ثقافة و فنونعربي أورهان باموق يستوحي كورونا ليروي الطاعون التركي في 1900 by admin 6 مايو، 2021 written by admin 6 مايو، 2021 21 “ليالي الوباء” روايته الجديدة تثير حفيظة الدولة لنقدها حكم عبد الحميد الثاني آخر السلاطين العثمانيين اندبندنت عربية / كاتيا الطويل @katiatawil بينما يهجع العالم تحت وطأة مأزق “كوفيد 19″، هذا الوباء الفتاك الذي احتارت أمامه العقول وعجزت إزاءه المختبرات والتجارب العلمية، يختار الكاتب التركي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 2016، أورهان باموق أن يرمي على كاهل قارئه موجة وباء ثانية، أو بالأحرى أولى، سبقت “كوفيد 19″، وهي جائحة كارثية عرفتها البشرية أوائل القرن العشرين. ففي روايته الصادرة حديثاً بالتركية والتي ستصدر بترجمتها الإنجليزية في العام المقبل “ليالي الوباء” (Veba Geceleri – Nights of Plague) يقدم باموق رواية تعالج قضية وباء نزل بتركيا في عهد السلطان عبد الحميد الثاني وهو فعلياً آخر سلطان من سلاطين آل عثمان الذين امتلكوا سلطة فعلية أو شبه فعلية. ويُعتبر أورهان باموق الذي ولد في إسطنبول عام 1952 ونشأ في كنف عائلة ثرية تنتمي إلى الطبقة العليا من المجتمع، راوي إسطنبول وأحد أبرز الكتاب الأتراك العالميين في عصرنا الحاضر وأكثرهم مبيعاً. فعدا عن الترجمات إلى لغات تفوق الستين لغة، فباموق هو الكاتب التركي الأول والوحيد الذي فاز بجائزة نوبل للآداب وهو أكثر الكتاب الأتراك شهرة وتأثيراً، وذلك بحسب استطلاع مفتوح أجرته مجلتا Prospect Magazine وForeign Policy عام 2008، وتبين على إثره أن باموق هو رابع أكثر شخص مؤثر فكرياً في عالمنا المعاصر. رواية الوباء قبل الوباء يقول باموق في مقابلة أجرتها معه صحيفة The Economist البريطانية، إنه دأب على كتابة هذا العمل قبل بداية “كوفيد 19” ومنذ حوالى خمس سنوات، هو الذي كان يخمر فكرة روايته هذه في رأسه لمدة أربعين عاماً. ويعترف راوي إسطنبول أنه أعاد صياغة مقاطع من نصه بسبب الوباء الذي فتك بالعالم الواقعي المحيط به، واستوحى من الجو المحيط به ليعدل في نصه الأول. ومن الجدير بالذكر أن “كوفيد 19” أصاب باموق بصدمة قوية منعته عن الكتابة لمدة أسبوعين أو أكثر، فنزل به ذهول لما يحصل حوله ولتحولِ الخيال فجأة إلى واقع ملموس ومروي في نشرات الأخبار. الرواية بالتركية (دار يابي كريدي ياينلار) وأعرب باموق عن خوفه الأولي عند كتابة هذه الرواية من ألا يتفاعل معها القارئ نظراً إلى بعدها تاريخياً واجتماعياً عن الواقع المعيش. لكن ما لم يتوقعه أن تتكرر مأساة الـ1900 في القرن الحادي والعشرين، وأن تتحول أحداث روايته “ليالي الوباء” إلى أحداث الواقع الذي يستطيع أن يراقبه من خلف نافذته في إسطنبول. وقد اختار باموق أن يضع إطار عمله الجديد في جزيرة عثمانية في بدايات الـ1900 وبالتحديد عام 1901 في ظل حكم السلطان عبد الحميد الثاني، وتناول في روايته شخصية حاكم عثماني وطبيب وضابط في الجيش، يحاربون جميعهم الطاعون أو الوباء القاتل الذي يفتك بالشعب في تلك السنة. ولم يكد كاتب “اسمي أحمر” و”إسطنبول: الذكريات والمدينة” و”جودت بك وأبناؤه” ينهي عمله ويلملم أطرافه السردية حتى ظهرت جائحة كورونا وراح الجميع يتحدثون بها ويستعملون كلمات وتعابير استعملتها شخصيات روايته في نصه. فيقول باموق في مقابلته مع “الإيكونوميست” المذكورة سابقاً: “فجأة شعرتُ أن عالمي الخاص قد انمحى وأن الجميع قد بات يوظف كلماتي، بات الجميع يتحدث بحجر ووباء وكأنهم يقومون ببحث علمي حول كتابي… فجأة اختلط الواقع بالسرد”. وباموق الذي كان في الولايات المتحدة الأميركية عندما اجتاحت جائحة “كوفيد 19” عالمنا، عاد مباشرة إلى تركيا وراح يراقب نشرات الأخبار التي فوجئ بها وقد تحولت إلى صدى كلمات روايته التي كان يعمل عليها. ونشر باموق في تلك الفترة مقالاً في “نيويورك تايمز” تحدث فيه عن مصادفة الأحداث وترابط روايته بالواقع المحيط به، ما أدى إلى تهافت دور النشر عليه وحثهم إياه على الإسراع في إنهاء روايته ونشرها، بخاصة أن هذه الفترة من التاريخ البشري ملائمة تماماً للفضاء السردي الموجود في رواية “ليالي الوباء”. رسمة لأورهان باموق في الرواية الجديدة (دار النشر) ويقارن باموق بين أحداث روايته وأحداث الواقع، وبين شخصيات روايته ومجتمعها وشخوص واقعه ومجتمعه، ويؤكد أن الأحداث في روايته أكثر قتامة ومأساوية، فبينما يملك الإنسان اليوم القدرة على