السودان في المعسكر الأفريقي حيث كان من المقرر أن يستفيد من سد النهضة من خلال التحكم في الفيضانات وزيادة مياه الري وتوفير كهرباء أرخص. ومن جانبها، أرادت مصر محادثات ثنائية مباشرة بهدف الحفاظ على حقها في غالبية مياه النيل بمقتضى اتفاقيات الحقبة الاستعمارية. وفي أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2019، توجه آبي أحمد لحضور القمة الروسية الأفريقية في سوتشي حيث التقى على هامش تلك القمة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وفي اجتماع واحد وبدون حضور مسؤولين من وزارة الخارجية قلب آبي استراتيجية إثيوبيا بشأن مياه النيل. فقد وافق على اقتراح السيسي بأن تتوسط وزارة الخزانة الأمريكية في النزاع بشأن سد النهضة، حيث مال موقف الولايات المتحدة نحو مصر. GETTY IMAGES تأتي معظم مياه النيل الأزرق من روافد تأتي من المرتفعات الإثيوبية فإذا كان الزعيم الإثيوبي الشاب، الذي فاز للتو بجائزة نوبل للسلام لدوره في إنهاء التوترات مع إريتريا، قد اعتقد بأنه يمكنه أيضا تأمين اتفاق مع مصر فقد كان مخطئا. لقد حدث العكس حيث وضع الزعيم الإثيوبي الشاب، البالغ من العمر 44 عاما، نفسه في موقف صعب. وكان السودان ثالث دولة تمت دعوتها للتفاوض في العاصمة الأمريكية واشنطن، وبسبب تعرض الخرطوم للضغط الأمريكي لأنها كانت بأمس الحاجة إلى أمريكا لرفع العقوبات المالية التي كانت مفروضة عليها عندما تم تصنيف السودان “دولة راعية للإرهاب” عام 1993، مال السودان إلى الموقف المصري. وقد انقلب الرأي العام الإثيوبي على المقترحات الأمريكية واضطر آبي لرفضها، وبعد ذلك علقت الولايات المتحدة بعض المساعدات لإثيوبيا. وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن مصر قد “تفجر” السد، وأعلنت إثيوبيا منطقة حظر طيران فوق المنطقة التي يقع فيها سد النهضة. “نموذج زعزعة استقرار متبادلة” لا يستطيع آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام، تحمل المزيد من الخلافات مع مصر وسط الصراع في تيغراي والاشتباكات في الفشقة التي تثير أشباح تاريخ طويل من الخصومة بين إثيوبيا والسودان. ففي الثمانينيات من القرن الماضي، قامت إثيوبيا الشيوعية بتسليح المتمردين السودانيين بينما ساعد السودان الجماعات المسلحة العرقية القومية بما في ذلك جبهة تحرير شعب تيغراي. وفي التسعينيات من القرن الماضي، دعم السودان الجماعات الإسلامية المتشددة بينما دعمت إثيوبيا المعارضة السودانية. وفي ظل الاشتباكات المسلحة والاضطرابات في أجزاء كثيرة من إثيوبيا، بينما مازالت اتفاقية السلام الأخيرة التي أبرمها السودان مع المتمردين في دارفور وجبال النوبة غير مكتملة، فبالتالي يمكن لكل بلد أن يعود بسهولة إلى هذا النمط القديم من تبادل زعزعة الاستقرار. GETTY IMAGESفر عشرات الآلاف من الأشخاص من الصراع في تيغراي إلى السودان وكانت العلاقات بين السودان وإثيوبيا قد وصلت إلى أدفأ درجاتها عندما سافر آبي إلى الخرطوم في يونيو/حزيران من عام 2019 لتشجيع المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية والجنرالات السودانيين على التوصل إلى اتفاق بشأن حكومة مدنية بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير. لقد كانت مبادرة مميزة لآبي أحمد، رفيعة المستوى وفردية بالكامل، وكانت بحاجة إلى إضفاء الطابع الرسمي من خلال الهيئة الإقليمية “إيغاد” والثقل الدبلوماسي الكبير للآخرين؛ بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والدول العربية والولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق نتائج. وقد حاول رئيس الوزراء السوداني حمدوك رد الجميل من خلال عرض المساعدة في حل الصراع الإثيوبي في تيغراي، وقد تم رفض عرضه مؤخرا في قمة 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي حيث أصر آبي على أن الحكومة الإثيوبية ستتعامل مع شؤونها الداخلية بنفسها. ومع استمرار تدفق اللاجئين من تيغراي إلى السودان، حاملين معهم قصص الفظائع هناك والجوع، قد يجد رئيس الوزراء الإثيوبي صعوبة أكبر في رفض الوساطة. كما أنه يخاطر بإشعال جولة جديدة من العداء عبر الحدود بين إثيوبيا والسودان مما يعمق الأزمة في المنطقة. (أليكس دي وال هو المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس في الولايات المتحدة). 1 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ما مغزى تحذير ترمب والبنتاغون من تدخل الجيش في الانتخابات؟ next post لماذا يختلف موعد الاحتفال بعيد ميلاد المسيح في أنحاء العالم؟ You may also like هيئة البث الإسرائيلية: الاتفاق مع لبنان تم إنجازه 24 نوفمبر، 2024 تفاصيل خطة إسرائيل لتسليم إدارة غزة إلى شركات... 24 نوفمبر، 2024 حزب الله وإسرائيل يتبادلان الضربات في استعراض الكلمة... 24 نوفمبر، 2024 صواريخ حزب الله تصل الضفة الغربية وتصيب طولكرم 24 نوفمبر، 2024 أكسيوس: هوكستين يهدد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل... 24 نوفمبر، 2024 ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟ 24 نوفمبر، 2024 علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل 24 نوفمبر، 2024 جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم... 24 نوفمبر، 2024 هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً... 24 نوفمبر، 2024 ابتعاد النظام السوري من “محور الممانعة”… استراتيجي أم... 24 نوفمبر، 2024 1 comment Lamborghini interior design 28 يوليو، 2024 - 9:07 م I found this article to be very eye-opening. Thanks for sharing. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.