معرفة أجدد الأخبار وأحدث طرق المعالجة في أية بقعة من العالم، كان الوضع مختلفاً في عام 1901 وكان الناس يعيشون في عزلة وجهل تامين. ووظف باموق في روايته “ليالي الوباء” معجم الجائحة والوباء واستهلكه، هو الذي درس تطور الكوليرا والطاعون وتقدمهما من الصين إلى الهند فالسلطنة العثمانية، كما توقف عند الإجراءات الوقائية المتخذة آنذاك على أراضي السلطنة. لكن باموق يضيف في إحدى مقابلاته أن جائحة الكوفيد الحاضرة أظهرت له أن هناك ما ينقص في نصه، وهو الخوف. أكد باموق أن عامل الخوف كان ناقصاً في نصه عن الوباء قبل أن يعيش حقبة “كوفيد 19″، فشخصياته لم تعرف الخوف، وهو أمر لم يتنبه إليه على الرغم من أهميته في كل جائحة وفي كل وباء فتاك يصيب البشرية بهذا السخط. لقد أضاف باموق عامل الخوف عندما عرف مأساة الكوفيد وعانى الخوف منها هو الذي ناهز السبعين من عمره. مشكلة تركية تعرض باموق في مسيرته الأدبية للتضييق والرقابة والمحاسبة جراء كتاباته في تاريخ تركيا وسياساتها ومواقفها، ما سلط الضوء على النقص المتزايد في حرية التعبير على الأراضي التركية. ومن الجدير بالذكر أن باموق تعرض عام 2005، أي قبل سنة واحدة من نيله جائزة نوبل للآداب، إلى خطر دخول السجن لمدة ثلاث سنوات، فقد تم اتهامه بالتعرض للهوية التركية وإهانتها نتيجة لكلمات تلفظ بها في أثناء مقابلة أجراها مع ملحق ثقافي سويسري حول موضوع المجزرة الأرمنية وتهجير الأرمن من تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى. وعلى الرغم من أن الاتهامات قد أسقِطت لاحقاً، إلا أن باموق لم ينجُ من التهديدات والرسائل النابية، إضافة إلى عنصر من الشرطة يرافقه كيفما تحرك. ويقول باموق مازحاً إنه من فوائد الكوفيد أنه تم تقليص عدد الحراس المراقبين له ولمقابلاته، من ثلاثة حراس إلى حارس واحد فقط. وقد شكلت هذه الحادثة التي وقعت عام 2005 خير دليل على تراجع حرية التعبير في تركيا وبخاصة في ظل حكم رجب طيب أردوغان. وأدت قضية باموق إلى طرح أسئلة كثيرة حول أهلية تركيا لدخول الاتحاد الأوروبي، وأعلن البرلمان الأوروبي حينها أنه سيرسل خمسة ممثلين عنه ليشهدوا محاكمة باموق التي اعتُبرت امتحاناً أو ما يُعرف بالـ limitus test لقدرة تركيا على الالتزام بمعايير دول الاتحاد الأوروبي. ويؤكد باموق في هذا الإطار أن المقابلات التي يجريها هي التي توقعه في مآزق مع الدولة التركية وليس نصوصه بحد ذاتها. ويضيف إنه مع روايته الصادرة حديثاً قد يتغير هذا الأمر، فقد تعرض في نصه هذا إلى عبد الحميد الثاني وفترة حكمه (1876-1909)، وهو أمر لن ينال تأييد رجب طيب أردوغان والإسلاميين الأتراك المعاصرين الذين يعتبرون عبد الحميد الثاني بطلاً من أبطال تاريخ السلطنة العثمانية. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن عبد الحميد الثاني الذي خُلِع عام 1909 والذي لُقب بالسلطان الأحمر، أوقف عمل البرلمان في عهده ولم يهتم بحرية التعبير وحول إسطنبول إلى مدينة بيد الشرطة. فلا بد من توقع الجو العام الذي صوره فيه باموق، وكذلك لا بد من توقع ردود الفعل القاسية والمنددة التي ستظهر من دون شك عما قريب من طرف الدولة التركية ورجالاتها. “ليالي الوباء” هي رواية باموق المرتقبة والمنتظرة والتي ستشكل على الأرجح نجاحاً جديداً يُضاف إلى نجاحات الكاتب السابقة، ليس فقط لتصويرها وباءً قديماً استشفه باموق، وإنما أيضاً لعودة هذا الكاتب إلى تاريخ تركيا، تاريخ مصور بطريقة لن توافق عليها بالضرورة السياسة الحالية للدولة التركية. المزيد عن: روائي تركي/رواية/كورونا/تركيا/إسطنبول/العثمانيون/الحضارة العثمانية/عبد الحميد الثاني 2 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post المصريون دخنوا 51 مليار سيجارة في 280 يوماً next post أنطونيوني يطل على أميركا في فيلمه “زابريسكي بوينت” You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 2 comments an web hosting 28 أغسطس، 2021 - 4:34 ص If you wish for to grow your experience simply keep visiting this website and be updated with the most up-to-date news posted here. Reply bitly.com 29 أغسطس، 2021 - 10:21 م This is a great tip particularly to those fresh to the blogosphere. Simple but very precise information… Thanks for sharing this one. A must read article! Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.